هي حالات متنوعة .. هواجس مختلفة ومغايرة .. انزياح الغيم في غبوق الجبال .. سر اللغز المبطن بأفكار غريبة .. شاعرة بفلسفة خاصة تأخذك وأنت تقرأ نصوصها في فسيح فضاءاتها وانفساح آفاقها إلى ما يثير الدهشة ، فتنغمس بريشة ألوانها حين ترسم لوحاتها ذات الأسلوب الجديد ، والمذهب المبتكر بالإشراقة والومضة فسرعان ما تتفاعل مع الهزيمة والإحباط والانكسار والحيرة:
و بعد أن هزمتني ضحكتك و ياقة قميصك النائمة بإهمال. .
و بعد أن كتبت في عينيك الفصل الأول، و سرق صوتك الشارد الفصل الثاني.
أعلن في الصدى و الصقيع المسهب في إيلامي بعدك..
الفصل الثالث من حيرتي .
عندما قرأت لهذه الشاعرة لم أستطع تجاهل ما تكتبه ، أو المرور عابرا ً وكانت ذاكرتي تستعيد جذور سلالة من تاريخ لأسماء منها : محمود سامي البارودي في مصر والطبيب الشاعر وجيه البارودي في سوريا بحماة ، فقلت هل هذه من ذات الدوحة البارودية التي يتجدد بنسغها يخضور الكلمة في واحة الشعر التي تحنَّ لعرس الطيور والظل الوارف والينبوع الصافي في مهمه هنالك حيث الصخور والغياب بلا ماء ولا فيء، ولا طمأنينة أو سلام :
و بعض البكاء لدي أبلغ من الكلام ..
و بعض القسوة منك مراسيل حمام ..
و بعض بعضي في حضورك ..
قصائد و أشجار لوز ..
و كل أنغام السلام .
وتتمنى الشاعرة أن يكون للشعر قيمة في بلادنا فتقول :
متى يحظى الكاتب بمكانة الراقص في بلادنا ؟!
ولا يوجد أقسى من الذكرى لدى شاعرتنا ماجدة لأنها نافذة تطل ُّ منها الغربة ، والغربة محطات لا تعرف الهدوء ولا تزورها في الفجر شمس الحرية:
إن سألوك يوما ً
هل لك من ذكريات ..
أو طالبوك بأسماء و أغنيات ..
و حاصروك
و أيقظوا فيك الأمس..
و أيقظوا فيك الانكسارات ..
إن سألوك يوما"
أتذكر لهم سنابلنا و الأمنيات ..
جداول الطفولة
على أوراق و خربشات ..
إن سألوك
عن دروب الشوق و جراح المسافات
و أعلنوا فيك دقات الفؤاد ..
و ألغوا من قواميسك
جدران الاحجيات ..
إن سألوك"
و فتحوا من جديد بريد الأسرار
و حرروا فيك الآهات ..
و حرروا طيورنا
من سجن الأزمنة و تواريخ الأمطار .
أتذكر!
أتذكر أيادينا تعانق النجمات ..
و الجفون تكتب أشعارا ً..
ترسم بالدماء موجات ..
أتذكر!
أتذكر ظفيرتي و المحطات ..
أتذكر من أين جاءت بنا
و كيف غربتنا هذه المحطات .
وبعفوية وشفافية تخاف الشاعرة وتسكنها أشباح الخوف ولكن ممن تخاف ؟!:
أخاف على ربيعك
من وجهي الحزين ..
أخاف عليك
من طيوري التي
تعودت عزف الأنين ..
أخاف عليك
من خريف قلبي
من غربتي
مما خلفته على شواطئي
أوجاع السنين .
إنها شواطئ الزمان .. إنه الرحيل قبل أن يحين الرحيل .. إنه الطقس
الخريفي الذي يشوه بمخالبه وجه الحياة .
ومع اللا مبالاة وجع آخر،وأشواك توخز الروح ، ونزوح وعتاب:
رسائلك شوق و شوك
و أضداد تتمازج في أساسي
و المراكب العنيدة لا تحمل إليك
و لا ترفع أشرعة إحساسي
خجلي ثورات و نيران
و دم يغنيك وجدا ً في أنفاسي
أشكوك إليك و ألوم حرفك
فلا تكترث طيورك لأجراسي .
وللأسئلة فلسفتها لدى شاعرتنا حين تحب أن تعرف ، وتترك الجواب مفتوحا ًعلى وجوه واحتمالات وتفاسير عديدة:
أخبرني كيف تفيق صباحا ً
و تضيء قناديل الشمس
دون أن تهطل على وجهك
لآلىء الذكرى
كيف و أين و متى ؟!
وبين القرب والبعد مسافة لا يحددها الزمن :
و إن كنت بعيدا ً
فلست بعيدا ً عن قلبي
يا ساكن قلبي
إن اقتربت شيئا
سيدهشك نبضي .
وعندما تعقل الشاعرة ماجدة القوافي ، تمتلك ناصيتها ، ولكنها تترك النفس على سجيتها تنثال تارة وتنساب تارة أخرى ، فيولد التعبير بعذوبة ووضوح ، لا تأسره الرمزية الغارقة في الغموض والإبهام المنكسرة فيه وحدة القرائن مما يجهد التفكير للفهم والمعرفة وصعوبة الاكتشاف .
إنه فيض من الأحاسيس ، فيه سمو المشاعر وعمقها ، وتحليق بأجنحة الرؤى في مدارات الخيال ، فهل استطاعت الشاعرة ماجدة البارودي أن تروِّض فرس الشعر الحرون ، وتمتطي صهوة الإبداع لتنقاد إليها جواهر الدرر ، وتستعيد من قمم الجبال الشامخة العالية ، والوديان السحيقة الكنز المفقود ؟؟! .
تحية
الليل للصباح ، والضباب للثلج ، والكهف المهجور للناي الحزين ، والشموع
للمعبد الغريب ، وخطوات الضياع للدروب المتعبة الثكلى ، وهزيع الروح
لافترار ضفاف الأمل .
ماجدة البارودي شاعرة مغربية مولودة و تعيش في ألمانيا عضو رابطة الشعراء العرب .
عضو رابطة الأدباء العرب .
عضو رابطة إبداع .
عضو الاتحاد الدولي العربي .
لها ديوان محطات الحنين عن دار الوعد بالقاهرة
و ديوان سطور الغيم عن دار الروسم بلبنان
و عدد من الأعمال المشتركة .
فازت بعدد من الجوائز الأدبية العربية و تم تسجيل عدد من قصائدها صوتيا ،
واستطاعت بنصوصها أن تحقق شهرة واسعة
في مواقع التواصل الاجتماعي ، ويكفيها أن لصوتها صدى لم يكن بواد ٍ،
ولكنه يتردد في ذاكرة الوجدان الأبدي السرمدي الذي لا يغيب مهما تعاقبت
الفصول ، ومهما توالت عرائس الأحلام .
مفيد نبزو . محردة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق