الذكرى الثانية والخمسون لإنطلاقة فتح تاريخ وتحديات/ عباس علي مراد

الحرية لا تمنح طوعاً من الظالم (مارتن لوثر كينغ الابن)
عندما طلب مني التكلم في مناسبة ذكرى إنطلاق حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح ) الثانية والخمسون المباركة، شعرت أني حصلت على شرف كبير لإن القضية الفلسطينية تلامس وجداني، لِمَ يربطني بهذه القضية بأبعادها القومية والانسانية والتحررية، كما تلامس وجدان كل إنسان يرفض الظلم والعدوان والقهر والعنصرية وإغتصاب الارض.
إن معاناة وعذابات الشعب العربي الفلسطيني، كانت ولا تزال صورة عن معاناتنا لِأن فلسطين ما زالت البوصلة التي تحدد مصير المنطقة العربية بدولها وشعوبها التي نتقاسم معها التاريخ والجغرافيا والثقافة والانتماء.
أدرك الفلسطينيون باكراً خبث المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني الذي بدأ يظهر الى العلن أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، عندما وعد آرثر جيمس بلفور عام 1917 اليهود بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين بناء على المقولة الكاذبة والملفقة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" حيث وعد من لا يملك شيئاً لمن لا يستحق شيئاً.
فبعد أن تكرس هذا الوعد المخالف لكل القيم الانسانية والقانونية في مشروع الانتداب الذي أقرته عصبة الأمم عام 1923 بتواطؤ دولي (ملاحظة ما كان في هولوكست بعد).
 رفضاً لهذا الواقع، إنتفض الشعب الفلسطيني في ثورة البراق عام 1929، ثم ثورة 1936 وبعد قرار التقسيم (181) لعام 1947 الذي رفضه الفلسطينيون، لم يستكن الفلسطينيون وتواصل النضال عام  1948 واول حرب عربية إسرائلية تاريخ قيام اسرائيل تاريخ النكبة الفلسطينية، ففي خمسينات القرن الماضي بدأت حركة التحرير الوطني الفلسطيني نضالها الى أن كان الاعلان الرسمي في 1 كانون ثاني 1965، وهنا لا بد من ذكر بعض المحطات النضالية التاريخية للحركة سواء كانت العسكرية أوالسياسية أو الدبلوماسية فكانت معركة الكرامة في الاردن عام 1968، والمشاركة في حرب 1973، عام 1974 الرئيس عرفات في الامم المتحدة لعرض القضية الفلسطينية، عام 1982 العدوان على لبنان وخروج منظمة التحرير من لبنان وحصول مجازر صبرا وشاتيلا، عام 1987 الانتفاضة الفلسطينية الاولى، عام 1988 إعلان قيام دولة فلسطين، عام 1991 مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الاوسط وصولاً الى إتفاق اوسلو عام 1993 وما تلاه حتى هذه الايام وإعتراف الامم المتحدة بدولة فلسطين بصفة مراقب رغم محاولة اسرائيل عرقلة قيام تلك الدولة عبر إستمرار الاستيطان والتهويد والمطالبة بنقل سفارات الدول الى القدس لتكريسها عاصمة لها، بالاضافة للحروب على غزة وحصارها وطبعاً لا ننسى  الانتفاضة الثانية عام 2000.
أنا مع القائلين، إن حركة فتح بكونها الحركة ألأم أصبحت تتجاوز إطارها التنظيمي الخاص بالمنتمين إليها، لأِن ما تقرره فتح ينعكس على الوضع الفلسطيني برمته، وهذا ينقلنا الى التحديات التي تواجه فتح والفلسطينيين.
إن النكبة الفلسطينية مستمرة فصولاً بفضل التعنت الاسرائيلي وإستمرار النهج الصهيوني في التهجير والاستيطان ومصادرة الاراضي الذي بدأ عام 1948 وأم الحيران خير دليل على ذلك، وأيضاً رفض اسرائيل للقرار الدولي 2334 لعام 2016 الذي يقول أن الاستيطان مخالفة فاضحة للقانون الدولي، وإستمرار أعتقال الألاف من الفلسطينيين الشباب والشيب، النساء والاطفال كل ذلك وغيرها من الممارسات غير الانسانية دليل على زيف وكذب خطاب السلام الاسرائيلي حيث يردد الاسرائيليون أن لا شريك لهم في عملية السلام (حصل ما ابو عمار ويعاد تكراره مع أبو مازن) علماً أن فتح وفي مؤتمرها السابع الذي عقد العام الماضي دعت إلى التمسك بالسلام كخيار أستراتيجي لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 حسب حل الدولتين الذي توافق عليه ريغان وغوربتشوف عام   1988 وأحيته اللجنة الرباعية الدولية عام 2003 ويريد ترامب الالتفاف عليه لإلغائه (لاحظوا التضليل الاسرائيلي).
 وكلنا نذكر الموقف التاريخي لرمز القضية المرحوم أبو عمار عام 1974 في الامم المتحدة: لقد جئتكم يا سيادة الرئيس بغصن الزيتون مع بندقية… ثائراً فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي في الوقت الذي كانت غولدمائير تقول: لا يوجد شعب إسمه فلسطيني.
أخيراً، ونحن نحتفل بالذكرى الثانية والخمسون لِأنطلاق حركة فتح يجب التركيز على كيفية المحافظة لا بل بعث الفكر والنهج المقاوم بكل أشكاله كأحد القيم الانسانية التقدمية التحررية على كافة الصعد سلمية، شعبية، عسكرية، إعلامية، دبلوماسية، فكرية، ثقافية، أقتصادية وغيرها فكل ما تقدم ينسجم مع قرارات الامم المتحدة لتقرير مصير الشعوب المضطهدة بكافة السبل.
إن أفضل سلاح يمكن أن نستخدمه لهذه الغاية هو سلاح الوحدة الوطنية ونبذ الخلافات وإعادة فلسطين الى العرب والعرب الى فلسطين كونها القضية المركزية، وعدم نسيان عنصر الشباب سواء في الداخل أو الشتات  والمغتربات حتى تستمر المسيرة من أجل إحقاق الحق وليكن شعارنا كعرب فلسطين أولاً بعيداً عن الأنتماءات الماقبل الوطنية والقومية من طائفية ومذهبية وجهوية وقبلية.
ونختم، بقول ابو عمار : إن الذين ينعتون ثورتنا بالأرهاب، إنما يفعلون ذلك لكي يظللوا ألرأي العام العالمي عن رؤية الحقائق، ومن رؤية وجهنا الذي يمثل جانب العدل والدفاع عن النفس ووجههم الذي يمثل الظلم والارهاب.
وحتى الوصول الى فلسطين الحرة المستقلة وعاصمتها القدس لتحقيق حلم الذين إستشهدوا من أجل هذا الهدف الوطني السامي نقول لكم كل عام وأنتم بخير.

القيت في الذكرى الثانية والخمسون لإنطلاقة فتح في أستراليا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق