في طريق كلمتي إلى القارئ،
نقاط تفتيش كثيرة وحواجز عديدة،
توقفها اشارات ضوئية حمراء لا حصر لها.
أُعتقلت حروفي من قبل اصنام كثيرة،
أجل اصنام بشعة من الحاسدين والمنافسين،
اقاموا لكلمتي محاكم تفتيش،
جلدوا حروفي.
سقاني الغدر من كأسه،
بسهام الحسد رماني الصديق قبل العدو
نعق الغراب فوق رأسي دون طيران.
كلب الوفاء عضّني مُبكّرا،
عواء الذئاب يلاحقني،
الكلب المسعور ينبح بوجهي
ينبح صباحًا ومساءً دون هوادة.
وضعوا السكين على عنق قلمي،
بكى القلم، فزأرت الكلمات، وصمتت الضباع.
أنا كرجل المطافئ،
اخمدُ نيران الغيرة بمياه الكلمة،
لا املك سلاحًا، سلاحي قلمي،
وقلمي فلاح دؤوب،
يغرس الورد الجوري،
وغصن الزيتون،
في بستان المحبة،
ليقتلع شوكة الضغينة
من حقل الحقد والثرثرة.
صوت مُدوٍّ يجلجل في اعماقي،
قررتُ الذهاب الى البحر،
حيث راحتي العفوية،
وسعادتي الحقيقية.
كان للبحر حديث آخر،
حديث هائج، لا يبعث البهائج،
لم يعزف البحر موسيقى الاسترخاء،
امواجه تتلاطم دون أن تتراقص،
وكأنها امواج النسيان أو الوداع!
في تلك الليلة السوداء،
لم يكفّ البحر عن الهيجان والهذيان،
متناسيًا الإصغاء وعزف أجمل الالحان.
لماذا توقف البحر عن الإصغاء؟
لقد كان أوفى الافياء،
واصدق الأصدقاء،
لماذا لم يعد وفيًا كما كان؟
لعلّه لا يود الحديث مع الغرباء،
أم أنه فطن أخيرًا
إنني استذكر فيه
عبق دجلة
ونسيم الفرات!.
قفلتُ راجعًا لاعود ادراجي،
وناقوس الصمت يقرع في فكري،
وطلاسم الحيرة تفتك باعماقي!
في قلبي جمر وحجر،
وفي مقلتي دموع متحجرة، صامتة كالليل،
تارة اغالبها، وتارة أخرى تغالبني،
كمم الوجع فمي،
والحزن كبلّ صوتي،
فجأة سكن البحر،
ومن دون سابق انذار،
تكحلت السماء بالبدر،
جلستُ وحيدًا عند الساحل،
الرمال الندية تلامسني،
ولحن الامواح يطربني،
وغزل البحر يداعبني،
تساءلت في سرّي:
يا ترى علامَ موسيقى البحر احاطت بي مجددًا،
ألأفلت من اناملي حروف التأمّل لقرّائي،
أم أنّ البحرَ يأبى أن يكون،
إلّا علامة مسجلة في كتاباتي؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق