فتاه من بعيد/ عبدالقادر رالة

     
 بعد ان يئس والدي منى  ، وطردت من  المدرسة ، ألحقني بورشة الميكانيكي أساعد صاحبها  و  أتعلم  منه حرفة تنفعني في مستقبل الايام  .
     احببتُ فتاة تسكن في إحدى العمارات الأربع المقابلة  لورشة تصليح السيارات.في  الصباح انهض باكرًا امشط شعري ،ألمع حذائي وأصلح هندامي.... واتبعها حتى أوصلها الى باب الثانوية....    وفي المساء ايضا ....لكن لم تكن  تأبه بي ولا تلتفت الى معاكساتي وبعض الاحيان تصرخ في وجهي وكثيرا من المرات تغير الطريق الى بيتها وأحيانا تبدل ملابسها!
   ذاك الحب اسعدني وملا فراغي فكنت اشعر بالابتهاج وعوضني عن خسارتي للمدرسة. كنت استمتع رغم انها كانت تتهرب.... لم اكن اشعر  باليأس أو الغيرة  لما المحها تمشي سعيدة مع زملاءها وزميلاتها... انتقلت الى مدينة بعيدة ...تغربت عن مدينتي لمدة عام أو أكثر.....
     الأمر العجيب الذي لم أفهمه أنها في تلك المدة استجابت لي وبادلتني الحب ، كنا نتبادل الرسائل تطفح بالاشتياق والعواطف الملتهبة.  ابتعادي عنها جذبها الي...
ولما عدت الى مدينتي عادت الى تدللها وتمنعها لكن لم تكن تبخل عني بابتسامتها صامتة .ما اروعها من ابتسامة ! كانت تهزني هزاً...
 غير أن تدخل خالتها أفسد علي كل شيء وحولني الى انسان أخر شرس !رغبت في تزويجها  من ابنها بعد عطلة الصيف ووافقت هي بكل بساطة غير أبهة بشعوري وعواطفي وحتى الآن لا اعرف اذا كانت سعيدة ام لا  ؟
انتظرتها أمام مسكنهم... واعترضت طريقها وأشبعتها ضرباً .. ... أجل ،عيب أن   يضرب رجلٌ امرأة ، ليس من الشهامة والرجولة !لكن كنت انسانا خائباً.. كنت اصرخ وهي تصرخ ... والجيران يتفرجون..  لكني لم اشفي غليلي  ولا هدأت روحي .. وبعد يومين انتظرت ابن خالتها مساء حتى بعد اذان صلاة المغرب في  احد الأزقة الضيقة رغم أنه كان خارجاُ
من  اداء الصلاة ولم يشفع له المسجد! تعاركنا وسطا الظلام ..انا أضرب وهو يضرب.. عراك رجال حقيقي..واستطاع  ان يوصل الى عده لكمات لكن ما استطاع أن يدرك سبب العراك؟!..
وفي صباح اليوم التالي اتصلت بأصدقائي و شكوته اليهم ، فخططنا كيف ننتقم منه ونلقنه درساً لن ينساه....
 بعد أن غسلت وجهي نادتني امي وسلمتني   ورقة الاستدعاء للخدمة العسكرية .. ولاية البليدة... نعم ..البليدة مدينة بعيدة وحياة الجندية أنستني انتقامي  وتلك الفتاة التي كانت بعيدة عني ، واكتشفتُ نوعا آخرا من الحب عذبني وأبكاني الليالي.....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق