السبت، 4 يونيو 2016

صور الأب يوسف جزراوي القلمية/ سلام دواي


ليس يسيرا ان اتحدث عن كتابات الأب يوسف جزراوي بهذه العجالة التي تفرضها ظروف الاحتفالات ، ولكن ليس من العسير تلمس موجزات يمكنها الإشارة الى بعض الجوانب التي من شأنها إسقاط الضوء على هذه التجربة التي بدت لي حقيقية بصدقها وأصالتها وسعيها بوعي شديد على اثارة كوامن الحب والحنين الإنساني والحس الوطني لأوطان غادرتنا او غادرناها مرغمين وطائعين، وعلى البحث في الغربة، والغربة في كتابات الأب يوسف جزراوي، غربة على عدة مستويات ،غربة الجسد،وغربة الروح ،وغربة الفكر، وغربة الكلمة، فالأب يوسف يستطيع ان يفجر فيك كل ما أخفيته عميقا في نفسك من أحاسيس الاغتراب المرة والقاسية، دفعة واحدة ويجعلك تفكر بطريقة اخرى ، طريقة تنسجم فيها مع نفسك كأنسان .
على مستوى اللغة والاسلوب، يسعى الأب يوسف في مجمل صوره القلمية لإنشاء سطوح لغوية فخمة تحيلنا الى فنون كتابية رائعة كانت رائجة الى سبعينيات القرن المنصرم،لكنها توقفت أو انسحبت تحت تأثيرات تيارات الحداثة وحركة الترجمة التي لاتخفى تأثيراتها على مجمل حركة الأدب العربي.
من هنا يمكنني القول ان حداثة ما يحاول ان يفجرها الأب يوسف، حداثة موازية للحداثة ، او هي تحديث لحداثة توقفت، فهو يبدأ من حيث توقف ادباء المهجر الأوائل ، الى تلك الأرومة الطيبة والعظيمة ينتمىي الأب يوسف، هذا مالمسته من خلال لغته وتهجداته وتداعياته التي لايمكنني عدم رؤية ارتباطها لغويا واسلوبيا وفكريا بتلك الحقبة التي احدثت تغييرا كبيرا في الأدب العربي ظلت مؤثراته مستمرة الى الان.
ربما يكون الأب يوسف بما يخطه يراعه من أدب هو الحلقة المفقودة بيننا وبين ادباء المهجر الأوائل ،على ان هذا الزعم يبدو ضعيفا الان ،وتقع عليه اقصد الأب يوسف مسؤلية تمتينه وتقويته في ضوء مأسوف ينتج في المستقبل من كتابة.والى ان يحين ذلك التاريخ أميل الى ان أضع مايكتبه في باب (الصور القلمية) وهو فن كتابي معتبر ومرموق يجتهد في مزج الأدبي بالصحافي وصهره في بوتقة خاصة به تجعله بسيطا عميقا،حكيما وسلسا ،قديما وحديثا، فخما ومستساغة يشبه الى حد بعيد ال (كلاسك مودرن) وهو انسجام صعب وخلطة بارعة لايجيدها غير الراسخين في الصبر والعناد.
وخلاصة القول ان الأب يوسف يحسّن بناء العلاقات العاطفية في نصوصه واقصد هنا العاطفة الجمالية التي تتطلب ادارتها داخل النص الى خبرة غير عادية،مرتبطة بقدرات في الكتابة وتجارب في الانسانية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق