في رحيل الروائي المصري جمال الغيطاني/ شاكر فريد حسن

فقدت الثقافة المصرية والعربية واحداً من ابرز كتابها واعلامها ، هو الروائي والصحفي المصري الكبير جمال الغيطاني ، الذي فارق الحياة اثر مرض لم يمهله طويلاً . 
الغيطاني صوت قصصي وروائي إنساني ينتمي لجيل الستينيات ، جمع بين الأصالة العميقة والتجديد والحداثة الواعية . وهو صاحب مشروع روائي خاص ومميز ومتفرد ، استلهم من خلاله التراث المصري ، وساهم في احياء وانبعاث النصوص المنسية، وأعاد اكتشاف الأدب العربي القديم برؤية معاصرة ونظرة جادة ونفاذة . 
عرف بمواقفه السياسية والوطنية والإنسانية الجريئة ، واعتقل في العام ١٩٦٦ بسبب نشاطه السياسي واطلق سراحه في العام ١٩٦٧ . 
بدأ الكتابة في جيل مبكر ، وكانت تجربته القصصية الأولى عام ١٩٥٩ وهي قصة " نهاية السكير" . 
عمل الغيطاني رئيساً للقسم الأدبي في " أخبار اليوم" ، وفي العام ١٩٩٣ أنشأ صحيفة " أخبار الأدب" وأشغل منصب رئيس التحرير . 
من كتبه ومؤلفاته : " اوراق شاب عاش منذ ألف عام ، الزويل ، حراس البوابة الشرقية ، سطح المدينة ، حكايات المؤسسةً، التجليات ، جلسات الكرى ، نوافذ النوافذ ، وقائع حارة الزعفراني ، الرفاعي  ، رسالة في الصبابة والوجد " وغير ذلك . 
تعد روايته " الزيني بركات " من اشهر رواياته ، ومن الروايات البارزة في الفن الروائي المصري والعربي ، وهي تعالج ظاهرة القمع والقهر والاضطهاد السياسي والخوف ، وتبرز مظاهره وأسبابها . ويقول الغيطاني عنها :" جاءت هذه الرواية نتيجة لعوامل عديدة ، أهمها في تقديري تجربة معاناة القهر البوليسي في مصر خلال الستينيات . كانت هناك تجربة ضخمة تهدف الى تحقيق العدالة الاجتماعية ، تهدف الى تحقيق احلام البسطاء ، يقودها زعيم كبير هو جمال عبد الناصر ، ولكن كان مقتل هذه التجربة في رأيي هو الأسلوب الذي تعامل به مع الديمقراطية ، وأحياناً كنا نحجم عن الحديث بهذا الشكل ، لأن هذه التجربة بعد انتهائها ، تعرضت وما زالت تتعرض لهجوم حاد من خصوم العدالة الاجتماعية ، ومن خصوم اتاحة الفرصة امام الفقراء " .
جمال الغيطاني مثقف وطني وصحفي كبير وروائي بارز مسكون بهموم الناس البسطاء العاديين ومياه النيل العظيم ، اسهم في الحياة الثقافية المصرية المعاصرة ، ولعب دوراً في استنهاض وتطوير المشهد الأدبي في مصر والوطن العربي ، وتشكل وفاته خسارة فادحة بكل المقاييس لحركة الابداع الأدبي المصري والعربي  . فله الرحمة وستظل ذكراه خالدة في نفوسنا ووجداننا وذاكرتنا الثقافية والوطنية الحية . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق