ج - الردف في القوافي المطلقة وهو حرف من أحرف المد واللين :
القوافي المطلقة التي يسبق رويها حروف الردف ، وأنواعها ، ونتابع التسلسل نفسه لحروف القوافي المطلقة المردوفة والموصولة بأحد حروف اللين أو الهاء الساكنة ، أو الهاء وحرف خروجها ، وحرف الردف هو أحد حروف العلة الثلاثة الساكنة (9) يسبق حرف الروي.
1 - الردف حرفا الياء والواو الساكنان:
ففي قصيدة المتنبي عند مغادرته مصر في عيد الأضحى وهجاءً لكافور الأخشيدي ، فكان الردف الياء الساكنة ، ويجوز أن تأتي الواو الساكنة معها كردف في القصيدة نفسها أو المقطوعة دون عيب :
عيدُ بأيةِ حال ٍ عدتَ يا عِيْدُ ****بما مضى أم لأمر ٍفيكَ تجدِيْدُ
ماذا لقيتُ من الدنيا وأعجبهُ ****نـّي بما أنا شاكٍ منهُ محسُوْدُ (10)
تكتب القوافي عروضياً (عِيْدُوْ) (دِيْدُوْ) (سُوْدُوْ) ، الياء الساكنة في قافيتي صدر وعجز البيت الأول ردف ، والواو الساكنة الأولى في قافية البيت الثاني (ردف) ، والدال المضمومة في القوافي (روي) ، وحركة (المجرى) في الروي الضمة،والواو الساكنة الأخيرة الناتجة عن إشباع حركة الضمة في القوافي (وصل) ، وهاك مثال آخر من الجواهري وهو يناغي لبنان :
ورددتُ بالنغم الجميل لأرزهِ *** ظلاً أفـــــــاء به عليّ ظلِيلا
أو ما ترى شعري كأنّ خِلاله**** نسي النسيم جناحهُ المبلـُولا (11)
ركز على وصل البيت الأول أصله تنوين (ظليلاً - ظليلن بالكتابة العروضية ) ، ولكن حول التنوين إلى ألف الإطلاق وصلاً ، أما البيت الثاني الفتحة شبعت إلى ألف كوصل .
يعلل الدكتور جميل سلطان سبب جوازالجمع بين الحركتين السالفتين " لأنّ الضمة والكسرة اختان "(12) بمعنى - حسب المفهوم الحالي - أنّ الإيقاع الكمي للحركتين بعد إشباعهما متساو ٍ تقريباً ، بينما الفتح بعد الإشباع يتحول إلى الألف ، والإيقاع الكمي للألف أطول كمّاً ، فلا ينسجم مع الكسر والضم ، ثم ينتقل الدكتور جميل في الصفحة الأخرى إلى قوله " وهذا الجمع لا يجوز في ردف اللين عند العارفين بالأصول الأساسية " (13) ، والحقيقة كما ذكرنا سابقاً حروف المد يجب أن تكون حركة الحرف الذي يسبقها من جنسها ، أما حروف اللين فأشمل قد تكون حركة الحرف الذي يسبقها من جنسها ، أو ليس من جنسها ما عدا حرف الألف فهو حرف مد دائماً ، لذلك في حالة مخالفة حركة الحرف الذي يسبق الواو أوالياء لجنسهما - كأن تكون حركته الفتح - لا يجوز جمعهما في القصيدة الواحدة أو المقطوعة .
2 - بعد أن انتهينا من ردف حرفي الواو والياء ، ويجوز اجتماعهما في القصيدة الواحدة في حالة كونهما حرفي مد ، والآن نأتي إلى القافية المردوفة بالألف ، ونلجأ إلى السيد مصطفى جمال الدين إذ يقول :
بحروفٍ شدّتْ عيوني للنور*** ِوروتْ من العبير انتظَـَاري
وحوار ٍلو أنّ لليلِ قلبــــــــاً *** لاكتفى عن ترصّدِ الأقمَـــار ِ(14)
الروي حرف الراء ، والألف التي تسبقه في البيتين ردفه (الردف) ، وياء المتكلم الساكنة في البيت الأول وصل، وعموماً ياء المتكلم لا تكون حرف روي مطلقاً ، وفي البيت الثاني تشبع حركة الكسر إلى ياء ساكنة فتصبح وصلاً .
3 - قافية مطلقة مردوفة بعد رويها هاء ساكنة مثل قول دعبل يهجو الفضل بن العباس الخزاعي،وكان دعبل مؤدبه ، قائلاً :
ما أن يزالُ - وفيه العيب يجمعهُ -*** جهلاً لأعراض أهل المجد عيّابهْ
إنْ عابني لـــــــم يعبْ إلا مؤدبهُ ***ونفسهُ عــــــــاب لمّا عاب آدابهْ (15)
الباء الروي والألف الذي قبلها ردفها ، والهاء الساكنة بعدها وصلها.
4 - قافية مطلقة مردوفة بعد رويها وصل هاء تنتهي بخروج حرف لين عقبى تشبعه من حركته ، إليك قول أبي فراس وهو يصف السحاب :
جاءتْ به مسبلة ً أهدابُهُ *** رائحة ً هبـوبها هِبابُهُ
ولم يؤمن فقدهُ إيــــــابُهُ *** شيخ ٌ كبيرٌ عادهُ شبابُهُ (16)
الباء المضمومة الروي ، الألف الذي قبلها الردف ، الهاء بعد الروي الوصل ، وتشبع حركة الهاء إلى واو ساكنة، فتصبح الخروج ، أو خروج ألف ضمير المونث الغائبة المتصل ، كقول السيد جعقر الحلي :
بالغلس انســـــلت إلى حبـِيْبـِها ****تخطو وعينــــاها إلى رقِيْبِـِها
ساحبة الأبراد فـــــي مـــرابع ٍ ***أرجآوءها تضوّعــــتْ بطِيْبـِها
مرّتْ بها ريحُ الشمال فاغتدتْ **** تحمل طيب المسك في جيُوْبـِها (17)
لاحظ من خارج القافية المطلقة إلى داخلها ، يطلّ عليك من خارجها حرف (الخروج) ألف ضمير الغائبة المتصل ، ثم (الهاء) وهي الوصل , فحرف (الروي) الرئيسي وهو الباء المكسورة ، فالردف ، وفي الأبيات السابقة حرفا الياء أوالواو الساكنان ، ولكن دقق في حركة الحرف الذي يسبق الردف تجدها من جنسه ، الضمة للواو الساكنة ، والكسر للياء الساكنة ، لذلك جاز للشاعر جمعهما (الواو والياء ) في قافية القصيدة نفسها ، وهذا رأي سيبويه ( 18) ، ومن الجدير ذكره أفضل شعرياً إن كان حرف الردف نفسه في كل القصيدة دون تصنع أو تكلف ، ولكن مجيء الياء مع الواو وفق الضوابط لا تعد عيباً مطلقاً.
د - القوافي المطلقة المؤسسة بألف التأسيس يعقبه حرف الدخيل :
حرف التأسيس هو حرف الألف ، وهو حرف علّة ولين ومد ،يكون ساكناً ، وقبله حرف حركته الفتحة دائماً ، كما ذكرنا مراراً - يأتي قبل حرف الروي في القاغية المطلقة ، وبين حرف التأسيس ( الألف) ، وحرف الروي ، حرف آخر ، يسمى الحرف الدخيل، وإليك التوضيح :
1 - إمّا أن يكون حرف التأسيس من نفس الكلمة التي بها حرف الروي ، وبينهما حرف واحد يسمى الدخيل ، مثل أبيات ابن المعتز العباسي الشاعر الشهير في دفاعه عن نفسه ، لما أشاع عليه القرامطة هجوه للإمام علي (ع) قائلاً :
أآكل من لحمي وأشرب من دمي****كذبت لحــــــاك الله يا شرَّ واغل ِ
عليٌّ وعبّــــــــاسٌ يدان كلاهما *** يمين سواء في العلى و الفضائل ِ(19)
كما ترى (واغل) كلمة واحدة تشمل حرفي التأسيس (الألف) والروي (اللام) ، وبينهما حرف الدخيل (الغين) ، وتشبع كسرة اللام إلى ياء ساكنة (حرف لين ) ، فتصبح (الوصل) ، ومثلها كلمة (الفضائل) في البيت الثاني ، ولكن إذا كان بين الألف وحرف الروي حرفان مثل (عقابيل) لا تكون الألف حرف تأسيس .
2 - وقد يكون التأسيس من كلمة ، والروي من كلمة أخرى، فكلمة الروي إما أن تكون متصلة بضمير أو غير متصلة ، فإن كان فيها ضمير فلا يخلو إما أن يكون ذلك الضمير حرفاً متصلاً بحرف خفض أو غير متصل ، فإن لم يكن متصلاً بحرف خفض كالكاف في الخطاب المذكر والمؤنث مثل قول طرفة :
قفي قبل وشك البين يا ابنة مالكٍ ***وعوجي علينا من صدور جمالكِ (20)
أمّا إذا كان الضمير متصلاً بحرف خفض (مكسور) , كقول سحيم عبد بني الحسحاس :
ألا نادِ في أثارهنّ الغوانيا سقين سِماماً ما لهنَّ وما لِيا (21)
صدر البيت واضح ألف التأسيس من نفس كلمة حرف الروي (الياء) ، ونعني كلمة ( الغوانيا ) ،النون فيها ( الدخيل) . والألف الأخيرة هي فتحة فوق الياء شبعت إلى ألف فيصبح (الوصل) ، أمّا في العجز(ماليا ) كلمتان ، ألف التأسيس في كلمة (ما ) ، والكلمة الثانية (ليا ) اللام حرف جر مكسور ، (ياء ) المتكلم (الروي) ، والألف الأخيرة (الوصل) .
وما عدا كاف المخاطبة للمذكر و المؤنث والضمير المتصل بحرف خفض (مكسور) ، لا يمكن أن نحسب الألف المفصولة عن حرف الروي - من كلمة أخرى - بحرف واحد تأسيساً ، مثل قول حسان :
إذا لم يسدْ قبل شدّ الإزار ِ*** فذلك فينا الذي لاهُوهْ
(لاهُوهْ) هنا الألف ليس بحرف تأسيس (22) ، لأن حرف الروي الواو قبلها الهاء مضمومة وليس مكسورة (مخفوضة) ، وضمير الهاء الساكن الذي بعدها منفصل عنها ، بينما لو (ماهِيا) يحسب الألف الأول حرف تأسيس ، الياء حرف الروي قبله هاء مكسورة ( الدخيل) ، والألف الأخيرة حرف الوصل متصل بالروي الياء.
3 - قافية مطلقة مؤسسة وصلها هاء ساكنة : من قصيدة لكاتب هذه السطور مؤسسة رائية مجراها حركة الفتح ووصلها الهاء أو تاء التأنيث المحولة إلى هاء ساكنة :
مرّوا كما مرَّ العجاجُ على الحقول ِالزاهرَة ْ
رسفتْ بقيدِ الذّل أقـــــــــدامُ العبيدِ الخائرَة ْ
صبراْعلى البلوى فكمْ ليل ٍيفلقُ بــــــاكرَهْ (23)
الراء متحركة بالفتح ، البيت الأول والثاني نهايتهما تاء التأنيث المحولة إلى هاء ساكنة ، والبيت الثالث نهايته الضمير المذكر المتصل (الهاء) الساكن , وكلها حروف وصل ، ولكن إذا جاءت الهاء بعد حرف ساكن تعتبر هي الروي ، وذكرنا هذا في الحلقة السابقة.
4 -قافية مطلقة مؤسسة متصلة بهاء محركة أو متصلة بحرف ساكن ، بمعنى الهاء تؤدي لحرف (الخروج ) ، مما ينسب إلى دعبل الخزاعي :
ما أعجبَ الدهر في تصرّفهِ *** والدّهر لا تنقضي عجائبُهُ
فكم رأينا في الدّهر من أسدٍ *** بالتْ على رأســــهِ ثعالبُهُ (24)
القافية مطلقة مؤسسة بـ (ألف التأسيس ) ، (الروي) الباء ، ما بينهما ( الدخيل ) ، الهاء بعد الروي( وصل) ، الوصل محرك بالضمة ، تشبع الضمة إلى الواو فتصبح حرف (الخروج)، وإليك قول السيد حيدر الحلي :
جلا على الطرس من فرائده ***عروسَ فكر ٍ زهتْ فرائدُها
خلوقها من شذا حجــاهُ ومن *** جوهر ٍألفاظـــهُ قلائـــدُها (25 )
أيضاً القافية مطلقة مؤسسة بألف التأسيس والدال خرف رويها وما بينهما الدخيل ، والهاء بعد الروي الوصل ، والألف الأخيرة التابعة لضمير المؤنثة الغائبة هو حرف الخروج.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(9) شرط أن لا يسبق حروف العلة حرف ساكن،لأنه لا يجتمع ساكنان في اللغة العربية ،
فيصبح حرف العلة متحركاً ، وبالتالي لا يمكن أن يكون حرف ردف .
(10) ديوان المتنبي : ص م. س.
(11) ذكرياتي : الجواهري ج1 دار الرافدين دمشق .
(12) راجع : كتاب الشعر : د. جميل سلطان ص منشورات المكتبة العباسية ، بلا .
(13) ص المصدر نفسه .
(14) الديوان : مصطفى جمال الدين ص ط2 دار المؤرخ العربي 1995م بيروت.
(15) ديوان دعبل : م ، س. ص ت الدجيلي .
(16) ديوان أبي فراس الحمداني : ت . د . محمد التنوجي ص م. س.
(17) سحر بابل ...: السيد جعفر الحلي ص م . س .
(18) القوافي :أبو يعلى التنوخي ص م . س .ينقل "وذكر سيبويه أن فتح ما قبل الواو والياء لا يجوز"
(19) ابن المعتز العباسي : د. أحمد كمال زكي ص - المؤسسة المصرية العامة - أعلام العرب 36 - بلا.
(20) القوافي : التنوخي ص م . س.
(21) المصدر نفسه
(22) المصدر نفسه
(23 ) ديوان ( وطني ) : كريم مرزة الأسدي ص م. س .
(24) ديوان دعبل ...: الدجيلي ص م . س .
(25) ديوان السيد حيدر احلي : ج2 م . س .
القوافي المطلقة التي يسبق رويها حروف الردف ، وأنواعها ، ونتابع التسلسل نفسه لحروف القوافي المطلقة المردوفة والموصولة بأحد حروف اللين أو الهاء الساكنة ، أو الهاء وحرف خروجها ، وحرف الردف هو أحد حروف العلة الثلاثة الساكنة (9) يسبق حرف الروي.
1 - الردف حرفا الياء والواو الساكنان:
ففي قصيدة المتنبي عند مغادرته مصر في عيد الأضحى وهجاءً لكافور الأخشيدي ، فكان الردف الياء الساكنة ، ويجوز أن تأتي الواو الساكنة معها كردف في القصيدة نفسها أو المقطوعة دون عيب :
عيدُ بأيةِ حال ٍ عدتَ يا عِيْدُ ****بما مضى أم لأمر ٍفيكَ تجدِيْدُ
ماذا لقيتُ من الدنيا وأعجبهُ ****نـّي بما أنا شاكٍ منهُ محسُوْدُ (10)
تكتب القوافي عروضياً (عِيْدُوْ) (دِيْدُوْ) (سُوْدُوْ) ، الياء الساكنة في قافيتي صدر وعجز البيت الأول ردف ، والواو الساكنة الأولى في قافية البيت الثاني (ردف) ، والدال المضمومة في القوافي (روي) ، وحركة (المجرى) في الروي الضمة،والواو الساكنة الأخيرة الناتجة عن إشباع حركة الضمة في القوافي (وصل) ، وهاك مثال آخر من الجواهري وهو يناغي لبنان :
ورددتُ بالنغم الجميل لأرزهِ *** ظلاً أفـــــــاء به عليّ ظلِيلا
أو ما ترى شعري كأنّ خِلاله**** نسي النسيم جناحهُ المبلـُولا (11)
ركز على وصل البيت الأول أصله تنوين (ظليلاً - ظليلن بالكتابة العروضية ) ، ولكن حول التنوين إلى ألف الإطلاق وصلاً ، أما البيت الثاني الفتحة شبعت إلى ألف كوصل .
يعلل الدكتور جميل سلطان سبب جوازالجمع بين الحركتين السالفتين " لأنّ الضمة والكسرة اختان "(12) بمعنى - حسب المفهوم الحالي - أنّ الإيقاع الكمي للحركتين بعد إشباعهما متساو ٍ تقريباً ، بينما الفتح بعد الإشباع يتحول إلى الألف ، والإيقاع الكمي للألف أطول كمّاً ، فلا ينسجم مع الكسر والضم ، ثم ينتقل الدكتور جميل في الصفحة الأخرى إلى قوله " وهذا الجمع لا يجوز في ردف اللين عند العارفين بالأصول الأساسية " (13) ، والحقيقة كما ذكرنا سابقاً حروف المد يجب أن تكون حركة الحرف الذي يسبقها من جنسها ، أما حروف اللين فأشمل قد تكون حركة الحرف الذي يسبقها من جنسها ، أو ليس من جنسها ما عدا حرف الألف فهو حرف مد دائماً ، لذلك في حالة مخالفة حركة الحرف الذي يسبق الواو أوالياء لجنسهما - كأن تكون حركته الفتح - لا يجوز جمعهما في القصيدة الواحدة أو المقطوعة .
2 - بعد أن انتهينا من ردف حرفي الواو والياء ، ويجوز اجتماعهما في القصيدة الواحدة في حالة كونهما حرفي مد ، والآن نأتي إلى القافية المردوفة بالألف ، ونلجأ إلى السيد مصطفى جمال الدين إذ يقول :
بحروفٍ شدّتْ عيوني للنور*** ِوروتْ من العبير انتظَـَاري
وحوار ٍلو أنّ لليلِ قلبــــــــاً *** لاكتفى عن ترصّدِ الأقمَـــار ِ(14)
الروي حرف الراء ، والألف التي تسبقه في البيتين ردفه (الردف) ، وياء المتكلم الساكنة في البيت الأول وصل، وعموماً ياء المتكلم لا تكون حرف روي مطلقاً ، وفي البيت الثاني تشبع حركة الكسر إلى ياء ساكنة فتصبح وصلاً .
3 - قافية مطلقة مردوفة بعد رويها هاء ساكنة مثل قول دعبل يهجو الفضل بن العباس الخزاعي،وكان دعبل مؤدبه ، قائلاً :
ما أن يزالُ - وفيه العيب يجمعهُ -*** جهلاً لأعراض أهل المجد عيّابهْ
إنْ عابني لـــــــم يعبْ إلا مؤدبهُ ***ونفسهُ عــــــــاب لمّا عاب آدابهْ (15)
الباء الروي والألف الذي قبلها ردفها ، والهاء الساكنة بعدها وصلها.
4 - قافية مطلقة مردوفة بعد رويها وصل هاء تنتهي بخروج حرف لين عقبى تشبعه من حركته ، إليك قول أبي فراس وهو يصف السحاب :
جاءتْ به مسبلة ً أهدابُهُ *** رائحة ً هبـوبها هِبابُهُ
ولم يؤمن فقدهُ إيــــــابُهُ *** شيخ ٌ كبيرٌ عادهُ شبابُهُ (16)
الباء المضمومة الروي ، الألف الذي قبلها الردف ، الهاء بعد الروي الوصل ، وتشبع حركة الهاء إلى واو ساكنة، فتصبح الخروج ، أو خروج ألف ضمير المونث الغائبة المتصل ، كقول السيد جعقر الحلي :
بالغلس انســـــلت إلى حبـِيْبـِها ****تخطو وعينــــاها إلى رقِيْبِـِها
ساحبة الأبراد فـــــي مـــرابع ٍ ***أرجآوءها تضوّعــــتْ بطِيْبـِها
مرّتْ بها ريحُ الشمال فاغتدتْ **** تحمل طيب المسك في جيُوْبـِها (17)
لاحظ من خارج القافية المطلقة إلى داخلها ، يطلّ عليك من خارجها حرف (الخروج) ألف ضمير الغائبة المتصل ، ثم (الهاء) وهي الوصل , فحرف (الروي) الرئيسي وهو الباء المكسورة ، فالردف ، وفي الأبيات السابقة حرفا الياء أوالواو الساكنان ، ولكن دقق في حركة الحرف الذي يسبق الردف تجدها من جنسه ، الضمة للواو الساكنة ، والكسر للياء الساكنة ، لذلك جاز للشاعر جمعهما (الواو والياء ) في قافية القصيدة نفسها ، وهذا رأي سيبويه ( 18) ، ومن الجدير ذكره أفضل شعرياً إن كان حرف الردف نفسه في كل القصيدة دون تصنع أو تكلف ، ولكن مجيء الياء مع الواو وفق الضوابط لا تعد عيباً مطلقاً.
د - القوافي المطلقة المؤسسة بألف التأسيس يعقبه حرف الدخيل :
حرف التأسيس هو حرف الألف ، وهو حرف علّة ولين ومد ،يكون ساكناً ، وقبله حرف حركته الفتحة دائماً ، كما ذكرنا مراراً - يأتي قبل حرف الروي في القاغية المطلقة ، وبين حرف التأسيس ( الألف) ، وحرف الروي ، حرف آخر ، يسمى الحرف الدخيل، وإليك التوضيح :
1 - إمّا أن يكون حرف التأسيس من نفس الكلمة التي بها حرف الروي ، وبينهما حرف واحد يسمى الدخيل ، مثل أبيات ابن المعتز العباسي الشاعر الشهير في دفاعه عن نفسه ، لما أشاع عليه القرامطة هجوه للإمام علي (ع) قائلاً :
أآكل من لحمي وأشرب من دمي****كذبت لحــــــاك الله يا شرَّ واغل ِ
عليٌّ وعبّــــــــاسٌ يدان كلاهما *** يمين سواء في العلى و الفضائل ِ(19)
كما ترى (واغل) كلمة واحدة تشمل حرفي التأسيس (الألف) والروي (اللام) ، وبينهما حرف الدخيل (الغين) ، وتشبع كسرة اللام إلى ياء ساكنة (حرف لين ) ، فتصبح (الوصل) ، ومثلها كلمة (الفضائل) في البيت الثاني ، ولكن إذا كان بين الألف وحرف الروي حرفان مثل (عقابيل) لا تكون الألف حرف تأسيس .
2 - وقد يكون التأسيس من كلمة ، والروي من كلمة أخرى، فكلمة الروي إما أن تكون متصلة بضمير أو غير متصلة ، فإن كان فيها ضمير فلا يخلو إما أن يكون ذلك الضمير حرفاً متصلاً بحرف خفض أو غير متصل ، فإن لم يكن متصلاً بحرف خفض كالكاف في الخطاب المذكر والمؤنث مثل قول طرفة :
قفي قبل وشك البين يا ابنة مالكٍ ***وعوجي علينا من صدور جمالكِ (20)
أمّا إذا كان الضمير متصلاً بحرف خفض (مكسور) , كقول سحيم عبد بني الحسحاس :
ألا نادِ في أثارهنّ الغوانيا سقين سِماماً ما لهنَّ وما لِيا (21)
صدر البيت واضح ألف التأسيس من نفس كلمة حرف الروي (الياء) ، ونعني كلمة ( الغوانيا ) ،النون فيها ( الدخيل) . والألف الأخيرة هي فتحة فوق الياء شبعت إلى ألف فيصبح (الوصل) ، أمّا في العجز(ماليا ) كلمتان ، ألف التأسيس في كلمة (ما ) ، والكلمة الثانية (ليا ) اللام حرف جر مكسور ، (ياء ) المتكلم (الروي) ، والألف الأخيرة (الوصل) .
وما عدا كاف المخاطبة للمذكر و المؤنث والضمير المتصل بحرف خفض (مكسور) ، لا يمكن أن نحسب الألف المفصولة عن حرف الروي - من كلمة أخرى - بحرف واحد تأسيساً ، مثل قول حسان :
إذا لم يسدْ قبل شدّ الإزار ِ*** فذلك فينا الذي لاهُوهْ
(لاهُوهْ) هنا الألف ليس بحرف تأسيس (22) ، لأن حرف الروي الواو قبلها الهاء مضمومة وليس مكسورة (مخفوضة) ، وضمير الهاء الساكن الذي بعدها منفصل عنها ، بينما لو (ماهِيا) يحسب الألف الأول حرف تأسيس ، الياء حرف الروي قبله هاء مكسورة ( الدخيل) ، والألف الأخيرة حرف الوصل متصل بالروي الياء.
3 - قافية مطلقة مؤسسة وصلها هاء ساكنة : من قصيدة لكاتب هذه السطور مؤسسة رائية مجراها حركة الفتح ووصلها الهاء أو تاء التأنيث المحولة إلى هاء ساكنة :
مرّوا كما مرَّ العجاجُ على الحقول ِالزاهرَة ْ
رسفتْ بقيدِ الذّل أقـــــــــدامُ العبيدِ الخائرَة ْ
صبراْعلى البلوى فكمْ ليل ٍيفلقُ بــــــاكرَهْ (23)
الراء متحركة بالفتح ، البيت الأول والثاني نهايتهما تاء التأنيث المحولة إلى هاء ساكنة ، والبيت الثالث نهايته الضمير المذكر المتصل (الهاء) الساكن , وكلها حروف وصل ، ولكن إذا جاءت الهاء بعد حرف ساكن تعتبر هي الروي ، وذكرنا هذا في الحلقة السابقة.
4 -قافية مطلقة مؤسسة متصلة بهاء محركة أو متصلة بحرف ساكن ، بمعنى الهاء تؤدي لحرف (الخروج ) ، مما ينسب إلى دعبل الخزاعي :
ما أعجبَ الدهر في تصرّفهِ *** والدّهر لا تنقضي عجائبُهُ
فكم رأينا في الدّهر من أسدٍ *** بالتْ على رأســــهِ ثعالبُهُ (24)
القافية مطلقة مؤسسة بـ (ألف التأسيس ) ، (الروي) الباء ، ما بينهما ( الدخيل ) ، الهاء بعد الروي( وصل) ، الوصل محرك بالضمة ، تشبع الضمة إلى الواو فتصبح حرف (الخروج)، وإليك قول السيد حيدر الحلي :
جلا على الطرس من فرائده ***عروسَ فكر ٍ زهتْ فرائدُها
خلوقها من شذا حجــاهُ ومن *** جوهر ٍألفاظـــهُ قلائـــدُها (25 )
أيضاً القافية مطلقة مؤسسة بألف التأسيس والدال خرف رويها وما بينهما الدخيل ، والهاء بعد الروي الوصل ، والألف الأخيرة التابعة لضمير المؤنثة الغائبة هو حرف الخروج.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(9) شرط أن لا يسبق حروف العلة حرف ساكن،لأنه لا يجتمع ساكنان في اللغة العربية ،
فيصبح حرف العلة متحركاً ، وبالتالي لا يمكن أن يكون حرف ردف .
(10) ديوان المتنبي : ص م. س.
(11) ذكرياتي : الجواهري ج1 دار الرافدين دمشق .
(12) راجع : كتاب الشعر : د. جميل سلطان ص منشورات المكتبة العباسية ، بلا .
(13) ص المصدر نفسه .
(14) الديوان : مصطفى جمال الدين ص ط2 دار المؤرخ العربي 1995م بيروت.
(15) ديوان دعبل : م ، س. ص ت الدجيلي .
(16) ديوان أبي فراس الحمداني : ت . د . محمد التنوجي ص م. س.
(17) سحر بابل ...: السيد جعفر الحلي ص م . س .
(18) القوافي :أبو يعلى التنوخي ص م . س .ينقل "وذكر سيبويه أن فتح ما قبل الواو والياء لا يجوز"
(19) ابن المعتز العباسي : د. أحمد كمال زكي ص - المؤسسة المصرية العامة - أعلام العرب 36 - بلا.
(20) القوافي : التنوخي ص م . س.
(21) المصدر نفسه
(22) المصدر نفسه
(23 ) ديوان ( وطني ) : كريم مرزة الأسدي ص م. س .
(24) ديوان دعبل ...: الدجيلي ص م . س .
(25) ديوان السيد حيدر احلي : ج2 م . س .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق