الإنسان المتشيء هو الإنسان المتعلق بالأشياء المادية أكثر من المعنوية والروحية والإنسانية تعلقا شديدا، بحيث تجعله ينظر للإنسان على أنه شيء كباقي الأشياء!
كلما عشنا وتعمقنا في الحياة وفي النفس الإنسانية أكثر، اكتشفنا وعرفنا الكثير، بحيث نستطيع أن نقول بأن هذا الإنسان ما هو ألا سجين تلك النفس التي تتمرد وتتملك وتغيب وتغترب وتنطوي أحيانًا، جاعلة ذاك الإنسان غريب ذاته وتائه عنها.
والإنسان هذا الكائن بطبيعتهِ يمتلك بعض الحلم والخيال والازدواج في شخصيتهِ، فكرهِ، مشاعرهِ، رغباتهِ، حياتهِ، بحيث تجعلهُ يبتعد عن واقعهِ إلى تلك الأشياء ساعيًا إليها وباحثًا عنها دون أي اعتبارات أخرى! لكن الأسوأ من هذا حين يجعل علاقاتهِ الإنسانية كالعلاقة بين الأشياء ومن ثم يعامل هذا الإنسان كتلك الأشياء، علاقة جامدة بلا روح وبلا حياة، بعكس الإنسان الذي وجودهُ مُتحرك ونابض بالحياة، ووجودهُ في هذا الوجود هو من أجل الحياة والإنسانية.
هذه العلاقة الجامدة تأتي من انحصار الذات الإنسانية ضمن عالم الأشياء الخاص ومصالحهِ الذاتية، مما بالتالي يجعلها تنحصر في الفكر ومن ثم ينظرون للناس من خلال تلك النظرة للأشياء! نظرة غير مُترابطة ومُتكاملة، والإنسان في هذه الحالة يعيش في حالة الانعزال والانفصال عن النفس مع الترابط بالأشياء والخضوع لها!
لا ننسىّ بأن هذا الجموّد، الإنسان يصل إليهِ أحيانًا، من خلال سلسلة ضغوط داخلية مُتولدة فيهِ، تدفعهُ إلى الخروج عن ذاتهِ والسُكنى في الأشياء والخضوع لها، كالعوز والفقر وفقدان التواصل الداخلي! هذه تجعل الإنسان يهرب من ذاته وينساها ويلتفت ويلهثْ سعيًا للماديات سعيًا مُتكاملاً وغير مكتفيا، مما يجعله يكسب ذاتًا غير ذاته الحقيقية! يضيعها ويعيش مع الذات المزيفة المحصورة ضمن دائرتها المغلقة والمتعلقة بالأشياء!
يقول الحكيم (تشوانغ- تسي):" ليكف الإنسان عن التعلق بالأشياء، وسيرى كيف سيجد نفسهُ في مأمن". هذا إذا اقتنع فعلا وكفى، ولكن من يُطبق هذا في يومنا؟! الأشياء في حياة الإنسان باتت تأخذ مداها وأحيانا كثيرة هي من تسيره، تسيطر عليه وتجعله كخادم لها بدل أن تخدمه؟!
والإنسان نفسهُ هو من يجعل الحياة تصل به إلى هذه النتائج، عندما يسمح لنفسهُ بأن تغرق في كل ما هو جزئي ومنفصل عن الحياة والإنسانية، وهنا قمة المأساة والضياع! ومن ثم يقول أن الحياة حظ وحظيّ سيء ويتقوقع ويتخفى في الرمال كالنعام، مفسحين المجال بهذا لذلك الفكر أن يأخذ طريقهُ في الحياة ويتوسع ويتمدد ومن ثم تتحول نفس الإنسان إلى مهرج بارع في مسرح الحياة.
لكن لكيّ نحّيا الحياة الحقه بمعناها الساميّ ونعيش للإنسان من أجل إنسانيتهِ، وننظر إليهِ على هذا الأساس، فلابد من أن نعيد الذات إلى مسكنها ونجعلها نفسًا أمارة بالخير وليس بالسوء، لأن هذا سيعكس على النفس ومن ثم على الآخرين وسينظر لهم على أساس إنسانيتهم وليس كالنظرة للأشياء الفانية. أي بمعنى الخروج من الانحسار في الذوات الخاصة الآسرة إلى العالم العام المُحصن بالأخلاق والعقل والفكر والحكمة والجمال.
فالإنسان خلق محبا وبعيد كل البعد عن السطحية والتعلق بالأشياء، لأن مصير الأشياء إلى الزوال والضياع، ولكن النفس إذا ضاعت ستعيش الغربة والألم والانكسار والانفصال وفقدان الطريق، مما يجعل الإنسان يعيش التخبط والأوهام والتزييف، وهنا مكمن الخطورة لأنهُ هنا سيجعل تشيؤه ليس على نفسه فقط بل سيجر الآخرين إلى هذا الدرب!
فلابد للإنسان دائما من وضع مسافة بينه وبين أشياء العالم، من منطلق القناعة والإرادة وبفعلته هذه يثبت في كل لحظة أنه جدير بهذه الإنسانية وأنه فعلاً إنسان.
من كتاب / شذرات من الحياة 2012
كلما عشنا وتعمقنا في الحياة وفي النفس الإنسانية أكثر، اكتشفنا وعرفنا الكثير، بحيث نستطيع أن نقول بأن هذا الإنسان ما هو ألا سجين تلك النفس التي تتمرد وتتملك وتغيب وتغترب وتنطوي أحيانًا، جاعلة ذاك الإنسان غريب ذاته وتائه عنها.
والإنسان هذا الكائن بطبيعتهِ يمتلك بعض الحلم والخيال والازدواج في شخصيتهِ، فكرهِ، مشاعرهِ، رغباتهِ، حياتهِ، بحيث تجعلهُ يبتعد عن واقعهِ إلى تلك الأشياء ساعيًا إليها وباحثًا عنها دون أي اعتبارات أخرى! لكن الأسوأ من هذا حين يجعل علاقاتهِ الإنسانية كالعلاقة بين الأشياء ومن ثم يعامل هذا الإنسان كتلك الأشياء، علاقة جامدة بلا روح وبلا حياة، بعكس الإنسان الذي وجودهُ مُتحرك ونابض بالحياة، ووجودهُ في هذا الوجود هو من أجل الحياة والإنسانية.
هذه العلاقة الجامدة تأتي من انحصار الذات الإنسانية ضمن عالم الأشياء الخاص ومصالحهِ الذاتية، مما بالتالي يجعلها تنحصر في الفكر ومن ثم ينظرون للناس من خلال تلك النظرة للأشياء! نظرة غير مُترابطة ومُتكاملة، والإنسان في هذه الحالة يعيش في حالة الانعزال والانفصال عن النفس مع الترابط بالأشياء والخضوع لها!
لا ننسىّ بأن هذا الجموّد، الإنسان يصل إليهِ أحيانًا، من خلال سلسلة ضغوط داخلية مُتولدة فيهِ، تدفعهُ إلى الخروج عن ذاتهِ والسُكنى في الأشياء والخضوع لها، كالعوز والفقر وفقدان التواصل الداخلي! هذه تجعل الإنسان يهرب من ذاته وينساها ويلتفت ويلهثْ سعيًا للماديات سعيًا مُتكاملاً وغير مكتفيا، مما يجعله يكسب ذاتًا غير ذاته الحقيقية! يضيعها ويعيش مع الذات المزيفة المحصورة ضمن دائرتها المغلقة والمتعلقة بالأشياء!
يقول الحكيم (تشوانغ- تسي):" ليكف الإنسان عن التعلق بالأشياء، وسيرى كيف سيجد نفسهُ في مأمن". هذا إذا اقتنع فعلا وكفى، ولكن من يُطبق هذا في يومنا؟! الأشياء في حياة الإنسان باتت تأخذ مداها وأحيانا كثيرة هي من تسيره، تسيطر عليه وتجعله كخادم لها بدل أن تخدمه؟!
والإنسان نفسهُ هو من يجعل الحياة تصل به إلى هذه النتائج، عندما يسمح لنفسهُ بأن تغرق في كل ما هو جزئي ومنفصل عن الحياة والإنسانية، وهنا قمة المأساة والضياع! ومن ثم يقول أن الحياة حظ وحظيّ سيء ويتقوقع ويتخفى في الرمال كالنعام، مفسحين المجال بهذا لذلك الفكر أن يأخذ طريقهُ في الحياة ويتوسع ويتمدد ومن ثم تتحول نفس الإنسان إلى مهرج بارع في مسرح الحياة.
لكن لكيّ نحّيا الحياة الحقه بمعناها الساميّ ونعيش للإنسان من أجل إنسانيتهِ، وننظر إليهِ على هذا الأساس، فلابد من أن نعيد الذات إلى مسكنها ونجعلها نفسًا أمارة بالخير وليس بالسوء، لأن هذا سيعكس على النفس ومن ثم على الآخرين وسينظر لهم على أساس إنسانيتهم وليس كالنظرة للأشياء الفانية. أي بمعنى الخروج من الانحسار في الذوات الخاصة الآسرة إلى العالم العام المُحصن بالأخلاق والعقل والفكر والحكمة والجمال.
فالإنسان خلق محبا وبعيد كل البعد عن السطحية والتعلق بالأشياء، لأن مصير الأشياء إلى الزوال والضياع، ولكن النفس إذا ضاعت ستعيش الغربة والألم والانكسار والانفصال وفقدان الطريق، مما يجعل الإنسان يعيش التخبط والأوهام والتزييف، وهنا مكمن الخطورة لأنهُ هنا سيجعل تشيؤه ليس على نفسه فقط بل سيجر الآخرين إلى هذا الدرب!
فلابد للإنسان دائما من وضع مسافة بينه وبين أشياء العالم، من منطلق القناعة والإرادة وبفعلته هذه يثبت في كل لحظة أنه جدير بهذه الإنسانية وأنه فعلاً إنسان.
من كتاب / شذرات من الحياة 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق