أزمة هنا... وأزمة هناك....تطورات وتبدلات في المعادلات والتحالفات...والكل يبحث عن مصالحة وتحقيق اهدافه والدفاع عن وجوده ونفوذه،والعمل على تعزيزها،دول يحركها المال والنفط والغاز وتجارة السلاح والأسواق والمصالح،والعرب المفعول بهم والخاسرين دوماً....والقضية الفلسطينية تغرق في لجة ثوران البركان.....أزمة في الخليج وإن بدت في ظاهرها صراع بين قطر والمحور الرباعي العربي (السعودية،الإمارات،البحرين ومصر)،ولكن تلك الأزمة تمهد لصراع اوسع وأشمل،تصفية القضية الفلسطينية في قلبه وصلبه،فالقمم الثلاث التي عقدت في الرياض في العشرين من ايار الماضي،كان عنوانها وهدفها المباشر ايران ومن يدور في فلك ايران،ايران حسب وصف بيان القمة العربية – الإسلامية - الأمريكية،انها الراعي الأول للإرهاب في المنطقة،وهي من تشكل خطراً على السلم والأمن في المنطقة وإستقرارها،وبانها شكلت اكبر قاعدة إرهابية في المنطقة،المقصود هنا حزب الله المقاوم....ولتحضير المسرح العربي والإقليمي والدولي لما هو آت،فلا بد من ترتيب الأوراق التي تمكن من توجيه ضربة قاسمة لإيران وكل من يقف في محورها،فإيران تحمل مشروعاً نقيضاً للمشروع السعودي- الأمريكي- الإسرائيلي في المنطقة،وإنتصار هذا المشروع،يعني خسارة كبيرة وتحولات جذرية في المنطقة تشكل خطراً جدياً ووجودياً على اسرئيل والمصالح الأمريكية في المنطقة،وبما يطال الدور والمكانة للسعودية عربياً وإقليمياً ودولياً،وخاصة ونحن نشهد فشل مشاريعها في كل من اليمن وسوريا ولبنان وحتى العراق،ولذلك الأزمة المفتعلة مع قطر وقضية تبنيها ودعمها للإرهاب،ورفضها للمنطق السعودي- الإماراتي باعتبار ايران دولة ارهابية،بل دولة مهمة للعمل معها بشان استقرار المنطقة واحتضانها لجماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس،ليست بالجديدة،فكما قالت قطر هذا جرى ويجري بعلم الأمريكان ومعرفتهم، ناهيك عن قضية الإبتزاز و"الإستحلاب" المالي من قبل أمريكا لقطر،فالقضية الأكبر من كل ذلك تحضيرات المسرح للحرب على ايران وحلفائها تتطلب اعداداً جيداً للمسرح والمشهد ودور كل طرف فيه.
ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان من اكثر المتحمسين لشن حرب عدوانية على طهران،والأول هدد بنقل الحرب الى داخل طهران،وقد لاحظنا الهجمات الإرهابية التي شنت على البرلمان الإيراني ومرقد الإمام الخميني،فهي حملت بصمات سعودية – امريكية،وبعثت برسائل سياسية الى طهران من الطرفين،فالسعودية تقول لإيران بشكل واضح أوقفوا تدخلاتكم ودعمكم للقوى والجماعات والأحزاب التي تنهاض وتعارض المشروع السعودي في اليمن والبحرين،وكذلك حزب الله وحركات المقاومة الفلسطينية،وإلا فإن الحرب ضدكم ستشتعل،وكذلك هذه الهجمات تحمل رسائل امريكية لطهران،الحدود العراقية - السورية والسورية – الأردنية تمسكها قوات وجماعات سورية مرتبطة بالمشروع الأمريكي،وإلا فالداخل الإيراني سيهتز ويشهد حالة من عدم الإستقرار الأمني.
السعودية في ازمتها المفتعلة مع قطر حول الدور والزعامة،وعدم التغريد القطري خارج السرب السعودي،تريد من قطر بشكل واضح كأساس الحل والقبول بالتسوية،ان تدفع ثمن فاتورة الحرب على طهران،فالحروب لها فواتير،الحرب العراقية- الإيرانية لمدة ثمان سنوات التي ورطت فيها السعودية الرئيس الشهيد صدام حسين،وكذلك الحرب على العراق وإحتلاله بعد إستدراجه للدخول الى الكويت.
ومن جهة اخرى،هي تريد تحالفاً عربياً- إسلامياً خلفها،يدعم عدوانها ويدافع عنه ويشرعنه،وهذا الحلف او ما يسمى ب "الناتو" العربي الإسلامي – الأمريكي،يجب ان تشكل اسرائيل واحدة من ركائزه،ولذلك طرحت مسألة شرعنة وتطبيع العلاقات مع اسرائيل ونقلها من الجانب السري الى العلني،وبما يشمل التنسيق والتعاون والتحالف في الجوانب العسكرية والأمنية وغيرها،ولذلك لم تعد مسألة شرعنة التطبيع وعلانيته مرتبطة بتحقيق اسرائيل لشرط ما يسمى بمبادرة السلام العربية،الموافقة على إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران/1967،بل عودة فلسطينية للمفاوضات وبدون أية شروط وضمانات وسقوف ومرجعيات دولية،بل حل للقضية الفلسطينية،يتوافق عليه في إطار إقليمي،يحمل في طياته وجوهرة مقايضة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بتحسين شروط وظروف حياته الإقتصادية تحت الإحتلال،ووفق مشروع نتنياهو للسلام الإقتصادي،وهذا يترافق مع هجوم اسرائيلي واسع على القضية الفلسطينية بغرض التصفية والإنهاء،شيطنة وتجريم النضال الوطني الفلسطيني ووسمه بالإرهاب،من خلال مطالبة السلطة بوقف رواتب الأسرى والشهداء التي تدفعها السلطة لهم،وإقتصاص قيمتها من مقاصة الضريبة التي تجيبها دولة الإحتلال لصالح السلطة الفلسطينية،الهجوم على وكالة الغوث واللاجئين "الأونروا" والمطالبة بتصفية خدماتها وانشطتها لأكثر من (130) ألف لاجىء فلسطيني،في هجمة واضحة تستهدف شطب حق العودة الفلسطيني،وتبرئة الإحتلال من مسؤولياته السياسية والأخلاقية بحق نكبة شعبنا وطرده وتشريده بالقوة عن أرضه،وكذلك التجريم العربي والإسلامي لحماس ووصفها بانها حركة إرهابية وليست مقاومة.
المؤشرات على اقتراب الحرب التي ستكون طاحنة تقترب بشكل كبير لرسم معادلات جديدة في المنطقة،تحركها المصالح والنفوذ والثروات النفطية والغازية وكارتيلات السلاح،اسرائيل تقوم بمناورات في قبرص لوحدات كوماندوز مختارة تحاكي الطبوغرافيا في سوريا ولبنان وايران،وهي ترسل رسائل عدة لحلفائها في الخليج في أي حرب قادمة نحن معكم،ولحلف المقاومة ومحورها،نحن قادرون على ضربكم في خطوطكم الخلفية وبقوة كبيرة،وأمريكا تدخل راجمات صواريخ حديثة الى الأراضي السورية،في منطقة التنف لمنع استكمال سيطرة الجيشيين السوري والعراقي على الحدود العراقية – السورية واستكمال التواصل البري بين سوريا والعراق وايران ولبنان،وبما يمكن طهران من دعم وإسناد المقاومة وحزب الله في لبنان بالأسلحة،وروسيا ليست بعيدة،فهي تحدث ترسانة الجيش السوري .
حرب طاحنة ستاكل الأخضر واليابس وفي قلب مشاريعها تصفية القضية الفلسطينية،وقيادة دون مستوى طموحات الشعب الفلسطيني والتحديات التي تواجه،تقدم مكانتها وشرعيتها على مكانة الوطن ستقوده نحو الكارثة،وتصفية حقوقه الوطنية وضياع قضيته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق