حلقات من مذكراتي (٣٥و٣٦)/ رفيق البعيني

             
المراقبون (Observateurs)

ج- استلام المركز وفصل القوات:
وفور وصولي الى عاليه وبعد ان عقدت اجتماعا مع وكيل داخلية الحزب الاشتراكي السيد هشام ناصرالدين والمسؤول العسكري  السيد عصام الصايغ رافقني هذا الاخير الى التلة لاجراء عملية الفصل واستلام المركز.

تلة ال ٨٨٨ في رأس الجبل في عاليه،
موضوع التمركز، تعلو عن سطح البحر ٨٨٨م ولهذا سميت بهذا الاسم . هي موقع استراتيجي هام تشرف على مدينتين متقاتلتين : عاليه العائده للاشتراكيين وسوق الغرب العائدة للجيش . ويتواجه الفريقان المتخاصمان في أعلى بقعة من هذه التلة كل منهما يتمركز وراء مربضه (دشمته) بحيث لا تبعد الواحدة عن الأخرى أكثر من ١٥ متراً.  ولو تمّ لأحد الفريقين احتلال هذه المسافة لتمكن من الاشراف والسيطرة الكاملة على مدينة خصمه . ولهذا كانت تدور عليها معارك طاحنة .
 اجتزت دشمة الحزب الاشتراكي متنقلا على الصخور باتجاه دشمة الجيش لأن الطرق الترابية كانت ملغّمة، وفوجئت بعدم ملاقاتي على التلة من قبل مراقب الجيش النقيب نجار حيث تمركز في تلة البرنس في الخطوط الخلفية . وبدلاً منه بدأت بمحادثة الضابط المسؤول عن الحاجز ( نقيب ارمني) بالصوت بدلاً من اللاسلكي نظراً لاقترابي من الحاجز المذكور. وبعد مفاوضات واجراءات معقدة وبمساعدة مسؤولي الفريقين ضابط الجيش وعصام الصايغ المسؤول الاشتراكي  تمكنت من سحب عناصر الفريقين الى خطوطهما الخلفية واخلاء الحاجزين إلا من عناصر قليلة للحراسة . وفي وسط البقعة بين الحاجزين أقمنا خيمة المراقبين لتكون مقرا لعناصرنا بحيث اضحينا تحت رحمة الله والمتقاتلين

د- الحي الغربي وكاليري خيرالله: ولما كان بعهدتي مركزان آخران للمراقبة هما الحي الغربي في عاليه يقابله عين الرمانة القريبة من سوق الغرب في الجبهة المقابلة. وكاليري خير الله التي تقابل مدينة عاليه. انتقلت اليهما وأتممت عملية الفصل التي كانت سهلة نوعاً ما نظرالابتعاد جبهتي القتال بعضهما عن البعض الآخر.
ه- المراقبون المساعدون : عين لمساعدتي في مهمتي ضابط وبعض الرتباء  ( الملازم اول يحيى والمعاونان اديب ربح  ونبيه كرامي والرقيب نبيه الفطايري وغيرهم . وزعت المراقبين المذكورين على المراكز الثلاثة المشار اليها وعدت للاجتماع بالقادة الحزبيين الذين خصصوا لي غرفة مستقلة في البناية التي يتمركزون فيها .
و- العلاقة بيني وبين الاشتراكيين والجيش والعلاقة بين المتخاصمين:
تجدر الاشارة الى ان المسؤولين  الاشتراكيين هشام ناصر الدين وعصام الصايغ والشيخ( غسان ابو حمزه) وغيرهم من قادة الجبهات كانوا في بالغ تعاونهم معي لتسهيل مهمتي بحيث أوعزوا لمقاتليهم بالانصياع لتعليماتي واعتبار ما يصدر عني وكأنهم هم يصدرونها شخصيا وهذا مرده لسابق معرفتي بهم ولعلمهم بطيب علاقتي برئيسهم الاستاذ وليد جنبلاط . وذلك ساعدني في ضبط الوضع في أكثر مراحل التوترات الامنية حراجة ومنع اي انفجار أو اشتباكات قد يحدث. وكوني ضابط سابق ورفيق سلاح سابق لبعض الضباط والعسكريين في الجبهة المقابلة  سهل هذا الأمر التجاوب معي والوثوق بي، فأقدمت على جمع الطرفين المتخاصمين في خيمة المراقبة وتمكنت من نسج علاقات الود والتفاهم بينهم.
وبعد ان كانت فسحة ال ١٥ مترا المزروعة بالألغام والمشتعلة بالنيران والحاصدة لعشرات القتلى والجرحى، أضحت الآن ساحة سلام ومقراً يجتمع فيه أعداء الأمس أصدقاء اليوم  يتسامرون ويتبادلون الحديث والنكات وكثيرا ما كانوا يتناولون الطعام معاً.

هناك تعليق واحد: