معركة الأسرى ... معركة الجميع/ راسم عبيدات

بعيداً عن أي مناكفات او تسجيل مواقف،وبغض النظر عن الطريقة والآلية التي تم فيها قرار اعلان الإضراب المفتوح عن الطعام في السابع عشر من هذا الشهر،ذكرى يوم الأسير الفلسطيني،فإن معركة الأسرى يجب ان تكون معركة الكل الفلسطيني شعبياً ورسمياً،فالحركة الأسيرة تتعرض الى عدوان وحرب شاملة على حقوقها ومنجزاتها ومكتسباتها،وحتى كوجود تنظيمي،ولا يكاد يمر يوم واحد دون ان تتعرض غرف وأقسام الأسرى الى عمليات اقتحام وتنكيل من قبل وحدات قمع السجون الإسرائيلية بمختلف مسمياتها حيث يجري الإعتداء على الأسرى بوحشية والقيام بعملية نقل وعزل قسري لهم،والهدف واضح كسر إرادة الأسرى وتحطيم معنوياتهم،وتفريغ الحركة الأسيرة من محتواها الوطني والكفاحي،واللعب على وتر الخلافات الفصائلية والتنظيمية والعمل على تغذيتها،بما يفكك ويضعف من دور الحركة الأسيرة في مواجهة ادارة مصلحة السجون الإسرائيلية واجهزة مخابراتها والمستوى السياسي الإسرائيلي.

معارك الإضراب المفتوح عن الطعام معارك كبرى وبحاجة الى درجة عالية من اللحمة والتماسك والوحدة الداخلية بين كل مكونات الحركة الأسيرة،وهي أيضاً بحاجة الى هيئة أركان قيادية موحدة مركزية،والى  درجة عالية من الإعداد والتخطيط والتنظيم والتعبئة والتحشيد والتوعية،ولذلك خوض هذه المعركة يتطلب من كل الفصائل،ان لا تجعل المناكفات الداخلية والمصالح الحزبية والفئوية عائقاً أمام استعادة وحدة الأداة التنظيمية الوطنية للحركة الأسيرة،وهذه الخطوة النضالية الكبرى يجب ان تكون "بروفه" نحو استعادة الحركة الأسيرة الفلسطينية لوحدتها،وإزالة الحواجز والأقسام الخاصة بين أبنائها،بحيث ينتهي الوضع الشاذ بتقسيم الحركة الأسيرة على أساس الإنتماء الحزبي والفصائلي،والدعوة هنا ليس دعوة لتذويب الفصائلية،بل هي دعوة لكي لا يكون في السجن الواحد اقسام خاصة بهذا الفصيل او ذاك.

نجاح هذه المعركة النضالية،صحيح انه رهن بصمود أبناء الحركة الأسيرة ،وكيفية إدارة هذه المعركة بكفاءة عالية،وبما يمكن من هزيمة المشروع المضاد الذي تضعه ادارة مصلحة السجون الإسرائيلية واجهزة مخابراتها،لكي تفشل هذا الإضراب وتمنعه من تحقيق الأهداف والمطالب التي من اجلها انطلق،فهي تمتلك في جعبتها الكثير من الوسائل التي تلجأ اليها في مثل هذه الإضرابات،والتي يقف في المقدمة منها العزل لقيادات وكادرات الحركة الأسيرة التي تشكل العصب الأساسي لقيادة الإضراب،وكذلك منع التواصل بين الأسرى في السجن الواحد والسجون المختلفة،والعمل على بث الإشاعات والتضليل والتشكيك بين أبناء الحركة الأسيرة وسلسلة طويلة من وسائل القمع والترهيب لسنا بصدد الشرح والتطرق لها في هذه المقالة،ولكن ما هو هام هنا طول هذه المعركة او قصرها،يتوقف أيضا على مدى الدعم والإسناد لهذه المعركة النضالية النوعية،من قبل جماهير شعبنا والقوى والأحزاب والجانب الرسمي،فالمناشطات والفعاليات النخبوية والإستعراضية لن تثمر في مثل هذه المعارك،وانا لا أريد ان اكون متشائماً ففي فاعلية سابقة جرت أثناء الإضراب المفتوح عن الطعام الذي خاضه الأسير المحرر بلال الكايد دعت لها لجنة القوى الوطنية والإسلامية في رام الله امام سجن "عوفر" حضور وسائل الإعلام طغى على حضور ممثلي الفصائل وأعضائهم.

هذه معركة لكي تحسم سريعاً ولا يسقط فيها شهداء،بحاجة الى ان يتجند فيها الجميع،بحيث تجري عملية الإسناد بخوض كل أشكال النضال المشروع،وعلى كل المستويات وبما يشمل المؤسسات الدولية والحقوقية والإنسانية،وكل أشكال النضال الشعبي السلمي،بحيث يجري توظيف وتفعيل كل الطاقات لخدمة هذه المعركة.

هذه المعركة ،معركة الأسرى، معركة الجميع،ولا يجوز لنا شخصنتها او ربطها بهذا القائد  أو ذلك،أو  ان تجير لخدمة اهداف ومصالح حزبية وفئوية ضيقة،فلربما هذا يشكل احد المخاطر التي قد تسهم في عدم تحقيق تلك الخطوة الأهداف المرجوة منها.

ولذلك من يريد المشاركة من الأسرى ومن لا يريد،عليه ان يعي تماماً،بأن أي فشل لهذه الخطوة الإستراتيجية،سيستتبعه هجمة إحتلالية شاملة على الحركة الأسيرة،تعيد أوضاعها الى مرحلة السبعينات،بحيث يجري تجريدها الكثير من منجزاتها ومكتسباتها التي عمد تحقيقها بالدم والتضحيات،ولذلك لا يحق لأي كان ومهما كانت الحجج والذرائع،ان يهدم ما تحقق في إطار الخلاف في الرؤيا او الموقف.

ليضع الجميع خلافاته جانباً،وليجر رسم استراتيجية جديدة،استراتجية تعيد للحركة الأسيرة أيام عزتها وعنفوانها،استراتيجية تتجاوز حالة الإنقسام القائمة،وتشكل نموذجاً يجري نقله وتعميمه على الخارج،فإذا لم يتصالح ويتوحد من هم في خنادق النضال المتقدمة والمستهدفين جميعاً من قبل إدارات مصلحة السجون الإسرائيلية واجهزتها المخابراتية والأمنية..؟؟فكيف سيتوحد من نمت عندهم مصالح وامتيازات ومراكز بفعل الإنقسام القائم..؟؟ لذلك أبناء الحركة الأسيرة،قفوا مع أنفسكم اولاً،وليس كما حصل في الإضرابات السابقة الفردية والفصائلية،حيث كان من يتصدر المشهد الفصيل الذي ينتمي اليه الأسرى المضربين،ولم يكن سوى حركة إسناد باهتة رسمياً وشعبياً،ولعل الإضرابات المتكررة فردية وفصائلية،هي شكلت عامل إرهاق للجماهير،ولم تحقق الإلتفاف الشعبي المطلوب حولها،وبالتالي كانت تنتهي الإضرابات،عند حد إطلاق سراح الأسير بعد إنتهاء فترة الإعتقال الإداري للمعتقل،دون تجديد الإداري له.

نحن نتفهم دوافع الإضرابات المفتوحة عن الطعام فردية وفصائلية،وما تحققه من إنجازات متواضعة،حيث اوضاع الحركة الأسيرة،هي انعكاس للواقع الفلسطيني خارج قلاع الأسر من ضعف وإنقسام.

ولكن هذا الإضراب يجب ان يشكل حالة نضالية مميزة،من حيث حجم المشاركة فيها لمختلف مكونات الحركة الأسيرة الفصائلية،ويجب ان يشكل رافعة نضالية حقيقية،ليس فقط لتحقيق المطالب المرفوعة،بل يجب أن يكون "البروفه" نحو إستعادة الحركة الأسيرة لوحدتها،بحيث تستعيد وحدة مؤسستها الإعتقالية وقيادتها الوطنية الموحدة،واداتها التنظيمية الوطنية الموحدة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق