" وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ "
مقطع من قصيدتي " يالعبة الأقدار...!!" ، أكرره حتى الثمالة ...!! :
عَرَقٌ ،عِصَارَةُ فِكْرِنَا مـِنْ رَيِّهِ **** وَرَدَتْ ، فَـدَكّتْ خُــدْعَةَ الْمُتَبَلَّدِ
يَا نِصْفَ قَرْنٍ صَدَّ مِنْ كَيْدِ العِدَى*** كَيْ تَقْفِزِيْ فَوْقَ الدُّجَى الْمُتَلَبِّدِ
فَتَثَقّفَي بِالْهَابِطـَاتِ ، فَمَنْ دَرَى*** زَهْوُ الجّهُوْلِ يَضِيءُ مِمَّا يَرْتَدِي؟
يَا لُعْبةَ الأقْدَارِ لَا تَتَــرَدّدِي ***** زِيْـــدِي بَلَاءً مـَـــا بَدَا لَكِ وَانْكِدِي
وَتَهَـوَّرَي مَا شِئْتِ أَنْ تَتَهَوَّرَي*** صُبِّي جَحِيْمَاً وَابْرَقي ثمّ ارْعـــدي
بِيْعِي الشّهَامَةَ وَالْمُرُوْءَةَ وَابْخَسِي** وَبِصَوْلَةِ الْأشْرَارِ قُومِي وَاقْعُدِي
لَاتَخْتـَـــــشِي مِنْ دَهْرِكِ مُتَقَزِّمَـــاً **** فَإذَا كَبــا قَزَمٌ بِحَــوْلِكِ صَعَّدِي
موضوع الثقافة العربية موضوع شائك ومتشعب ، كتب عنه كتـّاب العرب الكبار وفلاسفتهم ، منذ نيف وقرن من الزمان المعاصر البالي ! إذ لا مدلول لهذا المصطلح بشكله الموسع عند العرب والمسلمين في العصور الخوالي ، أخذ المعاصرون يطرحون موضوعات عديدة ، لك ما تشتهي منها ، وما لاتشتهي ! ( الهوية الثقافية )... (الغزو الثقافي )...(الأمن الثقافي )...(التنمية الثقافية )...( الطبقات الثقافية )...( الأستلاب الثقافي )... ، ناهيك عمّا ألفته الخاصة والعامة من إلصاق الثقافة على معظم الأمور الحياتية ( الثقافة السلوكية )...( الثقافة الصحية )...(الثقافة السياسية )...(الثقافة الشعبية )... (الثقافة النسوية )...الخ ، ولك أن تضيف عليها ما جاء بها هذا العهد العجيب الغريب !! ( الثقافة المتأسلمة) ، و( الثقافة المنافقة ) ، ( والثقافة اللصوصية) ، و( الثقافة التحريكية) ، و( الثقافة التسقيطية) ، عفوا فقط ( ثقافة سلطوية ) ، و( ثقافة تمسيحية ) ، و( ثقافة ارتزاقية) ...غير موجودة بعراق اليوم !!
نعود لما سبق السخر بالعهر ، والسخر يقرن بنقيضه الجد ، كما كنب المرحوم ابن زيدون رسالتيه ( الهزلية والجدية ) ، والجد يقول يجب احترام وإجلال الثقافة الصادقة ، ثقافة التضحية ، وثقافة النضال و الجهاد ، وثقافة الشهادة ، وثقافة الصدق ، وثقافة الوطنية الحقة على درب وحدة العراق ، والدفاع عن أراضيه المقدسة ، والظروف الحالية تقتضي التنويه ، بل تستوجبه ، والله خير الحاكمين ، وهو مولانا ونعم النصير .
أقول عودا على بدء ، كلّ هذا وأكثر ، أسمع جعجعة ، ولا أرى طحنا ، ثم ما الجدوى من هذا ، دعنا عن الأكثر ، إذا لم يحرّك ساكناً ، ولا يسكـّن سالبا ، ولا يزيد موجباً ، ولا يُعرِّف بحقٍّ ، ولا يأتي بواجبٍ ؟! والأمور بعواقبها ، والعواقب كما ترى ، حالٌ دون حال ، لا نحن أحيينا حضارتنا البائدة ، ولا نحن غرفنا من الحضارة السائدة ، لذلك نحتاج إلى وقفة جريئة ، ومتأملة مع الذات الموضوعية ، فانا أتكلم عن الثقافة بعقلها الجمعي ، لا بالعقل الفردي ، ولا بالمردود النفعي الذاتي ، ولا أخالك من البساطة بمكان أن تحسب معدل ثقافة الجمع ، هو متوسط مجموع ثقافات الأفراد الذين يقطنون مكانا معينا في زمان محدد ، الأمر أعقد بكثير ، ولا يحسب بالحسابات الرياضية الضيقة ! فكم من مثقف واحد غيّر ثقافات شعوب بجمعها وشملها ، وكم من آلاف المثقفين يتصارعون ، لا غيّروا ، ولم يتغيروا .
الروابط الاجتماعية بإشعاعاتها الثقافية معقدة التشابك والتفاعلات والنزعات ، لقبول أو رفض ثقافة الإنسان الآخر ، وكل إنسان آخر له ثقافة أخرى ، ولو كان الفردان توأمين متماثلين ، يعيشان في بيئة واحدة ، بل في بيت واحد وغرفة واحدة ، فالعدد لا يحصى ، ولا أحسبك - ولا أدري منْ أنت؟ !! ، فلعلهم يعقلون ويتفهمون ...!!
وعلينا أن لا نخلط بين التعليم والثقافة ، فالتعليم بكل معلوماته ، وعلومه التطبيقية والنظرية والإبداعية بعض مضامين الثقافة، تستوعبه مع المزيد المزيد ، تنهم وتستزيد ،ومهما يكن من أمر نقول : نعم ... نحن إلى يومنا هذا ، في وضعية ثقافية لا نـُحسد عليها ، إذا ما قورنت بثقافات بقية الأمم المتحضرة ، وحتى الأدنى منها حضارة ، لا من حيث المضمون المكدوس ، بل من حيث التطبيق الملموس والمحسوس ! ، و بالرغم من وجود تفاوت نسبي بين الدول العربية في هذا المجال ، فثقافتنا عموما - وأخص العراقية من بينها - متهمة بالتقصير ولا قصور ! وعدم الانفتاح ، بل هي منحازة حتى التعصب الأعمى ، وعلى أعلى المستويات القيادية والمسؤولة في المجتمع منذ عهود وعهود ، وفي جميع الاتجاهات ، فلا يفكر مثقفنا - والتعميم غير سليم - ولو على سبيل الأستعداد للتقارب وقبول الرأي المغاير لمواطنه المحاور ، فكل ما يملكه وتعوّد عليه ثقافة استبدادية إلغائية تتسم بقذف التهم للغير ،و التهم جاهزة ، بجميع أشكالها القاسية والحادة ، وكل الاتهامات المتعددة ، والقناعات المتولدة - في الأغلب الأعم - قد بُنيت على أوهام وأقاويل وشكوك ، دون أي أدلة قانونية ، ولا حجج منطقية ، ولا تجارب حياتية ، وبلا روادع أخلاقية ، فكلكم تعرفون التنظيمات السياسية المتكتلة حول نفسها ، والطوائف الدينية المتصارعة فيما بينها ، والأعراق الإثنية المتقوقعة على ذاتها ، والجهات المناطقية المتنافرة عن بعضها ، وقلما يخلو منها قطرعربي واحد ، وهذه الأقطار المنعوتة بالعربية تتجاذبها الصراعات ، وتحاك منها المؤامرات ، سرّاً ، وأصبح الأمر علنا بالصورة والصوت ، يتنابزون ويشهرون ولا يخجلون ، وكلٌّ بما لديهم فرحون ، ولو كره المخلصون ! !! وكلّ من يتطلع إلى الانفتاح ، يُرمى بعدم الالتزام ، والتذبذب ، والازدواجية والخروج عن الصف ، والمصلحة العليا للأمة... ، فإذن نكرر، ما جدوى الثقافة أن نحملها ، ونزعم التعلق بتلابيبها ، إذا لم تكن مشروعاً وطنياً خالصاً ، وإنسانياً شاملاً ، وعربياً جامعاً ، تذيب الفوارق ، وتكسر الحواجز ، وتخلق المعاجز ، وتنفتح على الرأي الآخر ، إعلامياً وثقافياً ، دون تشنجات أومشاحنات ، أو صراعات غير مشروعة ، وفق التوازنات المدروسة والمتعقلة للقضايا المفصلية المؤثرة عليها ، وبالتحديد السياسية والدينية و المصالح المادية - للمثقف والأخر - السائدة في المجتمع ، بلا خضوع مُذل ولا تهور مُخل !
ومن هنا نرى من الضرورة بمكان أن تشرع الثقافة ببناء مراكز بحوث علمية دقيقة ، يُعتمد عليها إحصائياً لفض النزاعات والمعوقات والإشكاليات ، ومعرفة آراء الناس وتطلعاتهم ومطالبهم ، وتحقيق ما يمكن تحقيقه منها ، وفي الحالات ذات الأهمية القصوى لتغييرالمسار سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً ...، يُلجأ إلى رأي الشعب بأغلبيته البسيطة عن طريق أوراق الانتخابات ، لا عن طريق رصاص الرشاشات ، كما يحلو لبعضهم ، وإن قتل الناس جميعاً !!! و يبقى الدستور والقانون فوق الجميع وقبل الجميع ، هذا كلّه - ربما تعرفه فأذكر - وأكثر منه ، لا يتمُّ ولن يتمَّ دون أن يكون المثقف الحقيقي المبدع المتفهم لواجبه الأخلاقي ، مشاركاً حقيقياً في صنع القرار، لرفد الحضارة والازدهار ،غير مُهيمَن عليه بسياسة التبعية والاحتواء ، إنْ لم نقلْ الازدراء ، وإلاّ فأستميحكم عذراً ، نحن - وكل منـّا - على الأغلب :
كالعيس ِ في البيداءِ يقتلها الظما*** والماءُ فوقَ ظهورها محمولُ
وكلّ يدّعي وصلاً بليلى *** وليلى لا تقرُّلهمْ بوصل ِ
(الماء) و (ليلى ) استعارتان تصريحيتان محسوبتان لديَّ عن الثقافتين الجمعية والفردية على التوالي ، والأشعار - كالأمثال - تضرب ولا تقاس ! اللهم لا يأس ، فالأمم الحية - ومنها أمتنا - ، والشعوب اليقظة - ومنها شعبنا - تترقب الآمال ، وتنظر إلى غدها بتفاؤلٍ واطمئنان ، وتسعى للأعمال الحميدة ، والأقوال المفيدة ، ولا أنفي الأقوال ، و لا أستخف بها تحت ذريعة الأعمال ، فلا بد أن يكون للكلمة شرف ومعنى والتزام واحترام ، والأحترام موصول للإنسان ، لأنه في مفهومنا عمل ووجدان ، والمثقف من يستطيع أن يوازن بينهما بالتمام والكمال ، والله الموفق في كل الأحوال !!!
مقطع من قصيدتي " يالعبة الأقدار...!!" ، أكرره حتى الثمالة ...!! :
عَرَقٌ ،عِصَارَةُ فِكْرِنَا مـِنْ رَيِّهِ **** وَرَدَتْ ، فَـدَكّتْ خُــدْعَةَ الْمُتَبَلَّدِ
يَا نِصْفَ قَرْنٍ صَدَّ مِنْ كَيْدِ العِدَى*** كَيْ تَقْفِزِيْ فَوْقَ الدُّجَى الْمُتَلَبِّدِ
فَتَثَقّفَي بِالْهَابِطـَاتِ ، فَمَنْ دَرَى*** زَهْوُ الجّهُوْلِ يَضِيءُ مِمَّا يَرْتَدِي؟
يَا لُعْبةَ الأقْدَارِ لَا تَتَــرَدّدِي ***** زِيْـــدِي بَلَاءً مـَـــا بَدَا لَكِ وَانْكِدِي
وَتَهَـوَّرَي مَا شِئْتِ أَنْ تَتَهَوَّرَي*** صُبِّي جَحِيْمَاً وَابْرَقي ثمّ ارْعـــدي
بِيْعِي الشّهَامَةَ وَالْمُرُوْءَةَ وَابْخَسِي** وَبِصَوْلَةِ الْأشْرَارِ قُومِي وَاقْعُدِي
لَاتَخْتـَـــــشِي مِنْ دَهْرِكِ مُتَقَزِّمَـــاً **** فَإذَا كَبــا قَزَمٌ بِحَــوْلِكِ صَعَّدِي
موضوع الثقافة العربية موضوع شائك ومتشعب ، كتب عنه كتـّاب العرب الكبار وفلاسفتهم ، منذ نيف وقرن من الزمان المعاصر البالي ! إذ لا مدلول لهذا المصطلح بشكله الموسع عند العرب والمسلمين في العصور الخوالي ، أخذ المعاصرون يطرحون موضوعات عديدة ، لك ما تشتهي منها ، وما لاتشتهي ! ( الهوية الثقافية )... (الغزو الثقافي )...(الأمن الثقافي )...(التنمية الثقافية )...( الطبقات الثقافية )...( الأستلاب الثقافي )... ، ناهيك عمّا ألفته الخاصة والعامة من إلصاق الثقافة على معظم الأمور الحياتية ( الثقافة السلوكية )...( الثقافة الصحية )...(الثقافة السياسية )...(الثقافة الشعبية )... (الثقافة النسوية )...الخ ، ولك أن تضيف عليها ما جاء بها هذا العهد العجيب الغريب !! ( الثقافة المتأسلمة) ، و( الثقافة المنافقة ) ، ( والثقافة اللصوصية) ، و( الثقافة التحريكية) ، و( الثقافة التسقيطية) ، عفوا فقط ( ثقافة سلطوية ) ، و( ثقافة تمسيحية ) ، و( ثقافة ارتزاقية) ...غير موجودة بعراق اليوم !!
نعود لما سبق السخر بالعهر ، والسخر يقرن بنقيضه الجد ، كما كنب المرحوم ابن زيدون رسالتيه ( الهزلية والجدية ) ، والجد يقول يجب احترام وإجلال الثقافة الصادقة ، ثقافة التضحية ، وثقافة النضال و الجهاد ، وثقافة الشهادة ، وثقافة الصدق ، وثقافة الوطنية الحقة على درب وحدة العراق ، والدفاع عن أراضيه المقدسة ، والظروف الحالية تقتضي التنويه ، بل تستوجبه ، والله خير الحاكمين ، وهو مولانا ونعم النصير .
أقول عودا على بدء ، كلّ هذا وأكثر ، أسمع جعجعة ، ولا أرى طحنا ، ثم ما الجدوى من هذا ، دعنا عن الأكثر ، إذا لم يحرّك ساكناً ، ولا يسكـّن سالبا ، ولا يزيد موجباً ، ولا يُعرِّف بحقٍّ ، ولا يأتي بواجبٍ ؟! والأمور بعواقبها ، والعواقب كما ترى ، حالٌ دون حال ، لا نحن أحيينا حضارتنا البائدة ، ولا نحن غرفنا من الحضارة السائدة ، لذلك نحتاج إلى وقفة جريئة ، ومتأملة مع الذات الموضوعية ، فانا أتكلم عن الثقافة بعقلها الجمعي ، لا بالعقل الفردي ، ولا بالمردود النفعي الذاتي ، ولا أخالك من البساطة بمكان أن تحسب معدل ثقافة الجمع ، هو متوسط مجموع ثقافات الأفراد الذين يقطنون مكانا معينا في زمان محدد ، الأمر أعقد بكثير ، ولا يحسب بالحسابات الرياضية الضيقة ! فكم من مثقف واحد غيّر ثقافات شعوب بجمعها وشملها ، وكم من آلاف المثقفين يتصارعون ، لا غيّروا ، ولم يتغيروا .
الروابط الاجتماعية بإشعاعاتها الثقافية معقدة التشابك والتفاعلات والنزعات ، لقبول أو رفض ثقافة الإنسان الآخر ، وكل إنسان آخر له ثقافة أخرى ، ولو كان الفردان توأمين متماثلين ، يعيشان في بيئة واحدة ، بل في بيت واحد وغرفة واحدة ، فالعدد لا يحصى ، ولا أحسبك - ولا أدري منْ أنت؟ !! ، فلعلهم يعقلون ويتفهمون ...!!
وعلينا أن لا نخلط بين التعليم والثقافة ، فالتعليم بكل معلوماته ، وعلومه التطبيقية والنظرية والإبداعية بعض مضامين الثقافة، تستوعبه مع المزيد المزيد ، تنهم وتستزيد ،ومهما يكن من أمر نقول : نعم ... نحن إلى يومنا هذا ، في وضعية ثقافية لا نـُحسد عليها ، إذا ما قورنت بثقافات بقية الأمم المتحضرة ، وحتى الأدنى منها حضارة ، لا من حيث المضمون المكدوس ، بل من حيث التطبيق الملموس والمحسوس ! ، و بالرغم من وجود تفاوت نسبي بين الدول العربية في هذا المجال ، فثقافتنا عموما - وأخص العراقية من بينها - متهمة بالتقصير ولا قصور ! وعدم الانفتاح ، بل هي منحازة حتى التعصب الأعمى ، وعلى أعلى المستويات القيادية والمسؤولة في المجتمع منذ عهود وعهود ، وفي جميع الاتجاهات ، فلا يفكر مثقفنا - والتعميم غير سليم - ولو على سبيل الأستعداد للتقارب وقبول الرأي المغاير لمواطنه المحاور ، فكل ما يملكه وتعوّد عليه ثقافة استبدادية إلغائية تتسم بقذف التهم للغير ،و التهم جاهزة ، بجميع أشكالها القاسية والحادة ، وكل الاتهامات المتعددة ، والقناعات المتولدة - في الأغلب الأعم - قد بُنيت على أوهام وأقاويل وشكوك ، دون أي أدلة قانونية ، ولا حجج منطقية ، ولا تجارب حياتية ، وبلا روادع أخلاقية ، فكلكم تعرفون التنظيمات السياسية المتكتلة حول نفسها ، والطوائف الدينية المتصارعة فيما بينها ، والأعراق الإثنية المتقوقعة على ذاتها ، والجهات المناطقية المتنافرة عن بعضها ، وقلما يخلو منها قطرعربي واحد ، وهذه الأقطار المنعوتة بالعربية تتجاذبها الصراعات ، وتحاك منها المؤامرات ، سرّاً ، وأصبح الأمر علنا بالصورة والصوت ، يتنابزون ويشهرون ولا يخجلون ، وكلٌّ بما لديهم فرحون ، ولو كره المخلصون ! !! وكلّ من يتطلع إلى الانفتاح ، يُرمى بعدم الالتزام ، والتذبذب ، والازدواجية والخروج عن الصف ، والمصلحة العليا للأمة... ، فإذن نكرر، ما جدوى الثقافة أن نحملها ، ونزعم التعلق بتلابيبها ، إذا لم تكن مشروعاً وطنياً خالصاً ، وإنسانياً شاملاً ، وعربياً جامعاً ، تذيب الفوارق ، وتكسر الحواجز ، وتخلق المعاجز ، وتنفتح على الرأي الآخر ، إعلامياً وثقافياً ، دون تشنجات أومشاحنات ، أو صراعات غير مشروعة ، وفق التوازنات المدروسة والمتعقلة للقضايا المفصلية المؤثرة عليها ، وبالتحديد السياسية والدينية و المصالح المادية - للمثقف والأخر - السائدة في المجتمع ، بلا خضوع مُذل ولا تهور مُخل !
ومن هنا نرى من الضرورة بمكان أن تشرع الثقافة ببناء مراكز بحوث علمية دقيقة ، يُعتمد عليها إحصائياً لفض النزاعات والمعوقات والإشكاليات ، ومعرفة آراء الناس وتطلعاتهم ومطالبهم ، وتحقيق ما يمكن تحقيقه منها ، وفي الحالات ذات الأهمية القصوى لتغييرالمسار سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً ...، يُلجأ إلى رأي الشعب بأغلبيته البسيطة عن طريق أوراق الانتخابات ، لا عن طريق رصاص الرشاشات ، كما يحلو لبعضهم ، وإن قتل الناس جميعاً !!! و يبقى الدستور والقانون فوق الجميع وقبل الجميع ، هذا كلّه - ربما تعرفه فأذكر - وأكثر منه ، لا يتمُّ ولن يتمَّ دون أن يكون المثقف الحقيقي المبدع المتفهم لواجبه الأخلاقي ، مشاركاً حقيقياً في صنع القرار، لرفد الحضارة والازدهار ،غير مُهيمَن عليه بسياسة التبعية والاحتواء ، إنْ لم نقلْ الازدراء ، وإلاّ فأستميحكم عذراً ، نحن - وكل منـّا - على الأغلب :
كالعيس ِ في البيداءِ يقتلها الظما*** والماءُ فوقَ ظهورها محمولُ
وكلّ يدّعي وصلاً بليلى *** وليلى لا تقرُّلهمْ بوصل ِ
(الماء) و (ليلى ) استعارتان تصريحيتان محسوبتان لديَّ عن الثقافتين الجمعية والفردية على التوالي ، والأشعار - كالأمثال - تضرب ولا تقاس ! اللهم لا يأس ، فالأمم الحية - ومنها أمتنا - ، والشعوب اليقظة - ومنها شعبنا - تترقب الآمال ، وتنظر إلى غدها بتفاؤلٍ واطمئنان ، وتسعى للأعمال الحميدة ، والأقوال المفيدة ، ولا أنفي الأقوال ، و لا أستخف بها تحت ذريعة الأعمال ، فلا بد أن يكون للكلمة شرف ومعنى والتزام واحترام ، والأحترام موصول للإنسان ، لأنه في مفهومنا عمل ووجدان ، والمثقف من يستطيع أن يوازن بينهما بالتمام والكمال ، والله الموفق في كل الأحوال !!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق