هل ما زالت اسرائيل هى عدو العرب، أم الشريك والحليف؟/ الدكتور حمدى حمودة

لاشك أن حكام تل أبيب لم يكونوا فى أوج سعادتهم مثل هذه السنوات الأخيرة منذ بداية الحريق العربى الذى نال من بعض الدول العربية ومن حكامها الديكتاتوريين والفاسدين ، والمثل الشعبى يقول ( رب ضارة نافعة ) فاذا كانت ضارة للحكام الذى استبدوا بالحكم ثلاثون سنة وأكثر وطغوا وعاثوا فسادا فى الأرض هم ومن حولهم من الوجهاء والمقربين والقائمين على السلطة ، فقد اتاهم اليوم الذى يحاسبوا فيه فى الدنيا ، فمنهم من ولى هاربا ، ومنهم من تحددت اقامته لحين محاكمته ، ومنهم من قتل ومن شنق ، وكل نال ما نال من الحساب الدنيوى ، فما علاقة كل هذا بحكام بنو اسرائيل .؟ بالطبع التصدع والأنقسام والتفكك بداخل الوطن العربى الكبير والأنشقاق وكثرة الخلافات بين الحكام وبعضها ، وحب الذات والأخذ بمبدأ المنعة لدى حكام الدول الثرية مثل ( دول الخليج ) والغلق على انفسهم وعدم مساعدتهم ومد يد العون للدول الفقيرة والدول التى انهارت اقتصاديا بعد الأنتفاضات التى حدثت فى الدول العربية من أجل تصحيح الأوضاع والأصلاح للوصول الى الديمقراطية الحقيقية ، احتجاب حكام هذه الدول وتجاهلهم للدول التى يطلق عليها دول شقيقة لفظا وليس فعلا ، كل ذلك أدى الى انهيار الأقتصاد بها وتمزيقها بامكانية الدول اللاعبة فى الشرق الأوسط عند ممارستها لعبتها فى تجزأة وتقسيم هذه الدول كما فعلت فى السودان والعراق وتحاول فى سوريا واليمن ومن بينها حكام تل أبيب الذى قادتهم الظروف السعيدة من وراء هذا التصدع والأختلافات بين " الأشقاء العرب " لأن يحيوا الصداقة القديمة بين بعض حكام الدول الخليجية وعلى رأسهم الرياض ودبى والدوحة وعل استحياء الكويت ، لقد اعلن ولى ولى العهد ووزير الخارجية للجزيرة العربية أن العدو الرئيس للعرب والمسلمين هى طهران ، والصديق الحميم والصدوق هى اسرائيل ، وأصبحت الزيارات الرسمية من كبار مسئولى الدول الخليجية تعقد اجتماعات فى وضح النهار دون أى حرج بينها وبين تل أبيب .!
وهذا يقودنا الى التصريحات التى تفوه بها " نتنياهو " فى واشنطن منذ شهور ، وفى روسيا منذ يومين بأن الجولان أصبح جزءا لايتجزأ من اسرائيل ولايمكن التنازل عنه لأصحابه (سوريا ) بأى شكل من الأشكال لأننا لايمكن ان نسمح لحزب الله اللبنانى أن يتمركز فى الجولان وتسلحه سوريا وايران بأحدث الأسلحة المتطورة ليكون وبالا على اسرائيل .! اذن مالذى دعاه الى التصريح بهذه العبارات فى هذه الأوقات بالذات .؟ ماقاله " نتنياهو" ماكان ليقوله الا بعد أن أخذ الضوء الأخضر من حكام الرياض منذ شهور أثناء اللقاءات السرية التى تحدث بينهما بعد ان تكون قد تمت سيطرتهم على الجزيرتين المصريتين، أو اللتان تحت السيادة المصرية منذ 1943 وحتى الآن ، وقد وضحنا فى المقالة السابقة عن الأهداف التى يراد تحقيقها من وراء وضع يد حكام الرياض على الجزيرتين وفى ذلك الوقت بالذات ، قلنا لأستغلال ظروف مصر الأقتصادية السيئة ، ولظهور الغاز فيهما ، وللتحالف الوثيق بينها وبين اسرائيل للتنقيب عن الغاز وللسيطرة عليهما ، وتكون بذلك أصبحت اسرائيل داخل الوطن العربى وليس على حدود مصر والأردن ولبنان وسوريا بعد أن تكون مكنتها الرياض من وضع اليد على الجولان مما جعل " نتنياهو " ينبجح عنما ادعى بملكية اسرائيل للجولان الى الأبد ، وهذا أصبح واضحا وضوح الشمس ، فلولا التقارب الكبير بين كل من الرياض وتل أبيب والوعود التى بينهما من أجل تدمير سوريا واسقاط الحكومة والتخلص من رئيسها على وجه الخصوص حيث أن هذه الهجمة البربرية الشرسة على سوريا ما كانت من حكام الرياض وواشنطن وتل أبيب وأنقرة الا من أجل التخلص من الرئيس ، وبعدما فشلوا جميعا وأصابوا بالأحباط هم وكل السوريين الخائنين والخارجين على الدولة  بحجة أنهم معارضون من الخارج ،ثم قاموا بتسليح السوريين غير المنتمين للوطن فى الداخل والتى تسميهم واشنطون ب " المعارضة المسلحة المعتدلة " منطق مقلوب لم يحدث فى اى زمان ومكان ، كيف تكون معارضة ومسلحة .؟ كيف يكون معارض ويشهر سلاحه فى وجه الدولة التى ينتمى اليها .؟ هذا فى عرف كل من هذه الدول المتآمرة على سوريا ممكن وجائز ، لكن عليهم غير جائز فهاهى الرياض تقبض وتشنق المئات من أفراد الشعب لمجرد حملهم السلاح والأشتباه فى انتمائهم الى جماعات تكفيرية ضد الدولة ، هل هنا جائز وفى سوريا وفى اليمن والعراق غير جائز.؟ هكذا يفعل حلفائها مع مواطنيهم ، لكن الفرق بينهما هو أن اللآخرين يحاكمونهم ثم تصدر الأحكام بسجنهم بلا شنق ، مما أدى بواشنطن أن تعترض أكثر من مرة على عدم محاكمة حكام الرياض ، وعلى الأحكام الجائرة بشنقهم مما أغضب حكام الرياض من واشنطن ثم زادت الهوة بينهما عندما وافقت الولايات المتحدة على الأتفاق النووى الأيرانى ، وكذلك ميلها للتسوية السياسية لسوريا دون التخلص من بشار الأسد ، الأمر الذى جاء بأوباما وهو يودع العالم العربى قبل انتهاء مدة ولايته الثانية لزيارة الرياض ومصالحتهم وتبرير مقاصده من كل الأمور التى اتخذوها عليه مما جعل مقابلتهم له ليست بالحفاوة المعتادة عند زيارة رئيس أمريكى لبلد عربى .!
نعود مرة أخرى الى الحكام الذين قلبوا معادلة ( العدو الكبير فى منطقة الشرق الأوسط كانت اسرائيل ، فأصبحت بقدرة قادر ايران التى وصفوها بالكفر ) قال وزير خاجية الرياض فى آخر تصريحاته ، ان اسرائيل أفضل وأحب لدى المملكة من ايران .! لأن ايران شيعية كافرة وتتدخل فى شئون الدول العربية مثل سوريا واليمن ولبنان وفلسطين ، لكنهم يجوزوا لأنفسهم وعلى أعين كل حكام العالم بالتحالف على اليمن والعمل على هدمه على مدى عام كامل أنفقت فيه الرياض سبعة من المليارات دون أن تحقق أى مكاسب ، وذلك بحجة التخلص من أنصار الله التابعون لأيران من أجل احتلال اليمن ، الا أنها باءت بالفشل فى كل من سوريا واليمن بعد أن أنفقت كل هذه المليارات على حرب خاسرة .! ان الذى فعلته الرياض فى سوريا واليمن لم تفعله تل أبيب فى لبنان وغزة أثناء حروبها المتتالية عليهما ، وكذلك لم تفعله واشنطن عند غزوها العراق ، ان كل هذا الجبروت الذى قام به حكام الرياض على هدم وسلب وتحطيم أعتق الحضارات فى العالم ، انما ينم على تمزيق كل الأواصل بين الأشقاء وتمكين تل ابيب من النفوذ بقوة بين دول عربية تتعامل مع اسرائيل اليوم بكل راحة ونعمومة وكأنهم يستجدون رضائها .! أليست هى الكيان المدلل لدى واشنطن .؟ وكذلك الرياض هى حليفة العرب الأولى أيضا لدى واشنطن ، فكيف للمدلل وللحليف الأكبر لم يتحابان ويتفقان ويخططان على تمزيق ماتبقى من الدول العربية .؟ لقد ساهما بقدر كبير فى نشر المذهب الوهابى المتشدد والمتعفن والذى أصبح عقيدة ثابتة عند التكفيرين والأرهابين الذين لم يتركوا أيا من الدول العربية ولا الأسلامية الا ووصلوا اليها ، عدى دول الخليج التى صنعتهم وسلحتهم ومدتهم بالأموال الطائلة لتخريب وتفتيت الوطن الوطن العربى والأسلامى ، خرجوا من أفغانستان الى باكستان الى العراق ثم الى كل البلدان العربية حتى وصلوا الى الجزائر والمغرب ، من جاكرتا الى طنجة حتى اصبح الوطن العربى اليوم فى حاجة شديدة الى اعادة البناء والتلاحم والأتحاد بين دوله حيث أن هذا أصبح من المستحيل فى الزمن القريب ، فالمؤامرة عليه من الشمال الى الجنوب مؤامرة لا يراد له من ورائها الا التفكك والتبعثر والتقسيم والتجزأ ، عاملة بالمثل الشعبى القائل ( بيدى لابيد عمرو ) لقد آثرت واشنطن على نفسها وذلك بالحفاظ على جيوشها فحرمت عليه الحرب ، الا انها بأيدى العربان استطاعت أن تاتى بجيوش بديلة ممن يسموا أنفسهم بالمسلمين ليكونوا هم الجماعات البديلة لهدم بلاد الأسلام والتخلص من الحضارة الأسلامية .!

Dr_hamdy@hotmail.com

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق