خروج حماس من تحت عباءة قطر ... وتبدل المعادلات الفلسطينية/ راسم عبيدات

الكاتب الصحفي فايز أبو شماله المحسوب على حركة حماس،هو اول من كشف عن لقاءات حماس مع دحلان زعيم " التيار الإصلاحي" في حركة فتح برعاية مصرية،وهو يكشف مجدداً عن ان وفداً من حماس سيغادر الى الإمارات العربية بعد العيد،وهذا مؤشر جدي بان هناك معادلات جديدة ترتسم في الساحة الفلسطينية بمحاور عربية واقليمية ودولية جديدة أيضاً،فالسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وحركة فتح تستشعران مخاطر التفاهمات ما بين حركة حماس و "التيار الإصلاحي" في فتح الذي يقوده النائب في التشريعي محمد دحلان وعضو مركزيتها المفصول،وترى بأن تلك الخطوات والتفاهمات من شأنها تعزيز الإنقسام والإنفصال ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة،وان من شأن تلك التفاهمات تفريغ الخطوات والإجراءات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية تجاه قطاع غزة من مضمونها بالضغط على حماس لحل لجنتها الإدارية لقطاع غزة وإجبارها على تسليم السلطة وإنهاء الإنقسام،تلك الخطوات المتمثلة في تخفيض رواتب العاملين في السلطة في قطاع غزة ب30% وكذلك عدم تسديد اثمان فاتورة كهرباء غزة لشركة الكهرباء الإسرائيلية والطلب من الحكومة الإسرائيلية بتخفيض تزويد غزة بالكهرباء... وكذلك عمليات قطع رواتب أسرى صفقة الوفاء الأحرار والذين جلهم من حماس،وعمليات التقاعد المبكر لعدد ليس بالقليل من العاملين بالسلطة في القطاع...هي من العوامل الهامة التي دفعت بحماس لمثل هذا الخيار،وخاصة بان الأزمة الخليجية والخلاف القطري مع السعودية والامارات والبحرين ومصر،هي الأخرى عوامل دفعت لهكذا خيار،فحماس كانت تستشعر بأن الحبل يلتف حول رقبتها،وهامش مناوراتها وخياراتها يضيق وخصوصاً بأن قمة الرياض العربية - الإسلامية - الأمريكية اعلنت حركة حماس كحركة "إرهابية"،وما تبع ذلك من طلب التحالف الرباعي العربي بالطلب من قطر طرد قيادات حماس والإخوان المسلمين...هذه العوامل دفعت بحماس الى عقد مفاوضات مع دحلان كممثل ل "التيار الإصلاحي" في فتح برعاية مصرية،وهذا ما يفسر عدم ورود اسم حركة حماس في قائمة ال 59 من المنظمات والجمعيات والشخصيات "الإرهابية" التي أصدرها التحالف الرباعي،ومن ثم الإستدراك بأن حماس حركة مقاومة فلسطينية وليس حركة إرهابية.
السلطة الفلسطينية إستشعرت مخاطر التفاهمات بين دحلان وحماس على سلطتها ودورها، وكذلك شعرت فتح بأن هذا يسهم في تأزيم وضع الحركة الداخلي المأزوم أصلاً،ولذلك جاء بيان اللجنة المركزية الذي صدر أمس حاداً في هذا الإتجاه،حيث قال "ترفض اللجنة المركزية بعض التحركات المشبوهة،ومحاولات فرض الوصاية على قضيتنا،والمس بالمحرمات الوطنية،وعلى رأسها استقلالية إرادتنا وقرارنا،وحقنا في صياغة النظام السياسي من خلال عملية ديموقراطية،واحترام سياجنا الوطني وبوابته الشرعية منظمة التحرير الفلسطينية".
في ظل حالة الصراع المحتدم بين طرفي الإنقسام،وعدم تقديم أي منهما تنازلات تجعل المصالح العليا للشعب الفلسطيني فوق أية مكاسب ومصالح فئوية وتنظيمية وحزبية،فإن الشعب في القطاع،هو من يدفع ثمن هذا الصراع وليس قيادات الفصيلين،فالأوضاع المعيشية وصلت حد لا يطاق،وتنذر بإنهيار وإنفجار شاملين،ولذلك فالأوضاع كانت مرشحة لكي تنفجر بإحدى الإتجاهين،حالة غليان شعبي تتفجر بشكل عنيف في وجه حماس وسلطتها،سيكون تداعياتها خطيرة جداً على النسيجين الوطني والمجتمعي،والأمور قد تندفع نحو إحتراب داخلي مدمر،والخيار الاخر انفجار الأوضاع على شكل حرب مع الإحتلال،لا تريدها اسرائيل الآن ولا مصر ولا حماس،ولذلك جاء إتفاق الضرورة ما بين حماس ودحلان ومصر،فكل طرف له مصلحة في تحقيقه،فمصر تريد ان يتم ضبط حدودها من قبل حركة حماس ومنع تدفق ما يسمى بالجماعات الجهادية الى سيناء،وان يجري تسليم المطلوبين من تلك الجماعات الموجودين في القطاع،وتريد ان تبعد حماس عن قطر وتركيا على وجه التحديد والى حد ما عن ايران،وبالمقابل حماس،تريد ان تحل مشكلة الكهرباء ومشكلة معبر رفح،بما يحدث إنفراجه في الأوضاع المعيشية لأهلها،وبما يخفف من حالة غضبها وإحتقانها تجاه سلطة حركة حماس،ودحلان يريد أن يعيد من بوابة هذا الإتفاق كرجل قوي في الساحة الفلسطينية،بعد ان تم إقصاؤه عن المؤتمر السابع وفصله من حركة فتح،وان يكون له دور سياسي كبير،وليس فقط خدماتي معيشي على الرغم من اهمية هذا الدور.
مصر تريد ان تُطوع حركة حماس وتخرجها من تحت العباءة القطرية،لكي لا تبقى قطر تتحدث عن ان حصارها مرتبط بدعم حركة حماس كحركة مقاومة فلسطينية،وحماس باتت تدرك وتعي بانه عليها ان لا تكرر تجربة اخطائها السابقة،كما حدث في الأزمة السورية،عليها ان تبقي نفسها على مسافة من الفرقاء المتخاصمين في الخليج ومعهم مصر،وإن كان هواها قطري- تركي،ولكن الوقت الان ليس لبث الهوى والحب،فالسيف مسلط على رقبة حماس اكثر من أي وقت مضى،والخيارات لرفعه محدودة وتضيق،ومن الواضح انه بعد ان يقوم وفد حركة حماس بزيارة الإمارات العربية فإن الإمارات ستحل محل قطر في الدعم المالي والإقتصادي لقطاع غزة عبر بوابة دحلان اولاً ومن ثم عبر البوابة المصرية.
هناك من يرى بان خطوات عباس العقابية التي أرادها ضد حماس،لكي ينقلب الشعب عليها إنقلبت ضده،فقد ظهر عباس كمن يعاقب شعبه،حتى اسرائيل وأكثر من ستة عشرة منظمة غير حكومية اسرائيلية،انتقدت تصرف عباس وقالت إن قيامه بقطع الكهرباء عن قطاع غزة عمل لا إنساني ولا اخلاقي،ولذلك هذه الخطوات والعقوبات غير المبررة بالمطلق والإتفاق الحاصل ما بين حماس ودحلان،يعني حالة من الطلاق البائن بينونه كبرى ما بين عباس وقطاع غزة،أي تكريس وشرعنة الإنقسام لفترة طويلة،سيكون الرابح الأساسي منها اسرائيل،فهي ستوظف هذا الإنقسام لصالحها في أي عملية سياسية قادمة،بأن عباس غير قادر على صنع السلام معها ولا يتمتع بالشرعية،ولذلك ستستمر في إجراءاتها وممارساتها نحو إبتلاع الضفة الغربية،وحصر دور عباس فيها في الجانب الوظيفي الخدماتي،والسيطرة الكلية على مدينة القدس.
بدون ان يكون هناك صدمة حقيقية لطرفي الإنقسام،وبدون تحركات شعبية كبيرة جداً "تلجم" طرفي الإنقسام وتمنعهما من مواصلة العبث بالمشروع الوطني،فنحن مقبلين على كارثة حقيقية ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق