أثَرٌ لظلٍّ غَبَر/ صالح أحمد




قَمَرٌ وأشباحٌ تَجاذَبَها السَّفَرْ = العُمرُ ظِلٌّ.. ما لِظِلٍّ مِن أَثَرْ
خُطُواتُنا في اللّيلِ يَكسِرُها الصّدى = أنفاسُنا لَونٌ، ورَعدَتُنا وَتَرْ
العَتمُ يَسكُنُنا ويَهبِطُ مِثلَنا = تيهًا، ويَستَجدي وُجودًا يُنتَظَرْ
ما بَينَ ما نَرجو وما يُرجى لَنا = عُمرٌ على هامِ التَّشَظّي يُحتَضَر
عَبَثًا نُزاوِجُ بينَ بَحرِ ظُنونِنا = وخُيولِ رَملٍ لا يُعاقِرُهُ المَطَر
نَمضي ولا يَمضي بِنا دَربٌ وَهى = مَن ذا يُحَرِّرُ غابِرًا ممّا غَبَر؟
طَقسانِ مُنفَصِلانِ نَحنُ وَعُمرُنا = ريحٌ وظِلٌ ليلُ غُربَتِهِ اندَحَر
غَيثٌ يُفَتِّشُ عَن زَمانِ هُطولِهِ = ويَدٌ على جَسَدي تُخَربِشُ ما اندَثَر
زَمَنًا جَرَيتُ وراءَ شَيءٍ كُنتُهُ = الدَّربُ أنكَرَني، وكَذَّبَني الضَّجَر
ألقَمتُ أعضائي رَبيعًا خانَني = هل في غُثاءٍ يا زَماني مِن ثَمَر؟
هذا الفَضا مَلَّت عُيوني صَمتَهُ = الصَّمتُ مَوتُ الحِسِّ في عُرفِ الخَطَر
في غابَةِ الأهواءِ تُفتَقَدُ الرّؤى = وَتَسودُ ريحٌ لا تُريحُ ولا تَذَر
لمّا اقتُلِعتُ مِنَ الفَضا لم تُهدِني = ريحُ الغَريبِ سِوى جَحيمٍ أو مَمَرّ
مَن نَحنُ يا قَلبًا تَسابَقَ طَعنَهُ = شَرقٌ يُماهي الغَربَ في خَلطِ الصّوَر
ما هَمَّني مَعَ أيٍّ ريحٍ جاءَني = نَعيي، وكُلُّ الرّيحِ في جُرحي تَقِر؟
ما هَمّني وعلى حِصاري تَلتَقي = كلُّ الجِهاتِ وريحُها بَحرًا وَبَر؟
مِن ألفِ أمنِيَةٍ وأبعَدَ لم أجِد = مِن عالَمي إلا رَمادًا أو شَرَر
عادَت إلينا مِن مَساعينا مَساعينا لتُحيينا على شَرَفِ الخَبَر
تَطفو ولا تَطفو مآثِرُنا على = طَرَفِ الأثيرِ، وتَستَكينُ بلا حَذَر
قَد نَستَعيرُ مِن الغُبارِ دَليلَنا = نَحوَ الخِيامِ، وما نُؤَمِّلُ مِن خَدَر
طالَت إلى النِّسيانِ رِحلَتُنا وها = عُدنا، بِقَتلِ الوَقتِ ضِقنا، وانكَسَر
صِرنا الشِّعارَ إذِ المَشاعِرُ أُبِّنَت = للرّيحِ أسلَمنا الفؤادَ وما أسَرّ 
مَكسورَةٌ أسماؤُنا وصِفاتُنا = تَرَكَت لنا الأحوالُ إرثًا مِن سَقَر
لم تَبقَ ريحٌ ما تَعَلَّقنا بِها = وَيحَ الرُّجولَةِ! هل لريحٍ مُستَقَر؟
مالَت بِنا الأيامُ أم مِلنا بها؟ = مَنذا يُغيثُ المُستَهامَ إذا عَثَر؟
بَأسي على نَفسي، أتَقبَلُني الرُّؤى = مرسًى لموجٍ ما، وروحًا في حَجَر؟
حَولَ الجِهاتِ العَشرِ دُرتُ ولَم أجِد = إلا لَدودًا صَدَّ عَنّي، أو فَجَر
وحَفِظتُ هذا المَشهَدَ العاري كما = وحَفِظتُ أسفارَ الوَصايا والعِبَر
يا مَن يُحَدِّثُني عَن الأخلاقِ صَه = في دَمعِ أطفالي حَديثُكَ يُختَصَر
يا قاطِعَ الأشجارِ والأوتارِ، يا ابنَ سُداكَ أو مَنفاكَ... هل هذا قَدَر؟
سَكَنَ المَدى إنسانَهُ وسما رؤًى = والصَّبرُ مِن صَبرٍ تمَرَّدَ وانفَجَر
وَجَعُ الحَنينِ إلى جُذوري لَم يَمُت = يَحيا ويُحيي، والطّريقُ لمَن أصَرّ








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق