المغرّد فى الشّمس/ ابراهيم امين مؤمن

قصة قصيرة ( قسم الادب )
انا الثورة بين الضلوع .
ثورة شوادن الظباء من عرين الليوث .
انا الدم المسفوك .
اردتُ يوما ان اعلن هما ظل مكتوما سنين .
فبتُ ليلتى اقول ما ذنبى وكنتُ سراج العاشقين, فانطفا السراج من غدرة اللعوب.
ابْيضّ شعرى وانحنى ظهرى وانسدل حاجباىّ فى حب حبيب, وكان جزائى انْ طعننى فى شعر المشيب .
فعشتُ مذ رشدتْ( الانين) وجاءت الطعنة فى شُعيرات المشيب, فعشت اتوجع من طعنتين , طعنة رشدها وطعنة المشيب.
فقلت افجّر ثورتى قبل الممات .
فاتيتُ ليلتى ومعى الناى الذى رافقنى منذ الصبا وانا اشعر بان الروح تريد ان تعبر الكواكب والنجوم .
لاعلن قصتى لدآبة الارض والسماء فتُتْلى لكل القرون.
فنمتُ .....................
فرايتُ الروحَ تنفلت من جسدى على بساط من اريج العطور.
تدفعها ريح من ملكوت سماوى هبطت من فوق سبع سموات. فاخذتْ روحى واعتلتْ بى حتى بلغنا قلب قرص الشمس.
سديم نووى متفجر ملتهب غير انى وجدته بردا ونورا عنى لا يغيب .
جلستُ على كرسٍ يطلُ على كل الكواكب المرتعشة .
مجرّة باكملها ترانى وانا اقصُّ قصة الارض والانسان والغدر والدم الذين يتجسدوا فى حبى الوفى والحبيب الغادر.
نعم انا من قبيلة الهابليين وحبيبي من قبيلة القابليين .
ذابتْ قبيلتى فى قبيلتها واعلنتْ الانهزام .
تناولتُ الناى وطفقت اقصّ قصتى .. الحبيب الهابلى المطعون.................. 
ربّيتها صغيرة وانا اهدهدها بين الضلوع .
الناى الآ ن يعزف حبا من نوع خالص لها هو حب الحبيب الممتزج بالامومة .
يعزف امومة فى ترنيمات هادئة متراصة يقطر منها بياض اللبن واغصان تترعرع على مائى الذى اجريته خريرا جميلا سرى بين احشائها وضلوعها .
سمعتْ الكواكب تلك الترنيمات كما سمعتْها الشمس فاخذوا يتراقصوا فى نماء حتى وُلدتْ نجوما تتراص صفا صفا .
ظللت اعزف حتى مرُ عشرون عاما والنجوم تتلالا امامى وتتراصُّ فى استواء عجيب . وفجاة .............................
ارتعشتْ يدى وما عاد الهواء يخرج من جوفى وسقط الناى من يدى وتفجّرتْ النجوم وهاجتْ الشمس وتسارعتْ الكواكب كالليوث التى تعدو خلف الغزلان . تسارعتْ تاكل بعضها بعضها .
تمالكتُ نفسى واخذت الناى كى استمر فى العزف لان عزيمتى كانت اقوى من نكرانها لحبى الامومى.
( ايّها القرّاء لنعد معا الى مرحلة الطفولة )
الآ ن الناى يعزف الطفولة .....
الناى يعزف قصة ( القفز بالحبل النطّاط ) ....
الناى يرسل ترنيمات تصوّر الدق والقفز على سطح غرير طرى .
كانت تقفز على خدى تريد ان تلهو بحبلها وكنت غارقا فى النوم فاستيقظتُ وانا اعلن لها مودتى فى ضحكات منها تتوالى من فمها الصغير الدقيق .
عندها اخذتُ منها عهدا ان اتزوجها بعد عشر سنين .
واخذتُ العهد والميثاق .
كبُرتْ وقلّدتُها الملك والتاج والصولجان .
وآثرتها على نفسى فى كل شئ حتى الماء والغذاء .
ولقد عزف الناى تلك المرحلة فى اتقان ودهاء .
بدا بلحن خفيف ثم تعالى اللحن كانه يكبر فى افق النجوم ثم ارسل ترنيمات عالية تندفع دفقات متوالية تعبر عن النمو ثم دفقات اخرى تعبر عن المنح والملك والعطاء .
كان لحنه عجيبا عندما كثر وصرخ فى كل الافاق والنجوم والكواكب وكان اعجب لما كانت فى ترنيماته الوقار والهيبة المعبرة عن الملك .
ثم توقف فجاة ونحولت الحانه الى صراخ يرسل صوت كصوت الفرائس.
صوت يقطر منه الدم .
صوت طعن فى الظهر والجبين .
صوت صراخ وعويل .
ثم ارسلت من الناى ترنيمات العتاب والتساؤل مع بكاء متواصل ... لِما .... لما .....
غدر ... طعن ... نزع .... نكران .... قتل ..... لما ... لما ... لما ..
او جزائى انى وهبتك كيانى , وملكتك ملكى وسلطانى.
والبستك ثيابى واجلستك على عرشى وناولتك صولجانى .
الم يكن يوما خدّى لك بساطا . وحجرى لك مضطجعا ورقُادا .
والتقطك رضيعة وكنت لك الام والاب والصاحب والرفيق ,, واخلص حبيب.
ثم انزويتُ وانعطفتُ بترنيمات الناى حتى تغير صوته بصوت الثعلب المكير او الثعبان الفحيح .
قالت الحبيبة بلسان الناى :
هذا قضائى وانا الملكة وهذا صولجانى وارض بقضائى
الا تحب ان تلتذ فى نزعى وطعناتى .
الا تحب ان تستشهد فى جمالى .
خذ هذا الكفن وارتديه فقد حفرت لك حفرة فى احد البساتين التى كنت تسقينى منها ..
اذهب ايها الابلة فعلى قدر حبك الذى سوف يخلد عبر القرون على قدر غدرى الذى يعبر عن حياة الانسان عبر القرون .
عشت الوهم ايها الغبى وانا عشت الحقيقة ..
........................... فامضى الى البستان ..................
وسقط الناى محترقا فى قرص الشمس .
وتوقف العزف .
فاستيقظت من نومى وانا قابض بقطعة من فستان العرس اقول ...

((. ايُّها العالم احذر من حب غير موثوق . ووهب غير مردود . ومن امل قد يدفنك حيا . وعش على امل تقبضه فى يديك . ذالك هو النور الذى اسمعتكم اياه من فوق نور لا يغطيه الا نور الرب. ذاك الناى سقط فى ثقب الشمس بعد ان انهى ملحمته العصماء )) 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق