في الأمس غير البعيد ذهب الملايين من الرجال والنساء الاسكتلنديين ليقرروا مصيرهم في الاستقلال أو البقاء ضمن جسد المملكة المتحدة العظمى، واسكتلندا مقاطعة تتمتع بالفيدرالية وكانت قد انضمت إلى المملكة المتحدة قبل أكثر من ثلاثمائة عام وليس قبل مائة عام، مثلما أدغمت كوردستان إثر توقيع اتفاقية سايكس بيكو في أربع كيانات، لم يستفتَ سكانها أصلا على القبول بتلك العملية، التي تعتبر من اكبر عمليات النصب والاحتيال واستغفال الشعوب، بينما مقاطعة لا يتجاوز عدد نفوسها خمسة ملايين نسمة تختار الاستفتاء وتذهب إليه دون أن تتهم يوما ما بأنها مست السيادة المقدسة وإنها عميلة للاستعمار والصهيونية بسبب خياراتها في الاستقلال أو ممارستها لحق تقرير المصير، كما يفعل المتوحشون البدائيون هنا في عالمنا الشرقي المريض، حيث ما يزيد على أربعين مليونا من الكورد يعيشون في وطن ممزق لأربعة أجزاء، قسمتها الدول الاستعمارية في حينها وأدغمتها في كل من العراق وإيران وتركيا وسوريا، وحينما يفكر أي جزء منها بحق تقرير المصير تقوم الدنيا ولا تقعد، كما فعلت غالبية وسائل الإعلام العربية والإقليمية وحتى العالمية حينما صرح الرئيس مسعود بارزاني رئيس إقليم كوردستان العراق قبل عدة سنوات بأنه آن الأوان لكي يذهب شعب كوردستان إلى الاستفتاء حول مصيره، بعد أن فشلت كل محاولات القيادات الكوردستانية في إيجاد صيغة للحياة المشتركة في كيان واحد.
إن حق تقرير المصير حق أنساني نبيل قبل أن يكون مواثيق وعهود، فقد تبنتها الأممية الثانية عام 1896م، وأكد عليها الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون في إعلان مبادئه الأربعة عشر بتاريخ الثامن من أكتوبر لعام 1918م، وقد أعلن يومها بأن الولايات المتحدة دخلت الحرب دفاعا عن الحرية والتطوّر الحر للشعوب وعدم إرغام أي شعب للعيش تحت سيادة لا يرغب فيها، كما إن حق تقرير المصير جاء في صلب اتفاقية فرساي 1919م التي وُقعت بعد خسارة المانيا والنمسا الحرب حيث تنازلت الدولتان عن الأراضي الملحقة بهما، وسمح بالإعلان عن دول قومية جديدة في أوروبا، وورد نص واضح في هذا الشأن عام 1960 بقرار من الجمعية العمومية للأمم المتحدة حول منح الاستقلال للأمم والشعوب المستعمرة، إضافة إلى ذلك كله كان إعلان الأمم المتحدة عن مبادئ القانون الدولي في عام 1970م بشأن العلاقات الودية والتعاون بين الدول حسب ميثاق الأمم المتحدة، ووضحت فيما بعد محكمة العدل الدولية في قرارها الاستشاري المعلن في عام 2010م: أن إعلان الاستقلال من طرف واحد لا يتناقض مع القانون الدولي.
ويذكر العراقيون كيف تخلى الكوردستانيون عن استقلالهم الذاتي منذ انتفاضة آذار 1991م والتحقوا بركب وحدة العراق لبناء تجربة جديدة على أنقاض تجربة فاشلة لما يقرب من قرن من الزمان، يشترك فيها الكورد والعرب في بناء دولة اتحادية تعددية ديمقراطية لا تشوبها ثقافة إلغاء الآخر أو إقصائه أو محاولة احتوائه، لكن ما حدث بعد توقيع تلك العهود والمواثيق وفي قمتها الدستور الدائم، بدأت بغداد لعبة لا تختلف عما كانت تلعبه تحت ظل أنظمة سبقتها في التعاطي مع الشريك الأساسي، وتمخضت خلال سنوات قلائل عن نهج عدواني تجلى في محاولة إخضاع الإقليم لسطوة الحاكمين في بغداد بوسائل اقتصادية تؤدي ذات الغرض الذي توخته قيادة البعث ومن سبقها في حرق كوردستان وإبادة شعبها، حيث تم إيقاف حصة الإقليم من الموازنة السنوية بحجج واهية وتفسيرات مضللة للدستور وللرأي العام مع إيقاف صرف رواتب مئات الآلاف من الموظفين العموميين والعسكريين في الإقليم، بل والذهاب ابعد من ذلك في تسهيل احتلال الموصل وبلداتها من قبل داعش الإرهابية وتهديد وجود الإقليم وحياة سكانه وإدخاله في حرب ضروس مع ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية الذي اعتمد في قياداته الفكرية والميدانية على خيرة ضباط وقيادات البعث الذي حاول تحطيم كوردستان فتحطم على صخرة صمود شعبها.
واليوم وتحت يافطات مثيرة وشعارات مخدرة تتعلق بأوتار شعبية متعبة بسبب فشل القيادات السياسية العراقية منذ 2003 ولحد الآن، فقد بدأت مجاميع ممن يشنون حملات الكراهية والأحقاد ضد الإقليم شعبا وقيادة وتطلعا، عملية انقلاب واضحة المعالم على الدستور، وبمطالب مغلفة لتعديل مسار العملية السياسية، وإبعاد ممثلي المكونات والشركاء الحقيقيين، والإتيان بقرقوزات على شاكلة أكراد البعث والأحزاب المصنعة في دهاليز أجهزة الأمن، ليجلسوا في مقاعدهم البرلمانية أو الحكومية في عملية يراد منها منع الإقليم وإيقاف تطوره وازدهاره من خلال إذلال شعبه وتفقيره، وزرع الفتن والاضطرابات في جدرانه الداخلية.، وإزاء ذلك فلا مناص من الذهاب إلى خيار آخر لتعديل صيغة العلاقة مع بغداد، بعد أن فشلت كل الصيغ السابقة، وأصبحت كاهلا ثقيلا ومبطئا للتقدم والاستقرار لدى الطرفين، والعودة إلى الشارع لاستفتاء الأهالي في كوردستان ومناطق المادة 140على شكل العلاقة مع بغداد، وتقرير مصيرهم بشكل ديمقراطي يقوم أساسا على مبدأ الحوار والتفاهم ولمصلحة الشعبين ومستقبليهما بعد فشل كل صيغ العلاقة بينهما طيلة ما يقرب من قرن من الزمان.
kmkinfo@gmail.com
إن حق تقرير المصير حق أنساني نبيل قبل أن يكون مواثيق وعهود، فقد تبنتها الأممية الثانية عام 1896م، وأكد عليها الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون في إعلان مبادئه الأربعة عشر بتاريخ الثامن من أكتوبر لعام 1918م، وقد أعلن يومها بأن الولايات المتحدة دخلت الحرب دفاعا عن الحرية والتطوّر الحر للشعوب وعدم إرغام أي شعب للعيش تحت سيادة لا يرغب فيها، كما إن حق تقرير المصير جاء في صلب اتفاقية فرساي 1919م التي وُقعت بعد خسارة المانيا والنمسا الحرب حيث تنازلت الدولتان عن الأراضي الملحقة بهما، وسمح بالإعلان عن دول قومية جديدة في أوروبا، وورد نص واضح في هذا الشأن عام 1960 بقرار من الجمعية العمومية للأمم المتحدة حول منح الاستقلال للأمم والشعوب المستعمرة، إضافة إلى ذلك كله كان إعلان الأمم المتحدة عن مبادئ القانون الدولي في عام 1970م بشأن العلاقات الودية والتعاون بين الدول حسب ميثاق الأمم المتحدة، ووضحت فيما بعد محكمة العدل الدولية في قرارها الاستشاري المعلن في عام 2010م: أن إعلان الاستقلال من طرف واحد لا يتناقض مع القانون الدولي.
ويذكر العراقيون كيف تخلى الكوردستانيون عن استقلالهم الذاتي منذ انتفاضة آذار 1991م والتحقوا بركب وحدة العراق لبناء تجربة جديدة على أنقاض تجربة فاشلة لما يقرب من قرن من الزمان، يشترك فيها الكورد والعرب في بناء دولة اتحادية تعددية ديمقراطية لا تشوبها ثقافة إلغاء الآخر أو إقصائه أو محاولة احتوائه، لكن ما حدث بعد توقيع تلك العهود والمواثيق وفي قمتها الدستور الدائم، بدأت بغداد لعبة لا تختلف عما كانت تلعبه تحت ظل أنظمة سبقتها في التعاطي مع الشريك الأساسي، وتمخضت خلال سنوات قلائل عن نهج عدواني تجلى في محاولة إخضاع الإقليم لسطوة الحاكمين في بغداد بوسائل اقتصادية تؤدي ذات الغرض الذي توخته قيادة البعث ومن سبقها في حرق كوردستان وإبادة شعبها، حيث تم إيقاف حصة الإقليم من الموازنة السنوية بحجج واهية وتفسيرات مضللة للدستور وللرأي العام مع إيقاف صرف رواتب مئات الآلاف من الموظفين العموميين والعسكريين في الإقليم، بل والذهاب ابعد من ذلك في تسهيل احتلال الموصل وبلداتها من قبل داعش الإرهابية وتهديد وجود الإقليم وحياة سكانه وإدخاله في حرب ضروس مع ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية الذي اعتمد في قياداته الفكرية والميدانية على خيرة ضباط وقيادات البعث الذي حاول تحطيم كوردستان فتحطم على صخرة صمود شعبها.
واليوم وتحت يافطات مثيرة وشعارات مخدرة تتعلق بأوتار شعبية متعبة بسبب فشل القيادات السياسية العراقية منذ 2003 ولحد الآن، فقد بدأت مجاميع ممن يشنون حملات الكراهية والأحقاد ضد الإقليم شعبا وقيادة وتطلعا، عملية انقلاب واضحة المعالم على الدستور، وبمطالب مغلفة لتعديل مسار العملية السياسية، وإبعاد ممثلي المكونات والشركاء الحقيقيين، والإتيان بقرقوزات على شاكلة أكراد البعث والأحزاب المصنعة في دهاليز أجهزة الأمن، ليجلسوا في مقاعدهم البرلمانية أو الحكومية في عملية يراد منها منع الإقليم وإيقاف تطوره وازدهاره من خلال إذلال شعبه وتفقيره، وزرع الفتن والاضطرابات في جدرانه الداخلية.، وإزاء ذلك فلا مناص من الذهاب إلى خيار آخر لتعديل صيغة العلاقة مع بغداد، بعد أن فشلت كل الصيغ السابقة، وأصبحت كاهلا ثقيلا ومبطئا للتقدم والاستقرار لدى الطرفين، والعودة إلى الشارع لاستفتاء الأهالي في كوردستان ومناطق المادة 140على شكل العلاقة مع بغداد، وتقرير مصيرهم بشكل ديمقراطي يقوم أساسا على مبدأ الحوار والتفاهم ولمصلحة الشعبين ومستقبليهما بعد فشل كل صيغ العلاقة بينهما طيلة ما يقرب من قرن من الزمان.
kmkinfo@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق