فضفضة/ إيمان حجازى

الفضفضة عامل مهم جدا فى إستمرار الحياة ِ لو كل واحد فينا لقى له صديق حميم يفضفض معاه ِ بدون الخوف من إفشاء السر أو التجريس  ِ لأغلقت عيادات الدكاترة النفسيين بصفة خاصة والدكاترة كلهم بصفة عامة .
يجب علينا أن نجد لأنفسنا هذا الصديق الذى يفتح قلبه وعقله وصدره لإحتوائنا وقت اللزوم ِ حتى نلقى على أعتابه بهمومنا فيغسلنا لنعود الى حياتنا كيوم ولدتنا أمهاتنا ....

*#وعن الفضفضة للمجهول
أو ذلك الشخص الذى تقابله مرة واحدة فيلقى عليك أحلامه وآلامه ويحكى لك أفراحه وأتراحه ِ فيستريح جدا ِ تحضرنى هذه القصة ِ سوف أرويها لكم ِ لنعى معا قيمة الفضفضة
أثناء عودتى فى إحدى المرات من الأسكندرية ِ حيث كان لدى عمل فى شركة هناك ِ شغلت المقعد الذى بجوارى سيدة مهندمة جدا ِ حتى أن رائحة البيرفيون خاصتها أعجبتنى جدا
هذه السيدة إنتبهت الى أنى منشغلة جدا بالفيس بوك والتويتر والواتس آب ِ أتجول بينهم وفقا للإشعارات التى تأتينى ِ لفت نظرى تركيزها على ما أفعل فلم أهتم ولم أستغرب ِ فقد بدى هذا طبيعي جدا ِ لأنه سبق وحدث ويحدث من سيدات المترو اللواتى لم يعدن يعتقدن فى شئ إسمه الخصوصية .
وفاجأتنى سيدة القطار بسؤال ِ هل كل من تشاتين معه أو تتعاملين معه على هذه المواقع تعرفينه !؟ .. فأجبت البعض أعرفه والبعض الآخر لا
فقالت هل لى أن أطلب منك طلب !؟
قلت تفضلى حضرتك
قالت .. هل ممكن أن تستبدلينى بمواقعك !؟
قلت ... ماذا !؟
قالت .. لدى رغبة فى التحدث ِ فهل تسمعيننى !؟
وقلت ... طبعا يا أفندم
( موافقتى السريعة لم تكن مفاجأة لى ِ فهو دور كتب على ِ وأنا أقوم به عن طيب خاطر حتى بدون تساؤل أو إعتراض مع الجميع ِ فلما لا )
ولكنها قالت ِ إذا كنا سنفعل فليكن بشروط ...
أولا ... أن تعتبريننى حد تعرفينه ِ أمك ِ خالتك ِ جارتك ِ وعليه مافيش داعى للرسميات
ثانيا ... بعد وصولنا محطة رمسيس تنسينى تماما ِ تقومين وترحلى حتى بدون السلام ولا تطلبى رقم التليفون ِ وإذا حدث وتقابلنا ِ فى أى مكان ِ إدعى عدم تذكرك إياى
( هى لم تكن تعرف أن الأشخاص يرتبطون فى ذاكرتى بالمكان الذى أراهم فيه ِ وإذا حدث وتقابلت بأحدهم فى غير المكان لا أتذكره إطلاقا ِ ولذلك كثيرين ممن هم طبيعيون يتذكروننى أما أنا فلا ِ فيشاع أنى مغرورة وفى الواقع أنا بلهاء تنسي الناس الذين يربطهم عقلها بالأمكنة والأشياء )
طبعا وافقت على طلبها ....
وبدأت تحكى
وكانت كلما تذكرت ألما تبدو كأرض قاحلة عطشى مشققة مملوءة بالأخاديد كأنها أرض محمد أبو سويلم ..
ولكما ذكرت أقصوصة فرحانة تهلل وجهها وإنشرح ولمعت عيناها وبدت كأنها شروق الشمس أو نوار البرسيم أو زهرة القطن المنتشية بالماء والهواء الناصعة البياض ..
وكانت كلما بكت كأنها سماء تأخذ على عاتقها غسل الدنيا وتنقية الهواء ِ وكان يبدو وجهها بعد البكاء كصحبة ورد حمراء تماما ِ فكل ما فى وجهها كان يحمر ِ عينان حمراوان وخدان ِ حتى أنفها وجبهتها وذقنها ِ فكانت فعلا زهرة جورى حلوة ِ برغم أنها ذابلة ِ لكن لم تغب عنها الرائحة ..
لن أصف لكم الفارق الشاسع جدا فى تعابير وجهها ِ بين بداية الكلام ونهايته ِ حيث بدت كأنها خلعت للتو حمل كان يرزخ على كاهلها ِ ألقت به ومضت مستعدة للحياة ِ تبحث عن حمل آخر ولكن بحالة نفسية جديدة ومقبلة على الدنيا أيما إقبال .

تذكرت هذه السيدة وأتذكرها دائما كلما أردت أن ألقى برأسى على صدرك. أنت أيها المجهول المعلوم أو المعلوم المجهول فى عمرى ِ أن تحيطنى ذراعاك ِ أن تربت على ظهرى وتلمس شعرى برفق ِ بحنان ِ كلما أردت أن أسمعك تقول أنى مصدر للسعادة فى حياتك ِ كلما شجعتنى أن أقول ِ إذا كنت أنا مصدر لسعادة فى حياتك فأنت كل حياتى وأنت عمر لم أعشه ولن أحياه بدونك ِ وأن أتعجل لقاءنا حتى يكون لى حظ من الفضفضة ِ وحتى أتعرف الى مكانك والى كونك حى ترزق أم أنك محض خيال ِ ليجاب على السؤال هل سيأتى يوم أكون أنا شهرزاد فأحكى وأبكى وأضحك ويكون لى سميع قريب حنون ِ هل سيكون لى يوما موضع من قلبك ِ من عقلك لنعبر معا الى الجنون ...أم سيظل الحال على ما هو عليه ِ أنت فى هذا اللا مكان ِ اللا معلوم وأنا هنا أذن تسمع للناس وقلب يحتوى مشاكلهم وعمر يمضى فى صمت ِ فى إنتظارك

هناك تعليق واحد:

  1. فعلا يا استاذة الفضفضة دى مهمة جدااااااااا بس الاهم نفضفض مع مين هي دى المشكلة ان لازم الطرف الاخر يكون محل ثقة او شخص متعرفهوش خالص زى حالتك الي سردتيها لنا

    ردحذف