الخميس، 3 ديسمبر 2015

نحن فى حاجة لعقل جـــديد .. يخلصنا من هذه المشكلات العضال/ الدكتور حمـــدى حمودة

لو أن الولايات المتحدة الأمريكية ، ترغب جديا فى اقامة دولة فلسطينية منذ عشرات السنين،أو على الأقل منذ ابرام اتفاقية السلام التى تزعمها " كارتر " بينه وبين الوفد العربى برئاسة السادات وحسين ملك الأردن وعرفات فى حضور " بيغن " رئيس وزراء اسرائيل بكمب ديفد ، لو كانتلدى واشنطون الرغبة الأكيدة فى انجاز ذلك لما أهدرت كل هذه السنين التى عملت خلالها جاهدة على الآتى : -
*محاولة اضعاف العرب بخلق المشاكل فيما بينها ، وتمزيق أواصر الألفة والمحبة فى محاولة منها لتفريق الشمل وعدم قيام وحدة بينهم تربطهم جميعا برباط عقائدى أو سياسى أو أيدلوجى .
*تحييد كل من مصر والأردن بعد اقرارهما بمعاهدة السلام التى أبرمت بينهما وبين الكيان الأسرائيلى ، وبذلك يكونا قد استبعدا من قضية الصراع العربى الأسرائيلى عند نشوب أية حرب مستقبلية .
*تمكين اسرائيل بمرور الوقت من بناء آلاف المستوطنات التى جلبت اليها من دول أوروبا وروسيا الملايين من المهاجرين اليهود
*تمكين اسرائيل من اغتصاب آلاف الدونومات من الأراضى الفلسطينية ، الأمر الذى أصبح فيه الفلسطينيون لا يمتلكون أكثر من 37 % من المساحة الكلية للأرض .
*تسليح اسرائيل منذ اغتصاب الأرض وحتى اليوم بكل أنواع الأسلحة التقليدية والذرية والذكية علاوة على أحدث المعدات التكنولوجية ووسائل الأتصال وكل أنواع الصواريخ ، حتى أصبحت اسرائيل تمتلك خمسة أضعاف مايمتلكه العرب جميعا علاوة على المفاعلات الننوية التى بواسطتها أمتلكت القنبلة النووية
*مكنت الأدارة الأمريكية اسرائيل من عمل اتفقات تجارية ثنائية بينها وبين بعض الدول العربية بعد اقامة السفارات ، وتبادل السفراء فيما بينهم على أمل التطبيع بين شعوب هذه الدول وبين اسرائيل .
*قامت الولايات المتحدة الأمريكية ودول التحالف( الناتو) بغزو العراق فى 2003 للقضاء على الجيش العراقى الذى كان بمثابة الوجه المرعب والمخيف لأسرائيل بعد استبعاد مصر والأردن والتفكير فى استبعاد سوريا التى هى بمثابة الضلع الثالث للمثلث ( مصر سوريا العراق ) كدول مواجهة لأسرائيل .
*التخطيط الأمريكى الأوروبى لوضع خارطة العالم للشرق الأوسط الجديد ، بعد الحرب التى سقطت فيها اسرائيل عندما قامت بضرب لبنان فى 2006 ، وكذلك على غزة فى 2008 ، وبذلك لم يتحقق حلمهما حتى الآن فى فرض خارطة العالم الجديد الا بعد سقوط سوريا الدولة الممانعة والتى تحمل على اكتافها هموم الوطن العربى بأسره وذلك بتمسكها بالمقاومة وبالقومية العربية التى تعمل على الوحدة بين العرب .
*تشجيع اسرائيل على اغتيال كل القادة البارزين داخل الفصائل الفلسطينية ، والزج بالبعض الآخر فى السجون ، واعتقال الآلاف منهم الذين يشكلون خطرا على المصالح الأسرائيلية حيث بلغ عددهم حوالى 11000 ألف فلسطينى حتى الآن .
*اقناع حكام الدول العربية أو محاولة اجبارهم على توطين الفلسطينين المقيمين على أرض هذه الدول مثل سوريا ولبنان والأردن ومنعهم من حق العودة بعد أن بلغت أعدادهم حوالى ستة ملايين ، وربما هذه هى أهم العقد التى كانت سببا فى فشل المحادثات بين الفلسطينين وبين الأسرائيلين .
*محاولة كل من اسرائيل وواشنطون انتزاع الأعتراف من الأمم المتحدة على اعتبار القدس هى عاصمة الدولة اليهودية التى اعترف بها كل من " بوش الأبن " و "أوباما " لكن ذلك لا يمكن تحقيقه طالما ان هناك دول كبرى فى المنطقة مثل الجمهورية الأيرانية وسوريا وحزب الله فى لبنان وحماس فى فلسطين .
# لكل هذه العوامل التى أوجدتها الأدارة الأمريكية على مدى تعاقبها طيلة هذه السنين ومعها اسرائيل وأوروبا والدول العربية المعتدلة ( المستسلمة )لم يحاولوا جميعهم على اقامة دولة للفلسطينيين أو حتى الأعتراف بهم كدولة شرفية فى الأمم المتحدة ، لأن ذلك يتنافى مع اقامة الدولة اليهودية الكبرى من النيل الى الفرات ، وخاصة بعد أن اصطدمت كل هذه الدول بالحائط المنيع المتمثل فى دول الممانعة والمقاومة ، حيث أنها أصبحت عقبة وعرة فى تمكين هذه الدول من بسط نفوذها فى الشرق الأوسط .
لذلك نحن لانتفق مع دعاة الأستسلام الذين ذهب بعضهم الى الجحيم ، وما زال الآخرين يقفون فى الطابور ينتظرون محطة الوصول ، الباقون مازال لديهم الرغبة فى أن تجد لهم واشنطون حلا لهذه القضية ترضى كل الأطراف مهما كان الثمن ، فلا عجب أن نجد كل من " محمود عباس " و " دحلان" اللذان وضعا أيدهما فى يد المبعوث الأمريكى " دايتون " للعمل على شطر الصف الفلسطينى ، وتجنيد الشرطة الفلسطينية فى الضفة لحماية الأسرائيلين ، وكذلك دعاة ( السلام ) من الحكام العرب الذين يتآمرون على المقاومة وعلى سوريا ويقفون جانب الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل ، يخافون من السلاح النووى السلمى فى ايران ، ولا يحسبون أى حساب للترسانة النووية التى تمتلكها اسرائيل ، أصبحت ايران هى العدو ، واسرائيل فى نظرهم هى الصديق لأنها الدرع الواقى والزراع الطولى فى الشرق الأوسط الذى يحافظ على المصالح الأمريكية فى المنطقة ، فكيف ومتى ستكون للفلسطينيين دولة ...؟
من هنا نسطيع القول بأن الأدارة الأمريكية المتمثلة فى الكونجرس ومجلس الشيوخ ، وكل الحكومات الأوروبية والعربية ،مازالوا يحكمون شعوبهم بعقل قديم – عقل لايتعدى القرن الخامس عشر ، فهل توقف نمو العقل عند هذا القرن ..؟ هل أصبحنا غير قادرين على حل المشاكل لأنها أصبحت مستعصية على ايجاد أى حلول لها ونحن فى القرن الواحد والعشرون ..؟ نحن بالفعل فى حاجة لعقل جديد يساعدنا على الخروج من الكوارث الرهيبة التى تحيط بنا وتلاحقنا وتتعاظم كل يوم عن سابقه ولم نجد الحلول المناسبة لها ، ومن أمثلة هذه الكوارث ( الأسلحة النووية ، ثقب الآزون ، المطر الحمضى ، ارتفاع درجة حرارة الأرض ،الأيدز، السرطان ، الجرثومة الفتاكة اسرائيل ) كله هذه الظواهر التى ساهم العقل القديم فى اختراعها ، أصبح اليوم عاجزا لأيجاد الحلول لها ،حتى الدول العظمى التى تنفق ملايين الدولارات فى البحث العلمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التى تنفق على تسليح جيوشها أكثر من ترليون دولار سنويا، وما يعادل 400 بليون دولار سنويا على الأبحاث الطبية بالمؤسسات الصحية أى بقيمة 13 % من الموازنة العامة ، وكذلك تنفق 100000 دولار على مريض واحد من مرضى الأيدز ، اى انها تنفق 50 بليون دولار على كل المصابين بهذا المرض ، ولقد أنفقت على الحرب فى العراق وافغانستان 6 ترليون دولار حتى سنة 2011 تاريخ انسحابها من العراق ، ورغم هذا الأفلاس الذى منيت به واشنطون ودول أوروربا بعد العاصفة التى عصفت باقتصاد بلدانهم وللأسف لم يستطيع العقل القديم بايجاد حلول تخرجهم من هذه الكارثة الكبرى ، وبدلا من الأجتهاد فى البحث عن حلول ، نجدهم مازالوا يفكرون بشن الحروب على البلدان التى تملك الثروات النفطية لنهب وسلب هذه المقدرات واغتصابها بالقوة أو بالطرق الدبلوماسية الناعمة ، بأن تتفق مع حكام هذه الدول بالحفاظ على كراسيهم من اخراجهم من براثن هذا السونامى العاصف للمال والأقتصاد اللذين أصبحا فى مهب الريح ، لذلك هم يبذلون كل جهدهم بالأتفاق مع حاكم قطر والحجاز وتركيا لمساعدتهم فى رسم خارطة العالم الجديد بعد تمزيق سوريا وايران ، وأعتقد أن هذا غير ممكن اليوم لأننا فى حاجة الى عقل جديد يستطيع أن يخلصنا من هذه المشكلات العضال ..!! 

Dr_hamdy@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق