السبت، 9 يناير 2016

الافتعال بالسياسه و‏احداث تل ابيب - سلاح ذو حدين/ رائف حسين

منذ سنوات والاجرام الفردي والمنظم بتزايد ملحوظ بين فلسطينيي الارض المحتله عام ١٩٤٨. إطلاق النار واستعمال السلاح بانواعه اصبح وللاسف الشديد" شبه عادي" ولم يعد أحداً يعير خبر إطلاق نار هنا او هناك او عملية سطو مسلح على متجر او كازيه او ما شابه من اعمال الاجرام المسلح أية اهتمام... معدل القتل بالسلاح بالوسط العربي ١،٢ شخص كل أسبوع اي اكثر من المعدل في مدينة هامبورغ الالمانية والتي يعد سكانها حوالي ١،٤ مليون إنسان...  المجتمع الفلسطيني في الداخل رُوِّض بهدوء على هذا الاجرام وعلى تقبله.
في السنوات العشرة الماضية تدفقت كميات هائلة من الأسلحة النارية الخفيفة والمتوسطة الى داخل المجتمع الفلسطيني وأصبح حمل السلاح واقتنائه امر عادي. مع العلم ان الأكثرية الساحقة من هذا السلاح غير مرخص. الشرطة الإسرائيلية واجهزة الأمن بألوانها تغض النظر باغلب الأحيان عن هذه الظاهرة وتتعامل معها بهدوء يجعلنا نتسائل لماذا؟
نحن على علم ويقين ان السلاح بايدي "غير اليهود وغير الصهاينه" خط احمر للامن الاسرائيلي! وكان يلاحق، على مدار الستين عام الماضيه، من قبل اجهزة الأمن الإسرائيلية بحزم وشدة.
ونحن نعلم ايضاً ان إمكانية تدفق السلاح من خارج الحدود الى اسرائيل شبه مستحيل!
الحدود مع الاخر العربي مراقبه بقوه ومحكمة للغاية... السؤال من أين أتى هذا السلاح ؟ ومن هي الجهة التي غمرت السوق بالسلاح؟
كما وندرك ان كمية لا بأس بها من السلاح الموجود بايدي فلسطيني ١٩٤٨ هو سلاح أمني, اي انه كان يوماً بحوزة اجهزه أمنية إسرائيلية وخصوصاً الجيش! السلاح لوحدة لا يكفي... فمن أين تأتي الذخيرة والكل يعرف ان سوق الذخيرة بايدي اجهزة الدوله؟
كما وندرك ان حمل السلاح في العقل الذكوري العربي الساقط وهذا لا يقتصر على فلسطيني الارض المحتلة عام ١٩٤٨،  يعتبر تكملة " للرجولة" وقطعة السلاح تعني تلقائياً للذكر تطويل لعضوه التناسلي!
هذه المعطيات وهذه الحقائق تم غض النظر عنها ليس فقط من قبل السلطة الحاكمة ونحن على يقين انه مقصود ومدروس،  بل ايضاً من قبل قطاعات واسعة من ابناء شعبنا الفلسطيني في الداخل ومن قبل قياداته السياسية والقيادات الاجتماعية. الكل تعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة باستراتيجية النعامه ودفن راْسه بالرمال لكي لا يرى ولا يسمع...
نداءات بعض القيادات السياسية الموجهة الى الشرطة الإسرائيلية للقيام بجمع السلاح الغير مرخص هي بالعام خطوة سليمه واشارة بالاتجاه الصحيح الا انها ان أخذت المعطيات أعلاه تصبح نداء في واد فارغ. وللنمو هؤلاء لماذا صوتت الأكثرية الصهيونية ضد اقتراح اعضاء الكنيست الفلسطينيين..
منذ احتلال فلسطين وقيام الدوله الصهيونية على قبور وأرض من هُجّْر وقُتل من ابناء شعبنا وهم يستعملون استراتيجية فرق تسد. اتقنوها وتفننوا باستعمالها للسيطرة على من تبقى من ابناء شعبنا الفلسطيني في الداخل. بعد ان كانت هذه الاستراتيجية حتى تسعينات القرن الماضي تهدف الى تفرقة القوى السياسية واحتوائها تحولت بعد ان فشلت كل مخططات الاسرلة والتضييق السياسي والاجتماعي ومع بدء الصحوه الوطنيه واكتشاف الهوية الفلسطينية من جديد والجهر بها بدأت المؤسسة الصهيونيه تبحث عن اليات وطرق لتفرقة مؤسسات المجتمع الفلسطيني في الداخل. اصبح جل اهتمامهم اشغال الداخل الفلسطيني بذاته لتحجيم وتقزيم النهضة الوطنية والحيل دون ان يتركز اهتمام المجتمع الفلسطيني على وضعه السياسي والاجتماعي والاقتصادي  المزري. منذ منتصف التسعينات والمؤسسة الصهيونية تبدع باستراتيجية " الافتعال" وللاسف الشديد علينا الاعتراف الان وبعد اثارة مشكلة السلاح بايدي فلسطيني الداخل، انهم نجحوا حتى الان في بلبلة البوصلة السياسية والاجتماعية في مناطق ٤٨.
بدأت استراتيجية الافتعال بفتح الباب على مصراعيه لما يسمى "بالصحوة الاسلامية" التي فعلت فعلها بإدخال المجتمع في هلاميات النقاش الفقهي المريض وأبعاده عن همومهم السياسية المصيرية. تلتها سياسة اغراق الوسط الفلسطيني بالمخدرات ومجموعات الاجرام وأصبح هٓم المواطن العادي تفادي الشر عنه وعن عائلته، والآن فجرت قنبلة السلاح الموجود بعشرات الآلاف بايدي ساقطين واشباه الرجال.
المؤسسة الصهيونيه هي التي تُعِد المصل القاتل للمجتمع الفلسطيني وتتعامل مع حثالات داخلية لحقن المجتمع بهذا المصل.
اكتفاء القوى السياسة وعلى رأسهم اعضاء الكنيست الفلسطينيون بمطالبة السلطات الإسرائيلية واجهزة الأمن بمصادرة السلاح "الغير مرخص" له مدلول خطير جدا: 
اما ان هذه القيادات لا تدرك مدى خطورة استراتيجية الافتعال الصهيونية والا ما هو التعليل لمطالبة هؤلاء صانع السم بإعطائنا ألحقنة المضادة لسمه! او ان هذه القيادات حقاً افلست ولم يعد لديها لا برنامج ولا استراتيجية لمواجهة حرب الافتعال الصهيوني داخل المجتمع الفلسطيني! في كلا الحالتين نحن انا امام مصيبه حقيقية.
الاجدر بالقيادات السياسية ان لا تكتفي بتعرية ما هو معروف وواضح كضوء الشمس بل ان تعمل سوياً لوضع استراتيجية مواجهة تتخذ من " المناعة الداخلية" تكتيكاً لتحريك مؤسسات المجتمع الفلسطيني بالداخل لتتحرك ضد هذا السم القاتل. وعلى القيادات ان تُؤٓمن لمؤسسات المجتمع المدني كل ما تحتاجه لتقف سد مانع امام هذه الظاهره وامام افتعالات جديدة ستقوم بها المؤسسة الصهيونية بالمستقبل. الإيمان بقوة الشعب والمجتمع على مواجهة العطب الداخلي الذي زُرِع من الخارج هو بداية لهذه الاستراتيجية. الخطاب السياسي علية ان يكف عن الاستنجاد بمن هم أصل المرض والعمل الدؤوب واليومي على تحصين الذات الداخلي لمواجهت الخطر الداقع ونبذ الشواذ وتعريته. الخطاب يجب ان يوضح ان هذا الخطر ليس موجه ضد أفراد بذاتها بل موجه ضد شعب اصبح يدرك من هو،  وأين عمقه الاستراتيجي وانتماءه الوطني والقومي.
وان لنا ان ندرك ان الرجولة ليس بحمل السلاح وان الوطنية ليست بالطخطخة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق