قيامة/ مفيد نبزو


فوق جمر الحياة المحترق ،
وتحتَ مداخن الحزن والتعاسة،
نحنُ الملايين نختنق ،
في وسط العواصف الهوجاء،
نتعرَّى من أوراق الفرح ،
نتكسَّرُ من أغصان الحياة،
نتساقطُ من أجنحة الحب ،
نتغذَّى من أثداء الليل،
نرشفُ الأحلام في النهار
والنسيمُ العليلُ العليل ،
يسافرُ مع قافلة الربيع بلا عودة،
إلى مكانٍ لا يعرف البائسينَ ولا الممزقين،
مكانٍ تتلّونُ فيه صورةُ الوطن بألوان العطاء،
إلى زمانٍ منصفٍ لا فرقَ فيه ،
بين نفحةِ ترابٍ ونفحة إنسانية،
شقيٍّ يتخمَّرُ من كأس العفنِ اليومي ،
ومبتهجٍ يرقصُ عارياً في الظلام،
إلى زمانٍ :
يبخِّرُ الجمالَ في الأرواح،
يسجدُ للخصب في النفوس،
يقدِّسُ القيم،
يطعِّمُ الحياةَ بالآمال،
يفتِّقُ الغيومَ بالمطر،
فتمهلْ يا رفيقي :
غداً حينما يزهرُ العوسج ..
ينثرُ الليلُ ضفائرَهُ على أكتاف الوجود،
يزركشُ ثوبَ الحياة بنجومه،
يكحِّلُ حواجبهُ من كحل الضياء،
يُصلبُ الحبُّ بين لصين ،
ويُكلَّلُ بشوك الفداء ،
يشربُ الخلَّ من اسفنجة العذاب ،
ويقومُ في اليوم الثالث على مافي الكتب ،
وشعاعُ الخلاص في كفِّيه،
وعلى رأسهِ إكليلُ القيامة،
يشعشعُ في غيهبِ الخطيئة ،
زنزانةِ الكراهية ،
في ضبابِ الحقد والفساد ،
معلناً عن ساعة المسرَّة
معلنا ً أن ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان .
1984 – جامعة حلب – كلية الآداب والعلوم الإنسانية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق