كانت الساعة السادسة صباحا الصقيع يكسو الوجوه و الكوفيات والشيلان على الرؤوس تخفى معظم وجوه الواقفين على الرصيف في انتظار الأتوبيس
وفى لحظات ظهر شخص غريب عينان حمراوان كعيني الذئب وملامح منهزمة أسيرة، يرتدى جلبابا كان ذات يوم أبيض، ومن تحته شبح بلوفر صوفي، قدمان حافيتان إلا من الكعبين اللذين تدثرا بجزء من قماش بنطا له الجينز،
وحينما اطمأن وهدأت أنفاسه، مضى ليسند ظهره على الحائط عاد ليقف بجانبي سألني سيجارة فأعطيته ثم أمرني بإشعالها فأجبته،
تلهفه لدخان السيجارة جعله لا يجيد إشعالها، مما جعله يمتصها امتصاصا لتأخذ النار مجراها في سيجارته
وقبل أن ينهى سيجارته، أشار نحوى وقال: أنا عايز ألواد ده يكون أحسن واحد في البلد أعطية خمس ألاف جنيه فورا تعجبت
ونظرت فلم أجد احد إمامة عن من يتكلم ودار في فكرى عدة احتمالات أن يكون مريض نفسي أو مختل عقليا ومن الممكن أن يكون عدواني ودموي.. وسكت ليأخذ آخر أنفاس السيجارة، وبعدها ألقى العقب في وجهي مباشرة بدوت سبب واضح ووقف على الرصيف كمن يستعد لخطبة عصماء،
تقدم خطوتين ناحية الواقفين ثم قال من مبارك للسيسى يا قلبي لاتحزن قالوا لنا عيش حرية وعدالة اجتماعية وماشفناش غير الفقر والجشع والطمع وحكومات فاشلة ورؤساء افشل قال ثورة قال، ثم كررها باستهزاء واضح عدة مرات ثم التقط أنفاسه من خطبته القصيرة المجهدة، ورفع رأسه باتجاه السماء قائلا: يا رب عاوز أكل بقالي يومين و عايز اشتغل واسكن . اسكن بقى ثم قال: آآآآآآآه،آآآآآآآآه، بجدية وبمرارة قالها ونظر فى وجوة الجميع واسرع يجرى فى اتجاه الطريق فصدمته سيارة فارهة مسرعة وانتهت حياته ورحلة عذابه في دقائق .
فانصرفت بعد أن أدهشني ما حدث ثم أدخلني في حالة من التفكير لماذا اختارني لأكون شاهد عيان وأحكى قصته الواقعية
وهى رسالة واضحة المعالم لمن يحكم مصر ثم أسلمني للبكاء والنحيب ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق