السبت، 7 نوفمبر 2015

نسمــــــــة كافيـــــــــة أو شواهد وجواهر تأريخية تونسية/ رجاء محمد زروقي

نسمة كافية هي رواية بل قل هي تاج مدبّج من عقيق التاريخ بأريج نسائم إبداعية
هي بورتريهات (*1) وادي السوانية  أو (*2)كافية أو تونسية عربية.. 
 هي جواهر ويواقيت تاريخية تأريخية بأسلوب روائي سلس .. ونفس شعري يحفظ الذاكرة الجماعية ويحافظ على كلّ ما فينا وكلّ ما في طيات العُرب خنس .. 
 تجمعنا بدسامة ماضينا وتوثقنا وجها لوجه بمرايا حاضرنا هي مدونة ومرجع للذات التونسية بحكمة وبدراية خارقة أبدع في توثيق أحداثها مبدعها الروائي "محسن إبراهيم الشابي" من أصول وادي السواني الكاف ومن جذور العربية الأصيلة (*3)" تيناس" وجعلها مترابطة كترابط حلقات العقد اللؤلئي الفريد لتفرده في تنميق ودبّج حقب زمنية ترجمت للمتلقي أحداثا عبر شخصياته التي عايشت الحربين العالميتين  فأحداث الاستعمار إلى أحداث الاستقلال وصولا بنا لأحداث الرابع عشر من جانفي 2014  والربيع / الخريف / العربي ...
استقى الكاتب من مناهل التاريخ وسواقيه وأعد لنا طبقا ساخنا من فناجين حقائق نتذوق مرّها فنكتوي.. ونتحسس بوحها فنشتكي.. ونلتمس حلوها فننتشي.. هكذا هو تاريخنا الحافل بزخم الأحداث.. والزاجل بنيران الثورات والأعراس.. هي ترجمة مفصلة بدقة عن المعاناة الإنسانية  النفسية ، المادية ، الاجتماعية والإيديولوجية من خلال " الفلاش باك" يمرّ أمامنا الشريط التوثيقي لأحداث خلت وأحداث نعيشها تؤكد لنا كم هو غائر الجرح العربي وكم هي مثخنة قروح الاحتلال المعنوية والمادية للذات العربية فإن نحن استرجعنا ذاكرة الكافي التونسي فإنّنا حتما نجول بالذاكرة العربية فالشعوب العربية قاطبة جرحها جرح واحد يوزع علينا الألم .. والخيانات العظمى تلوث أوراقنا منذ القدم ..
هي رواية غير منتهية ولن تنتهي للتسلسل الزمني المتعاهد مع الماضي، والمتعاضد مع الحاضر، والمتعاقد مع القادم.. 
بنى الروائي محسن إبراهيم الشابي روايته وهو يتدثر معمار الأمكنة ويلبس إزار الأزمنة ويُطوع الأحداث بكلّ انصهار وجودي ونفسي ومادي فنفخ في شخصياتها روحا تسيطر على لبّ المتلقي من حيث أدوارها ، أفكارها ، أعمالها ، وحتى أوصافها وأسماءها في مسايرة عجلة الزمن وانخراطها في لحظاته ومحطاته .. هو المولع بالمكان ألا وهو منبت الرهط والجمع والقبيلة .. مفتون بالزمان وهو منشأ الذات العربية الأصيلة .. بنضج روحي وفكري وبنفسٍ طويل وسعة قدرة ذاكرة  أبدع في مُهادنة اللّغة ومُسالمتها وصاغ منجزه صوغا يتلذذ له القارئ وينساق سوقا عند تناوله لانسياب طرحه ونثر أفكاره في تدوين كمٍ هائل من الأحداث والتواريخ المهمة التي مرّت بها البلاد والعباد .. يدخل بنا في منعطفات ومنحدرات التدوين والتأريخ فننصهر لسلسالها ونتمعج لتأنّيها والتوءاتها فيصبح أقصانا يُفضي لأدناها وأولنا يتصل بآخرها لما ترجمه من وقفات إبداعية في غاية البساطة والجمال .. لوحات مقتبسة من الواقع لأحداث ووقائع بأسلوب يأسر القارئ ويزجه طوعا جنبا إلى جنب مع شخصيات وأبطال الرّواية بتقنية وبدراسة وبناء درامي ممتع وهذا وإن دلّ على شيء فهو يدلّ على اجتهاد الروائي محسن إبراهيم الشابي ابن وادى السواني الكاف في العمل على لوحته الإبداعية فالكاتب البريطاني صمويل جونسون  يقول :" ما يكتب دون مجهود يقرأ عامة دون متعة " والحقيقة وهذه شهادتي أدلي بها لكلّ من لم يطّلع على هذه الرّواية المضمخة بنسائم كافية والمعطرة بجواهر تونسية والمدبّجة بأريج الدماء العربية والتي قسّمها مبدعها إلى 13 جوهرة أنني في كلّ جوهرة من هذه الجواهر احتسيت نسائم المتعة واستنشقت دعائم المؤانسة وحققت هذه الرواية المزج بين المؤانسة والإمتاع ..
فشكرا لابن موطني وادي السواني البار بفكره وأفكاره .. الكاظم الشاهر سرّ الحرف الوطن وأسراره..
أكرمك الله أخي محسن إبراهيم الشابي بالعفو والعافية وآخى بين طموحك والنّجاح ، وعملك الإبداعي والفلاح ، ومنجزك والصباح .. 
أختكم في الله والوطن والقصيد رجاء محمد زروقي ..
 **الشاعرة التونسية رجاء محمد زروقي
(*1) وادى السواني = منطقة ريفية بولاية الكاف تمتاز بطبيعة خارقة الجمال 
(*2) الكاف = ولاية تقع في الشمال الغربي للجمهورية التونسية 
(*3) تيناس = = قرية بربرية تقع قرب قرطاج أشتق منها اسم تونس سكنها البربر قديما ثم الرومان 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق