مطــــــــــــار/ نبيــــل عــــودة

(1)
افقت لتوي من غفوة عابرة، تثاءبت وتلفت حولي مستنجدا خيرا من الملامح المتناقضة للمسافرين.
مددت عيني طولا وسحبتهما عرضا، ويقيني يقول لي أن لا شيء جديد بعد، حشد من الخلائق عبرتهم بنظراتي المتحررة للتو من اسر النعاس وسلطانه.. وحرت أين استقر بنظراتي.
( 2)
مددت أطرافي بقوة وتشنج، محاولا أن أصل لأبعد مما أستطيع، وأنا لا أدري إن كان ما يمر بي هو نوع من القلق أم الزهق لطول الانتظار.
كان الزمن يمر بطيئا مثقلا بالهواجس.وقد جفت ينابيع أفكاري أو كادت من معاناة الانتظار، الذي يبدو أن لا نهاية له.
للحظات تتجلى لي رؤى غريبة، فانفضها غير قانع، ومن حيث لا أدري، كان يتسرب لنفسي اكتئاب شديد، فأحاول التخلص منه بالتنقيب عن فكرة جديدة، تأخذني لأجوائها فأخوض لجة التأمل، فينشط فكري وينشغل، حتى نرى ما يكون من أمر هذا التعويق في وصول الطائرة.
لكن اكتئابي وهواجسي كانت أقوى من رغبتي، فلم أعد أطيق صبرا لما أنابه فأخذت ابحث عن الصغيرين بعيني، دون أن أتحمس لمغادرة مقعدي الدافئ.
للحظة مرت في فكري آخر أحداث الطيران. نفضت الفكرة من دماغي عندما لمحت الصغيرين يلهوان بسعادة، يجران عربة الحقائب، احدهما يدفع والآخر يركب، وتكاد قاعة الانتظار الفسيحة لا تتسع لسعادتهما المنفلتة، غير عابئين بما يدور من هواجس وأفكار، يصدمان الخلائق بالعربة، ويتابعان شيطنتهما دون حساب لإنس أو جن.
 (3)
في المحادثة التلفونية قبل أيام، أخبرتني أن طائرتها ستصل الساعة الثالثة والربع بعد الظهر، حسب توقيتنا المحلي . في اليوم نفسه اتصلت مرتين مع استعلامات المطار للتأكد من عدم حصول تغيير في موعد وصول الطائرة. قبل خمس ساعات غادرت البيت برفقة الصغيرين،اللذين لم يتنازلا عن مرافقتي رغم كل الإغراءات ومحاولة البرطلة لإبقائهما في البيت .حسبت ألف حساب لشيطنتهما وعبثهما. في الساعة الأولى لوصولنا لحقتهما وحثثتهما على الهدوء. وعدتهما بعشرات الهدايا الرائعة التي ستجلبها "ماما" إذا كانا طيعين لا يعذبان ويسمعان الكلام... وإلا لا شيء، يعودان كما جاءا بلا هدايا، وربما بلا "ماما" التي سترى شقونتهما وتعذيبهما لي من الطائرة، وتعود من حيث أتت. هذه الإنذارات والتهديدات لم تنفع إلا للحظات ، عاد بعدها كل شيء إلى أصوله الشيطانية. ركضت وراءهما من زاوية إلى أخرى، مخبئا وجهي كلما صدما شخصا بعربة الحقائب المنطلقين بها على سجيتهما ،متمردين على الأصول متحررين من الضغوط..منفلتين .. ثائرين.
- خزيتوني .. ماما اتصلت من الطائرة تقول انها لن تجيء .. وسترجع مع كل الهدايا .. مع الدب ومع القرد ومع سنوبي ومع ليلى الحمرا ..
استمعا لي بصبر . نظرا بعيني بعض .. وأخذت ملامح ضحكة ترتسم على شفاههما ، ثم انفجرت ضحكاتهما التي لا تعرف حدود الوجل وإطار المنطق . جلجلت وصدحت بسعادة منفلتة من قلقي المبالغ وحساسيتي المفرطة لتصرفهما التي هي عين المنطق كما يريان . لعنت الأولاد والذي يخلفهم ، واستسلمت أمام إصرارهما ساحبا نفسي نحو شاشة الاستعلامات ، للتأكد من جديد بان الموعد المقرر لوصول الطائرة لا يزال بلا تغيير .
(4)
ألهيت نفسي بتأمل وجوه المسافرين وما تبوح به من تعابير. ملامح الوجوه تكاد تفصح عما في النفوس . تتجلى تعابيرها المتناقضة بين الوجل والسعادة . بعض الملامح هادئة ومستقرة ،ومن تعابير وجوههم تعرف أن الطيران صار روتينا في حياتهم .
في رحلتي الأولى بالطائرة أصابني الوجل ساعة قبل الصعود إلى الطائرة ، وما انفك عني إلا بعد هبوطها بساعة أو أكثر ، واليوم أنا أكثر قوة، أو ربما أكثر استسلاما .. السفر بالطائرة علمني أن أواجه المجهول بشجاعة .. أو ربما بلا مبالاة .
بحثت عن الصغيرين بعيني ، فلمحتهما في آخر القاعة ، يتبادلان ركوب عربة الشنطات .. نظرت إلى ساعتي مستعجلا تقدم الوقت ، انتهاء الانتظار ، انتهاء المعاناة من تصرفات الصغيرين.
(5)
أيقنت بيني وبين نفسي أني بالغت في تقدير الوقت ، فخرجت ساعتين أبكر مما يجب ، وهذه نتيجة تسرعي احصدها مع شيطانين. حاولت العودة لتأمل تناقض الوجوه وملامحها متفاوتة التعابير،  ضحكة خافتة جذبت أنظاري ،فرأيت عناقا مستفحلا بين فتى وفتاة، يكاد الفتى يفترسها برغبة مفضوحة، وهي مستسلمة ضاحكة كالعصافير ، لا هم ولا غم .. أحاول أن أتذكر أيام فتوتي ، والساعات الرومانتيكية ، وأقارنها بالحالة التي أمامي . ظلال لابتسامة تريح قسماتي المتوترة من الانتظار الطويل وشقونة الصغيرين . بمرارة غير مفهومة أغطس في مقعد مريح. يمضي الوقت بطيئا. تشدني السيقان الوقعة في مستوى النظر فأطلق لعيني العنان . هل يليق بي أن أتأمل اللحم المكشوف؟ نشب عراك بين نظراتي المنطلقة على سجيتها ، وراء ما انجلى من جمال التكوين وأسس البناء ، وبين ما يعرف مجازا بالأخلاق ،الذي يشجب ما أنا فيه من متعة النظر مع سبق الإصرار لما يسمى مفاتن النساء. رفضت فكرة أن يكون ما أراه عورات يجب سترها . بعض الملابس تضيق عن استيعاب هذا العاج المتلألئ الوهاج. لوهلة يخيل لي أن بعض السيقان ولشدة فتنتها ، تكاد تخرج من داخل التنانير .. انتظرت ولم يحدث. ربما الملل مما أنا فيه يدفعني للعودة إلى سني المراهقة وتأمل السيقان ومفاتنها. بدأ بالي يخلو شيئا فشيئا .أفكاري تخلو من الصراع وأنا أمارس على سجيتي اكتشاف عالم النساء الكامن في الطبقات المنخفضة .. وبعدها لا أدري كيف .. أخذتني غفوة سلطانية تحت ظلالها .
(6)
نظرت لساعتي فجفلت ، إذ أن الوقت الموعود لوصول الطائرة مر بأكثر من نصف ساعة . هل أكون قد غفوت ساعة ونصف الساعة ؟ نفضت عني بقايا النعاس ووقفت ابحث عن الصغيرين .. فلم أجدهما .أسرعت اجتاز القاعة من أولها إلى آخرها ، من يمينها إلى شمالها . بحثت عنهما بكل انتباه ودقة ، ولكن لا أثر لهما . تسارعت نبضات قلبي بعض الشيء.. وأنا حائر في مكان وجودهما. أتكون أمهما قد وصلت واهتدت إليهما ؟ ولكنهما يعرفان أين غفوت ؟ خرجت من القاعة ملهوفا للبحث عن العفريتين ، فاطمأنت نفسي حين لمحتهما يتشيطنان خارج القاعة ، غير عابئين بما يدور حولهما . بشرتهما بان الطائرة وصلت ، وانطلقنا لباب الاستقبال.
 (7)
كان الزحام شديدا وبالكاد نرى الممر.
_ ارفعني لأرى.
أمرني الصغير.. فامتثلت للأمر غير القابل للرفض.
- ارفعني أنا أيضا.
أصرت الصغيرة وألحت مهددة بالبكاء.
أنزلته ورفعتها.
- أخ ..
حبست صرخة ألم ، حين تلقيت ضربة ببوز حذاء الصغير في ساقي اليمنى ، وأمرا لا يقبل الجدل:
- ارفعني.
توترت أعصابي وكززت على أسناني غاضبا:
- لماذا لم تبقيا في البيت؟
حملت الاثنين بشيء من الصعوبة والجهد الزائد.
- مرحبا.
حيا أخته وهو مرفوع.
- مرحبا .
ردت عليه منفلتة من الضحك.
- كفى حركة . لا أستطيع حملكما أكثر.
صممت بعصبية وأنزلتهما على الأرض. فواصلا التعشبق بعنقي ، ولم أستطع منهما فكاكا إلا بجهد وضربتين على القفا .
مر الوقت وخرج عشرات الأشخاص دون أن أرى أثرا لزوجتي.
بدأت النرفزة من طول الانتظار تفعل فعلها في نفسي غير المطمئنة، المرهقة من الانتظار والأولاد..
استفسرت من أحد المسافرين إن كانت الطائرة التي وصل فيها قادمة من حيث تجيء زوجتي . فأجاب بالسلب. حرت قليلا وازداد شعوري بالإرهاق وصارت روحي في حلقي . أكاد أشعر بالاختناق، ولا أعصاب لي لمواصلة إرضاء الصغيرين.
هل تحضر أم لا تحضر ؟
شاشة ألاستعلامات لا تشمل رقم الطائرة المنتظرة فيما تبقى من طائرات . تركت الصغيرين وذهبت أتأمل مرة أخرى شاشة التلفزيون ... وعبثا بحثت بعيني . موعد هبوطها حان منذ أكثر من ساعة. .. ساعة غفوت ، هل غفوتي هي السبب في عدم وصولها ؟
ربما غفوتي لا تحسب في مقياس الزمن ؟
استعدت في ذاكرتي للتأكد ،تاريخ اليوم وموقعه من أيام الأسبوع ، استذكرت استعلاماتي التلفونية مع المطار قبل خروجي من البيت، وحين وصلت بعد سفرة استغرقت ساعتين . قرأت رقم الطائرة وموعد هبوطها غير النهائي . ثم عدل الموعد بربع ساعة . . وأصبح موعد هبوطها نهائيا . أمر محير . هل غفوت لأكثر من ساعة؟ لأكثر من يوم ؟
هدأ الصغيران ، اللذان لحقاني، من عبوسي الظاهر وعصبيتي الواضحة . التزما الصمت . هل يستوعبان ما يدور ؟ يستجليان أفكاري؟ هل لمسا ما يعتمل في خلدي ؟ هل يفهمان جوهر الموقف ؟ يقدران خطورته ؟
نظرت حولي مضطربا قلقا . ولت الوجوه والسيقان . ضاعت ألألوان . ،واحتقن وجهي .. واستفحلت حيرتي .
صمت الصغيران بكآبة غير مفهومة فأثارا شفقتي .أمرتهما بانتظاري على مقعد قريب وعدم التحرك . . فجلسا منصاعين . نظرت إليهما مرة أخرى ، ولم أستطيع إلا أن أنحني لأقبلهما هامسا :
- ماما تأخرت ، سأذهب لأعرف السبب . فاهمين ؟
هز الصغير رأسه بموافقة وتسليم . أما الصغيرة فعبست ، وطأطأت رأسها .. وبانت الدموع في مقلتيها :
- أريد ماما .
- الآن ستجيء .. لا تبكي .
سرت.. ركضت .. لا أدري .. نحو مكتب الاستعلامات والقهر يمزقني .. والحيرة تفعل فعلها . .. تزيدني نرفزة وعصبية .. هل فعلتها وتأخرت أم يخبئ لي القدر مفاجأة؟
(9)
زحام شديد أمام مكتب الاستعلامات ، وثلاث موظفات جميلات مشغولات بالرد على عدة هواتف ، وإعطاء الإجابات للحشد الكبير .. بعد سؤال واستفسار عابر مع عدد من المحتشدين أمام مكتب الاستعلامات ، تبين لي أنهم بانتظار الطائرة نفسها ...وأن شيئا غير مفهوم قد حدث .
خف همي قليلا لوهلة . وازداد قلقي أضعافا .
سألت شخصا بقربي :
- هل وصلت الطائرة ؟
- السؤال هل أقلعت ؟ أجاب وغرق في صمته .
- هذا ما نحاول أن نفهمه ..
أجاب آخر دون أن أوجه له السؤال . قلت وكأني أكتشف شيئا جديدا :
- ما المشكلة في معرفة ذلك ؟.. حين يعطون الموعد النهائي لهبوط الطائرة .. معنى ذلك انه أقلعت وأقامت الاتصال مع برج المراقبة ..؟
- ربما..
- ربما ؟
- هذا ما نحاول أن نفهمه منذ أكثر من ساعة .
- لماذا لا يعطون الجواب ؟
- لا أعرف .
- هل خطفت الطائرة ؟
- أفضل من سبب آخر .
- أي سبب ؟
- مثلا سقوطها.. ؟؟
- سقوطها ..؟؟!!
لا لن يحدث ذلك . ..الصغيرين وأنا ؟ .. أبدا .. هذا صعب على التصديق .
قالت موظفة جميلة محاولة أن يصل صوتها للجميع :
- حتى الآن لا ندري شيئا . الطائرة قد تكون عادت للمطار الذي انطلقت منه . أو هبطت لسبب أو آخر في مطار آخر . أرجو الهدوء والاطمئنان .. سنعلمكم بكل ما يصلنا من معلومات .
- عن أي هدوء واطمئنان تتحدثين ؟
انفجر أحد المحتشدين فأسكته الحشد :
- ما ذنبها .. هي موظفة ؟؟
- لماذا لا يخبروننا ..لماذا يتسترون ؟؟
صرخ آخر .
وقفت صامتا اسمع ما يدور من حوار وصراخ وتعليقات وهمومي تتكاثر . . وأنا في حيرة من أمري .
مرت لحظات ثقيلة . . والكل غارق في تأملاته وتأويلاته . لم أعد أطيق الصبر والصمت والتأويل .. تركت الحشد وذهبت أطمئن على الصغيرين .
(10)
أخذت الصغيرين شبه النائمين إلى داخل القاعة ،أجلستهما على مقعدين  وتركتهما يغرقان في نومهما الهادئ .
كان الوقت يمر مثقلا بالهواجس ، القلق الطارئ يتحول إلى خوف حقيقي من حادث مفجع . طلبت محادثة خارجية من البدالة الدولية ، تحدثت مع أقاربي فأكدوا أن زوجتي سافرت بالطائرة في الوقت المحدد حسب البرنامج ، وحسب ما يقدرون ، يجب أن تكون قد وصلت . قطعت المكالمة تاركهم لحيرتهم وكأن سكين جزار ماهر قطعتني نصفين من وسطي . كآبة دافقة ملأتني. مرارة شديدة تتسرب لأعماقي . اتجهت نحو مكتب الاستعلامات .. كانت الوجوه مرهقة وتبدو عليها ملامح معاناة شديدة . بعض النساء أطلقن العنان لدموعهن ، مما زاد شعور المرارة في نفوسنا ، واشتد خوفنا من حادث لا ندري قدره .
- في أخبار العاشرة لم يذكروا شيئا ...!
أيقنت أن الحديث يدور عن طائرتنا . رفض فكرة حادث مأساوي كانت تتأصل في نفسي . ترى هل ينفع ذلك ؟ هل له أثر فيما حدث بالفعل .. أو قد يحدث؟
هل من خبر جديد يزيل الكرب من نفوسنا ؟ هل من كلمة تزيل قلقنا ؟ قلت لجاري محاولا أن أنفس بعض همومي :
- الطائرة أقلعت .. الطيار أقام اتصاله مع برج المراقبة .. ثم انقطع الاتصال .. ولا يدرون السبب أين المنطق ؟
لم ينصت لي أو أنصت .. لا أدري . قال مخاطبا نفسه :
- كيف أستطيع أن أعيش بدونها ؟
واستأنف صمته الممتد كما يبدو . .. ونظراته المكسورة تبحث عن بارقة أمل .. ثم تسقط فوق الأرض .
وقفت مذهولا للحظات .. تأملته وأيقنت أن في ألأمر سرا ، تصارعت في رأسي عشرات الأفكار المؤلمة . حرت فيما أستطيع فعله . رفضت الفكرة الرهيبة التي يقودني إليها تفكيري . نظرت لوجوه الموظفات الجميلات ، اختيار ملائم لوضع غير ملائم .حاولت أن أستقرئ ما تخفيه ثغورهن المصبوغة بالأحمر ، وما تخبئه عيونهن البراقة وما يكمن وراء هدوئهن المبالغ لحد التصنع . عواصف من القلق . اشتد شعوري بالعطش الذي يلازمني منذ ساعة دون أن أعيه. لم تكن لي رغبة في شيء . . ولا حتى بقطرة ماء .تحركت حاملا ذهولي وحيرتي ، وقفت أمام براد الماء ، ضغطت بأصبعي .. ارتفع نافور الماء ، انحنيت ، رطبت فمي ولساني .. ولم أستطع أن أبلع الماء . تركت البراد وتوجهت إلى الصغيرين  شاعرا بالألم . حاولت أن أفكر بشيء لا أدري ما هو . تأملت في نقطة غير مدركة ، جلست ، أخذت الصغيرين في حضني ، ضممتهما بقوة ، تنشقت رائحة الطفولة ودفأها ، وزجرت دمعة كادت أن تفلت ، وانتفضت كالملسوع . فتحت عيني .. فركتهما لإزالة الغباش والأشكال السريالية للوجوه .. اتضحت المعالم والصور .. تذكرت الصغيرين ، وانتصبت متثائبا مذهولا .. مطلقا نظراتي في أرجاء القاعة بحثا عنهما ...

nabiloudeh@gmail.com

في ذكرى رحيل امير القدس فيصل الحسيني/ راسم عبيدات

في مثل هذا اليوم فقدت مدينة القدس علماً من اعلامها،وقائداً ورمزاً شكل عنواناً ومرجعيةً لأهلها،ولعل رحيله شكل خسارة لكل المقدسيين،وهذا واضح من حجم المشاركة الشعبية الكبيرة في جنازته التي خرج فيها كل المقدسيون لوداعه،فهي تثبت حجم الفاجعة والخسارة التي حلت بالمقدسيين برحيله،وقيمة وشعبية وجماهيرية هذا الرجل عندهم،حيث يجمع الجميع بان الحسيني قائد وطني بإمتياز،كان محط ثقة وإجماع وإحترام المقدسيين،والراحل القائد الحسيني كسب ثقة المقدسيين وإحترامهم،لا من خلال إرث وتراث ووطنية والده القائد الشهيد عبد القادر الحسيني فقط،بل استحقها عن جدارة في سياق صيرورة عملية،كفاحية،نضالية،مجتمعية وجماهيرية متواصلة،فهو على الصعيد الشخصي إمتلك "الكاريزما" القيادية،وابتعد الى حد كبير عن الفئوية،وكان حاضنة وعنواناً توافقت عليه كل مركبات ومكونات العمل الوطني والسياسي والمجتمعي الفلسطيني،حيث وجدت في مؤسسة بيت الشرق التي يقودها،عنوانا سياسيا تستطيع من خلاله مخاطبة سفراء الدول الأجنبية والزوار من الوفود الأجنبية،لكي تطلعها على ما تتعرض له مدينة القدس من إجراءات قمعية وإذلالية من قبل دولة الإحتلال،وما تقوم به من اعمال وتعديات وتجاوزات بحقهم خارجة عن القانون الدولي،وتشرح لها كل ما يتصل ويتعلق بالموقف الفلسطيني من مجمل قضايا المنطقة وفي مقدمتها الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي...والحسيني بطيبته وبساطته واخلاقياته المسيحية التي  تربى عليها في بيته وحركة القوميين العرب التي انتمى اليها وعدم تلوثه بالفساد الذي طبع ويطبع  الكثير من العاملين في السلطة ومؤسساتها بنسبة كبيرة،وقربه من الناس وهمومهم وتطلعاتهم،ومشاركتهم في أتراحهم واحزانهم،والوقوف على تفاصيل حياتهم،وكذلك المساهمة الجادة في إيجاد حلول لهم لما يتصل بمشاكلهم في العلاقة والصراع على الوجود في القدس مع الإحتلال،جعلت هذا الرجل يمتاز ويتميز عن وعلى غيره ممن عهد اليهم بقيادة ملف القدس،رغم العديد من العراقيل والعقبات التي وضعت له في الطريق،ومحاولة خلق البدائل والمنافسين،حيث كان هناك هاجس عند البعض بأن الحسيني،قد يشكل بديلاً لهم كقيادة وعنوان،ولكن كل هذا لم يجعل الحسيني يتراجع عن دوره او يفقده مكانته وحضوره الطاغي بين اهل القدس...فالقدس سكنت في عقله وقلبه كمقدسي أصيل،كان جل إهتمامه بان لا نخسر معركتنا في صراعنا مع المحتل على المدينة،هذا المحتل الذي يملك من الطاقات والإمكانيات والقدرات عشرات،بل مئات أضعاف ما نملك...ولذلك كان حريص على ان يوفر للمقدسيين أقصى ما يستطيع من مال وإمكانيات وحلول تمكنهم من الصمود والبقاء،حتى انه في اكثر من محطة ومناسبة وقضية وضائقة لجأ لإقتراض الأموال من اجل المصالح العامة للمقدسيين،كان بيته ومكتبه محجاً لكل أبناء الشعب الفلسطيني حتى من خارج مدينة القدس،حيث يتوسم فيه أبناء شعبه الخير والعطاء،ولذلك كان دوماً عنوان توحيد وتجميع،لا عنوان فرقة وإنقسام،شعاره الدائم القدس فوق الجميع.

مع رحيل أبا العبد الحسيني،الكل في القدس متفقين على انهم اصبحوا أيتاماً،لا عنوان او مرجعية لهم،رغم وجود اكثر من عشرة مرجعيات وعناوين تنطق باسم القدس،ولكنها للأسف ليست محط ثقة وإجماع وإحترام المقدسيين،بل ينظر لها المقدسيون على انها يافطات ودكاكين،إستحدث البعض منها من اجل حل خلافات وإشكاليات ومواقع لهذا القائد او ذاك،ليس لها علاقة او حضوراً او مساهمة في معالجة جادة وحقيقة لما يواجه المقدسيون من حرب شاملة تشن عليهم من قبل دولة الإحتلال وبلديتها ودائرة معارفها واجهزتها المختلفة،من اجل طردهم وتهجيرهم عن مدينتهم،عبر مجازر ترتكب بحق البشر والحجر والشجر،مجازر الإقتلاع والطرد والتهجير القسري،وخنقهم حتى في أدق تفاصيل حياتهم اليومية،ودفعهم نحو الإحتراب العشائري والقبلي والطائفي والجهوي،وتفكيك وتدمير نسيجهم المجتمعي والوطني،وأسرلة وعي أبنائهم وتطويعه وصهره،عبر فرض منهاج التعليمي الإسرائيلي عليهم من المرحلة الإبتدائية.

إن من يتحمل المسؤولية المباشرة في تعدد العناوين والمرجعيات،وحالة "التوهان" والضياع التي يعاني منها المقدسيون،نتيجة التضارب والتنافس فما بينها،هو المستوى السياسي ممثلاً باللجنة التنفيذية  وقيادة السلطة الفلسطينية،والتي هي من يمتلك القرار والصلاحية،في توحيدها ووقف حالة التشرذم والتعددية فيها،وتبديد وهدر المال العام على مثل هذه المرجعيات،التي لا يلحظ لها أي فعل وعمل جدي لخدمة أبناء المدينة،وبالذات القرى والبلدات الواقعة تحت مسؤولية وسيطرة بلدية الإحتلال،ومن هنا أقول بانه آن الاوان لكي يتم وضع النقاط على الحروف،بان تتحرك المرجعيات السياسية لكي تستجمع كل الإمكانيات والطاقات،عبر مرجعية وعنوان واحد،تتفرع عنه عناوين ولجان ذات إختصاص،فالمقدسيون وصلوا حالة الكفر،بكل ما هو قائم،ويعتبرون بأنهم أصبحوا فئران تجارب ومصدر رزق ودخل و"شحدة" و"تسول" للبعض ولكن دون ان يقدم لهم من دعم ومال وإمكانيات وحتى مواقف سياسية،بما يمكنهم ويعزز صمودهم وبقاءهم.

في الذكرى السادسة عشرة لرحيل امير القدس وفارسها،نقول آن الآوان لنا كمقدسيون ان نغادر لغة الندب والبكاء والتشكي،وان نستجمع كل طاقاتنا وإمكانياتنا ونوحد جهودنا وإمكانياتنا عبر مرجعية شعبية علنية يجري فرضها على صناع القرار بان تكون العنوان التمثيلي لأهل القدس،فيما يتصل بهمومهم ومشاكلهم اليومية،فالقدس تهود وتأسرل في تسارع غير مسبوق،ولن ينفعنا ولن يفيدنا،استمرار الجدل البيزنطي حول جنس الملائكة ذكر أم انثى...الخطر داهم،جدي وحقيقي،فحكومة الإحتلال عقدت جلستها الحكومية على بعد عدة امتار من الأقصى،ومشاريعها التهويدية لا تتوقف،وكذلك هي مشاريع أسرلة وصهر الوعي الطلابي،وقادة الإحتلال يقولون بان القدس لنا موحدة غير مقسمة وعاصمة أبدية،والتهويد يتم بالأقوال لا بالأفعال،حسب وصف المتطرف بينت،ونحن مستمرون في رفع الشعارات وبيانات الشجب والإستنكار و"الهوبرات" و"الزعبرات" الإعلامية،بان القدس عاصمتنا الأبدية،والقدس خط احمر،دون ترجمة فعلية لذلك على الأرض،فهل نصحو مما نحن فيه وننقذ قدسنا من الضياع،ام نستمر في جدلنا البيزنطي حول جنس الملائكة ذكر ام أنثى ...؟؟. 

صرخاتٌ على عثراتٍ للتاريخ العراقي ولا نعرفُ ما الآتي/ كريم مرزه الأسدي

وهذا الزمنُ الضائعُ في ظلِّ المتاهاتِ

ولا نعرفُ ما الآتي

ولانعرفُ غيرَ الله قد بعناهُ في سوق ِ الضلالاتِ

سحقنا الخبزَ والأيامَ

قرباناً إلى اللاتِ

وعشنا نحلبُ الأوهامَ والأحلامَ

من ثدي الخرافاتِ

ولا نعرفُ ما الآتي...!!

***************

ويُدمي بعضُنا بعضاً لعرش ٍ قد صنعناهُ

 من الرمل ِ

 أو الشمع ِ

كرمز ٍ للمباهاةِ

ولا نعرفُ ما الآتي...!!

*****************

منذُ البدءِ كانتْ زلّة ُ الفكر ِ

إلى لذاتنا نجري

فعسفاً (حيدر) الكرار

حاسبناهُ في ( صفينَ )

 ضيّعناهُ في ( الجندلِ )

ما بينَ الجهالاتِ

بهذا (الخاتمِ) المشؤومِ

نقضي حكمنا القاسي

 بينَ اللهِ والناس ِ

قتلناهُ بسيفِ الأفكِ والردّة

إبانَ الصوم ِ والسْجدهْ

وفي ركن ِ العباداتِ

ولا نعرفُ ما الآتي...!!

*****************

وفي هدهدة ٍ للزمن ِ الغافي

بنكران ٍ وإجحافِ

دعونا  (سيد الأحرارْ )

لم نفزعْ لهُ بالثارْ

ضجّتْ ( كربلا ) بالنوحْ

لم نسمعْ نداءَ الروحْ

نهزأْ بالدم المطلولْ

بالثائر ِ والمقتولْ

 رفعنا الرأسَ فوقَ الرمح ِ

لا نهبأ ُ من عدل ِ السماواتِ

ولا نعرفُ ما الآتي...!!

***************

فقام السيفُ و (الحجّاجُ )

من بين ِ خطايانا

على أشلاء ِ قتلانا

ولما حلَّ بهتانا

وصار الغدرُ عنوانا

فرشنا الودَّ بالإكراهِ

معجوناً بآهاتِ

ولا نعرفُ ما الآتي...!!

**************

لقد ضاعتْ ليالينا

بمكر ٍ من جوارينا

وبينَ الزقِّ والعودِ

ولحمِ البيض ِ والسّودِ

يهزُّ السيفّ ( أشناسُ )(1)

فحدُّ الملكِ ( أقفاصُ ) (2)

ونغفو في المناماتِ

ولا نعرفُ ما الآتي...!!

****************

ومن أيّامِ  (هولاكو )

نصبُّ الدمعَ في الوادي

على أنقاض ِ بغدادِ

ووزّعنا بلادَ العربِ

للأتراكِ

للرومِ ِ

لشطر ِالفرسِ مرّاتِ

ولمّا هدّنا الموجُ

سبحنا في الخيالاتِ

ولا نعرفُ ما الآتي...!!

*****************

وجاءَ النفط ُ مختالاً

 على سرج ٍ من العُهْر

بعينين ٍ من الدرِّ

 فوزّعنا بطونَ الأرض ِ

 للأعرج ِ 

 والأخرس ِ

 والأعور ِ

بعنا نخوةِ العربِ

بلذاتٍ وآلاتِ

ولا نعرفُ ما الآتي...!!

*** *** ***

وحلـّت زمرة ٌ تـُهدي

بأحزابٍ ولا تجدي

سوى الانـّات بالليل ِ

فتغدو صيحة الويل ِ 

لسحل ٍ واغتيالاتِ

وتهجير ٍوأنـّاتِ

حروبٌ ما لها عدّ ُ

ولا هدٌّ ٌ ولا سدّ ُ

سوى موتٍ وعلاّتِ

وجوع ٍ وامتيازاتِ

ولا نعرفُ ما الاتي...!!

*** **** ****

وحلّتْ دولة الضعْفِ

بضرب الكفِ بالكفِّ

وفي السرّ وما يُخفي 

لرفع الحيفِ  بالحيفِ 

وضرب الصفِّ  بالصفِّ

وقطع الرأسِ بالسيفِ

ورمي العُهرِ  للعفِّ

فذا عهـــــد العمالاتِ  

وموجٌ  لطمهُ عاتِ 

ولا نعرف ما الآتي...!!


******************

مساراتٌ  بعثراتِ

وزلاّتُ المـلمّــــاتِ

وكي نصحو من (القاتِ) !!(3)

وعاداتِ  الســـــخافاتِ

بأن نسمو على الجمعي(4)

بفكرٍ حدّهُ ماضِ

وعقلٍ نيّرٍ قاضِ  

وأنْ نعرفَ ما الماضي

بتمحيص ِ الرواياتِ

وأنْ نعرفَ ماالآتي

بترتيبِ احتمالاتِ

وأنْ نصرخَ بالحقِّ

 وبالعدل ِ وبالصدق ِ

وأنْ نعرفَ ما الدنيا

وما الدهرُ الّذي نحيا

 وأنْ نبدعَ للابن ِ

 وللابن ِ

 وللابن ِ

بأن يعرفَ ما الآتي

و ما الآتي

و ما الآتي

بتمحيص ِ الرواياتِ

وترتيب احتمالاتِ

ولا نبقى بغفلاتِ

يجرُّ الويلُ ويلاتِ

______________________________________________________
(1) أشناس : قائد تركي شهير في عصر  الخليفة المعتصم ( ت 227 هـ ) 
(2) إشارة الى بيتين ,قالهما أحد الشعراء -  لم ينسبا الى أحد - في حق الخليفة المستعين ( ت 250 هـ)
خليفة في قفص ***    بين وصيف وبغا 
يقول ما قالا له ***     كما تقول  الببغا
(3) القات : نبات شهير في اليمن ، يخزنه العامة والخاصة في أفواههم  بجلسات سمر طويلة ، قيل إنّه  مخدر ، وقيل غير ذلك .
(4) الجمعي يعني العقل الجمعي  

الإرهارب الأسود والزى الكهنوتى/ أشرف حلمى

أرتبط  ظهور الأرهاب الأسود بلون الزى الكهنوتى للأقباط  الذى أعتاد ان يظهر به الأرهابيين المرتبطين بجماعات الجهاد الإسلامى أمثال حماس وداعش وذلك أثناء تنفيذ عملياتهم الارهابية والظهور الاعلامى لقاداتهم ولن ينسى مطلقاً المصريين العرض العسكري الذى قام به مجموعة من طلاب الأزهر الإرهابيين داخل جامعة الأزهر نفسها مرتدين نفس الزى الداعشى رافعين إعلامهم الإرهابية , هذا العرض الذى تأثر به بعض الشباب السلفى والاخوانى وانضموا اليهم  فيما بعد لتنفيذ خططهم الإرهابية التى من شأنها  فرض الفكر الوهابى التكفيري بالقوة على الشعب المصرى .
ونظراً لان اللون الأسود الذى يستخدمه رجال الدين المسيحى من الاقباط فى مصر مرتبط بزيهم الكهنوتى فهناك مخاوف من إستعمال الإرهابيين لنفس الزى كما استخدموا ومازلوا يستخدموا زى كل من الجيش والشرطة فى تنفيذ أعمالهم الإرهابية وخاصة ان الحكومة المصرية رافضة تسجيله رغم النداءات المتكرره من جانب الكنيسة القبطية منذ عهد المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث حتى تلك اللحظة إذ يمكن لهولاء الجماعات الإرهابية إرتدائه لتنفيذ عملياتهم الإجرامية نظراً لسهولة إخفاء الأسلحة والاحزمة الناسفة وغيرها أسفل جلبابهم الأسود فى العديد من الحالات منها 
أولاً اختراق الكنائس والأديرة والمؤسسات الخيرية والجمعيات المسيحية وغيرها وذلك أثناء دخول الإرهابيين هذه الأماكن خاصة عندما يستخدمون طرقاً مشروعة منها زيارة الأديرة سواء ايام الأعياد الخاصة بها او العطلات الرسمية باستخدام رحلات وهمية سواء بالسيارات او الأتوبيسات  كذلك الكنائس ايام النهضات الخاصة بأعياد قديسها  , لذا على جميع المشرفين لهذه الأماكن توخى الحذر بالترتيب مع رجال الدين المسيحى لتحديد ميعاد زياراتهم والتأكد من الذين  يرتدون الزى الكهنوتى قبل السماح له بالدخول لاو من هذه الأماكن 
ثانياً أستغلال الزى الكهنوتى لأعمال الخطف والنصب : 
اذ يمكن لهولاء الإرهابيين التخفى فى هذا الزى سواء فى صور راهبان او كهنة  او حتى راهبات لخدع المسيحيات والأطفال بهدف إختطافهم او النصب عليهم سواء بالشارع او الذهاب الى منازلهم خاصة فى القرى والنجوع  التى تعانى من قلة الكنائس حيث بساطه الناس والتشوق لروية اى من رجال الكهنوت .
ثالثاً أختراق مؤسسات الدولة : اذ يمكن للارهابيين الدخول الى هذه المؤسسات مثل مديرات الامن وأقسام الشرطة والمحاكم وغيرها بمساعدة الخلايا النائمة العاملة داخلها والتابعة لتنظيم الاخوان الارهابى والسلفيين للقيام بعمليات إنتقامية على خطى ما حدث بعد ثورة يونية .
لقد حان الاوان ان تتحمل  الحكومة المصرية مسئولياتها تجاه تسجيل  الزى الكهنوتى الرسمي لرجال الدين المسيحى كذلك الراهبات إستجابة للنداءات السابقة وذلك لحماية المواطنين من الذين يستغلون الزى فى أعمال تهدد أمن المواطنين وحمايتهم الإ اذا كان هناك ضغوط خارجية او تمييزاً متعمداً من جانب الحكومة المصرية يحول دون تسجيل زى الكهنوت المسيحى رسمياً  .

كَهف وكُهيْفة .. رسالة الخلاص/ إبراهيم أمين مؤمن


كانت الدنيا العروس تحترب خلجات كهف وكهيْفة بعد أن تتخذ هوى النفوس سهاماً فترمى بها فتصيب.
وتُغير حتى إذا ثقفتْ ألقتْ العداوة والبغضاء .
لقد أدركا ان هذا العالم الملتهب لابد ان يهرب من تلك السهام أو يتحصن بعزلة فى كهف من الكهوف .
كما أدركا أنهما لابد ان يحملا عبء هذا العالم المنصهر فى مراجل الكُره والأطماع.
فامتطيا فرسيْن حامليْن راية الهجرة.
مسرعيْن بصهيل الجياد,مضيا مسرعيْن وكأنهما يبعدان عن مرمى سهام الدنيا .
ظل كهف وكهيْفة مسرعيْن حتى ظهر لهما مُرادهما وهو كهف الخلاص.
************ 
نزلا وأبصرا الكهف فى ذهول لأنه بعث فى نفسيهما الخشوع والزهد .
وتسائلا .. ما بالداخل ؟
إنه يبعث فى النفوس وحى الحكمة التى تخطُّ وثيقة السلام وتفك طلاسم العالم المجهول المحترب وتخلصه.
إنه كهف يربّي النفوس فتطوق إلى الرأفة والحكمة .
فوقفا بالكهف أُفق الحدث.
ذلك الأفق الذى يفصل بين نفسيْن ,(نفسٌ صاخبةٌ) فإذا ولجته آلتْ (نفس مطمئنة).
وأخذا يُرتلا طقوس العبور والتكهّف بخشوع الواجلين.
وعبرا ثم دخلا ثم دارتْ عيونهما ثم رقدا رقد المتفكرين.
وانبسط الفرسان بسط الحارسين,وأعينهما ترمى بشررٍ لافحٍِ لو اطلعتَ عليهما لوليتَ فراراً.
*************
لقد اختليا بالكهف وتجردا من سهام الدنيا المتراشقة من أقواس هوى الأنفس الجامحة.
تركا العالم لإيجاد العالم,وهربا منه إليه,وعزما ان يواجها كل التحديات فى سبيل إنقاذه.
لقد صدقتْ العزيمة فتنزّلتْ عليهما كل المعانى الروحية وتغرْبل قلبيْهما فصفيا صفاء الملائكة بعد طول التكهّف وإتقاء العالم الرذيل.
لقد استقرءا فى أيامٍ قلائلٍ من التكهّف حال هذا العالم وكيف فسدَ واحتربَ وغوى.
فخطا له رسالة الخلاص.
الرسالة...
(من كهف وكهيفة إلى هذا العالم التائه....
لقد عبرنا أُفق الحدث وولجنا باب الكهف الذى أنزلَ علينا حكمة وسكينة ,فاستقرءنا من ماضيكم وحاضركم كيف يكون خلاصكم فى مستقبلكم .
أطلقوا أنفسكم نحو ضمائركم لتزيل الوقر والعمه والغشاوة منها, تُزيل على أرض كهفٍ تستطيعون ان تبنوه من وحى إرادتكم وحسن نواياكم على بُسط قلوبكم .
ما ترغبون لأنفسكم ارغبوه لغيركم.
وارضوا بما وُهبتم ولا تنزعوا نعماء غيركم ,فالقليل مع الرضا كثير والكثير مع الطمع قليل .
واحتموا بكهوفكم ولا تخرجوا منها فتصيبكم سهام دنياكم .
واعلموا ان ألحان السلم كنز البقاء,وطبول الحرب رمز الفناء.)
************
عبر كهف وكهيفة من وحى الحدث إلى خارجه فوجدا الفرسيْن فركبا ومضيا عازميْن على خلاص العالم.
ومرّا على الملوك والسلاطين وقرءا علي أسماعهم المرسوم 
مِنْ كهف وكهيْفة إلى الملك الأحمر ...
( الرسالة.............­..... )
مِنْ كهف وكهيفة الى الملك الأصفر 
(الرسالة ....................­)
من كهف وكهيفة الى الملك الأبيض والأسود
(الرسالة ....................­)
من كهف وكهيفة الى كل أديان العالم 
(الرسالة ....................­)
فأبوا الطامعين 
ورضوا القانعين 
وابتغوا بها الضعفاءُ..... القوةَ.
وابتغوا بها الأذلاءُ...... العزةَ.
*************
عزم الطامعون الطغاة على طرد كهف وكهيفة .
قال كهف وكهيفة:نخرج بالضعفاء
قال الطامعون : تخرجا صاغريْن واتركا لنا ضعفائنا
وظلا يتحاوران وعلى الجانب الآخر نرى الضعفاء يرغبون فى أمرين:
إما الرحيل او
البقاء بمقاومة الطغاة ...فقد كانت الرسالة تهبهم قوة الشجعان واستنفار الأبطال ورغبة الشهداء.
ولم يجد طغاة الارض جميعاَ إلّا ان يتخلصوا من كهف وكهيْفة حتى يتقوا ثورات شعوبهم .
وبيّتوا أمرهم ليخرجوا على كهف وكهيفة ليقتلوهما .
فلمّا علما بمكرهم ركبا الفرسيْن وخرجا خائفيْن .
فاتبعوهم الطغاة.
حتى إذا بلغا الكهف دخل كهف وكهيفة وعبرا أُفق الحدث واجتذبهما الكهف جذبة المغيث .
وحاول الملأ اختراق أُفق الحدث والعبور فاحترقوا ,
إحترقوا لأن قوة الحق فى الكهف أعلى من مطامعهم وأباطيلهم.
إنتابتهم رعشة الخوف والجبن وتأجج الغضب منهم فاشتعلوا محترقين.
وأردف الضعفاءُ الجمعيْن وشاهدوا هلاك ملوكهم ففرحوا 
وخافوا ان يعبروا الكهف ليلاقوا كهف وكهيفة فنادوا عليهما فلم يردّا.
فعزموا على الإنتظار ولكنْ طال الانتظار سنوات ,وعلموا حينئذ أنهما ماتا حميديْن.
*************
نعم ... هذا حال العالم الان 
اُجهضتْ كل الرسالات بسبب الأطماع .
ولم نسمع فى هذا العالم إلّا زئير وعواء الطغاة وسط صراخ متواصل من أفواه الضعفاء .
ولاحق الطغاةَُ المصلحين فى هذا العالم ونفوهم وقتلوهم.
ولم تَطلْ المطاردات المصلحين فقط, بل طالتْ الطغاة أيضاً فماتوا ودُفنوا فى مزابل التاريخ.
أقام الطغاة على بُسط قلوبهم عرائن من خيوط العنكبوت وأغمضوا عيونهم عن كهوف الرحمة. 
أيها القاصى والدانى: 
عليكم بزيارة كل قبر فيه كل (كهف وكهيفة ).
أُنثروا عليهم الزهور 
واستقووْا من قبورهم ما يُبقيكم فى عزة وحق.
واعتبروا بسيَرهم حتى تأمنوا مآلكم.
**************

ندم/ عبدالقادر رالة

 
   لدينا أمور نندم عليها جميعنا ، وأحيانا تبكينا فيما يتعلق بأسلوب تعاملنا مع أمنا الله يرحمها !
أنا الابن الأكبر  سليمان..   
منذ خمسة وثلاثين سنة اشتهت  أمي العنب ! فصرخت في وجهها وقلت لها :
ـ اشتري لك الموت! كنت دائم الخصام معها ..لأني أواعد فلانة السيئة السمعة ولا أحرص على زوجتي وابني الصغير..لم أكن أحب زوجتي ، فأمي لم تترك لي حرية الاختيار ، ولن أسامحها هي وجارتنا رقية! وطلقت زوجتي فيما بعد !
ورحلت الى مدينة بعيدة...  ويوم توفيت ... لم أحضر جنازتها وكان بإمكاني الحضور ، وحتى الآن لم أزر قبرها!
أنا الابن الثاني جيلالي..
  زرتها في احد الامسيات الشتوية الباردة .. كانت تعيش عند أخي الاصغر مروان ... دخلت عليها في غرفتها...وقد تدثرت بأكثر من غطاء..
 ترجتني أن أشتري لها قارورة غاز بوتان لأجل المدفأة..وأخي فقير وموعد منحة البلدية لا يزال بعيدا...وعدتها لكني لم أفي بالوعد..قارورة غاز...مائتي دينار ...ماذا تساوي بالنسبة لتعبها من اجلنا حتى صنعت من رجال!
 وفي منتصف ليلة ذاك اليوم البارد سمعت طرقاً قويا متتابعا ...فتحت الباب.. ابن اخي سعيد يخبرني أن جدته توفت...  بكيت دموعا حارة....
 أنا الابن الأصغر مروان... كانت دائمة الشجار مع زوجتي ..فكنت اصرخ فيهما واشتمهما للاثنتين! فتبكيان معا..لكن بكاء الزوجة ليس كبكاء الأم !
 وما يواسيني الأن انها قالت وهي تحتضر بأنها راضية عني ، وعن زوجتي وعن أولادي!
توفت عندي ، في بيتي ، وبين احضاني..ورغم ذلك أشعر بالندم لأني لم أدللها ولم اشتري لها الملابس أو الفواكه كما يفعل الابناء البارون مع امهاتهم!
 هل تتصورون  بأن يوم وفاتها كان يوما مباركاً ؟ اذ سترني الله ، ولم يفتضح فقري امام الناس ذو الالسنة  الطويلة! اذ وقف معي الجميع ، اصدقائي، الجيران و القليل من الاقارب ، وكان ذلك يثير حنق اخي جيلالي لماذا المساعدات المالية القليلة أو الكثيرة تُعطى لي أنا فقط؟
  سبعة ايام وأنا استقبل  المعزين...ولم ينقص شيئ  من اللحم ، الكسكسى ، المرق والشاي أوالقهوة. . وفي اليوم الثامن بقي عندي ورقة من فئة خمسمائة دينار ثمن قارورتي غاز!
 أنا البنت الوحيدة وأصغر اخوتي جميلة..
  رغم اني اسكن في مدينة بعيدة جدا ً... إلا اني اتيت و أسفت لأني لم أحضر التغسيل والدفن...ولم ارى وجه أمي لأخر مرة....وصلت متأخرة....
 أنا نادمة على شيء واحد ... يبكيني ....كلما كنت أزور أخي مروان كانت تترجاني بأن أنام بجانبها وتحتضنني كما كانت تفعل وأنا صغيرة... لكني كنت أتحجج بالحرارة...العرق...وبناتي الصغيرات... ومنذ أن توفت والدتي لم تعد لي الرغبة في زيارة المدينة ، ولا صرت اشتاق الى اخوتي و اولادهم!

دروس من الهند في التعليم ومكافحة الامية/ د. عبدالله المدني

منذ نشوء الهند ككيان مستقل وضعت حكومتها على رأس أهدافها محاربة الأمية على اعتبار أنها أم المشاكل، فهي التي تولد البطالة والفقر والجريمة والاحباط وتجاوز القانون. ورغم كل الصعوبات التي واجهتها في تحقيق هذا الهدف بسبب اتساع رقعة البلاد وضخامة عدد السكان  وتنوع ثقافاتهم ولغاتهم فإنها استطاعت أن تتقدم بخطى ثابتة نحو الأمام، من خلال سن قوانين تفرض التعليم الاجباري حتى سن الرابعة عشرة؛ ونشر الوعي بأهمية التعليم كوسيلة لتحقيق مستويات معيشية أفضل؛ واستقطاع نسب معتبرة من الميزانية العامة من أجل الإنفاق على التعليم. وبموازاة ذلك راحت الحكومة تحث الأثرياء على مد يد العون للدولة في خططها التعليمية، وتحث المواطنين المتعلمين أيضا على التطوع في حملات نشر التعليم ومحو الأمية في أرجاء البلاد.
وكان من نتائج جهود اشراك المواطنين والمنظمات الأهلية في هذه العملية ظهور مبادرات تعليمية غير تقليدية مثل "برنامج الهند تقرأ" الذي انطلق من مدينة بومباي واستهدف الوصول إلى أكبر عدد من الأطفال الهنود في المناطق النائية والفقيرة لضمان حصولهم على حقهم في التعليم الأولي على الأقل، بل عملت المبادرة على أن يكمل كل طفل برنامج القراءة والكتابة خلال 50 يوم. وكان من أسباب نجاح المبادرة ووصولها إلى نحو 35 مليون طفل في 20 ولاية هندية مختلفة، وضع أهداف مرحلية سهلة التحقيق؛ واستثمار جهود الشباب المتعلم من خلال التواصل المباشر معهم؛ وترغيبهم أولا في محو أمية أطفال بلداتهم وقراهم.
ومن جانب آخر ظهرت مبادرات تركز على محو أمية الأمهات والجدات من خلال مدارس قروية يذهبن إليها يوميا بعد انتهائهن من أعمالهن المنزلية أو واجباتهن اليومية في الحقول الزراعية، حيث يؤدين الصلاة ثم يشرعن بحماس في تعلم الكتابة والقراءة والحساب على أيدي نساء متطوعات.
وهكذا فإن نسبة الأمية التي كانت تصل في السبعينات إلى اكثر من 66 بالمائة انخفضت في عام 2011 مثلا إلى 25 بالمائة، وهذا دليل قوي على ما حققته الهند على صعيد محو امية مواطنيها، في الوقت الذي فشلت فيه بلاد أصغر مساحة وأقل سكانا وأكثر موارد واخف تعقيدا جهويا في تحقيق إنجاز مماثل. غير أن منظمة اليونيسكو قالت في تقرير لها في عام 2014 أن الهند هي الأعلى عالميا في نسبة الأمية، مضيفة أن عدد مواطنيها الأميين يبلغ 286 مليون نسمة! هنا يجب الحذر من الوقوع في اللبس. فالتقرير يستخدم الرقم المطلق الذي، رغم ضخامته، يبدو متواضعا بالنسبة لعدد سكان الهند البالغ تعداده نحو 1.25 مليار نسمة، ولا يمثل سوى أقل من 25 بالمئة.
وبطبيعة الحال فإن نسبة من يقرأون ويكتبون من الهنود تختلف من ولاية إلى أخرى، ما بين عالية ومتوسطة وقليلة. فمثلا احتفلت ولاية كيرالا الجنوبية قبل سنوات قليلة بمحو أمية آخر مواطن من مواطنيها البالغ تعدادهم 30 مليون نسمة. وهذا في الحقيقة أمر لم يتحقق من قبل في أي ولاية هندية أخرى. وقد يُعزى سبب نجاح كيرالا إلى عوامل مثل عدد سكانها القليل نسبيا؛ وهيمنة الحزب الشيوعي على حكومتها المحلية لأكثر من ربع قرن وبالتالي إيلاء الحزب كعادته اهتماما خاصا بتعليم المواطنين من أجل خلق كوادر متعلمة له؛ والتركيز على تعليم الفتيات والنساء إنطلاقا من مفهوم مفاده "أنك إذا علمت رجلا فإنك تعلم فردا واحدا، لكن إذا علمت إمرأة فإنك تعلم عائلة بأكملها"؛ ووجود مدارس الإرساليات الأجنبية في مدن الولاية منذ القدم. 
وفي هذا السياق يذكر أن أبناء كيرالا شغوفون بالتعلم ومن ثمّ نقل ما تعلموه إلى ذويهم، بدليل أن شواطيء الولاية عادة ما تكتظ بالصغار، ليس من أجل السباحة أو اللهو أو استخدام رمالها لبناء القلاع، وإنما من أجل حضور حلقات لتدريس الكتابة والخط على الرمال.
إن ما تحقق في كيرالا، التي تعتبر واحدة من أفقر الولايات الهندية، شيء رائع ودرس في كيفية خلق رأس مال بشري في ظل موارد محدودة.
بعيدا عن الأمية ومعالجتها، لكن في سياق الحديث عن العملية التربوية في الهند، لابد من الإشارة إلى أن الهند قد حققت في العقود السبعة الماضية انجازات مشهودة. فقد حافظت على ما خلفه المستعمر البريطاني وراءه من جامعات ومعاهد وكليات (مثل الكلية الهندية في كلكتا التي تأسست في 1817، ومؤسسة فيسمتون التعليمية في بومباي التي تأسست في 1834، وجامعات كلكتا وشيناي وبومباي التي انشأت بالتزامن في 1857) ومدارس تبشيرية ونظم تربوية ومناهج صارمة، ولم تقم باجتثاثها بحجة قطع الصلة بالماضي الإستعماري كما فعل العديد من الأنظمة الثورية. ثم انطلقت من هذه القواعد التعليمية الصلبة لتضيف مئات الجامعات والكليات التقنية المتنوعة والمعاهد المتخصصة في طول البلاد وعرضها من تلك القادرة على تأهيل وتخريج ملايين الطلبة سنويا في مختلف التخصصات (منها 4338 كلية للهندسة والتكنولوجيا). وهكذا، صارت الهند اليوم صاحبة ثاني أكبر شبكة تعليم في العالم، وصارت عشر من جامعاتها ضمن قائمة أفضل مائة جامعة في العالم، وصارت تملك كتلة من الحرفيين المدربين من خريجي المدارس الفنية في حدود مائة مليون نسمة.
ومما لا شك فيه أن هذه الانجازات انعكست بصورة ايجابية على الإقتصاد الوطني، بمعنى أنها خدمت الشركات الوطنية العاملة في قطاعات الصناعة والزراعة والتكنولوجيا والتصدير والاتصالات والفضاء والدفاع، وبالتالي ساهمت في الارتقاء بالبلاد ووضعها على دروب التقدم.
د. عبدالله المدني
*استاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي من مملكة البحرين
تاريخ المادة: مايو 2017 
الايميل: Elmadani@batelco.com.bh


رياضة المشي.. فوائد صحية ورشاقة/ نعمان عبد الغني

الامين العام للأكاديمية الدولية لتكنولوجيا الرياضة – السويد-
 تعد رياضة المشي من أهم و أسهل أنواع الرياضات التي من الممكن أن يمارسها الأنسان، بغض النظر عن عمره و لياقته البدنية، و تساعد على حرق الدهون بسهولة، و تساعد على الحماية من العديد من الأمراض، كما تعالج صعوبة النوم، و تجعل الشخص يشعر بالنشاط و الحيوية، و التخلص من التوتر و القلق، و يرفع من مستوى الطاقة الذهنية و الذكاء و التركيز
كيف نمارس رياضة المشي بالشكل الصحيح؟
من المهم ارتداء الأحذية الرياضية المناسبة, فارتداء هذه الأحذية يسهل عملية الحركة, و يقلل من احتمال الإصابة بآلام في العظام بعد المشي، كما أن الحذاء المريح يساعدنا في السير لمدة أطول.
ارتداء الملابس الرياضية المريحة، فذلك يجعلنا أكثر راحة و استمتاعا في ممارسة الرياضة, و لا يعيق حركة الدورة الدموية التي تتأثر بالملابس الضيقة, كما أن الملابس الرياضية هي ملابس قطنية لها قدرة على امتصاص العرق.
اختيار وقت مناسب للمشي, ويعد الصباح هو أفضل أوقات المشي، فالمشي يطلق طاقة الجسم مما يجعلنا نقوم بأعمالنا اليومية بكل نشاط، أما إذا كان ذلك صعبا في الصباح, فإن وقت الغروب أو الساعة الأخيرة من النهار هو وقت مناسب أيضا، فأشعة الشمس لن تكون حاره، و لكنها موجودة مما يدعم الجسم بفيتامين D  و يسهل تثبيته على العظام من خلال المشي، و لا ينصح بالمشي في وقت الظهيرة فأشعة الشمس الحادة مضرة، و كذلك الحرارة العالية تفقدنا الكثير من السوائل و الأملاح من خلال التعرق الزائد في هذا الوقت، و كذلك المشي قبل النوم أو في ساعات الليل المتأخرة يعد أمرا غير محبب، فالطاقة الناتجة عن المشي، و التي تكون متاحة في الدم ستجعل الجسم في حالة من اليقظة مما يسبب الأرق.
البدء بالمشي البطيء كنوع من الإحماء الذي يساعد في تمدد العضلات، لأن البداية بالمشي السريع تسبب ضغط قاسي على العضلة المتقلصة مما يحدث الألم و التشنج.
رفع سرعة المشي بطريقة تدريجية خلال العشر دقائق الأولى من المشي، ثم السير بسرعة عالية لمدة عشرين دقيقة، فالجسم يبدأ بحرق السعرات الحرارية بعد 10-15 دقيقة من بدء ممارسة الرياضة.
تناول السوائل خلال المشي بشكل مستمر من أجل تعويض الماء و الأملاح التي يفقدها الجسم من خلال التعرق، حتى لا يدخل الجسم في حالة من الجفاف التي قد تسبب أعراض صحية خطيرة مثل هبوط الضغط، أو الدوخة والصداع، و تزيد أو تقل حاجتنا للسوائل تبعا لطبيعة الجو و كمية التعرق.
تنفس الهواء النقي أثناء السير مما يعني الابتعاد عن أماكن السيارات و الدخان من أجل الحصول على أكبر قدر من الأكسجين خلال التنفس، ليدخل إلى جميع خلايا الجسم، فيساعد في نشاطها و التخلص من الإجهاد، و كذلك تنشيط عملية الحرق التي تحتاج إلى الأكسجين النقي لتكون في أفضل حالاتها.
المشي لن يكون صحيا إذا لم لم يكن وضع الجسم خلاله صحيحا فعلينا رفع الرأس و جعل الظهر على استقامة واحدة من الرقبة و الرأس،وكذلك شد المنطقة البطن خلال المشي، أصابع القدمين إلى الأمام باستقامة و الخطوات واسعة مع تأرجح اليدين بشكل واسع و بحركة متناغمة مع الخطوات.

إن المشي يعتبر هو أفضل ما يمكنك أن تقدمه لجسمك لما له من تأثير إيجابي على الصحة الذهنية والبدنية عند ممارسة المشي لمدة 30 دقيقة يوميا،
1-     يحافظ على الجسم سليما وصحيا لمدة أطول
حيث أن بعض الدراسات أثبتت أن الأشخاص الذين يواظبون على ممارسة رياضة المشي بانتظام تنخفض بينهم نسبة الوفيات، كما أنهم يكونون أقل عرضة للإصابة بمرض السرطان والسكتات الدماغية.
2-     فقدان الوزن الزائد
إن المشي يعتبر من أكثر أنواع الرياضات التي تساعد على فقدان الوزن الزائد فإذا كنت تعاني من السمنة والوزن الزائد فعليك بممارسة رياضة المشي
3-     يحمى من الإصابة بالسمنة
كما أن المشي مفيدا للأشخاص الذين يعانون من السمنة والوزن الزائد فهو مفيد أيضا للأشخاص ذات الوزت المثالي لأنه يحميهم ويمنع إصابتهم بالسمنة، فاحرص على المشي يوميا ما لا يقل عن 2000 خطوة.
4-     تقليل خطر الإصابة بالسرطان
لقد أثبتت الدرسات أن المشي بشكل منتظم مع ممارسة التمارين الرياضية يقلل من خطر الإصابة ببعض أنواع مرض السرطان كسرطان الثدي وسرطان القولون.
5-     تقليل خطر الإصابة بمرض السكري
فالمشي لمدة 30 دقيقة يوميا يقلل من فرص الإصابى بالنوع الثاني من مرض السكري، فالسكر مرض مزمن ومنتشر على مستوى العالم فاحمي نفسك من الإصابة به بممارسة رياضة المشي مع التمارين الرياضية الأخرى بانتظام.

6-     تقليل خطر الإصابة بالسكتة القلبية وأمراض القلب
إن المشي يعمل على تنشيط الدورة الدموية بالجسم، ولذلك فهو يقلل من فرص حدوث السكتة القلبية وأمراض القلب الأخرى حيث أنه يعمل على تقليل نسبة الكولستيرول الضار بالجسم.
7-     تقوية الذاكرة وتحسين وظائف المخ
لقد أثبتت الدراسات والأبحاث العلمية أن المشي لمدة 45 دقيقة يوميا يساعد بشكل كبير على تقوية الذاكرة وعلى تحسين القدرات الذهنية بشكل ملحوظ.
8-     يخفف الضغط والتوتر
إن المشي بالإضافة إلى التمارين الرياضية الأخرى يساعد على إفراز مادة الأندورفين الهامة جدا للجسم والتي تعمل على تخفيف الضغط البدني والذهني ويقلل من الشعور بالقلق والتوتر.
9-     يساعد على الصحة الجنسية لدى الرجال
إن المشي يساعد بشكل كبير على منع حدوث الضعف الجنسي لدى الرجال ويحافظ على الصحة الجنسية.
10-   الاستمتاع بممارسة رياضة المشي
إن المشي ليس بالأمر الصعب وإنما هو رياضة سهلة وخفيفة تستمتع بها وتستطيع ممارستها في أي وقت وفي أي مكان، فقط ما تحتاجه هو حذاء رياضي مريح وملابس مريحة أيضا وتبدأ في ممارسة هذه الرياضة الهامة
. فوائد المشي قبل النوم
من الأوقات المناسبة للمشي هو في ساعات المساء، فهذا الوقت جيد لتخفيف التوتر المتعلق بالعمل، و أفضل لجلب النوم و الراحة، و هو أفضل من تأخير المشي لساعات متأخرة من المساء، حيث قد يسبب المشي المتأخر لدى البعض الأرق و صعوبة النوم.

رياضة المشي تُعدّ رياضة المَشي من أنواع الرّياضة التي يُمكن أن يُمارسها الإنسان بشكل يوميّ، سواءً أكان كبيراً أم صغيراً، فهي سهلة وبسيطة، ويُمكن أن تُمارس في أي مكان، كالشارع أو الحدائق أو على شاطئ البحر، وفي أيّ وقت في اليوم، في الصباح أو المساء. يعود المشي على جسم الإنسان بالكثير من الفوائد، ويقيه من العديد من الأمراض، كأمراض القلب، والشرايين، والسرطان، والسُّكري، وغيرها الكثير من الأمراض، وهو يساعد الإنسان في الحفاظ على صحّته، وشبابه، وهي رياضة اقتصاديّة لا تُكلِّف الإنسان أيّة مصاريف، حيثُ إنّها لا تحتاج إلى أيّة مُعدّات أو أدوات لمُمارستها. إنَّ رياضة المشي تُحرّك جميع عضلات جسم الإنسان، فعند مُمارستها تعمل عضلات الجسم كافّة؛ حيثُ يستخدم الإنسان قدميه بشكلٍ رئيسيٍّ أثناء السّير، وتعمل تلقائيّاً العضلات الأخرى، كعضلات الظّهر السُّفلية والعُلويّة، وعضلات الذّراعين والأكتاف، وذلك لتوفير الدّعامة والتّوازن للجسم.
 رياضة المشي السّريع رياضة المشي السّريع (بالإنجليزيّة: Fast Walk) هي فرعٌ من أفرُع رياضة المشي، وتُمارَس عادةً كمجموعاتٍ بدلاً من أن تكون بشكلٍ فرديّ، وذلك لتحفيز أفراد المجموعة لبعضهم البعض، وتحديد سُرعة الخطوة وطولها، فيسير جميع أفراد المجموعة بالسُّرعة نفسها. وتختلف هذه الرّياضة عن رياضة المشي بسُرعة الخطوات؛ ففي المشي السريع تكون سُرعة الخطوات حوالي 5 كم/السّاعة. تحتاج هذه الرّياضة للياقةٍ عالية، فهي أصعب من المشي العادي، وتتطلَّب مجهوداً عالياً، وهي أكثر فائدةً من المشي العادي؛ وذلك لأنَّ الجُهد المُتطلَّب فيها أكبر من المشي العادي. الرياضة على جهاز المشي مُمارسة رياضة المشي على جهاز المشي (بالإنجليزيّة: Treadmill) تُتيح للشّخص أن يَمشي على شَريطٍ مُستقيم مُتحرِّك بدلاً من أن يقوم بذلك في الطُّرقات العامّة، أو الغابات، أو المُنتزه، ويمكن تغيير سُرعات المشي بالزيادة (ركض) أو النُّقصان (مشي بطيء)، وتَمتاز بعض أجهزة المشي بالقُدرة على زِيادة زاوية الارتفاع ليُصبح الشّخص وكأنّه يتسلَّق جبلاً أو مُرتَفَعاً، ممّا يزيد من صعوبة التّمرين. من إيجابيّات استخدام جهاز المشي تجنُّب مشاقّ الطُّرُقات ومخاطرها كالتّزحلُق في الأيّام الماطرة أو على المُنحدرات، وخطر المركبات، أمّا سلبيّاتها فهي عدم وجود التضاريس الموجودة على الأرض الطّبيعيّة، وهو عامل مُهم؛ حيثُ إنَّ اختلاف الظّروف أثناء المشي كظهور المُرتفعات والمُنحدرات يُعدّ مُفيداً لصحّة الجسم ولياقته. فوائد المشي ساعة يومياً يَنصح الأطبّاء بالمشي ساعة يوميّاً على الأقل، وذلك لضَمان صحّة الجسم وإبقائه متيناً خالياً من الأمراض؛ حيث إنّ ممارسة الإنسان لرياضة المشي لمدّة ساعة يومياً تُعطيه المنافع الآتية: يُفيد المشي القلب، والرئتين، كما أنّه يساعد على زيادة نشاط الدورة الدموية، والناتج عن حرق الأكسجين، ويؤدي ذلك إلى تقوية عضلات الجسم، والجهاز الدوري. يُساعِد على تهدئة أعصاب الإنسان المتوترة، والتخفيف من ضغوط الحياة اليومية. يُقوّي عضلات البطن، والساقين، والحوض، ويُساعد في الحصول على القوام السليم.
 ُقلِّل من احتمالية ظهور الكرش، ويساعد على التخفيف منه، وكذلك يُقلّل من الأرداف الضخمة؛ حيثُ أنّه يُساعد على فقدان الجسم للسعرات الحرارية الزائدة، واستهلاك الدهون الزائدة في الجسم، كما أنّه يُقلِّل من ترهلّات البطن، والجلد، والتي تكون ناتجةً عن تخفيف الوزن. يُؤدي إلى خفض ضغط الدم المرتفع، والتقليل من نسبة الكولسترول في الدم. يُقلِّل من ألم المفاصل؛ لمساعدته على تليينها، ونَشاطها، وسهولة حركتها، كما أنّه يُساعد على التّخفيف من الشدّ، والتشنّج العضلي. يُعالِج مُشكلة عسر الهضم، وحالات الإمساك المُزمن، وتشنُّجات القولون؛ كونه يُساعد على تحريك الأمعاء، ويُخفّف الغازات، وألم القولون، وإفراغه. ُحسِّن من عمليّة التنفس الطبيعيّ؛ كونه يُقوّي العضلات الصدرية، وعضلات التنفّس، ويساعد على زيادة اتّساع الرئة، وتحسين وظيفتها، والتخفيف من حدّة الأمراض التنفسيّة. يُساعِد على علِاج أو تخفيف بعض الإصابات المُزمنة كالانزلاق الغضروفي لفقرات الظّهر. مُمارسة المشي بشكل صحيح يفضّل أن تُمارَس رياضة المشي بشكل صحيح ثلاث مرّاتٍ أسبوعياً، ولمدّة لا تقلّ عن ساعة، مع مُراعاة عدم التوقّف، إلا عند الضرورة لذلك، ويُمارس المشي على معدة فارغة، ولا يجب المشي بعد تناول الطعام مباشرةً؛ وذلك لأنّ الدورة الدموية تنشط بعد تناول الطعام، والضّرر يكون أكثر من الفائدة، والأفضل أن يُمارس المشي قبل الإفطار في الصباح الباكر، أو بعد تناول الطعام بثلاث ساعات، كما يجب البدء بالتدريج، أي عشر دقائق قي اليوم ثمّ عشرين دقيقة، وهكذا حتى الوصول إلى الفَترة الزمنيّة المطلوبة، ومن الأفضل ارتداء الملابس والأحذية الرياضيّة المُريحة، والاستحمام قبل وبعد المشي للحُصول على أفضل النتائج. تحذيرات أثناء مُمارسة رياضة المشي تُعتبر رياضة المشي آمنةً لمُعظم النّاس، وهي غير مُضرّة بشكلٍ عام، ولكن يجب اتّخاذ الحذر أثناء مُمارستها لتجنُّب وقوع أيّة إصابات أو حوادث، ومن التّحذيرات الواجِب اتّباعها أثناء مُمارسة هذه الرّياضة: التوقُّف فوراً عن المشي عند الشّعور بإرهاقٍ شديد، أو صعوبة في التنفُّس، أو دوران. المشي على الأرصفة والأماكِن المُخصّصة للمُشاة لتفادي خطر المركبات. شُرب الماء باستمرار وعلى دُفعات أثناء المشي وبعده.
 التّركيز على الطّريق وعدم استخدام الهاتف المحمول إلّا للضّرورة
تجنُّب المشي في الشّوارع أثناء الأمطار الغزيرة لتفادي الانزلاق.
لبس ملابس دَافئة عند المشي في الأجواء الباردة؛ وذلك لتفادي التعرُّض للأمراض.
 الابتعاد عن المناطق الخطرة؛ كقمم الجبال، وأماكن الانهيارات الثلجيّة والجبليّة.
عدم الأكل أثناء المشي أو قبله بنصف ساعة على الأقل؛ حيثُ إنَّ ذلك سيؤدّي إلى اضطراب في عمليّة الهضم، إضافةً لسُرعة تعب الجسم.
  ملابس المشي
 يفضل ارتداء الملابس المريحة الواسعة التي تسمح بالتخلص من العرق. إن القطن من المنسوجات المريحة والناعمة ولكنه غير مناسب في الجو الحار أو البارد لأنه يمتص العرق ويبقيه فيصبح رطباً مما يزيد من درجة حرارة الجسم صيفاً ومن برودته شتاءً، لذلك يفضل ارتداء ملابس مصنوعة من قماش يساعد على تبخير العرق، وإذا كان الجو بارداً توضع طبقة أخرى من الملابس فوق الأولى، وهذا ينطبق أيضاً على الملابس الداخلية.
   اختيار الحذاء
 يختلف حذاء المشي عن الأحذية الأخرى التي تستخدم عادة، كما أنه يختلف عن بقية الأحذية الرياضية الخاصة بالجري أو التنس أو كرة القدم مثلاً، وذلك لأن آلية (ميكانيكية) حركة القدم خلال المشي تختلف عنها في الرياضات الأخرى. يجب أن يكون حذاء المشي ذا كعب عريض ونعل مرن في الوسط وأن يكون حاضناً للكعب دون أن يكون ضيقاً عليه، وأن تكون حركة أصابع الرجل في الطرف الأمامي للحذاء ممكنة. يجب تغيير الحذاء إذا تآكل جزء من نعله. وعند شراءه يجب التأكد من أنه مريح من أول تجربة لبس له وصفاته مطابقة للصفات السابق ذكرها. ويفضل شراء الحذاء من المحلات المتخصصة. ولأن شكل بطن القدم يختلف من شخص لآخر فيكون إما مسطحاً أو مقوساً، وهو ما يمكن معرفته بالنسبة لقدمك بترطيب بطن القدم بالماء وعمل طبعه على ورق مقوى (كرتون) فإذا كانت الطبعة للعرقوب والأصابع وقليل من وسط القدم فقدمك من النوع المقوس، ولكن إذا أظهرت الطبعة بطن القدم كاملاً فقدمك من النوع المسطح. إن معرفة نوع القدم مهم من أجل اختيار الحذاء المناسب لها لأن حركة الرجل ذات القدم المسطحة تكون إلى الداخل خلال المشي والركض بينما تكون إلى الخارج في حالة القدم المقوسة. ولأن معظم الصدمات والحمل أثناء المشي يقع على العرقوب فيجب أن يكون مكانه في الحذاء ذا وسادة لتمتص الصدمة وأن يكون الجزء العلوي من الحذاء المحيط بالعرقوب صلباً قليلاً وحاضناً للعرقوب منعاً لحركته عند الارتطام بالأرض. أما وسط الحذاء ومقدمته فيكونان مرنان ليسهلا حركة القدم والأصابع عند المشي. من الضروري بعد المشي تجفيف الحذاء بتركه في الهواء، ويجب عدم وضع الحذاء في الشمس الحارقة لأن ذلك يؤثر على الأجزاء المطاطية فيه. ولابد من ملاحظة أن بعض الأحذية غير قابلة للغسل. وأخيراً هناك جوارب خاصة بالمشي وتمتاز أنها تسمح بتهوية القدمين وبالتخلص من العرق. ويجب أن يكون حجم الجوارب مناسباً لمقاس القدم بحيث لا تنطوي أو تكوّن زوائد تؤدي إلى رفع درجة حرارة القدم وإلى الإصابة بالنفطات *-الانتفاخات المائية-*.
  عبوة الماء
 يحتاج الجسم إلى الماء خلال ممارسة رياضة المشي، ولا يكفي ما تتناوله من الماء قبل المشي، فالماء ضروري لتبريد الجسم ومساعدته على توصيل الأكسجين
 متى تمشي ؟
 الجدول الزمني
من الأفضل تحديد وقت معين خلال اليوم للمشي بحيث يكون جزءاً من جدولك اليوم وذلك للمحافظة على موعد المشي.
وإذا كان غرض المشي مجرد اللياقة البدنية فيكفي المشي مدة 30 دقيقة على الأقل يومياً ثلاث مرات أسبوعياً. وإذا كان الغرض تخفيف الوزن واللياقة البدنية فيلزمك المشي 30 دقيقة على الأقل يومياً خمس مرات في الأسبوع. ويمكن زيادة مدة المشي إلى ساعة يومياً لكسب مزيد من اللياقة وتخفيف الوزن.

يُقال أن المشى يضيف خمس دقائق إلى عمرك لكل يوم تمشين فيه. طبعاً هذا لا يتنافى مع كون الأعمار بيد الله، لكنه يشير إلى أن للمشى فوائد عديدة وعظيمة على صحتك. باﻹضافه لكونه من أسهل الرياضات فهو متاح للجميع تقريباً، ولا يحتاج تمرينات معينة أو مكان محدد، ولا يتطلب أى تكلفة.

والآن بعد أن تعرفت على هذه الفوائد الهامة والمذهلة لرياضة المشي فماذا تنتظر حتى تبدأ فورا في ممارستها؟؟!
كيف نمارس رياضة المشي بشكل صحيح؟

أستراليا تحت رحمة مجنونين/ ترجمة: عباس علي مراد

كنت قد وصلت الى قناعة أنه، بعد حرب فيتنام لا يمكن أن أرى أي حدث عسكريّ جديّ أو أن تحدث أي حربٍ في منطقتنا خلال حياتي، لكن كم أنا مخطئ.
الآن الإحتمالات لا تتصاعد بوتيرة مخيفة فقط ، مع دونالد ترامب والتوتر حول كوريا الشمالية وبحر الصين الجنوبي، ولكن ما أخشاه إننا كدولة سوف نكون في وسط هذه المعمعة.
مع تصاعد هذه الإحتمالات التي تتكشف، وبدون رؤيا واضحة عن مصالحنا الوطنية، وبدون أستراتيجية بيّنة حول كيف علينا أن نتموضع من أجل الرد على هذه التحديات.
من الواضح أن حكومة تيرنبول لم تتوقع فوز ترامب في الإنتخابات الاميركية حيث أنه لم يكن لديهم رقم هاتف لتهنئته بالفوز، ثم كانت تلك المكالمة الشهيرة بين تيرنبول وترامب والتي تم تسريب فحواها (وصفها ترامب بأسوأ مكالمة مع أي زعيم آخر(المترجم) ولكن بصراحة، فإن الحكومة مثل الاخرين بقيت تتخوف من الأسوأ وهي تنتظر ما سيكون عليه خطاب ترامب بعد الإنتخابات، ولكن في أحسن الاحوال فإن الحكومة تحاول اللحاق بالركب.
لكن ما يبعث على الإرتياح هو قيام الكونغرس والنخبة في واشنطن بمبادرة لإحتواء ترامب بوضع الكوابح وإعادة التوازنات في ما يتعلق بسياسته الداخلية ورغباته، ولكن هناك أمكانية محدودة لإحتواء صلاحياته كقائد عام للقوات المسلحة.
علاوة على ذلك، فهناك صعوبة لتوقع سياسته الخارجية والدفاعية، بسبب إستمرار التناقض في سياسته المعلنة ، بالتأكيد فإنه يعتزم توسيع وتطوير القدرات الدفاعية للولايات المتحدة، وهو بالفعل باشربهذا العمل، لكن بالنسبة للقضايا الأخرى فيحيط بها الغموض وهي عرضة للتخمينات.
 أثناء حملته الإنتخابية أعلن انه لا ينوي الدخول في أية حرب جديدة مشدداً على سياسة أميركا أولاً ومعالجة القضايا الداخلية، وتحدث عن مقاربة مختلفة للعلاقة مع روسيا، لكن رده على أستعمال الأسلحة الكيماوية في سوريا بقصف مطار الشعيرات قد يوقف التعاون الروسي الضروري لحل الأزمة السورية.
تراجع ترامب عن تصريحاته بخصوص حلف الناتو، لكنه ما زال يهدد بإتخاذ إجراءات ضد الصين في ما يتعلق بمشاريعها العسكرية في بحر الصين الجنوبي ويتوعد بمهاجمة كوريا الشمالية على خلفية برنامجها النووي ويطالب الصين بضبط كوريا أيضاً وينشر قواته البحرية في المنطقة وبأسلوب أستعراضي على طريقة المشاهير، وبدأ أيضاً بنشر وتطوير شبكة الصواريخ الدفاعية في كوريا الجنوبية.
في هذا الوقت إرتضت حكومة تيرنبول بالفتات، مثل لقاء نائب الرئيس مايك بنس ومحاولات أخرى من أجل الحفاظ على صفقة اللاجئين، وتدعو الصين لعمل المزيد في ما يتعلق بالتوتر مع كوريا الشمالية. وكانت أستراليا تعرضت لتهديدات وأنتقادات شديدة من بيونغيانغ لمسايرتها سياسية الولايات المتحدة وإملاءاتها ومنحها تسهيلات عسكرية في شمال أستراليا.
من الواضح، أن تيرنبول يأمل أن يكون لقاءه مع ترامب في نيويورك (عقد الإجتماع لاحقاً( المترجم) أكثر موضوعية، وأنا أعتقد أنه أكثر من مجرد تغريدة على تويتر.
أستراليا بشكل خاص أكثر عرضة لتطور الأزمة مع  كوريا الشمالية مع إلتزاماتها كواحدة من الموقعين على الهدنة وهي تحت رحمة رجلين مجنونين حيث لا يمكن إستبعاد سيناريو خليج الخنازير في عهد كينيدي علماً أن كيندي كان يختلف عن ترامب.
في هذه الظروف من السهل على أستراليا الإصطفاف إلى جانب الولايات المتحدة حيث ينتهي بنا المطاف في موقع لا نرغب فيه، وهذا ما يجعلنا نستذكر إلتزام حكومة هاورد بغزو جورج بوش الإبن غير الشرعي للعراق على أساس معلومات إستخبارية كاذبة.
من الأهمية بكمان ليترنبول المباشرة بنقاش وحوار وطني عاجل حول موقفنا من هذه المخاطر والتهديدات وعلى تيرنبول وضع تقييم مفصّل للوضع بالإضافة إلى الخيارات الدبلوماسية والعسكرية التي يجب أن تأخذ بعين الإعتبار مصلحتنا الوطنية بما فيها نقاش برلماني حول الموضوع.
إن قادتنا السياسيون يستهلّون ترديد مقولة "إن أهم القرارات التي إتخذتها حكوماتنا السابقة هو إرسال مواطنيها إلى الحروب" أو ما شابه ذلك الخطاب.
نأمل أن يُقدِموا على هكذا خطوات بعد مشاورات مناسبة مع فاعليات المجتمع ، وهو بالتأكيد ما لم يكن عليه الحال في حرب بوش على العراق. هذا الأمر مهم ليس لناحية التكاليف والتضحيات فقط ، لكن بالنسبة للعواقب أيضا، فعلى سبيل المثال فإن مشاركتنا في حرب العراق جعلتنا بالتأكيد هدفاً محتملاً لعمليات إرهابية.
جون هيوسن

الرُّؤيا الشّعريّة والعودة إلى العدم المحرَّر: قراءة في قصيدة للشّاعر الفلسطيني الدّكتور إبراهيم أبو هشهش/ مادونا عسكر

- أوّلاً: النّصّ
 لا أُحبُّ الذّهاب إلى الموت يوم الأحدْ
لا أحبّ الذّهاب
لو أتيتَ معي
لَمَضَيْنا إلى النّهرِ..
ثم انتظرنا هنالكَ..
حيثُ يسيلُ الأبدْ 
وحيثُ النّساءُ يجرّرْنَ خيباتِهنّ الطّويلةَ كالظّلْ
وحيثُ الضّبابُ يجيءُ من الغربِ
حيثُ السّديمْ
وحيثُ من الغابةِ الجبليّةِ يأتي العُواءُ العظيمْ 
لو أتيتَ معي 
لرأيتَ المدينةَ تجري إلى مُسْتَقرٍ لها
والجبالَ تعودُ إلى أمّها 
والمدى يَضْمَحِلْ
والفراغَ يُطأْطِئُ فوق التّلالِ..
ويُطرِقُ كالصّلْ 
لو أتيت معي 
 لو أتيت.
ابراهيم  هشهش- فرايبورغ 1987
مُطْرِقٌ ينفثُ سُمّاً مثلما  أطْرَقَ أفعىً ينفثُ السمَّ صِلُّ (الشنفرى)

-  ثانياً: القراءة
في لحظة تجلٍّ شعريّ نادرة لا يدركها إلّا الشّعراء، يقبض الشّاعر الدّكتور إبراهيم أبو هشهش على لحظات انكشاف لما قبل التّكوين. ومن العسير المضيّ في هذا النّص الشّعريّ دون تلمّس الإبداع الرؤيويّ وفهم الإشارات والدّلائل الّتي بُنيَ عليها النّصّ الّذي يعبّر عن حالة رؤيويّة خاصّة.
بُنيَ هذا النّصّ الشّعريّ على اتّجاهين متناقضين، الحياة والموت. ولئن كان النّص حالة رؤيويّة امتزج الموت بالحياة في مكان ما من النّص ثم تفرّقا أو فرّقهما الشّاعر عمداً، لتتجلّى الرّؤيا كاملة. (لا أُحبُّ الذّهاب إلى الموت يوم الأحدْ)
اختلطت قدسيّة يوم الأحد بالموت. الأحد/ يوم الرّبّ- القيامة، مزجه الشّاعر  بالموت إذا ما ارتبط بعدم حضور الآخر (لا أحبّ الذّهاب/ لو أتيتَ معي...). فالأحد، وعلى الرّغم ممّا يمثّل من قدسيّة الحياة الجديدة، إلّا أنّه يعتمد بحسب الشّاعر على حضور يبعث الحياة الأولى الكائنة ما قبل الوجود، أو الحاضرة في إشارات ما قبل التّكوين. تكمن قدسيّة الأحد في المقلب الآخر، في دائرة الانتظار ليرتسم الشّوق إلى لحظة الأبد.
لا يمسك الشّاعر بالرّؤيا تماماً، أم إنّها ليست قائمة بالفعل لأنّه بامتناع الحضور تبقى الرُّؤْيَا قائمة بالقوّة حتّى يُجاز الحضور فتمسي رؤيا بالفعل. لكنّ الامتناع عن الحضور متعلّق كذلك بالموت، أو بالحالة الانتظاريّة للنّهوض من الموت، والانطلاق منه بطريقة عكسيّة.
(لو أتيتَ معي
لَمَضَيْنا إلى النّهرِ..
ثم انتظرْنا هنالكَ..)
ستكوّن الحالة الانتظاريّة ملامح الرّؤيا لتتيح للقارئ التأمّل في العودة مع الشّاعر تدريجيّاً من الوجود إلى الحياة الحقيقيّة/ العالم السّماويّ، أو "العدم المحرّر"، كما يسمّيه أنسي الحاج، "مكان تُسمع فيه الرّوح أكثر". وبالتّالي فالشّاعر يمضي عكس النّظام الكونيّ، ساعياً للدّخول في قلب الرّؤيا حتّى يتحرّر. فينتفي الموت (لا أحبّ)، وتمسي إمكانيّة الحضور (لو أتيت) استحالة غياب (ثم انتظرْنا هنالكَ..).
تتشكّل الحالة الانتظاريّة عكسيّاً، وتفتح آفاقاً على الأبد الّذي يسيل، أي الّذي لا يحجزه ولا يردعه شيء. وبطبيعة الحال تكمن الحياة في الأبد، لأنّه ليس جماداً، وإنّما حركة ديناميكيّة فاعلة (حيثُ يسيلُ الأبدْ). وما السّيلان إلّا دلالة على هذه  الحركيّة الّتي لا تتوقّف ولا يعقبها الموت. وإنّما هي حركة مستديمة أبديّة دلّ عليها النّهر كرمز للخصب وتدفّق الحياة.
تتحدّد النّزعة الرّؤيويّة أكثر حينما يُدخل الشّاعر عنصر الضّباب الآتي من الغرب/ البحر، ليعلن عن غموض الرّؤيا أو سرّها بالمعنى القدسيّ لكلمة سرّ، الدّاعي للاكتشاف والتّأمّل. (وحيثُ الضّبابُ يجيءُ من الغربِ). أو بمعنى آخر ممكن، اجتذاب الأبد للكون ليعيده إلى مكانته الأولى ما قبل اللحظة التّكوينيّة. قد يشير السّديم إلى هذا الأمر، إلّا أنّه ممّا لا ريب فيه أنّ الشّاعر حرص على إبراز العناصر الكونيّة (النّهر/ الضّباب/ السّديم) لتعزيز الفكرة الأساسيّة المتجليّة بالرّؤية الماضية من الموت إلى الحياة. وإذا أشارت عبارة (الغابة الجبليّة) إلى حضور القوّة الخالقة فسيتداخل هذا العنصر مع النّهر كدلالة على  تدفّق الحياة والضّباب كدلالة على السّرّ ليشير إلى حضور القوّة الخالقة الّتي تعلن بداية النّهاية (العواء العظيم).
ينتقل الشّاعر من الرّؤيا بالقوّة إلى الرّؤيا بالفعل ويعتمد تناصاً مع النّص القرآنيّ (سورة ياسين/ 36) "وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ"، فتنكشف الرّؤيا أكثر ويدخل الشّاعر في تفاصيلها ويتدرّج بالانفصال عن الزّمان والمكان. ويحدّد الفعل (رأيت) معاينة لحظات العودة إلى خواتم الوجود، بل ولادتها الجديدة. (لرأيتَ المدينةَ تجري إلى مُسْتَقرٍ لها). هي نقطة اللّاعودة إلى ما قبل (ليكن.. فكان)، إلى العدم المحرّر. ويمسك الشّاعر باللّحظة الفاصلة بين الخلق والعدم (والفراغَ يُطأْطِئُ فوق التّلالِ..). وستعبّر الملاحظة الختمايّة "مُطْرِقٌ ينفثُ سُمّاً مثلما  أطْرَقَ أفعىً ينفثُ السمَّ صِلُّ" (الشنفرى) عن شركة مع السّطر الأوّل من القصيدة (لا أُحبُّ الذّهاب إلى الموت يوم الأحدْ) لتعبّر عن عدم الّذهاب إلى الموت بدل عدم الرّغبة في الذّهاب. فالشّاعر الّذي يرجو حضور الآخر الّذي يخاطبه في القصيدة، والّذي سيحضر. لأنّ هذا الآخر هو الشّاعر نفسه الّذي يطرق مستعدّاً لمجد القيامة. 

بهذا النّصّ يدخل الشّاعر عالماً حافلاً بالإشارات السّيميائيّة، الّتي تجعل النّصّ نصّاً مكثّفاً مكتنزاً بالمعنى، يدفع شاعره نحو المزيد وليس التّوقّف عن الفعل الشّعري المختلف والحقيقيّ، فكيف لمثل هذا الجمال أن يصمت؟

إنوثة ٌ معطّرة ٌ يُرهبها خنجرُ الصحراء/ كريم عبدالله

جيوشُ أفكارٍ مِنَ الصحراءِ خيولها العطشى تتدفقُ غازيةً بـ إسمِ الربّ الطائش صولجانهُ الطامع على المروجِ الآمنةِ نهباً يتربّعُ بينما الأزهارُ سبايا غنائم على ظهورِ الضامراتِ خلفهنَّ السلاسلُ الغليضة أمعاءٌ تحوي طيوراً سقطتْ أسيرة في الشباكِ حاملةً على ظهورها وشوشة السياطِ وغربةَ الرقيق  . بدوٌ في القصورِ لا أثر للرمالِ الضريرة على الأرائكِ يجرجونَ مواقيتَ الغروب نكهتهُ إصفرار المدن السعيدة يتعفّنُ فيها الموت وتستبدُّ سيوفهم الحمقى فاتحة تخترقُ الأرواحَ يروّعها هذا السيل الجارف مِنَ العمى ثقيلٌ يغطّي الزمنَ دِثارهُ مقابر دويّها يملأُ الأفق وصهيل الحروب . مِنْ بينِ الضحايا تأسريني مفتوحة العينين الى وطنٍ يغتصبهُ الجلاّد إنوثتكِ المعطّرة بـ السحرِ حرّكت إرتباك ذكورتي الهائجة تحتَ الخيامِ أنهشها نهشاً غنيمة مكبوتٌ لمْ أرَ كيفَ تنضجُ الثمار بينَ سيقانكِ تبلسمُ شَبَقي و صوتكِ الناعم يرهبهُ خنجري يكتسحُ الأحلامَ يسجنها زنزانتي تمنحها هذا الإغتراب . هنا تنبتينَ جارية يضمّكِ لوائي بـ كثرة ِالرجال أُفاخرُ القبائل نَعْلِي يسحقُ ما بقيَ مِنْ ذكرياتكِ البعيدة تؤنسينَ ضجري الأجرد كلّما يداهمني شبح الخطيئة . غبشُ الحاضر إستلّتْ ضياءهُ الغزوات وفراغُ الفتاوى إستباحت عذرية ( القوارير ) تستحضرني دوماً حوريّة منكوبة تستلذُّ الملذّات المتدفقة مِنْ أنهارها الجافة كلَّ بحاركَ مياهها الآسنة لنْ تعيدَ بريقَ الأيامِ وتلطّف نوافذَ الروح وهذا الهولُ يغمرها .
بغداد / العراق

ما بعد إنتصار الأسرى/ راسم عبيدات

 هذا الإضراب المفتوح عن الطعام الرابع والعشرون  الذي خاضته الحركة الأسيرة الفلسطينية منذ بداية هذا الإحتلال، يشير الى ان الحركة الأسيرة سجلت انتصارا فيه لم تعرف تفاصيله حتى اللحظة...وبإنتصار الحركة الأسيرة في هذه الملحمة البطولية، تكون قد ثأرت لهزيمتها في اضراب أب /2004،وقبل الحديث عن ما سيترتب على هذا الإنتصار ...علينا ان لا نبالغ ولا نتطير فيما تحقق،والقول بان هذا نصر أسطوري..علينا ان نتحدث عن ما قاله الأسير القائد وليد دقه عن عملية صهر الوعي،وهي الأخطر تلك العملية التي لمسنا مدى خطورتها في فعاليات التضامن مع الأسرى على المستوى الشعبي والجماهيري .. والحزبي والفصائلي وكذلك بهتان وضعف الدور الرسمي ...والشيء الأخطر هو عدم انتصار الحركة الأسيرة لذاتها،فالإضراب في سقفه الأعلى لم يصل حجم المشاركة فيه الى 1500 من حوالي 7000 أسير، وطبعا ليسوا جميعا خاضوا إضراب الأربعين يوماً .....وهنا الخطر الأكبر وهو صهر وعي الحركة الأسيرة.

نعم ما تحقق هو نصر وإنجاز بكل المعايير والمقاييس،بغض النظر عن تفصيلية أو ملاحظة هنا او هناك،إنتصار لأن الظروف الذاتية للحركة الأسيرة الفلسطينية ليست بخير،ولا الحالة الفلسطينية العامة،فالحركة الأسيرة الفلسطينية  تداعيات الإنقسام ملقية بظلالها عليها،ولذلك لا نخجل اذا ما قلنا بأنها لم تعد موحدة  لا على المستوى القيادي ولا مستوى المؤسسات الإعتقالية ولا الأداة التنظيمية الوطنية ولا الخطة ولا البرنامج،وأيضاً الأوضاع التنظيمية لكل الأحزاب والفصائل وبدرجات متفاوتة  أصابها نوع من الهون والضعف..ولا أبالغ حين أقول انه في بعض الأحيان كانت تطغى الجهوية والعشائرية والعلاقة الشخصية على  العلاقات والأصول الحزبية والتنظيمية.

اما على الصعيد الفلسطيني العام ،فالوضع الداخلي مأزوم ونظام سياسي أكثر ازمة،ويعاني من إخلالات وإعتلالات عميقة،إنقسام يتأبد وتستطيل مداياته ويتشرعن،وغياب القيادة  المبدعة والمبادرة والقادرة على ان تشكل نموذجاً وقوة مثل للجماهير،هيبتها والثقة بها تتراجع،وهناك من يرى بأن دورها في دعم وإسناد إضراب الحركة الأسيرة كان باهتاً ولم يرتق الى مستوى الحد الأدنى في دعم ومساندة الحركة الأسيرة في ملحمتها البطولية،حتى ان أصوات وازنه وطنية،بمن فيهم زوجات القادة البرغوثي وسعدات،قالوا بان السلطة تسعى لإجهاض اضراب الأسرى.وبالمقابل الأحزاب والقوى وبدرجات متفاوتة أيضاً يبدو أن ازماتها الداخلية هي الأخرى جعلت  دعمها اللفظي والشعاري للحركة الأسيرة  في إضرابها اكثر من الفعل والممارسة على أرض الواقع،أما الجماهير الشعبية فرغم مشاركتها الفاعلة في فعاليات الدعم والمساندة لحركة الأسيرة،ولكن بقيت دون الطموح والأمل،وهي لا تتحمل المسؤولية المباشرة هنا بل ما يتحملها البعد القيادي  بشقيه السلطوي والفصائلي،حيث غابت عمليات التأطير والتنظيم الواسعة للفعاليات بمختلف أشكالها وحركة الدعم والإسناد،وإن سعت اللجنة الوطنية المساندة لإضراب الأسرى للإمساك بالمقود القيادي،ولكن لم تنضج التجربة وتترسخ في الواقع والميدان،ولا ننسى بان الجماهير كذلك تعرضت وتتعرض الى عمليات " طحن" معيشي،حيث البطالة والفقر والربط بمؤسسات النهب الدولية من صندوق نقد وبنك دوليين"،بحيث اضحى المواطن يجري خلف لقمة عيشه وتامين قوته اليومي،وكذلك خضع ويخضع لعملية صهر وعي من اجل تطويعه لقبول الواقع المعاش،والسير في خيارات السلطة ومواقفها واجنداتها ومشاريعها،عبر الربط الوظيفي والمعيشي،هذا قابله أيضا حالة قمع وتنكيل واسعتين من قبل المحتل،لكل من يقول بالمقاومة وإستمرارها كخيار ونهج،في محاولة لنقل الجماهير الى حالة من اليأس والإحباط،بأن هذا الخيار لن يقود إلا الى السجون او الشهادة والتدمير والتضييق على الناس.

نعم هذه الإضراب والإنجاز والنصر المتحققين عنه،أشاعت أجواء ومناخات إيجابية من الأمل،وبالقدر الذي جاء فيه كاشف للعورات ومعري للوضع والحالة الفلسطينية،فهو انتصر اولاً على برنامج مصلحة السجون الإسرائيلية وأجهزة مخابراتها،القائم على أساس كسر إرادة الحركة الأسيرة وتحطيم معنوياتها،واستمرار تفككها وإنقسامها،وتفريغها من محتواها النضال والوطني،وهو كذلك ثأر للحركة الأسيرة من هزيمتها المدوية في اضراب اب/2004،الإضراب بفشله جعل إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية وأجهزة مخابراتها "تتغول" و"تتوحش" على الحركة الأسيرة،في هجمة غير مسبوقة عليها، لسحب منجزاتها ومكتسباتها والتعدي على حقوقها،وممارسة اعتى الشكل القمع والتنكيل بها،حيث بلغت عمليات العزل ذروتها ولفترات طويلة بحق كادرات وقيادات الحركة الأسيرة التي تعتبر متمردة ومحرضة،وأيضاً هذا الإضراب أعاد للحركة الأسيرة هيبتها والثقة بها ،وانتصرت لتاريخها وارثها وتراثها،وبقيت الرمز والنموذج والمثال للشعب كقائدة لنضاله وتضحياته.

ولا ننسى بأن هذا الإضراب قد يشكل رافعة و"بروفة" نحو إستعادة  الحركة الأسيرة لوحدتها القيادية والإعتقالية والتنظيمية الوطنية الموحدة،إذا ما احسنا إستغلال وإستثمار المنجزات المتحققة عنه،من حيث منع إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية من الإستفراد بالحركة الأسيرة كفصائل ومناضلين،وهذا يتطلب مغادرة  عقلية الأنا والفئوية المقيتة،وكذلك محاصرة ولفظ من يتساوقون مع برنامج إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية في سبيل مكاسب ومصالح وإمتيازات شخصية.

هذا النصر والمنجز المتحقق لا يمنعنا من القول بان الحركة الأسيرة يجب أن تكون عامل توحيد لا فرقة ولا إنقسام في المجتمع الفلسطيني،وفعاليات الدعم والإسناد لهم كانت شاملة على طول مساحة فلسطين التاريخية،ولعل أهلنا وجماهيرنا في الداخل الفلسطيني- 48 – كانت حاضرة وفاعلة في فعاليات وانشطة دعم وإسناد الحركة الأسيرة وبفاعلية .

نعم إنتصرت الحركة الأسيرة بامعاء وإرادة من خاضوا هذه الملحمة البطولية،ملحمة الأمعاء الخاوية،صمام امان إنتصار الحركة الأسيرة على عسف وظلم جلادها،ولكن بالمقابل رغم كل هذا النصر،فنحن ما زلنا نقول،بأن الحركة الأسيرة،من بعد كارثة أوسلو  ومن بعد الإنقسام،لم تنجح في ان تنتصر لذاتها بشكل جماعي وموحد،بل منذ هزيمة اضراب آب/2004،وحتى هذا الإضراب،الإضرابات تم خوضها بشكل فردي تجربة المعتقلين الإداريين،او فصائلي تجربة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين،وهذا يعبر عن عمق الأزمة التي تعيشها وتعاني منها الحركة الأسيرة،ولذا بات من الضروري والملح دراسة هذه التجربة بإيجابياتها وسلبياتها،ودراسة كيفية تطويرها،وبان تكون الرافعة نحو إستعادة الحركة الأسيرة لوحدتها.