المجزرة الأرمنية والحالة العثمانية المتكررة/ جوزيف أبو فاضل

يمثل الرئيس التركي رجب الطيب إردوغان الصورة الأكثر بشاعة لسلاطين بني عثمان، الأكثر دموية واستبداداً وتسلطاً، ورغبة في التوسع على حساب الدول والشعوب المجاورة.

فهذا السلطان العثماني الجديد يقود حروباً على عدة جبهات تحقيقاً لطموحاته في الهيمنة.

فعداؤه للشعب الكردي تشهد عليه ارتكاباته واضطهاده للأكراد في تركيا وحرمانهم من أبسط حقوقهم المدنية، فالسجون التركية تغصّ بالمعتقلين الأكراد الذي يموت منهم عدد كبير تحت التعذيب، وبصماته في دعم الإرهابيين في "كوباني" عين العرب واضحة لا لبس فيها، وعداؤه للعرب لا يقل عن عدائه للأكراد، فها هو شرّع أبوبا بلاده أمام المتطرفين وشذاذ الآفاق من العالم أجمع وسلّحهم وأدخلهم إلى سوريا لتقويض النظام العربي السوري وتدمير سوريا وإذلال الشعب العربي السوري مقدماً كل الدعم والخدمات لعدو العرب والمسلمين والمسيحيين "اسرائيل".

في حقده واستبداده لا يتوقف إردوغان عند هذا الحد، بل هو مستمر على نهج أسلافه اضطهاد الشعب الأرمني.

فالتاريخ يسجل لنا تلك الوحشية التي خاضها الجيش العثماني – التركي لإبادة الشعب الأرمني ومحو ذكره من التاريخ، فكانت إرادة الصمود والقتال وتسطير أروع الملاحم هي السبيل في الحفاظ على هذا الوجود الأرمني المميز في المنطقة والعالم ...

فمئات آلاف الشهداء الأرمن سقطوا على مذابح الشهادة ولم ينجح الجيش التركي – العثماني في ليّ إرادتهم، فنزحوا واستقروا في الكثير من دول العالم وأنشؤوا مجتمعاتهم الخاصة بهم في الدول التي نزحوا إليها وأصبحوا مواطنين فاعلين ومؤثرين من دون أن ينسوا القضية التي استشهد من أجلها آباؤهم وأجدادهم وهي بناء الدولة الأرمنية القوية والقادرة، فكان الشعب الأرمني على مستوى العالم رسول حضارة وسلام وانفتاح في تناقض واضح مع طبيعة النظام التركي – العثماني، فانكشفت الحقائق واتضحت أعمال إردوغان الإرهابية البعيدة عن الإسلام الذي يدّعيه ويحمل لواء حمايته، وما الحرب التي يقودها منذ سنوات في إقليم ناغوري كاراباخ الأرمني، من خلال الدعم المباشر المالي والعسكري للأذربيجانيين، لكن الفشل أيضاً سيكون من نصيبه في هذه الحرب التي لن يحصد منها سوى الخيبات، وسيكون إقليم أرمينيا حراً وليس مقراً للإردوغانيين.

في المنطقة اليوم، وفي ظل المجازر التي يرتكبها إردوغان أراه يمعن بارتكاب المجازر لكل من يعارضه لا سيما الأرمن والكرد والعرب، محاولاً الإيحاء أن حربه ضد الأرمن هي حرب المسلمين ضد المسيحيين والإسلام منه براء.

لقد انكشفت خدع إردوغان وأعماله الإرهابية التي طالما ألبسها لبوس الدين والإسلام !!!

إن الشعب الأرمني البطل الذي صمد وتغلّب طيلة قرن ونجح بإقامة دولته فهو من دون أدنى شك قادر على تجاوز الظروف التي وضعه بها إردوغان والانطلاق لتعزيز رسالة الشعب الأرمني المكافح لنشر قيم السلام والمحبة لمواجهة قيم إردوغان المنحرفة.

يبقى السؤال: كيف السبيل للخلاص من هذا الدكتاتور العثماني الصغير والحد من بربريته وهمجيته؟

الجواب: هو إنشاء تحالف يضم المتضررين من ممارسات إردوغان الإرهابية من الأرمن والكرد والعرب، فهذا الحلف الذي نسميه حلف المتضررين من إردوغان سيكون قادراً على دحر هذا السلطان العثماني الجديد، والحد من اندفاعته وغطرسته.

وهذا الحلف الذي يضم كلا من سوريا المتضررة من إردوغان وأفعاله وأرمينيا والكرد من حقهم الثورة ضد هذا النظام البائد وتشكيل حكومة وطنية ترعى مصالح تركيا وتكون بعيدة عن الهيمنة والتسلط والنهج الدموي الإردوغاني الذي سيدمر تركيا في حال استمراره.

وفي الذكرى المئوية للمجازر والإبادة بحق الشعب الأرمني ستبقى قضية هذا الشعب الشقيق حيّة في العقول والقلوب والأفكار ومنارة تهدي بهديها ثوار العالم وتعطي قيم التسامح والتقدّم، وما المجازر التي يرتكبها إردوغان في ناغوري كاراباخ سوى وصمة عار جديدة تطبع على جبين هذا المتسلط العثماني وتطبع حياته ومسيرته وسيرته وسيلفظه التاريخ، كما لفظ غيره من الطغاة البائدين، لتبقى أرمينيا ويبقى الشعب الأرمني رسول محبة وحضارة وسلام، يذكره التاريخ في صفحات ذهبية مجيدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق