هكذا أشعَلَني الدّربُ.. فكُنتُ/ صالح أحمد

كَم سألتُ الرّوحَ عن حُبٍّ سَما
لم تَقُلهُ الرّيحُ مَوّالاً لِطَيرٍ لم يُهاجِر؛
لغصونٍ لم يُجَرِّحها الشّرود.
***
عُمرُنا لفتَةُ حبٍ في عُيونٍ مِن فَضا.
والهَوى سُنبُلَةٌ عُمرُ سَناها عِشقُها حِضنَ التُّراب،
وطيورٌ تحضُنُ الأفقَ ربيعًا للوُعود.
***
نَغرِسُ الوَردَ بجُرحٍ يَستَقينا كَي نَصيرْ..
أغنِياتِ الحُبِّ في قَلبِ الدّهور
قَرِّبي يا مُزنُ كَفَّيكِ لصَدري، 
ينتشي بي دافِئُ الدّفقِ الوَدود .
***
ذاتَ إشراقٍ سيَرسو زورَقُ الماضينَ نحوَ الوَعدِ في مَرفا يَدي
تُنفَخُ الأرواحُ في رَحْمِ الفَيافي
ويُنادي الشَّجَرُ الحاني على نَحري: لنا نبضُ الوُجود!
***
كَم بنا صارَ الهَوى جوعًا وقَد تاهَ الطّريق
والصّدى بَردٌ، وخلفَ البَردِ نيسانٌ كّذوب
هل سَنَبقي نَمضَغُ الذّكرى، ونبكي كلَّ ما ليسَ يَعود؟
***
ما الذي صَيَّرَنا لُغزًا ليَشكونا الطّريق؟
مَن تُرى أورَثَنا ريشَ المَهاجِرِ، وارتِعاشاتِ السّراب؟
لم نَزَل منذُ اكتَسينا بَردنا صَمتَ العُهود.
***
قُم نَمُت شَوقًا لنَهرٍ سوفَ يَروي سِرَّ آثارِ الرّعاة
ونَهارٍ شَمسُهُ تَجري لمَهوانا، ومَغناةِ القُلوب
هكذا نَحيا صَديقي: ظِلُّنا الفَجرُ، ومَرعانا تباشيرُ الوُرود.
***
للعَصافيرِ وللقَمحِ على هامِ حزيرانٍ بَعيد
ينضُجُ الشّوقُ على قيثارَةِ اللّحنِ العتيق
هل لنا غيرُ الرّؤى تجتاحُنا...
كي تَلبِسَ الأشواقُ فينا ساطِعَ الحُلمِ الوَدود.
***
كُن سَريري أيُّها البَحرُ الذي اعتَنَقَ الغِياب
ضُمَّني! موجاتُكَ الهَوجاءُ ما لانَت... تَمَطَّت في دَمي
زَمجِري كَفّي، فلَيسَ المَرجُ إلا رَجعُ أعصابِ الرّعود.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق