في زمَنٍ بلا لُغَةٍ/ صالح أحمد

شراعُ سفينةٍ في الرّيحِ...
قلبُ العاشِقِ المَنفِيِّ عن مَرمى تَلَهُّفِهِ.
ويَسكُبُ عُمرَهُ جَمرًا،
يُثيرُ أتونَ رعشَتِهِ،
حُروفًا في فَيافي الشَّوق.
ويَعدو صبرُهُ ضَبحًا..
على أعتابِ عَرشِ السّكرَةِ المُمتَدِّ مِن غَرَقٍ تَغَمَّدَهُ..
إلى صَحراءَ توغِلُ في جنونِ الصَّيفِ؛
لا ماءٌ ولا شَجَرُ.
وحتى الرّيحُ ما عادَت لواقِحَ في معارِجِها.
ولستُ أرى سوى وَجَعي على غَضَبٍ يَعاشِرُها؛
فلا تُفصِح!
ولا تَلقَح!
يروحُ أتونُ أنفاسي لمخدَعِها، فلا تَفزَع!
وإذ تَجتاحُ أنفاسي أقاصيها..
وقد لانَت دَوانيها لعُرسِ جنونِها المُنصاعِ للرَّقدَة.
بعيدًا عَن صباباتي..
على شَطءٍ بلا بَحرٍ،
حملتُ الشَّمسَ في صَدري..
وفي زَمَنٍ بلا لُغَة؛
بهِ المقتولُ والقاتِلُ والمَنفِيُ والنّافي...
على حَرفٍ يقابلُهُم جنونُ المنطِقِ الطّاغي!
أنا المفتونُ والمطعونُ والمنذورُ للرّعدَة..
عشقتُ دمي فَغَرَّبَني
فصِرتُ اللّينَ والشِّدَّة

رَوَيتُ البيدَ نَزفَ دَمي
فَصِرتُ النّـهجَ  والرِّدّة

أنا المَـسكونُ بالقُدسِ
بروحِ الفَتحِ  والعُهـدَة

وطينُ الحقِّ مازَجَني
أنا الـتّرحالُ  والعَودَة
أنا البَحرُ..
أنا النّحرُ..
أنا الطّوفانُ والنّجدَة
أنا الهَدّارُ والمَهدور
طَلَبتُ غَدي إلى قَدري
أريدُ لِمَجدِنا مَجدَه
يُعانِدُني أتونُ حُروفِنا الثّكلى،
ويُغريني جُنونُ الرّمل..
فأقبِضُ قبضَةً مِن ريحِ مَن كانوا،
وأخرى مِن نزيفٍ للألى صاروا..
أصابِعَ قبضَةِ الأقدار
هل اختيروا؟ ام اختاروا؟
ثَقيلا كالتّرَهُلِ باتَ مَسعاهُم على نارٍ
وكلُّ لغاتِ مَن وَجَدوا تَهاوَت خَلفَ أقنِعَةٍ،
أتُغرِقُ نَهرَ أحلامي؟
براكينُ الظنونِ السّودِ
تبحَثُ عن ضَحاياها!
وتنسِجُ للبداياتِ نهاياتٍ
ليُمِعِنَ راحِلًا في ظِلِّ سَكرَتِهِ؛
هوى زَمَنٍ بلا لُغَةٍ،
وأمضي باحِثًا للرّوحِ عَن جَسَدٍ؛
أقاوِمُ دونَهُ مَنفايَ عن لُغَتي، وعَن زَمَني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق