مرة أخرى يثبت الشعب الأسترالي أنه أكثر وعياً وتطوراً من سياسييه الذين حاولوا تبييض صفحة بولين هانسون بنسختها الجديدة القديمة التي اعتبرها وزير الصناعة والابتكار والعلوم الفيدرالي السينتور آرثر سينادينوس أنها أكثر تطوراً او وعياً من العام1996 وسينادينوس كان مدير مكتب رئيس الوزراء الاحراري الأسبق جان هاورد الذي كان حرص دائماً على عدم إعطاء الاصوات التفضيلية لحزب أمة واحدة، حتى أن رئيس الوزراء مالكوم تيرنبول والذي ينحني أمام ضغط جناح اليمين في حزبه أخذ بمسايرة بولين هانسون من أجل تمرير بعض المشاريع في مجلس الشيوخ بعد أن كان قد اعتبر أن لا مكان لبولين هانسون في السياسة الأسترالية قبل إنتخابات العام الماضي بالإضافة إلى تعامله مع تصريحات بولين هانسون بالمفرّق فإنتقدها أولاً لأنها أبدت إعجابها بالرئيس الروسي بوتين وثانياً بسبب تصريحاتها التي تنمّ عن الجهل عندما صرّحت بضرورة أخذ الاهل المشورة للقاح الأطفال وليعود بعد ذلك وينتقدها بسبب تصريحاتها العدائية ضد المسلمين.
نعم، لقد خيضت المعركة الإنتخابية في غرب أستراليا حول قضايا معظمها تتعلق بقضايا محلية تخص الولاية، لكن ما لا يقبله العقل أنها لن تترك تداعيات على المستوى الفيدرالي كما يحاول الأيحاء بذلك رئيس الوزراء الذي أعتبر خسارة الاحرار في غرب أستراليا تتعلق بقضايا تخص الولاية و"عامل الوقت" بعد حكم 8 سنوات من حكم رئيس الولاية السابق كولن بارنت، علمأ أن المواقف بدأت تظهر إلى العلن ومن سياسيين من حزب الأحرار منتقدة إقدام الحزب في ولاية غرب أستراليا على إعطاء أصواته التفضيلية لحزب أمة واحدة في مجلس الشيوخ على حساب حليفه التاريخي الحزب الوطني، حيث اعتبر رئيس الحزب الوطني ونائب رئيس الوزراء بارنبي جويس إن تلك الصفقة كانت خطأً حتى أن هانسون نفسها اعتبرت الصفقة خطأً واضرّت بحزبها الذي حصل على 5% فقط من الاصوات بعكس توقعات استطلاعات الرأي التي توقعت حصول حزب أمة واحدة على ضعف تلك النسبة، وألقت هانسون اللوم على الناخبين لعدم درايتهم بطريقة التصويت، ولكن الشيء الذي لم تدركه هانسون ولا وزير المالية الفيدرالي السينتور ماثيوس كورمان عن غرب استراليا وعرّاب فكرة صفقة الأصوات التفضيلية مع أمة واحدة أن وعي المواطنين أصبح متقدماً على وعي سياسييه على مستوى الولايات او المستوى الفيدرالي سواء كانوا عمالاً أو أحرار عندما حوّلوا التنافس على السلطة إلى باب دوّار خلال العقد الأخير.
حمام الدماء الإنتخابي الذي حصل في ولاية غرب أستراليا السبت الماضي هي الخسارة القصوى لحزب الأحرار في الولاية منذ العام 1986 أو كما قالت صحيفة سدني مورنيغ هيرالد 13/03/2017 ص16 إنها أكبر خسارة في تاريخ السياسة الأسترالية. حيث تراجعت الأصوات الأولية لحزب الأحرار إلى 30% وارتفعت الى43% لحزب العمّال، بالإضافة إلى ذلك فإن النصر الذي حققة حزب العمال في الولاية سيضع على كاهل رئيس الولاية الجديد مارك ماغوين مسؤولية كبرى إذا لم يستطع الوفاء بوعوده والعمل من أجل تحسين وضع الولاية الذي تراجع أقتصادياً ومالياً بعد ثماني سنوات من حكم الأحرار برئاسة كولين بارنيت، أعتقد أن هذا النصر ليس شيكاً على بياض وكلنا نعرف ماذا حصل مع رئيس ولاية كوينزلاند السابق كامبل نيومان عام 2015 أو كما حصل مع حزب الأحرار الفيدرالي برئاسة مالكم تيرنبول في الإنتخابات التي جرت العام الماضي او مع حزب العمال الفيدرالي عام 2013 والعمال في نيو سوث ويلز عام 2011 او تيد باليو الاحراري في فكتوريا عام 2013 حيث كانت الرسائل الانتخابية التي أرسلها الناخبون كانت واضحة لا لبس فيها.
إذن، الرسائل الانتخابية التي وجّهها ناخبو غرب أستراليا سوف تتردّد أصداؤها في كافة أنحاء البلاد وعلى المستويات السياسية كافة وأعتقد أن الرسالة الأكثر أهمية للسياسيين هي أن أستراليا وناخبوها ما زالوا بخير ولن تكون أستراليا كبريطانيا ولن يكون هناك (بريكزت) أو كالولايات المتحدة الأميركية برئاسة ترامب.
فهل سمع كوري بارنبي الذي انفصل عن حزب الأحرار مؤخراً بما جرى بولاية غرب أستراليا، وهل سيتّعظ من نتائج الإنتخابات في تلك الولاية ويخفف من خطابه ؟!
هل سيقتنع رئيس الوزراء مالكوم تيرنبول أيضاً بأنه أضاع على أستراليا ومواطنيها عاماً ونصف العام من حكمه لإرضاء جناح اليمين في الحزب على حساب المصلحة الوطنية.؟! وهل سمع رئيس الوزراء ما قاله النائب الفيدرالي الاحراري من ولاية فكتوريا تيم ويلسون أن نتيجة الانتخابات في ولاية غرب أستراليا أظهرت انه يجب تجنب تحويل حزب الاحرار الى حزب " أمة واحد مخفف" ويجب عدم الدخول مع حزب أمة واحدة في أية صفقة لتبادل الاصوات التفضيلية (س م ه 13/03/2017 ص أولى) والجدير ذكره أن ويلسون كان رئيس مفوضية حقوق الانسان الاسترالية .
هل سيدرك بيل شورتن زعيم المعارضة الفيدرالية حجم المسؤولية والتحدّي الذي يواجهه من أحل كسب قلوب وعقول الناخبين وثقتهم للوصول الى السلطة في إلأنتخابات الفيدرالية القادمة المقررة مبدئياً عام 2019؟!
وأخيراً، هل ستدرك بولين هانسون أن أستراليا ومواطنيها أمّة واحدة متعددة الثقافات بدون حزب هانسون؟! وإن استطاع هذا الحزب الحصول على بعض المقاعد في مجلس الشيوخ الفيدرالي بسبب سياسات الحزبين الكبيرين الذين يتلهيان بالانقلابات السياسية كما أسلفنا.
بالختام، إن نتائج صفقة الاصوات التفضيلية المسّمة بين حزب الاحرار وحزب بولين هانسون أمة واحدة ولا شك تركت آثار كارثية على حزب الاحرار لانه أعطى شرعية لحزب هامشي وهذا ما يؤكده محرر الشؤون الوطنية في صحيفة سدني مورننغ هيرالد مارك كيني في مقالته 13/3/2017 ص 4 .
هذا الكلام برسم وزير الصناعة والابتكار و العلوم الفيدرالي آرثر سينادينوس وغيره من الوزراء ورئيس الوزراء الذي يرفض حتى الان عدم اعطاء جواب حول كيفية توزيع الاصوات التفضيلية في الانتخابات الفيدرالية القادمة مفضلا ترك الامر للمؤسسة الحزبية .
Email:abbasmorad@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق