دورْ الذاتْ في خلق التميّز والابداع/ يونس عاشور

فنونك فاقت خيال الناظرين اليك ..
وحِرفتك التي صنعتها واتقنتها بيديك .. 
هو طريقك الذي سلكته وعالمك الذي ابدعته وخطوت اليه برجليك ..
واصبحت رؤاك تشع نوراً بين جنبيك ..
وجعلت المبصرين يستأثرون بإبداعاتك وعطاءاتك واتقانك الذي حفرته ونقشته بفضلِ ساعديك..
وتميّزتْ أعمالكَ بِحُسنِ تدبير فكرك وعقلك الذي صنعت به جماليات وأدبيات الفن الذي يحتاج إلى ذوقٍ ولمسات وتزويقات وإطارات تكون بمستوى الفن الإبداعي والجمالي الذي يظهرُ للعيان..
وقد كان لعينيك المبصرتين نظرات تُحدد من خلالها الأطر ورسم المعالمْ التي تحتاجُها الذات لتتزود بها وتمركزها في موقعها التي طالما تبحث عنه وتستأنس به ..
انت من تقوم بتحريك الذات نحو سحر الذات عبر أعمال جمالية هي بمثابة مُتَنّفّسْ للآخر .. وخلق مُتعة حِسيّة لنقل الذات الى عالم التألق والاستمرارية وبالتالي تقوم هي الأخرى بعملية تناسخ للجماليات والادبيات والابداعيات الفنية التي تبصرها وتستأنس بها ..
فتحريك الذوات لا يتم الا عبر الابداعات والعطاءات المتتالية التي تتجسد في معالم الثقافة والأدب والفن المعرفي الذي بدوره يصقل الذات وينمي الشعور ويضفي معادلات قيمية تجعل من الذات تنطلق نحو التفكير والعمل الابداعي ..
كم نحن بحاجة الى التفكير في تشغيل المهارات وتفعيل العطاءات وتقنية كيفية اتخاذ القرارات القيمية للذات بأن تُمركِزْ موقعها وتظهر إبداعاتها الانسانية عبر تفجير الطاقات والقدرات الكامنة في الذات ..
متى يفيق خيالنا المُمْكِن والمُنْتِج وتتحرك مشاعرنا وتنصهر ذواتنا في عمل يتحول من النظر التأملي الى الفكر الواقعي والاحساسي التفاعلي الذي يبعث بفضاءات نوعية وكيفية يعمل على الانتقال نحو الصيرورة التي تتجسد في واقعية الأعمال وعقلانية الأفعال التي تنطلق من محور القاعدة الجزئية الى محور الفاعلية الكلية التي تحقق تلك الافاقة الخيالية الى واقعية فعلية من حيث حضور المنهج وتفاعله مع تقنية الاداء وجوهر العطاء المتدفق نحو الآخر بمزيد من التشكيلات والتعديلات التي يتطلبها الجمهور ..
الاستنطاق الذاتي لهو امرُ مهم في ابراز الكفاءات والقدرات أو العطاءات والتعددات لمنحى الأدبيات الجمالية والانسانية ..
كيف نفهم هذا الاستنطاق ؟!!..
أو كيف يتسنى لنا البحث عن نوع موضوعي وثقافي يساعدنا للصول الى المبتغى والهدف المنشود ..
ربما هذا الاستنطاق يكمن في دلالة الموضوع الذي يتجسد امامنا في كل وقت وحين ..
فبهي تكون الذات مهيأةً للاستنطاق وطرح التساؤلات عليها من خلال ما تراه وتلمسه من قضايا واشياء ما ورائية تلزمها بأن تبحث عن مخرج ينقذها مما هي فيه ..
والبحث عن الاستنطاق لا يتم إلا برؤية نافذة المفعول وحثها على الاشتغال بهذا المعقول الذي يموضع الذات في زاوية التميّز والإبداع عبر معرفة الجماليات ونماذج الاختراع التي تحتاج الى ترجمة وعمل تحليلي يقوم بوضع الاستراتيجيات على مسرح الحدث ..
الفن يتعدى الفن .. والجمال يتعدى الجمال .. والأدبيات المتتالية تسبق المعطيات الانية التي قد لا يحركها شيء سوى التجديد والتحديث والتطوير للأعمال بوسائل أكثر تقنية وابداعية ..
وما دامت المسألة بهذا المنحى والاتجاه ، كيف يتسنى لي ايضاً ان امارس حضوري الذاتي على مسرح العمليات والادبيات والفنيات المختلفة خاصة وانها كالموج الجارف من حيث الحداثة المتدرجة الى قمتها الهرمية الدارجة نحو ذات التميّز الخلاق ..
واقع العمل الابداعي الواقعي يحتاج الى كثافة حضور الذات على اكثر من صعيد في مجالات الفكر وعالم الثقافة المتجدد حتى نستطيع ان تغترف قدر الامكان من هذا العالم الرحب الذي إذا نفذناه بأعيننا وقلوبنا ومشاعرنا واحاسيسنا كان للذات الدور الريادي في خلق التميز والابداع وإبراز مكانة الادب والجمال على اكثر من صعيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق