مرثيةُ أم/ د. عدنان الظاهر

( الخامس من حزيران 1972 في بغداد )                                  

أَتستسلمينَ ؟
أَتستسلمينَ لقبضةِ روحٍ أُضيّعُ فيها بقايا العُمُرْ ؟ 
أوَترحلينَ وبيتيَ فوقَ الهمومِ يعومُ
تَقاذفهُ الريحُ أنّى تشاءُ كبيتِ الشَعَرْ
سألتُكِ أُمّاهُ أنْ لا تغيبي  
سألتُ لماذا التسرّعُ في السَفَرِ المُنتَظرْ ؟
أَترحلُ والدةٌ عن بنيها وما حانَ آنُ القضا والقَدَرْ
أَتتركُ أُمٌّ رضيعاً لها
قُبيلَ الفِطامِ على صدرِها جائِعاً يُحتَضَرْ ؟
أَسيدتي كيف هانَ عليكِ الرحيلُ …
وهل مِنْ حياةٍ خِلافَ غيابكِ هل مِنْ سرورٍ وهل مِن سَفَرْ ؟  
أَتستسلمينَ لداعي الفناءِ كآلهةٍ من تُرابٍ
وتمضينَ عجلى كباقي البَشَرْ ؟ 
أَأُمّاهُ ليتكِ ما غبتِ عنّي
فبعدكِ تأتي الليالي
وبعدكِ تمضي الليالي
وهيهاتَ بعدكِ يأتي القَمَرْ. 
  
 صلاةُ الوالدة    

قيامُكِ في الفجرِ قبلَ إنبلاجِ النهارِ
وهَمسُكِ إذْ تصبَغينَ الوضوءَ يُقرِّبُ منّي الشذى
والمُنى وهديلَ الحمائمِ فوقَ الشَجَرْ
صلاتُكِ ها لم تزلْ حيّةً في رؤايَ
تمدّينَ قامتَكِ بعد السجودِ كمدِّ وجَزْرِ مياهِ البَحَرْ
ومثلِ صلاةِ المسيحِ حلولاً
دمٌ يتساقطُ من وجههِ والعذابُ
كما 
يتساقطُ 
صخْرٌ
على
مُنحَدَرْ
تُدحرِّجهُ قُدرةٌ في الخفاءِ. 
    
يوم الدفن 

أُسائلُ نِسوةَ جيراننا
إذْ يَعُدنَ مع الليلِ من مجلسٍ للعزاءِ
أَوالدتي وحدَها لم تَعُدْ
معَكُنَّ، أما رجعتْ بعدُ والدتي يا نساءُ ؟
أَفما شقّقتْ ساعةَ الحُزنِ أثوابَها
أَفما لَطَمتْ وجهَها، رأسَها عارياً والصَدِرْ ؟ 

أَموكبَها والجلالُ المهيبُ على أرؤس الحزنِ مدَّ البَصَرْ
أُشيّعهُ والدموعُ جوارٍ على إثرها
فهلْ أُصدِّقُ ـ يا ناسُ ـ شؤمَ الخَبَرْ ؟

يؤوبُ المُشيِّعُ إلاّ أنا …
أظلُّ
على
قبرِها
واقفاً
أنتظرْ !! 
                                 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق