الخميس، 1 أكتوبر 2015

حرب السكاكين.. وممكنات تحولات الهبات الشعبية/ راسم عبيدات

أولاً علينا أن نتفق على بديهية تأخذ صفة الإطلاقية بأن شعبنا الفلسطيني لو خرج في مظاهرات يحمل فيها الورود وليس السكاكين او الحجارة فإن حكومة الإحتلال ومعها الدولة التي لا ترى الأمور إلا بعيونها أمريكا عدوة أمتنا العربية وشعبنا الفلسطيني رقم واحد ،ستصف ذلك بانه شكلاً من أشكال الإرهاب فإمريكا وصفت ما يقوم به الفلسطينيين من دفاع عن انفسهم في وجهة الغطرسة والعنجهية الإسرائيلية بالطعن بالسكاكين أو إلقاء الحجارة بالإرهاب،بينما تصفية الشباب الفلسطيني بدم بارد او إطلاق النار عليه بدون أي سبب أو لمجرد قول مستوطن عنصري بأنه حاول طعنه،هذا شكل من أشكال "الدفاع" عن النفس،وكل ذلك سببه المباشر عجز القيادة وعطب العقل السياسي وملازمة عقدة "الإرتعاش" السياسي لها في علاقتها بامريكا والمحتل.

رئيس حكومة الإحتلال وكافة اجهزته الأمنية والسياسية والعسكرية والذين يعقدون الإجتماعات المتتالية لتقييم الأوضاع الناشئة عن تصاعد وتطور الهبات الجماهيرية الفلسطينية،يمعنون في اتخاذ القرارات وسن القوانين والتشريعات التي في جوهرها تحمل المزيد من القمع والقتل والعقوبات الجماعية وإطلاق يد المستوطنين في حمل السلاح وممارسة كل أشكال البلطجة والزعرنة والتعدي على الفلسطينيين وممتلكاتهم.فحكومة قامت على الإستيطان والتوسع ونفي الإعتراف حتى بوجود الشعب الفلسطيني،ليس من السهل في ظل وضع إحتلال خمس نجوم غير مكلف لها لا مادياً وبشرياً، أن تكلف نفسها عناء طرح أسئلة تكون الإجابة عليها بأن سياساتها وممارساتها العنصرية وعقوباتها الجماعية والمس بالمسجد الأقصى وجرائمها بحق الشعب الفلسطيني،هي من تدفع لقيام مثل هذه الهبات الشعبية المتواصلة،والمترافقة بإمتشاق السكاكين التي ربما مع تطور وتصاعد الأحداث تتحول الى شكل جديد من أشكال المقاومة ،ويتكرس ذلك كظاهرة.

فقادة هذه الحكومة المتطرفين من الأسهل لهم القول بأن "اسرائيل " تتعرض لموجهة "إرهاب" غير منظم،وهذا الإرهاب مسؤول عنه عباس،الذي لم يعد شريكاً في السلام،وطبعاً هو لن يكون شريكاً لو أعلن تخليه عن القدس واللاجئين،وطبعاً المسؤولية تطال قادة "الإرهاب" في قطاع غزة،وحزب الله وايران في اول المتهمين.
ما نحن متفقين به مع قادة حكومة الإحتلال بأن هذه الهبات المتصاعدة والمتسعة يوماً بعد يوم،هي هبات قامت وتقوم بإرادة شعبية وهي غير منظمة وبعيده عن إطار السلطة الرسمي والفصائل،فالفصائل والقوى يبدو ان ازماتها وضعف قياداتها أصبحت اعجز من ان تاطر وتنظم حركة الشباب وتستوعب طاقاتهم.

ما يجري من عمليات طعن مترافقة مع زخم شعبي واسع قاعدته الأساسية من الشباب وبروز ظاهرة عودة مشاركة الفتيات في العمل الإنتفاضي بشكل اوسع مما هو متوقع،قد رأينا تلك المشاركة بشكل واضح في مناطق بيت لحم،القدس،رام الله والداخل الفلسطيني- 48 - ،هذا المشاركة الواسعة أتت في ظل اجواء محيطة محبطة على ضوء ما تقوم به وترتكبه الجماعات الإرهابية والمتطرفه من جرائم،والتعامل مع النساء والفتيات على أساس انهن جواري و"زوجات" و"عشيقات" ل"المجاهدين، وكذلك ما يسود من نظرة "نمطية" مجتمعية وأعراف وتقاليد وقيود إجتماعية حول مشاركة الفتيات وخاصة الصغيرات منهن في العمل الشعبي والإنتفاضي، وهنا نقول بأن ظاهرة الطعن بالسكاكين،لم تاتي في سياق معزول عن هبات جماهيرية تاتي كرد ونتاج لسياسات واجراءات وممارسات وجرائم الإحتلال بحق شعبنا ومقدساتنا وبالتحديد المسجد الأقصى،والشيء اللافت هنا حالة الإحتكاك المباشر ما بين شعبنا في الداخل – 48 – واهل القدس وخاصة في الدعم والإسناد من شعبنا واهلنا في الداخل للمقدسيين في معاركهم ضد الإحتلال معارك الدفاع عن الأقصى،ومعارك الدفاع عن الوجود العربي في مدينة القدس،جعلت مفاعيل الهبات الجماهيرية تنتقل بشكل أسرع الى مناطق -48 – منها الى الضفة الغربية،كون القدس والداخل يتجلى الصراع والمواجهات والإشتباك فيها بشكل مباشر ويومي مع المحتل،حيث رأينا بان مدن وقرى الداخل الفلسطيني،هبت بشكل قوي وسريع لنصرة القدس والأقصى،في حين الإستجابة اتت في الضفة متأخرة عنها في الداخل.
ثمه أسئلة تطرح وتسأل في ظل عدو متغطرس وعنجهي،كل يوم تتفتق عقليته عن قرارات وقوانين وتشريعات جديدة بحق المقدسيين،قوانين وتشريعات قد يترتب على قيامهم بأنشطة وفعاليات قد تجر عليهم وعلى عائلاتهم الكثير من العقوبات والويلات والخسائر،فهم بسبب الطعن او تنفيذ عملية قد يستشهدون او ينكل بهم في حالة الجرح او يسجنون لفترات طويلة،وقد تهدم بيوتهم وتتشرد عائلاتهم،كما حصل مع الشهداء عدي وغسان ابو جمل ومحمد جعابيص وعبد الكريم الشلودي ومعتز حجازي وغيرهم.

والشبان والشابات يصلون الى قناعة أن لا مستقبل لهم ولا فرصة امل بالعيش بحرية وكرامة وعزة كباقي شعوب العالم،في ظل عدو يستخدم سلطة فلسطينية عاجزة لا تملك سوى خيار التفاوض العبثي منذ عشرين عاماً،من أجل أن يستكمل مشاريعه ومخططاته الإستيطانية من اجل ان يلغي أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية حتى على حدود الرابع من حزيران/1967،ويطلق العنان لمستوطنيه لكي يرتكبوا جرائمهم بحق شعبنا ومقدساتنا،من خلال التشريع والترخيص لهم بحمل السلاح ومهاجمة ابناء شعبنا،،ويكثف ويسرع من وتائر استيطانه في الضفة والقدس،وإستصدار المزيد من القوانين العنصرية والقرارات التعسفية كالعقاب الجماعي،والتصريح بالقتل والتصفية لأطفال وشبان الإنتفاضة من خلال القنص،ناهيك عن الإبعاد عن الأقصى والقدس والإعتقالات الإدارية.
يدفعون الفلسطينيون للحائط ويسدون كل السبل امامهم ويقولون لك الفلسطينيون إرهابيون،لم يستقبلوا قتلتهم بالورد والرياحين،أي إحتلال وقح هذا،تعود على كيل التهم والندب والبكاء،وهو يمارس كل أشكال وانواع الإجرام بحق شعبنا،ويريدنا ان نكون مطيعين في ذبحه لنا.
لا نريد "الإجترار" والتنظير عن نضج العامل الموضوعي بتمظهراته الإحتلالية السابقة،وعدم توفر "العامل الذاتي" الفلسطيني من اجل إدارة عملية الإنتقال،ولكن جرائم الإحتلال وعسفه وعنجهيته ونهجه الإستئصالي،حتماً قد تدفع الأمور الى التحول والإنفجار شامل،ولكن هنا ستكون الأمور على نحو مواجهة شاملة قد تعيدنا الى ما قبل الحرب العدوانية الأخيرة على غزة،أو ربما يندفع الإحتلال لتدمير غزة وقوى المقاومة من اجل السيطرة على القدس والضفة،وحتى نضوج "العامل الذاتي" الفلسطيني الذي قد تعجل به جرائم الإجتلال بشكل كبير،وحتى ينضج ذلك نرى بأن موقف السلطة ووضعها مزر للغاية،فهي بين نارين،من جهة تتحاشي الصدام مع ثورة الغضب الشعبي خشية أن ترتد ضدها وتجرفها من جهة،ومن جهة أخرى لا تستطيع مواكبتها ودعمها المباشر،خشية من عواقب وتبعيات ذلك على نهجها ومشروعها السياسي وخيارها التفاوضي،وحتى على وجودها،ولذلك وجدنا أنها ما زالت ممسكة بخياراتها وحديثها عن "ضبط النفس" وعدم وصول الأمور الى حالة التدهور واللاعودة،ولذلك نرى تهافت الإتصالات العربية والدولية على قيادة تلك السلطة من اجل ضبط ايقاع الهبة الجماهيرية الغاضبة ومنع تجولها لإنتفاضة شاملة تاكل الخضر واليابس،وربما تطيح بالسلطة نفسها والتي أصبحت عاجزة عن السيطرة على الأمور،وهي لا تمتلك القرار في الميدان،وهذا سيجعل حكومة الإحتلال تدرك جيداً بان إحتلال الخمسة نجوم لن يبقى مستمراً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق