خلال العقدين الأخيرين عرف العالم شيوعا كبيرا لصناعتين خطيرتين، الصناعة الأولى هي صناعة الكذب وتصدير الوهم، والصناعة الثانية هي صناعة الموت وتصدير الألم، إذ لم يعد للحقائق الموضوعية والمعطيات الواقعية من ضرورة، ولم يعد للمواثيق والقوانين الدولية من جدوى، ولم يعد للقيم الإنسانية والمقاصد الدينية السامية من معنى.
هاتان الصناعتان تعبران عنهما بشكل كبير الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وتنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية بالعراق والشام (داعش) من جهة ثانية وقد أخذتهما من باب ضرب المثال لا الحصر.
فالولايات المتحدة الأمريكية لطالما صنعت أكاذيب وزخرفتها بتقارير مخابراتها المزيفة ودعايتها الإعلامية المظللة وقدراتها المالية والعسكرية الهائلة، ولطالما عملت على تهيئة الرأي العام الأمريكي والعالمي وتعبئة عديد الحكومات الغربية بهذه الأكاذيب لإشراكها في انتهاك حرمات البلدان وإشاعة القتل بين مواطنيها ومن بين الأمثلة الساطعة في هذا المجال ما روجت له منذ بداية التسعينات من القرن الماضي عن نظام الرئيس الراحل صدام حسين، من أنه يهدد جيرانه والأمن الإقليمي بحيازته لأسلحة كيمياوية وما أقدمت عليه من غزو همجي للعراق خلف آلاف الموتى والجرحى سنة 1991 ثم سنة 2003، وتبقى مجزرة ملجإ العامرية يوم 13 فبراير (فيفري) 1991 التي خلفت 608 قتيلا أغلبهم من النساء والأطفال شهادة صارخة على هول مشاهد القتل الأمريكي.
أما ما يسمى بالدولة الإسلامية بالعراق والشام (داعش) فقد برعت بدورها في صناعة الكذب بادعائها القيام بواجب تخلى عنه غيرها في الدفاع عن الله والذود عن دينه وقد زخرفت ادعاءاتها بأقوال وفتاو مغرقة في السواد وشواهد من القرآن والسنة محمولة على غير سياقها لمغالطة ذوي العقول البسيطة والنفوس المريضة والدفع بهم في حرب طواحين المزالق وممارسة أنواع من القتل لم تشهد له الإنسانية مثيلا على غرار الذبح والسحل والحرق والدهس الذي طال الافا من الأبرياء في أنحاء عديدة من العالم حسبنا ما حدث أخيرا في شمال فرنسا من ذبح للقس وما جد في مدينتي نيس الفرنسية وبرلين الألمانية من دهس لمئات المتسوقين الأبرياء.
وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد حركها ولا يزال يحركها دهاؤها السياسي في صناعة الكذب ومن ثم صناعة الموت بغاية السيطرة على مصادر الثروة عند العرب خاصة وإجهاض أسباب نهضتهم بزراعة أسباب الفتن والاقتتال وإدامة حالة فقرهم وجهلهم وتبعيتهم فإن ما يسمى بالدولة الإسلامية بالعراق والشام (داعش) قد حركها ولا يزال يحركها حمقها السياسي وعماؤها العقائدي في اعتماد خيار القتل العشوائي وتغذية الصراع المذهبي وإشاعة مشاعر الكراهية بما يعطي صورة قبيحة عن العرب والمسلمين وهي بذلك تخدم الأجندة الأمريكية دون أن تحقق هي شيئا مما ادعته دفاعا عن الله وذودا عن حرماته.
وهذا دليل سذاجتها وعمائها، إذ أنها لاتزال منخرطة في طواحين القتل الذي استهلته منذ عشرات السنين مع أنها لم تحقق مكسبا وحيدا من ادعاءاتها على الأرض وهذا كفيل بجواز اعتبارها حركة إرهابية لا دين لها ولا وطن، يقودها بلهاء وعميان لا قيم لهم ولا ضوابط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق