حفلت أجواء شهر حزيران الساخنة بحدثين أشغلا بال بعض المثقفين اليسارين ومن يتماحكون على أطراف مواقفهم من يمنة ويسرة، وشكّّلا، لزمن أقصر من نزوة، حطبًا لنار الحروب التي تشتعل من على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي وتستعر في سرعة " اللايك"، وتسكن مباشرة عند سكون كافها.
فبعض كتاب الأعمدة، في عدد قليل من الصحافة العربية العالمية، تطرقوا إلى مقابلة إشكالية أجراها الروائي العالمي اللبناني الأصل أمين معلوف مع فضائية i24 وهي منصة إعلامية متهمة بأنها أسسِت لتخدم إسرائيل وتدافع عن سياساتها واعتداءاتها، ولتجمّل وجهها أمام العالم، فهؤلاء الكتاب خطّأوا المعلوف على موافقته الظهور في تلك المقابلة، واعتبروا موقفه طعنة نجلاء في خاصرة سياسة مقاطعة إسرائيل الثقافية والإعلامية، لا سيما في هذه الأوقات ألتي خبَت فيها نيران المقاومات الميدانية الموجَّهة إلى صدر إسرائيل ولم يبق لمن حلموا، ذات مساء أغبر، بمناجيق الأمة العربية الكبرى تدك بضربة قاضية أواصر الكيان الصهيوني القزم، إلا أن يعوّلوا على المقاطعة كوسيلة لخنق ذلك الكيان في مواجهة ستحسم، كما يبدو، في النقاط عند أزوف الساعة.
في تزامن مع تداعيات مقابلة المعلوف تناثرت بيننا شظايا معيرِكة أشعلت أوارَها مشاركة رئيس القائمة المشتركة في الكنيست الإسرائيلية النائب أيمن عودة في "مؤتمر هرتسليا" وإلقاؤه كلمة في الجلسة الافتتاحية منه.
سهّل هذا التزامن على بعض المزايدين والمغرضين ومكّنهم من إقحام موضوع مقاطعة إسرائيل المنادى به في أوساط عالمية، وربط ذلك بخطوة النائب عودة، وبمشاركة وزير فلسطيني، عضو في م.ت.ف، في نفس المؤتمر، وكأننا نواجه ثلاث حالات متشابهة ومصيرها يجب أن يكون واحدًا كالحطب في أتون المعارضين المنتقدين: فمقابلة المعلوف حطب، ومشاركة وزير فلسطيني في مؤتمر هرتسليا حطب، وحطب- كذلك - مشاركة النائب عودة.
لن تشغلني، في هذا المقال، مقابلة الروائي معلوف مع تلك المحطة وما قيل فيها، تقريظًا أو منافحةً، ولن أعالج هنا خيار الوزير الفلسطيني بالمشاركة في مؤتمر هرتسيليا، فالمسألتان جديرتان بالنقاش والتحليل والتقييم، لكنهما قضيتان مختلفتان بشكل جوهري وأساسي عن قضية مشاركة نائب في الكنيست الإسرائيلية في مؤتمر أكاديمي بارز ويحظى باهتمام واسع خاص وعالمي مشهود .
كثيرون هاجموا النائب أيمن متذرعين في مشاركته في ذاك المؤتمر وبعضهم، ومن بينهم رفاق له في نفس الحزب والجبهة، كان سيفعل لو عرفوا مَن مِن فرق كرة القدم يشجع، أو من على أي مركب آخر، وآخرون أهالوا ما تيسر من صور الخيال والتضخيم فحوّلوا مؤتمر هرتسيليا إلى مفاعل ذري فيه تصاغ سياسات التفوق العسكري الإسرائيلي، ومن على منصاته تُبتكر الوسائل، وتُخط البرامج، وتوضع الخطط لدك حصون العرب وقلاعهم، ومعظم هؤلاء الشطّاح والشطار فعلوا ذلك لأنهم يعرفون أن قلة من العرب ستقتفي أثر الحقائق، وأقل منهم سيدركون أن ما قيل ويقال من على منصات هذا المؤتمر يسجل، دون زيادة أو نقصان، ويبث حيًا في أشاريط تملأ قناة خاصة بهذه الفعالية ومخزنة على موجة "اليوتيوب"، وكل من يجيد في هذا العالم "فك الحرف" ويفهم ما يسمع، يستطيع، الآن الآن وليس غدًا،أن يشاهد ويسمع ويمحّص ويحلّل ويقيّم ويستنتج عن أي خطط عسكرية خطيرة تحدثوا هناك وما كان دور أيمن، مثلًا، أو من سبقوه على تلك المنصات من قادة عرب هذه الأقلية، في صناعة تلك الإستراتيجيات الخطيرة.
المشكلة ليست عند أيمن ولن تتوقف على عتبات مؤتمر هرتسيليا ومنصاته، المشكلة ستبقى في صناعة الكذب ومصنّعيه بيننا وفي استخفافهم بعقلية البشر والتلاعب الديماغوغي في عواطف أمة مصابة بعجز مزمن وتستسهل أن تنام مهيضة ومجرّعة بإبر المورفين المحلَّى بالعسل الأسود، والمصيبة ستتفاقم في ظل غياب قيادة حقيقية واضحة واقفة كسيف من شمس، وفي ظل تلك المناخات التي تشكلت بين الجماهير العربية في إسرائيل، والتي أجازت لبعض الفئات والأفراد والمجموعات أن يخرجوا علينا لينصّبوا فلانًا شيخًا للوطنية وقائدًا مرجعيًا، وليصِموا علانًا بالعمالة والكفر. إنهم يفعلون ذلك لأنهم يدركون أن عِقدنا فارط وحجابنا الحاجز مفتوق وخيمة الجماهير ورقية مثقوبة والقطيع قد تفرق والفضاء عار، فلن يصدَّهم راعٍ ولن يتحقق أحد إذا كانت أصواتهم أصيلة أو دخيلة، سليمة أم مريضة، وطنية أو وطنجية ، هادفة أو مستهدِفة ، دافعة أو مدفوعة، منّا أم علينا؛ فلقد ضاعت طاسة البلد!
لقد انعقد مؤتمر هرتسليا الأول عام ٢٠٠٠ وبادرت إليه "الكلية المتعددة المجالات في هرتسليا" والتي يرأسها أستاذ القانون أوريئيل رايخمان وبمشاركة " مدرسة لاودر للحكم والديبلوماسية والإستراتيجية" و"معهد السياسات والإستراتيجية"، ، ومنذ إطلاقه دُعي " بمؤتمر هرتسليا : ميزان المناعة والأمن القومي" وبدأت منصاته تستقطب أهم الشخصيات القيادية الأمنية والسياسية في إسرائيل إلى جانب أكاديميين باحثين في السياسة والمجتمع والعلاقات الدولية، محليين ومن جميع انحاء العالم . وبعد أن اقتنع منظموه أن من حق ممثلي الأقلية العربية ونخبها المشاركة وإسماع مواقفهم دون قيد أو شرط بدأ المنظمون يدعون قياديين عرب كان أيمن عوده آخرهم وقد سبقه أخرون، كما يظهر من السجلات المنشورة على الملأ .
مشاركة سياسين وأكاديميين ومتخصصين عرب في مثل هذه الفعاليات هي شأن طبيعي وهام ومبارك، خاصة اذا كان المتحدثون أصحاب موقف وطني سليم وواضح ورؤى تمثل وتعكس مطالب أكثرية المواطنين العرب وتدافع عن حقوقهم ألوطنية والمدنية، كما فعل في هذه الدورة أيمن عودة حين نقل رؤاه بلسان ذرب واضح أمين وعلى مسامع صناع القرار في اسرائيل وممثلي النخب الذين يؤثرون على تلك السياسات بشكل مباشر وغير مباشر.
من باب النزاهة الموضوعية عليّ أن أوكد أن الأصوات ألتي انتقدت خطوة رئيس القائمة واشتراكه في مؤتمر هرتسليا لم تأت من مؤسسات القائمة المشتركة ولا من أعضائها، ولا حتى من لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، أو من اللجنة القطرية للرؤساء، لا بل قرأنا دعم أمين عام الحزب الشيوعي الإسرائيلي السيد عادل عامر، وسكرتير الجبهة الديمقراطية السيد منصور دهامشة لخطوة رفيقهم أيمن عودة ودفاعهم عنها وتبريرها بشكل مبدئي؛ ومع أنني أقر بحق الجميع بمناقشة المشاركين في هذه الفعاليات وغيرها- على أن يمارسوا حقهم وفق شروط النقاش الآمن والمعتمد على تفنيد الحجة والرأي وعلى احترام من يختلف معهم في الموقف والنتيجة- إلا أنني لا أفهم مزايدة بعض رفاق أيمن في الحزب الشيوعي الإسرائيلي والجبهة الديمقراطية واعتراضهم على مشاركته، كما ولا أستوعب مزايدة بعض القومجيين عليه، خاصة من شارك منهم في انتخابات الكنسيت الإسرائيلي، وهي المؤسسة التي بين جدرانها تنصهر خلاصات هذا الكيان: السياسية والقومية والرمزية، وكذلك لن أفهم كيف لمن يشارك في مؤتمرات عالمية في جامعات الغرب والشرق وتلك التي تقيمها جهات ومنظمات تابعة لأنظمة مستبدة أو مغرقة في عدائها للشعوب العربية ومصالح هذه الشعوب، أن يعيّروا من يشارك في مؤتمر هرتسيليا وأمثاله عندنا، وكيف لمن يعمل مدفوع الأجر في إدارات جمعيات ومجالس إدارة "موسسات أكاديمية" و"معاهد أبحاث استراتيجية" و"مراكز دراسات وتخطيطات منهجية" ومعظمها مرتبطة من خواصرها بأموال حكومية أو شبه حكومية في دول غير معروفة بحبها لفلسطين وشعب فلسطين، أن يزايد على نخبنا الوطنية وهم يحاولون أن يثبّتوا أواصر بقاءنا على هذه الأرض ومن على كل منصة تتاح ينقلون الوجع الفلسطيني بأمانة والحلم بإصرار والوعد بحزم وبدون تأتأة ومواربة.
قرأنا ما كُتب في أمين معلوف وعنه، وقد يصير حطبًا، وقرأنا ما قيل في مشاركة وزير فلسطيني،بما عليها وما لها، لكنهما قضيتان لا شأن لهما ولا علاقة في مشاركة النائب أيمن عودة في مؤتمر هرتسليا، فنحن في المثلث والنقب والجليل والمدن المختلطة، نعرف ما لا يعرفه من يسكن في برجه المصفّح العاجي أو في دولة فاشلة أو قاصرة أو من يكتب من حضن ناشر مستبد، أو من يحبون فلسطين التي ما زالت عندهم كأجمل خاطرة . لجميعهم نقول:
نحن هنا يا عرب سنبقى النار، ولسنا الحطب.
فبعض كتاب الأعمدة، في عدد قليل من الصحافة العربية العالمية، تطرقوا إلى مقابلة إشكالية أجراها الروائي العالمي اللبناني الأصل أمين معلوف مع فضائية i24 وهي منصة إعلامية متهمة بأنها أسسِت لتخدم إسرائيل وتدافع عن سياساتها واعتداءاتها، ولتجمّل وجهها أمام العالم، فهؤلاء الكتاب خطّأوا المعلوف على موافقته الظهور في تلك المقابلة، واعتبروا موقفه طعنة نجلاء في خاصرة سياسة مقاطعة إسرائيل الثقافية والإعلامية، لا سيما في هذه الأوقات ألتي خبَت فيها نيران المقاومات الميدانية الموجَّهة إلى صدر إسرائيل ولم يبق لمن حلموا، ذات مساء أغبر، بمناجيق الأمة العربية الكبرى تدك بضربة قاضية أواصر الكيان الصهيوني القزم، إلا أن يعوّلوا على المقاطعة كوسيلة لخنق ذلك الكيان في مواجهة ستحسم، كما يبدو، في النقاط عند أزوف الساعة.
في تزامن مع تداعيات مقابلة المعلوف تناثرت بيننا شظايا معيرِكة أشعلت أوارَها مشاركة رئيس القائمة المشتركة في الكنيست الإسرائيلية النائب أيمن عودة في "مؤتمر هرتسليا" وإلقاؤه كلمة في الجلسة الافتتاحية منه.
سهّل هذا التزامن على بعض المزايدين والمغرضين ومكّنهم من إقحام موضوع مقاطعة إسرائيل المنادى به في أوساط عالمية، وربط ذلك بخطوة النائب عودة، وبمشاركة وزير فلسطيني، عضو في م.ت.ف، في نفس المؤتمر، وكأننا نواجه ثلاث حالات متشابهة ومصيرها يجب أن يكون واحدًا كالحطب في أتون المعارضين المنتقدين: فمقابلة المعلوف حطب، ومشاركة وزير فلسطيني في مؤتمر هرتسليا حطب، وحطب- كذلك - مشاركة النائب عودة.
لن تشغلني، في هذا المقال، مقابلة الروائي معلوف مع تلك المحطة وما قيل فيها، تقريظًا أو منافحةً، ولن أعالج هنا خيار الوزير الفلسطيني بالمشاركة في مؤتمر هرتسيليا، فالمسألتان جديرتان بالنقاش والتحليل والتقييم، لكنهما قضيتان مختلفتان بشكل جوهري وأساسي عن قضية مشاركة نائب في الكنيست الإسرائيلية في مؤتمر أكاديمي بارز ويحظى باهتمام واسع خاص وعالمي مشهود .
كثيرون هاجموا النائب أيمن متذرعين في مشاركته في ذاك المؤتمر وبعضهم، ومن بينهم رفاق له في نفس الحزب والجبهة، كان سيفعل لو عرفوا مَن مِن فرق كرة القدم يشجع، أو من على أي مركب آخر، وآخرون أهالوا ما تيسر من صور الخيال والتضخيم فحوّلوا مؤتمر هرتسيليا إلى مفاعل ذري فيه تصاغ سياسات التفوق العسكري الإسرائيلي، ومن على منصاته تُبتكر الوسائل، وتُخط البرامج، وتوضع الخطط لدك حصون العرب وقلاعهم، ومعظم هؤلاء الشطّاح والشطار فعلوا ذلك لأنهم يعرفون أن قلة من العرب ستقتفي أثر الحقائق، وأقل منهم سيدركون أن ما قيل ويقال من على منصات هذا المؤتمر يسجل، دون زيادة أو نقصان، ويبث حيًا في أشاريط تملأ قناة خاصة بهذه الفعالية ومخزنة على موجة "اليوتيوب"، وكل من يجيد في هذا العالم "فك الحرف" ويفهم ما يسمع، يستطيع، الآن الآن وليس غدًا،أن يشاهد ويسمع ويمحّص ويحلّل ويقيّم ويستنتج عن أي خطط عسكرية خطيرة تحدثوا هناك وما كان دور أيمن، مثلًا، أو من سبقوه على تلك المنصات من قادة عرب هذه الأقلية، في صناعة تلك الإستراتيجيات الخطيرة.
المشكلة ليست عند أيمن ولن تتوقف على عتبات مؤتمر هرتسيليا ومنصاته، المشكلة ستبقى في صناعة الكذب ومصنّعيه بيننا وفي استخفافهم بعقلية البشر والتلاعب الديماغوغي في عواطف أمة مصابة بعجز مزمن وتستسهل أن تنام مهيضة ومجرّعة بإبر المورفين المحلَّى بالعسل الأسود، والمصيبة ستتفاقم في ظل غياب قيادة حقيقية واضحة واقفة كسيف من شمس، وفي ظل تلك المناخات التي تشكلت بين الجماهير العربية في إسرائيل، والتي أجازت لبعض الفئات والأفراد والمجموعات أن يخرجوا علينا لينصّبوا فلانًا شيخًا للوطنية وقائدًا مرجعيًا، وليصِموا علانًا بالعمالة والكفر. إنهم يفعلون ذلك لأنهم يدركون أن عِقدنا فارط وحجابنا الحاجز مفتوق وخيمة الجماهير ورقية مثقوبة والقطيع قد تفرق والفضاء عار، فلن يصدَّهم راعٍ ولن يتحقق أحد إذا كانت أصواتهم أصيلة أو دخيلة، سليمة أم مريضة، وطنية أو وطنجية ، هادفة أو مستهدِفة ، دافعة أو مدفوعة، منّا أم علينا؛ فلقد ضاعت طاسة البلد!
لقد انعقد مؤتمر هرتسليا الأول عام ٢٠٠٠ وبادرت إليه "الكلية المتعددة المجالات في هرتسليا" والتي يرأسها أستاذ القانون أوريئيل رايخمان وبمشاركة " مدرسة لاودر للحكم والديبلوماسية والإستراتيجية" و"معهد السياسات والإستراتيجية"، ، ومنذ إطلاقه دُعي " بمؤتمر هرتسليا : ميزان المناعة والأمن القومي" وبدأت منصاته تستقطب أهم الشخصيات القيادية الأمنية والسياسية في إسرائيل إلى جانب أكاديميين باحثين في السياسة والمجتمع والعلاقات الدولية، محليين ومن جميع انحاء العالم . وبعد أن اقتنع منظموه أن من حق ممثلي الأقلية العربية ونخبها المشاركة وإسماع مواقفهم دون قيد أو شرط بدأ المنظمون يدعون قياديين عرب كان أيمن عوده آخرهم وقد سبقه أخرون، كما يظهر من السجلات المنشورة على الملأ .
مشاركة سياسين وأكاديميين ومتخصصين عرب في مثل هذه الفعاليات هي شأن طبيعي وهام ومبارك، خاصة اذا كان المتحدثون أصحاب موقف وطني سليم وواضح ورؤى تمثل وتعكس مطالب أكثرية المواطنين العرب وتدافع عن حقوقهم ألوطنية والمدنية، كما فعل في هذه الدورة أيمن عودة حين نقل رؤاه بلسان ذرب واضح أمين وعلى مسامع صناع القرار في اسرائيل وممثلي النخب الذين يؤثرون على تلك السياسات بشكل مباشر وغير مباشر.
من باب النزاهة الموضوعية عليّ أن أوكد أن الأصوات ألتي انتقدت خطوة رئيس القائمة واشتراكه في مؤتمر هرتسليا لم تأت من مؤسسات القائمة المشتركة ولا من أعضائها، ولا حتى من لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، أو من اللجنة القطرية للرؤساء، لا بل قرأنا دعم أمين عام الحزب الشيوعي الإسرائيلي السيد عادل عامر، وسكرتير الجبهة الديمقراطية السيد منصور دهامشة لخطوة رفيقهم أيمن عودة ودفاعهم عنها وتبريرها بشكل مبدئي؛ ومع أنني أقر بحق الجميع بمناقشة المشاركين في هذه الفعاليات وغيرها- على أن يمارسوا حقهم وفق شروط النقاش الآمن والمعتمد على تفنيد الحجة والرأي وعلى احترام من يختلف معهم في الموقف والنتيجة- إلا أنني لا أفهم مزايدة بعض رفاق أيمن في الحزب الشيوعي الإسرائيلي والجبهة الديمقراطية واعتراضهم على مشاركته، كما ولا أستوعب مزايدة بعض القومجيين عليه، خاصة من شارك منهم في انتخابات الكنسيت الإسرائيلي، وهي المؤسسة التي بين جدرانها تنصهر خلاصات هذا الكيان: السياسية والقومية والرمزية، وكذلك لن أفهم كيف لمن يشارك في مؤتمرات عالمية في جامعات الغرب والشرق وتلك التي تقيمها جهات ومنظمات تابعة لأنظمة مستبدة أو مغرقة في عدائها للشعوب العربية ومصالح هذه الشعوب، أن يعيّروا من يشارك في مؤتمر هرتسيليا وأمثاله عندنا، وكيف لمن يعمل مدفوع الأجر في إدارات جمعيات ومجالس إدارة "موسسات أكاديمية" و"معاهد أبحاث استراتيجية" و"مراكز دراسات وتخطيطات منهجية" ومعظمها مرتبطة من خواصرها بأموال حكومية أو شبه حكومية في دول غير معروفة بحبها لفلسطين وشعب فلسطين، أن يزايد على نخبنا الوطنية وهم يحاولون أن يثبّتوا أواصر بقاءنا على هذه الأرض ومن على كل منصة تتاح ينقلون الوجع الفلسطيني بأمانة والحلم بإصرار والوعد بحزم وبدون تأتأة ومواربة.
قرأنا ما كُتب في أمين معلوف وعنه، وقد يصير حطبًا، وقرأنا ما قيل في مشاركة وزير فلسطيني،بما عليها وما لها، لكنهما قضيتان لا شأن لهما ولا علاقة في مشاركة النائب أيمن عودة في مؤتمر هرتسليا، فنحن في المثلث والنقب والجليل والمدن المختلطة، نعرف ما لا يعرفه من يسكن في برجه المصفّح العاجي أو في دولة فاشلة أو قاصرة أو من يكتب من حضن ناشر مستبد، أو من يحبون فلسطين التي ما زالت عندهم كأجمل خاطرة . لجميعهم نقول:
نحن هنا يا عرب سنبقى النار، ولسنا الحطب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق