[هل تحويل إيران أو غيرها في الجوار العربي المباشر إلى عدو تاريخي للأمة العربية بدل عدوها التاريخي في فلسطين المحتلة يخدم الأمن القومي العربي أو الأمن الإقليمي للعرب في وطنهم الأكبر ؟ الجواب قطعا بالنفي]
لكن من من العرب يدعو اليوم إلى التعامل مع إيران كعدو تاريخي يتنصلون من أية مسؤولية عن استفحال التدهور في العلاقات العربية الإيرانية ويحملون إيران كل المسؤولية عن ذلك.
صحيح أن شعار "تصدير الثورة" وإدعاء تمثيل إيران لكل "المستضعفين" ممن ينتمون إلى مذهبها الديني من العرب قد خلق ارتدادات طائفية مدمرة في المنطقة وبخاصة في الجار العراقي، وصحيح أن العرب لا يمكنهم أن ينسوا أن الغزو ثم الاحتلال الأميركي للعراق ما كان ليمر من دون تسهيلات إيرانية بلغت حد التنسيق المباشر العلني، وصحيح أن احترام إيران لسيادة العراق الوطنية ووحدة أراضيه الإقليمية وحرية شعبه في تقرير مصيره يظل هو الاختبار الأهم لصدقية أية نوايا إيرانية تعمل من أجل البناء على القواسم العربية – الإيرانية المشتركة تاريخيا لتأسيس منظومة أمن إقليمي تؤسس لشراكة مبنية على المصالح المشتركة وحسن الجوار والاحترام المتبادل، واما زالت هذه السياسة الأيرانية ذاتها تتكرر اليوم في أفغانستان.
لكن صحيح أيضا أن الموقف العدوائي من الثورة الإيرانية الذي اتخذته الدول العربية التي تدور في الفلك الأميركي والمستمر حتى الآن، ثم الحرب العراقية على إيران المدعومة ماليا وتسليحيا ولوجستيا من الولايات المتحدة عبر هذه الدول والتي استمرت ثماني سنوات قد ساهما بسرعة في حسم الصراع على قيادة الثورة على الشاه لصالح تعزيز سلطة رجال الدين الذين استنهضوا كل التراث الديني للدفاع عن إيران في حرب صوروها كحرب وطنية كبرى.
ومن الواضح أن إيران في سعيها لتغيير الأنظمة العربية التي ناصبتها العداء لا تقل تصميما عن سعي هذه الأنظمة العربية لتغيير نظام الحكم القائم في طهران. إنه الدوران في حلقة مفرغة تسنزف طاقات الجانبين إلى أجل غير منظور، والخاسر هو الأمن القومي للطرفين والأمن الإقليمي لكليهما.
وإنها لمفارقة تاريخية أن دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تبنت استراتيجية الاستقواء على محيطها العربي بالتحالف مع جواره غير العربي في تركيا وإيران واثيوبيا والكرد منذ زرعها خنجرا في القلب الفلسطيني للأمن القومي العربي أصبحت تستقوى الآن بمحيطها العربي لمواجهة "الخطر" الإيراني عليها والعداء التركي المتنامي لها.
وفي هذا السياق توجد مفارقتان: الأولى أن أول من استبدل أولوية "الخطر الأيراني" على الخطر الصهيوني في فلسطين كان الرئيس العراقي الراحل الشهيد صدام حسين عندما شن حرب الثماني سنوات بالضد من نصائح كل الحكماء من القوميين والديوموقاطيين واللتحريين العرب، وهو خطأ تاريخي ما زالت الوطن العربي يعاني منه حتى الآن وما زالت ايران تواصل حربها على العراق حتى الآن في سياق طائفي حيث لم تبرم أي اتفاقية سلاام بين البلدين المسامين الجارين واكتفي بوقف اطلاق النار بينهما.
والمفارقة التثانية هي أن الذريعة التي تحتج به المملكة العربية السعودية للاستمرار في حربها على سورية منذ ما يزيد على خمس سنوات، بالادعاء بان سورية بأن قد أصبحت تدور في الفلك الإيراني، هي ذريعة قد سقطت، فالإعلام السعودي الرسمي وغير الرسمي يصم الآذان الأن مدعيا أن سورية قد أصبحة "محمية روسية" اكثر منها أيرانية، مما ينفي عنها ما تتهمها به الرياض من تبعية طائفية وسياسية لطهران، ومما يقتضي مراجعة سعودية سريعة ومستحقة لسياستها السورية، وربما يكون لها في المؤشرات التي بدأت تصدر عن مصر في هذا الصدد قدوة تسترشد بها.
لقد كان "المحور" أو التفاهم السوري – المصري – السعودي في أواخر القرن العشرين الماضي عمادا صلبا للأمن القومي العربي قيل أن ينفرط عقده بالخروج السعودي الاستراتيسجي ضد الثورة الإيرانية ولتحريض والتمويل والتسليح السعودي للعراق لشن حري السنوات الثمانية ضد أيران قبل أن تفك دول الخليج العريىة "تحالفها" الانتازي مع العراق بعد وقف اطلاق النار مع أيران، لتمهد الطريق بذلك لحرب الكويت ثم بعد ذلك لغزو العراق والنكبات العربية التي تمخضت عن أحتلاله.
وما زالت المملكة مصممة على مطاردة ما ترى أن الثورة الإيرانية تمثله من "خطر ايراني" حتى النهاية، في سياق طائفي مقيت ليست ايران بريئة منه ايضا، ولا ثوجد أي مؤشرات إلى أن المملكة سوف تتراجع غن غيها في أي وقت قريب أو منظور، مما ينذر بالمزيد من الكوارث والنكبات للامن القومي العربي بزجه في صراع استراتيجي مع جواره الإسلامي وبخاصة في إيران، ودفع الصراع العربي مع دولة الكيان الصهوني إلى إلى أولوية مؤجلة حد التنسيق الإستراتجي معها ضد إيران في سياق الهيمنة الهيمنة الأميركية التي تقودهم جميعا "من الخلف" حسب أستراتيجية رئيسهم باراك أوباما التي أعلن عنها في مستهل ولايته ألأولى.
ولم يعد سرا أن دولة الكيان الصهيوني دأبت منذ زرعها بالقوة القاهرة في فلسطين العربية على استراتيجة زرع الفتن بين العرب وجيرانهم من المسلمن وبخاصة في إيران وتركيا ناهيك عن محاولاتها المتكررة للعبث بالأخوة العربية الكردية.
لقد حان الوقت كي تتدارك دول الخليج العربي وبخاصة المملكة السعودية أن محاولاتها طيلة ما يقارب الأربعين سنة الماضية لإجهاض الثورة الإيرانية قد فشلت، وانه قد حان الوقت كذلك للإعتراف بايران شريكا مؤسسا في الأمن الإقليمي، فلا يعقل أن تكون الولايات المتحدة شريكا في هذا الأمن طوال ما يزيد على قرن من الزمان من البوابة السعودية بينا تحرم دولة مثل ايران هي جزء الا يتجزاء من خريطة المنطقة من هذه الشراكة.
كما حان الوقت كذلك كي تدرك السعودية أن أمنها القومي والوطني يضمنه النسيق العربي مع سورية ومصر ولا تضمنه كل مليارات مشتريات الأسلحة الأميركية التي تستهلك في المغامرات العسكرية ضد الشعوب العربية في سورية واليمن وليبيا والعراق وغيرها المنكوبة باستراتيجة سعودية الم تكن نتائجها إلا عكسية حتى ألان.
فدمشق كانت وما زالت حجر الرحى الجيوسياسي للأمن القومي العربي إذا انهارت انهار وإذا صمدت حمت عروبة المنطقة، وقد أن للسعودية وغيرها من دول الخليج العربية أن تتعلم هذا الدرس التاريخي.
* كاتب عربي من فلسطين
* nassernicola@ymail.com
لكن من من العرب يدعو اليوم إلى التعامل مع إيران كعدو تاريخي يتنصلون من أية مسؤولية عن استفحال التدهور في العلاقات العربية الإيرانية ويحملون إيران كل المسؤولية عن ذلك.
صحيح أن شعار "تصدير الثورة" وإدعاء تمثيل إيران لكل "المستضعفين" ممن ينتمون إلى مذهبها الديني من العرب قد خلق ارتدادات طائفية مدمرة في المنطقة وبخاصة في الجار العراقي، وصحيح أن العرب لا يمكنهم أن ينسوا أن الغزو ثم الاحتلال الأميركي للعراق ما كان ليمر من دون تسهيلات إيرانية بلغت حد التنسيق المباشر العلني، وصحيح أن احترام إيران لسيادة العراق الوطنية ووحدة أراضيه الإقليمية وحرية شعبه في تقرير مصيره يظل هو الاختبار الأهم لصدقية أية نوايا إيرانية تعمل من أجل البناء على القواسم العربية – الإيرانية المشتركة تاريخيا لتأسيس منظومة أمن إقليمي تؤسس لشراكة مبنية على المصالح المشتركة وحسن الجوار والاحترام المتبادل، واما زالت هذه السياسة الأيرانية ذاتها تتكرر اليوم في أفغانستان.
لكن صحيح أيضا أن الموقف العدوائي من الثورة الإيرانية الذي اتخذته الدول العربية التي تدور في الفلك الأميركي والمستمر حتى الآن، ثم الحرب العراقية على إيران المدعومة ماليا وتسليحيا ولوجستيا من الولايات المتحدة عبر هذه الدول والتي استمرت ثماني سنوات قد ساهما بسرعة في حسم الصراع على قيادة الثورة على الشاه لصالح تعزيز سلطة رجال الدين الذين استنهضوا كل التراث الديني للدفاع عن إيران في حرب صوروها كحرب وطنية كبرى.
ومن الواضح أن إيران في سعيها لتغيير الأنظمة العربية التي ناصبتها العداء لا تقل تصميما عن سعي هذه الأنظمة العربية لتغيير نظام الحكم القائم في طهران. إنه الدوران في حلقة مفرغة تسنزف طاقات الجانبين إلى أجل غير منظور، والخاسر هو الأمن القومي للطرفين والأمن الإقليمي لكليهما.
وإنها لمفارقة تاريخية أن دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تبنت استراتيجية الاستقواء على محيطها العربي بالتحالف مع جواره غير العربي في تركيا وإيران واثيوبيا والكرد منذ زرعها خنجرا في القلب الفلسطيني للأمن القومي العربي أصبحت تستقوى الآن بمحيطها العربي لمواجهة "الخطر" الإيراني عليها والعداء التركي المتنامي لها.
وفي هذا السياق توجد مفارقتان: الأولى أن أول من استبدل أولوية "الخطر الأيراني" على الخطر الصهيوني في فلسطين كان الرئيس العراقي الراحل الشهيد صدام حسين عندما شن حرب الثماني سنوات بالضد من نصائح كل الحكماء من القوميين والديوموقاطيين واللتحريين العرب، وهو خطأ تاريخي ما زالت الوطن العربي يعاني منه حتى الآن وما زالت ايران تواصل حربها على العراق حتى الآن في سياق طائفي حيث لم تبرم أي اتفاقية سلاام بين البلدين المسامين الجارين واكتفي بوقف اطلاق النار بينهما.
والمفارقة التثانية هي أن الذريعة التي تحتج به المملكة العربية السعودية للاستمرار في حربها على سورية منذ ما يزيد على خمس سنوات، بالادعاء بان سورية بأن قد أصبحت تدور في الفلك الإيراني، هي ذريعة قد سقطت، فالإعلام السعودي الرسمي وغير الرسمي يصم الآذان الأن مدعيا أن سورية قد أصبحة "محمية روسية" اكثر منها أيرانية، مما ينفي عنها ما تتهمها به الرياض من تبعية طائفية وسياسية لطهران، ومما يقتضي مراجعة سعودية سريعة ومستحقة لسياستها السورية، وربما يكون لها في المؤشرات التي بدأت تصدر عن مصر في هذا الصدد قدوة تسترشد بها.
لقد كان "المحور" أو التفاهم السوري – المصري – السعودي في أواخر القرن العشرين الماضي عمادا صلبا للأمن القومي العربي قيل أن ينفرط عقده بالخروج السعودي الاستراتيسجي ضد الثورة الإيرانية ولتحريض والتمويل والتسليح السعودي للعراق لشن حري السنوات الثمانية ضد أيران قبل أن تفك دول الخليج العريىة "تحالفها" الانتازي مع العراق بعد وقف اطلاق النار مع أيران، لتمهد الطريق بذلك لحرب الكويت ثم بعد ذلك لغزو العراق والنكبات العربية التي تمخضت عن أحتلاله.
وما زالت المملكة مصممة على مطاردة ما ترى أن الثورة الإيرانية تمثله من "خطر ايراني" حتى النهاية، في سياق طائفي مقيت ليست ايران بريئة منه ايضا، ولا ثوجد أي مؤشرات إلى أن المملكة سوف تتراجع غن غيها في أي وقت قريب أو منظور، مما ينذر بالمزيد من الكوارث والنكبات للامن القومي العربي بزجه في صراع استراتيجي مع جواره الإسلامي وبخاصة في إيران، ودفع الصراع العربي مع دولة الكيان الصهوني إلى إلى أولوية مؤجلة حد التنسيق الإستراتجي معها ضد إيران في سياق الهيمنة الهيمنة الأميركية التي تقودهم جميعا "من الخلف" حسب أستراتيجية رئيسهم باراك أوباما التي أعلن عنها في مستهل ولايته ألأولى.
ولم يعد سرا أن دولة الكيان الصهيوني دأبت منذ زرعها بالقوة القاهرة في فلسطين العربية على استراتيجة زرع الفتن بين العرب وجيرانهم من المسلمن وبخاصة في إيران وتركيا ناهيك عن محاولاتها المتكررة للعبث بالأخوة العربية الكردية.
لقد حان الوقت كي تتدارك دول الخليج العربي وبخاصة المملكة السعودية أن محاولاتها طيلة ما يقارب الأربعين سنة الماضية لإجهاض الثورة الإيرانية قد فشلت، وانه قد حان الوقت كذلك للإعتراف بايران شريكا مؤسسا في الأمن الإقليمي، فلا يعقل أن تكون الولايات المتحدة شريكا في هذا الأمن طوال ما يزيد على قرن من الزمان من البوابة السعودية بينا تحرم دولة مثل ايران هي جزء الا يتجزاء من خريطة المنطقة من هذه الشراكة.
كما حان الوقت كذلك كي تدرك السعودية أن أمنها القومي والوطني يضمنه النسيق العربي مع سورية ومصر ولا تضمنه كل مليارات مشتريات الأسلحة الأميركية التي تستهلك في المغامرات العسكرية ضد الشعوب العربية في سورية واليمن وليبيا والعراق وغيرها المنكوبة باستراتيجة سعودية الم تكن نتائجها إلا عكسية حتى ألان.
فدمشق كانت وما زالت حجر الرحى الجيوسياسي للأمن القومي العربي إذا انهارت انهار وإذا صمدت حمت عروبة المنطقة، وقد أن للسعودية وغيرها من دول الخليج العربية أن تتعلم هذا الدرس التاريخي.
* كاتب عربي من فلسطين
* nassernicola@ymail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق