النايف شهيداً.. والقيق منتصراً/ راسم عبيدات

حساب وصراع مفتوحين مع الإحتلال الصهيوني....نجح فيه في اغتيال عدد لا بأس به من القيادات الفلسطينية...وعمليات الإغتيال لم تكن لكون جهاز "الموساد" الإسرائيلي خارق القدرات،على الرغم من إمتلالكه احدث الوسائل العلمية والتكنولوجية والإمكانيات للتجسس والمتابعة والملاحقة....ولكن أغلب تللك العمليات لم تكن لتتم لولا وجود العامل البشري المحلي...أي إما اختراقات في التنظيمات أو في بعض الأحيان اختراقات في الدوائر المحيطة والقريبة أسريا وتنظيمياً....بالإضافة لنجاح الإحتلال في تجنيد عملاء يسهلون عليه القيام بمهامه...وعدم وجود تحوطات امنية بالشكل الكافي من قبل اجهزة امن التنظيميات،ناهيك عن ان التحقيقات التي جرت وتجري في عمليات اغتيال القادة والكادرات الذين استشهدوا في الغالب لم تجري متابعة نتائجها،او لم يجر التعلم والإستفادة من النتائج بالشكل الصحيح  والمطلوب،أو كانت التحقيقات شكلة ورفع عتب ليس أكثر،ولم يري متابعة النتائج.

نعم الإحتلال في الحرب المخابراتية والمقدرات والإمكانيات غير المتكافئة وما يمتلك من قدرات واحدث الأجهزة والوسائل وعلاقات مخابراتية مع أجهزة المخابرات العالمية والإقليمية وحتى الدول العربية أصاب الثورة وفصائلها في العصب بعض الأحيان،ولكنه فشل كثيراً ودفع ثمناً هو الاخر،وإن لم يكن بالحجم الذي دفعناه كفصائل وثورة وشعب،فنحن في إطار هذا الصراع خسرنا قادة كبار منهم غسان كنفاني والكمالين ناصر والعدوان وابو يوسف النجار وباسل الكبيسي ومحمود الهمشري ووديع حداد وماجد ابو شرار وعاطف بسيسو وخالد نزال وفتحي الشقاقي وابو جهاد وابو اياد وابو الهول والعمري وناجي العلي والشيخ احمد ياسين والرنتيسي ويحيى عياش وشحاده والجعبري وابو علي مصطفى والرئيس ابو عمار وسمير القنطار وقائمة تطول من الشهداء القادة ومن خيرة قادة وكوادر الثورة.


عمر النايف احد كادرات الجبهة الشعبية،الذي شارك في قتل احد المستوطنين الصهاينة،والذي نجح في الهرب من السجن بعد إعتقاله،بما لديه من إمكانيات وقدرات وحس امني عالي،واستقر في بلغاريا،بعد ثلاثين عاماً بقي مطلوباً لدولة الإحتلال وأجهزة مخابراتها،كما هو حال الشهيد سمير القنطار،الذي اغتالته المخابرات الإسرائيلية قبل فترة تزيد قليلاً عن شهرين،التحق النايف بقائمة وركب الشهداء في عملية ليست بعيدة عن أيدي الموساد،أي كان المنفذ والطريقة،وان لم تتضح ظروف وحقيقة وطريقة تلك العملية التي تمكن من طرح إتهامات محددة تجاه تواطؤ هذا الطرف او ذاك،ولكن هناك مسؤولية تقع على سفارة فلسطين بشكل رئيس وعلى الحكومة البلغارية في تلك العملية، التي سيتكشف حجمها وطبيعتها في ظل دراسة متانية للعملية والطريقة التي جرت بها،بدون أي انفعالات أو ردود فعل عاطفية.

هذه العملية التي جرت في السفارة الفلسطينية،لا يمكن خلق الحجج والذرائع لتبرئة ساحة طاقم السفارة ووزارة الخارجية الفلسطينية المسؤولة عنها،فهي تدرك تمام الإدراك بأن الإحتلال يلاحقه ويطالب بتسليمه،ويعرفون تماماً بان الحكومة البلغارية القائمة متواطئة مع دولة الإحتلال،وتتحين الفرصة لتسليمه،وكذلك الجبهة الشعبية غير معفاة من المسؤولية هنا،فهي كان الأجدى بها ان تعمل على نقله الى جهة او دولة آمنة،حيث أصبحت بلغاريا وحتى سفارة دولة فلسطين غير آمنتين له،وكذلك السلطة الفلسطينية هي الأخرى جزء من المسؤولية بشكل أساس.

جريم اغتيال النايف يجب ان لا تمرر مرور الكرام،بل لا بد من وضع النقاط  على الحروف،ومحاسبة ومعاقبة كل المتورطين فيها.

الأسير محمد القيق الصحفي الفلسطيني الذي أضرب عن الطعام المفتوح لمدة (94)،ضد استمرار عملية اعتقاله الإداري،نجح في تحقيق انتصاراً في معركته على ان ينال حريته في الخامس والعشرين من شهر أيار القادم،دون تجديد لإعتقاله الإداري،وعلى الرغم بأن القيق يستحق الثناء والتقدير الكبيرين على  الإنتصار في هذه المعركة،التي خاضها في ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد،حيث الحالة الجماهيرية المتضامنة معه لم تكن بالمستوى المطلوب،في حين كان دور السلطة والأحزاب لا يرتقي الى مستوى الحدث وكيفية الإفادة منه واستثماره في بناء استراتيجية شاملة ومتكاملة من اجل العمل على إلغاء الإعتقال الإدراي،كإعتقال مخالف لكل الأعراف والمواثيق والاتفاقيات الدولية،استراتيجية تقوم على العمل بشكل جماعي وتنسيقي ما بين كل أبناء الحركة الأسيرة والأسرى الإداريين وبين السلطة والفصائل،عبر القيام بعدة أنشطة وفعاليات مستمرة ومتواصلة ضد سياسة الإعتقال الإداري.

ومعركة الأسير القيق لنيل حريته بالإضراب المفتوح عن الطعام،وكذلك معارك من سبقوه من الأسرى الإداريين نضال أبو عكر وغسان الزواهره وشادي معالي ومير أبو شرار وبدر الرزة ومحمد علان وخضر عدنان وغيرهم،أثبتت بأنه هناك غياب للأداة التنظيمية الوطنية الموحدة داخل السجون،حيث شكل وحجم التضامن مع هؤلاء الأسرى كان محدوداً وجزئياً،ولم يكن بالمعنى الوطني العام،بل أغلبه اخذ البعد الفصائلي التنظيمي،وكذلك هو حجم التضامن الشعبي و الحزبي والسلطوي،لم يكن بمستوى الحدث،وكذلك فالتوقيت بخوض الإضرابات المفتوحة عن الطعام،احياناً جاء في ظل حالة نضالية هابطة،وفي ظل مناكفات وصراعات داخلية تلعب دوراً في عدم وجود برنامج تضامني موحد،يتضمن فعاليات وانشطة ذات طابع وبعد شعبي وجماهيري واسعين وكبيرين.

ومن هنا مع تقديري العالي لكل من خاضوا الإضرابات المفتوحة عن الطعام لنيل حريتهم،حيث كانوا نماذج واسطورة في نضالاتهم وتضحياتهم،وأستطاعوا ان ينتزعوا حريتهم بفضل صمودهم وثباتهم على مواقفهم،بالإضافة الى الدعم والإسناد الشعبي والجماهيري،والى حد ما الفصائلي والحزبي،ولكن أرى أنه من الأجدى دائماً العمل على ان تخوض الحركة الأسيرة معاركها النضالية ضد  إدارة قمع السجون وأجهزة مخابراتها بشكل وحدوي إما الحركة  الأسيرة كاملة ،او الأسرى الإداريين كمجموع،حيث الزخم والإلتفاف الجماهير والشعبي والفصائلي حولها  وحول المطالب المرفوعة سيكون أوسع وأشمل،وبالتالي هذا يقصر من عمر المعركة  مع المحتل بأجهزته المختلفة،ويجعله يرضخ لمطالب المضربين عن الطعام بشكل أسرع،أما الخطوات والإضرابات الفردية،فهي تحقق نجاحات وانتصارات على الصعيد الفردي،ولكن لن تؤدي الى قبر الإعتقال الإداري،اذا لم تتوفر الأداة التنظيمية الوطنية الموحدة،وكذلك الإرادة السياسية سلطوياً وحزبياً.

وفي معركة الأسير القيق لنيل حريته،كان دور الداخل الفلسطيني -48 – متميزاً وبالذات من قبل حركة أبناء البلد،ولذلك هم من يستحقون الشكر والثناء على دورهم الإسنادي والداعم لقضية الأسير القيق وغيره من الأسرى الآخرين.

النايف سقط شهيداً في قلب وحديقة سفارتنا هناك،التي لم تتوفر له أي شكل من أشكال الحماية،والقيق حقق الإنتصار على إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية وأجهزة مخابراتها في ظل دعم ومؤازرة شعبية على طول وعرض جغرافيا فلسطين التاريخية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق