يا بلال بن رباح/ صالح أحمد

أذّن وكبِّر يا بلالَ بن رباح
واشرَح رُؤاكَ عَنِ الضَّميرِ المُستَباح
لا.. ما استَراحَ مَن ارتَضى بالصّمتِ يومًا،
أو أراح
لا.. ما استَراحَ مَن ارتَضى بالذُّلِّ يومًا،
أو أراح

أذِّن وكَبِّر للصّلاةِ وللفَلاح
واشرَح طريقَ الحقِّ 
أذِّن للكِفاح
سكَتَ الكلامُ اليومَ...
هل يجدي النّواح؟
ما انهَدَّ صرحُ الحقِّ من هوجِ الرّياح
هذا أوانُ الجَدِّ...
هل تحنو السّياطُ على الجِراحْ؟
***
أذِّن وكبِّر يا بلالُ..
بحَقِّ صابِرَةٍ وصابِر
أذِّن وكبِّر في ضمائِرِنا 
فأنتَ هناكَ حاضِر!
لا.. لم يُغَيِّركَ الزَّمانُ،
ولم تُغَيِّبكَ المَقابِر
أذِّن! أذانُك قد يَهُزُّ بِنا الضَّمائِرَ والمَشاعِر
***
هيَ موجَةُ التَّدجيلِ قد عادَت 
فقُم أذِّن... وأذِّن 
ثمَّ قُم أذِّن... وحاذِر
لا... ما انتَهى مَكرٌ..
ولا عَدِمَ الخديعَةَ كلُّ ماكِر
سيُحاصِرونَ، ويَسجنونَ، ويُبعِدونَ، ويَقتُلون...
وسيَنشُرونَ غُبارَ تخديرِ الضَّمائِر.
***
هيَ هجرَةٌ أخرى .. ووَعْدْ
هيَ ليلَةٌ ليلاءُ تعصِرُنا وَبَردْ
هي موجَةٌ سوداءُ، 
بل هي فكرَةٌ شيطانَةٌ،
لكن سنَمضي...
إننا روّادُ فجرٍ.. 
ما عَدِمنا كلَّ جهد.
***
أذِن وكبِّر يا بلالُ 
لكلِّ شمسٍ أشرَقَت بشعاعِ مَجد
أذِّن وكَبِّر
ما عَدمنا كلَّ مكرُمَةٍ وجَد
أذِّن وكَبِّر..
يا زَمانُ إليكَ يَد
ممدودَةٌ للخيرِ "مَن جَدَّ وَجَد"
ممدودَةٌ؛ للسلمِ تسعى، للأبد
ممدودَةٌ بالنورِ، لا تَخشى أحَد
***
هيَ هجرَةٌ أخرى فقل: "أحدٌ أحَد"
هيَ بَعثَةٌ يا أمَّنا الصّحراءَ،
فاهتَزّي.. مَدَد
وإليكِ مِن دَمِنا السّقاء
وإليكِ مِن يَدِنا العَطاء
وإليكِ في القلبِ الفِداء
وليَخسَأ الزّعماءُ والخُطَباء...
إنّا خُلِقنا للكِفاحِ، فَليسَ يُغرينا الرّغَد
كلُّ امرِئٍ يسعى إلى يومِ اللقاءِ بما أعَد
***
هيَ هجرَةٌ أخرى..
نُهاجِرُ، أو نُهَجَّرُ،
ثمَّ نَرجِعُ..
لا نموت.

هيَ رحلَةٌ أخرى،
نُتَرجِمُها بلاءً،
ثُمَّ نَحياها قُنوت

هيَ صحوَةٌ أخرى تُتَرجِمُنا ثَباتًا
ثمَّ تَملَؤُنا يَقينا 
عودٌ على بَدءٍ... نُهوضٌ مِن جَديد
صبرًا ! وقُم أذِّن وأذِّن..
ثمَّ قُم أذِّن... وأذِّن مِن جَديد
فالرّومُ عادوا
والفُرسُ كادوا
هذا أبو جَهلٍ يُعَربِدُ مِن جَديد
"فاصدَع بما تُؤمَر"،
وقُم كَبِّر وأذِّن
ثمَّ قُم كَبِّر وأذِّن مِن جَديد
***
وَقَفوا على بَوابَةِ الفَجرِ، أرادوا
أن يُطفِئوا نورًا أثارَ الحَقَّ فينا، وأرادوا
أن يَقتُلوا التّقوىَ وروحَ الحُبَّ فينا، وأرادوا
أن يوقِفوا للحَقِّ زَحفًا، وأرادوا
أن يَقتُلوا فينا المَروءَةَ والشَّهامَةَ، بل أرادوا
أن تَعودَ اليومَ عبدًا، ثمَّ كادوا
أن لا تُؤَذِّنَ يا بلالَ بن رباح
فاثبُت وقُم أذِّن، وأذِّن...
ثمَّ عُد أذِّن، وأذِّن للكِفاح 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق