مشاخيط/ د. عدنان الظاهر

( أُقصوصات قصيرة )
المشخوط الأوّل 
المشخوط ( بالعراقي ) هو الشخص الممسوس الذي في رأسه ( شخط ) أي خلل أو كويل محروق !
ما قصّة هذا المشخوط حسبما يروي ويقول بعض معاصريه ومجايليه من زملاء الدراسة في جامعة بغداد ؟
كان المشخوط شاباً كثير التحفظ في علاقاته مع زملائه . كان مؤدّباً وكثير الحسابات في تعامله مع هؤلاء الزملاء. كان بسيطاً جداً مع بعض التردد والحياء وكان متواضعاً فيما يرتدي حتى أنه لم يكنْ قادراً على شد رباط عنقه دون مساعدة أحدٍ من زملائه في القسم الداخلي. كان على العموم غامضاً كثير التكتم على سيرته الشخصية وتأريخ حياته. ما كان يمارس السياسة خوفاً أو زهداً أو قناعةً . لا أقولُ كان جباناً لكنه كان بهذا الشكل أو ذاك ذكيّاً يتربص ويتحين الفُرص منتظراً لمن ستكون الغَلَبة ليرمي بنفسه في هذه الكفّة أو تلك. هل كان ذئباً أو كان ثعلباً ؟ كان بين بين لكنه كان باطنيّاً متسترّاً شديد الحذر. وبالأحرى كان قُنفذاً صغيراً ناعم الأشواك يُجيد التحكم بحركات رأسه وبتوقيتات إخفاء ورفع هذا الرأس. كان مسالماً لا يؤذي أحداً ولا يُقحم نفسه في ملاسنات أو مشاجرات مع الآخرين ( شأن جميع أولاد القرى والأرياف في خمسينيات العراق خاصّةً ) لذا كان جميع زملائه وعارفيه راضين عنه مطمئنين منه مرتاحين لمجالساته حيث لا يضرُّ ولا ينفع لا يسأل ولا يتدخّل ولا يتداخل.
لا أحدَ يعرف كيف اقترن بفتاة من عائلة معروفة وهو القروي الساذج المشخوط الذي يحمل وجهه الكثير من أَمارات البَلَه وبعض سمات المنغوليين. ما كان غبيّاً إذاً في التقرب والتودد ثم عرض الزواج على هذه الفتاة كريمة أُناسٍ كرماء معروفين وهو القروي المشخوط الساذج.
المهم، شرّقَ هذا المشخوطُ معها وغرّب ودرس هنا وهناك حتى وصل أمريكا. لم يستطع مواصلة دراساته في حقول اختصاصه الأصل الأولية وما بعد الأولية فاتجه لدراسة يسميها الأمريكان " شغلة القرود " ! إدّعى هذا المشخوط أنه رفض الزواج من فتاة أمريكية يهودية لأنها يهودية لكنه في عين الوقت أقام علاقات متينة مع يهود من أصول عراقية !
المهم : دخل المشخوط القروي الساذج والأبله قطراً عربياً وهناك كشف ظهره ومعدنه الردئ حيث دخل تحت جناح السفارة العراقية في ذاك البلد فاحتضنته السفارة زمن صدام وحكم البعث في العراق ومهّدت له سُبُل إشغال وظيفة جيدة من وظائف جامعة الدول العربية التي لا يشغلها إلاّ مَنْ يتمتع بتزكية وموافقة السفارة والحكومة العراقية ثمَّ جهات أجنبية معروفة هي أمريكا والماسونيون وإسرائيل. دللته سفارة العراق على ما يبدو ولزمن طويل لأنه واصل عمله في منظمة تابعة لجامعة الدول العربية ف ( خّنسَ ) وأخفى رأسه حتى لم يسمع به أحدٌ ولم يكتب أو ينشر شيئاً حتى في مجالات الأدب إلاّ فيما ندر. خلا بعض المقالات التي كان يُلمّع فيها وجوه بعض كتّاب وكاتبات البعث ويسوّقهم وبسوّقهنَّ كأي سمسار ودلاّل متمرس في أسواق النخاسة و ( الكوادة ) . كان بالفعل كوّاداَ متمرّساً لكنه كان كوّاداً خبيراً وأجيراً منزوع العفّة والغيرة والكثير من الشرف.
ماذا يقول عنه بعضُ عارفيه ؟
كان ساذجاً وقرويّاً أصيلاً حيث أنه درجَ على شراء أصوات بعض المثقفين والأدباء والشعراء لقاء بعض الولائم في بعض المطاعم وفي مناسبات خاصة.
شرع هذا المشخوط الموسّوس بعد سقوط البعث وصدام في العراق بممارسة أنشطة أدبية شتى وبشكل محموم ليعوّضَ سنوات صمته زمان البعث وليوحي بأنه رجل محايد وبأنه ما كان بعثي الميول والهوى لكنه مع ذلك فضح ذاتَ يومٍ نفسه بقوله وحرفيّاً [ ليس لديَّ مشكلة مع حزب البعث ] ! تصفيق لهذا الصفيق المشخوط.
من غرائب أمور هذا الشخص إدعاؤه أنه درس القانون والإقتصاد في جامعتي لندن والسوربون الفرنسية المعروفة . حقيقة الأمر أنَّ هذا الدعيّ المضحك كان يُسجّل على دورات صيفية لفترة شهر أو أكثر بقليل في لندن مرة وباريس مرة أخرى فقط ليضمن حصوله على تأشيرات (فيزات الدخول ) لكل من لندن وباريس. نعم، لا أحدَ يعرف ـ إلاّ الراسخون في العلم ـ كيف واصل عمله لسنين عدداً متعاقداً مع جامعة الدول العربية ؟!
إتضح أخيراً أنَّ في فم هذا القنفذ نابي أفعى سامّة مع الكثير من الخُبث واللؤم وسوء البطانة. كما ظهرت عليه أعراض النرجسية البغيضة التي لا تليق له ولا هو يليق بها.
وصار  ينبز ويُشير ويُبري بعض أشواكه القنفذية لتغدو أسيافاً ودبابيسَ مهدّداً ولامزاً ومكشّراً عن نابي أفعاه القروية مُصرّاً على وجهات نظره ورافضاً لكل ما عداها. 
عرفتُ في حياتي نماذج أخرى شبيهة أو قريبة الشبه من هذا المشخوط لكنهم ما كانوا مشاخيط وما كانوا على نرجسيته البغيضة وكانوا دُهاة في التستر على عيوبهم ومداراة ناقديهم مع الكثير من مرونة التداول والأخذ والرد. صاحبنا مثل غصن شجرة الصفصاف ردئ النوعية سريع القصف والعطب.
الرحمة لك يا عراق فإنك مُبتلى بهذه النماذج في السياسة والأدب وفي غيرهما من الحقول. الرحمة لك يا عراق والرحمة لأهل العراق. 
ملاحظة : إذا عاد هذا المشخوط صاحب الكويل المعطوب عدنا مع شئ من القسوة والكثير مما نعرف ويعرف غيرنا عنه. أنصحه أنْ يلوذ بالصمت وأنْ لا يبرز نابيه المسمومين وأنْ يحافظَ على إخفاء رأسه تحت جُبّة أشواكه دفاعاً عن النفس.
المشخوط الثاني
لم أُصدّقْ عيني !
أحقاً هو مشخوط لندن وباريس ونصف المعيدي النرجسي حدَّ الجنون ؟
ما الذي أتى به إلى العاصمة النمساوية فيينا في أواخر شهر آب من عام 1962 ؟
كان أنيقاً بربطة عنق مضبوطة الشد يتأبط ذراع فتاة جميلة كثيرة الأناقة. قلت سيتظاهر بعدم معرفتي ومعه حق إذْ كاد الليليُّ الصيفي أنْ ينتصف وتتعلّقُ في ذراعه فتاة أنيقة جميلة فمن أنا له ولها في هذه الليلة النمساوية الفيناويّة. مشيتُ في طريقي ألتمس حافلة معينة تحمل رقماً معيّنا لتأخذني إلى ضواحي مدينة فيينا حيث المطعم الشهير بتقديم النبيذ البيتي الصنع والدجاج المشوي على النار الدوّارة أمام مرأى روّاد هذا المطعم. فوجئتُ بصوته يناديني بإسمي المضبوط ثم يدنو منّي لوحده ويمد يده مصافحاً وسائلاً ألستَ السيد عدنان زميلنا في الدراسة الجامعية ومن ثم في التدريس الثانوي ؟ فوجئتُ حقّاً لكني رحبّتُ به وشكرته على مبادرته ولم أسأله ما الذي أتى به إلى فيينا وما قصده لكنه هو مَنْ سأل وأطال في أسئلته. قلت له صديقتك معك فلا يصح تركها وحدها في الطريق والليل قد إنتصف. قال إذاً نلتقي غداً لنتناول طعام الغداء في بيت هذه الصديقة. أخذ رقم تلفون وعنوان شقتي في فيينا. طرق باب شقّتي في الواحدة بعد الظهر كما اتفقنا الليلة الفائتة وكانت صديقته معه. وكان لقاءً عزيزاً نادر الوقوع وكان غداءً لا يقلُّ نُدرة في بلد مثل النمسا. فخذ خروف محشو بالرز والكشمش والبصل المقلي والزعفران فوق وسيّد الجميع. قال إنّ صديقته جهّزته وتعلمت الطبخة خلال عملها الطويل في مطعم إيراني في فيينا. ثم إنها من أصول إيرانية. جهز صاحبنا النرجسي الشاي العراقي الممتاز بعد الغداء ودارت بيننا أحاديث طويلة قديمة وحديثة المضامين. قال سمعت أنك كتبت مقالة قصيرة غمزتني فيها ووصمتني بالمشخوط. لم أتردد في ردّي إذْ قلتُ : نعم، كتبت مقالة عن شخص مشخوط والمشاخيط كُثُر كما تعلم وليس بالضرورة أني كنتُ قد قصدتك. لديَّ ما أقوله فيك ولكنْ سأقوله في زمنه وأوانه المناسبين. لا تخشَ فإني كما قد عرفتني زمان كنّا زملاء في كلية واحدة وجامعة واحدة في العراق لا أقول إلاّ الحقيقة ولا أظلمُ إنساناً بالباطل ولا أُلفّق أو أتهم أحداً بالبهتان. صبَّ المزيد من الشاي ثم قال : نعم، قد عرفتك كذلك لكنَّ الناس يتبدلون كما تبدّلُ الساعةُ الزمانَ بعقاربها والعقاربُ لا تفارق الناس. ألم يقل المرحوم القبانجي صادحاً : الأقارب كالعقارب لاسعات حشاي ؟ هززتُ رأسي موافقاً ثم قلتُ : لا فُضَّ فوك عزيزي ... الأقارب كالعقارب وأكثر ولكن الأصدقاء ليسوا عقارب. هل أنكرتني أنت مثلاً وهل تجاهلتني أو أدرتَ وجهك عني لأنك كنتَ بصحبتة فتاة نمساوية؟ قال معاذ الله ! أنا كما تعرفني رجل قروي وساذج وإنْ كنتَ في بعض ما تكتب  تنعتني بالمشخوط . أنا لست مشخوطاً لكني كسائر الناس لي حالات أبدو فيها لنفسي والآخرين غريب الأطوار ساهماً سارحاً في عالم آخر أجهل كُنههُ . في رأس كل إنسان كويل معطوب أو فيه خلل وقتي أو دائم والصحة المثالية الدائمة محال. أعجبني بيانه ووضوحه واعترافه بالكويل أو الشخطة في رأسه.
المشخوط الثالث
ماذا ومن أرى ؟ أهذا هو ذاك المشخوط الذي أعرف أو كنتُ أعرف ؟
رأيته في العاصمة السويدية ستوكهولم يرتدي ملابسَ سود من جلود بعض الحيوانات  يُرثى لها يتدلّى من رقبته الغائرة خيط في آخره خرزة شذرية اللون ! أحقاً هذا هو عين المشخوط ولكنْ بهيئة جديدة ومظهر غريب يدل على شذوذ قريب جداً من الجنون. ما زال على نرجسيته البغيضة التي لا تليق به ولا هو يليق بها. كان واضحاً أنه يعاني من إضطرابات عقلية تنعكس على سلوكه وردات أفعاله وطرق تعامله مع عارفيه أو المحيطين به فلقد جاء إلى ستوكهولم محاطاً ببعض المرتزقة والمصفقين لكل مّنْ يدفع وكان قادراً أنْ يدفع ولقد سمعته مرة يكلّم نفسه مردداً : ( آني عندي فلوس مو ما عندي ). مسكين ... فقد الكثير من عقله وقد أكّد لي هذا إذْ وجدته واقفاً في مطعم الفندق الذي أقمنا فيه في ستوكهولم وسألته : هل تعاني من مشاكل في القلب ؟ لم يجب، لكنه أشار بأصبعه إلى رأسه ! أي أنَّ الخلل في رأسه وليس في قلبه. عاتبته أنه صار يُكثر من الكلام والكتابة في موضوعات الجنس والبورنو الأمر الذي لا يليق به حسب عهدي السابق به. لم يغضب ولم يعلّق بل لاذ بالصمت المؤدّب. بقي هذا المشخوط متواضعاً رغم النرجسية الممقوتة الأمر الذي يخالف فيه صاحبنا المشخوط الأول المشبوه ( كوّاد ) السفارة العراقية زمان حكم صدام حسين وحزب البعث العراقي.
التعرض للمشاخيط أمر صعب معقّد تعتوره بعض المشاكل والإنزلاقات لذا يتوجب على سالك هذا الطريق أنْ يكونَ شديد الحذر دائم الإنتباه حاد البصيرة والبصر.
المشخوط الرابع
هذا مشخوط بخيل بل شحيح إلى حد الإسراف في البخل والتقتير. لا يعطي قرينته نقوداً بل يجبرها على تأجير بعض غرف منزلهم إلى معارف وغرباء ليكون الإيجار نصيبها ومدخولها الشهري ويا ما عانت من سلوك بعض المستأجرين ! يكسب هذا الشحيح المشخوط آلاف الباونات شهرياً ومع ذلك يجبر زوجه أن تؤجّر وتخدم الغرباء والمعارف لكي لا يدفع لها نقوداً كما تقتضي العلاقات الزوجية. هذا الثري الشحيح ما كان يُطيق تنظيف نفسه وملابسه وما كان يُطيق الإستحمام إلاّ بالتنبيه والضغط رغم أنَّ طبيعة عمله تقتضي أنْ يكون نظيفاً مظهراً ورأساً وجسداً لكي يُرضي مّنْ يتعامل معهم من سائر الناس. يضع في قدميه حذاءً أجربَ غير مصبوغ إلاّ إذا عطفت زوجه وتكرّمت بصبغ الحذاء الوحيد الذي يقتني. قشور رأسه تملأ وجهه وسترته وتتساقط بدون توقف في النهار والليل ولا يبالي فأي نوع من المشاخيط هذا الشحيح القذر الذي يحرم زوجه من الوصول إلى حساباته في البنوك ! للأمانة .. لم تخنه زوجه لكنه هو كان مستعداً أنْ يخون. هل يستحق هذا المِسخ مثل هذه السيدة النجيبة الشريفة الصابرة والمضحية ؟
شخص كهذا لا يهتم بالنرجسية بل لا يريدها ولا يعرفها إنما همه الوحيد والأكبر هو جمع النقود وتكديسها في المصارف وتدويرها هنا وهناك لجلب المزيد ثم المزيد من الأموال.
الشخوط درجات وأنواع ومستويات وهذا القذر يمثل مستوى آخر من هذه المستويات.
مشخوط خامس
أقدّم اليوم نموذجاً آخرَ مُغايراً تماماً لكل أولئك المشاخيط الذين سبقت الإشارة إليهم . إنه مشخوط معتوه منافق ومُراءٍ ومتناقض مع نفسه ومع ما يعتقد. يدّعي الإيمان ويصلي يومياً بانتظام لكنه يشرب المشروبات الكحولية شرط أنْ تكون من جيب غيره. ثم إنه يقامر ليلاً ونهاراً ويطارد النساء بكرةً وعشيّا . يخون زوجه ويمارس الجنس مع من يتيسر له دعوتها ليلاً إلى بيته حتى اكتشفت قرينته الأمر فطردته من حجرة النوم المخصصة لهما وصارت تنام في حجرة خاصة بها وينام هو في حجرة خاصة به أوطأ نوعية.
الغريب في أمر هذا المشخوط المنافق أنه ينعت كل فتاة ترفض دعواته لصحبته ليلاً إلى بيته لممارسة الجنس بأنها " كحبة " ! سألته مرةً : لماذا تسمّيها كحبة ؟ يُجيب بدون حياء : لأنها قبلت دعوتي لها على طعام عشاء في مطعم هندي لكنها رفضت بعد تناول العشاء المجئ معي إلى بيتي لنمارس الجنس معاً. المرأة الشريفة في نظر هذا المشخوط " كحبة / مومس " . ولأنه مقامر مزمن ومدمن فإنه لا يتورع عن السرقة والتدليس والكذب والمراوغات فيما إذا خسر ما معه من نقود في تلك أو غيرها من الليالي الحُمْر.
سمة أخرى يتميّز بها هذا " الشريف " جدّاً جدّاً والمؤمن بدينه جداً جداً أنه " مخربط " في مظهره جداً جداً يرتدي نفايات الملابس ورخيص " اللنكات " من أعلاه حتى قدميه. كنا ذات يوم معاً في أحد أسواق نهار الأحد المكشوفة تحت السماء التي تُسمّى 
Car Boot
وفي أثناء جولتنا رأى زوجاً من الأحذية بقياس قدميه فساوم السيّدة صاحبة البسطة على ثمنه. قالت له : جنيهان بريطانيان . قال هذا كثير على مثل هذا الزوج. سألته وبكم تشتريه ؟ قال بباون واحد فقط . قالت له جادّةً : خذه مجاناً فأخذه فعلاً دون أنْ يدفعَ شيئاً. نصّاب ومحتال أكبر من الكبير. قال لي مرةً إنه كان في العراق يداوم في وظيفتين معاً ويقبض راتبين عنهما فهل فعلها أحدٌ في العراق قبله ؟
ماذا أقول في هذا المشخوط أكثر ؟ لديَّ الكثير لكني هنا أتوخى التركيز والإختصار والعبرة في الأمثلة والإشارات والتذكير عسى أنْ تنفع الذكرى.
للحقيقة أقولُ إنه طبّاخ ماهر جداً جداً خصوصاً فيما يختص بالأكلات العراقية الكثيرة الشيوع في العراق مثل مركة البامياء مع الرز ثم الكباب المشوي وكان كريماً في تجهيزها كلما طلبت ذلك وأتيتُ بالمسلزمات وعناصر الطبخات جميعاً.
حين يخسر في القمار ما معه من نقود لا يمدُّ يده ليسرق ما في الجيوب لكنا يعرف كيف يكذب ويستخلص النقود بطرق شيطانية مرة كدَيْن وأخرى كشراكة في اللعب والربح مناصفة لكنه إنْ قامر وربح بنقود غيره يكذب ويدّعي أنه خسر في اللعب. .. شريف جدّاً جدّاً !
لا أدري هل كان زعيم المشاخيط الرقم واحد مقامراً أو لا ؟ 
مشخوط سادس 
( يحملُ هذا المِسخ عدد رؤوس نجمة داوود السداسية ) !
لم أرَ في حياتي مِسخاً متقلّباً متلوّناً وقرداً حنقبازيّاً كهذا القروي المعيدي الذي تفنن في كيف يتسلق وكيف ومن يجامل ويُداري. صعد في حياته عالياً وبسرعة عجيبة فهل كان الحظ أم القدرة على ارتقاء السلالم أم الضعف والغَفَلة فيمن استغلَّ أم جميعها سويّةً معاً ؟
شكا منه بعض مَنْ عمل معهم في بغداد وغير بغداد أنه كان كثير الحرص على طلب النقود بالدولار الأمريكي بحجة تنفيذ بعض الأسفار التي تتطلبها طبيعة عمله. قالوا عنه إنه يعبد الدولار ولديه استعداد كبير أنْ يخلع ما عليه من ملابس مقابل دولار واحد. قال عنه بعض معاصريه ومشاركيه في حجرات القسم الداخلي في الكلية التي درسوا فيها معاً في سنوات الحكم الملكي في العراق ... قالوا عنه إنه كان لا يستحم في حمّامات الأقسام الداخلية إلاّ في مناسبات نادرة .. لذا كان قذر المظهر يسوح القمل في فراشه وأغطيته في القسم الداخلي حتى فضحه الفرّاش " سالم " . 
دأبَ هذا النسناس البهلوان المتقلّب في الأعوام الأخيرة على إجراء عمليات تجميل منها سحب وشد جلد الوجه وتضييق الفم ... نعم، تضييق الفم لجعل طاقم الأسنان الصناعي ثابتاً لا يسقط من بين الشفتين ! وماذا عن عمليات جراحية سريّة أخرى لا يعلم بها إلاّ الراسخون والراسخات في العلم ؟ 
يدّعي هذا النسناس المشخوط بسكّة حراثة مزارع الشلب ما ليس فيه وليس منه ويفخر بمناصب أغدقها عليه ناس مشبوهون وهنا حُقَّ عليه أنْ لا يفخر بل أنْ يتبرأ ويعتذر من العراق شعباً وأرضاً ولكن ... هل في رأس هذا المِسخ شئ من الحياء أو الغيرة أو شرف الإنتماء للعراق ومتى عرف فضيلة الإعتراف ثم الإعتذار والدولار مذهبه ودينه وربّه ؟
عيشْ وشوفْ يا عراق خاصة في هذا الزمن الأكثر رداءةً وخسّةً ونجاسة ووساخة بحيث يعلو فيه السافل ويخبو فيه نور الفاضل وعلم العالم. هذا وأمثاله قش وتبن وزّبّدٌ يطفو على سطوح مستنقعات السياسة ونفايات مجاريها الموبوءة ويطفو قمل رؤوسهم السابق معهم حيثما ساحوا وأينما رحلوا وطافوا.
عَتبي على بعض من يعرف هذا المِسخ المشخوط بحافة الدولار ويعرف وزنه الحقيقي وحجمه الحقيقي ومقدار ما فيه من شحيح المعارف أنْ لا يساهم في كشفه للملآ وتعرية دعاويه ووضع النقاط على الحروف بل ووضعها في أُمِّ عينيه.
هل أمضي في كشف مشاخيطَ آخرين أمْ قد ضاق ذَرْعي ونفد ما فيَّ من صبر على تحمّل مهازل ومفارقات الحياة التي غدت اليوم غبراء بل صفراء بل جرباء مثقَلة بحمولة قُمّلِ رؤوس بعض المحسوبين على ساسة عراق ما بعد عام 2003 ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق