المِرايا سودُ/ د. عدنان الظاهر

(( تقومُ حربٌ ؟ الحربُ قائمة ))
الغُربةُ في الحُفرةِ تحتَ الشقّةِ ما أوجَعَها مِسماراً مسموما
نصفُ الحاضرِ فيها أحياءٌ أشباها
النصفُ الآخرُ في الحائطِ إنذارُ
يتلألأُ أحمرَ ضوءا
أنْ هيّا
آنَ أوانُ ركوبِ البحرِ طفُوّاً ـ تجديفا
البحرُ لِسانُ لُغاتٍ شتّى
تحملُها أمواجُ الأملاحِ فتائلَ قنديلِ قراءاتِ الحرفِ 
نورُ النجمةِ نقطةُ حِبْرٍ في بئرِ الأعماقِ 
الظُلمةُ مِرآةٌ سوداءُ
مهما اشتدّتْ في الليلِ الأنواءُ
يتكسّرُ فيها النجمُ المُغبرُّ فتشتدُّ سوادا
أبحثُ عن ناسٍ كانوا أصلاً فيها 
أبحثُ عنّي في الباقي مِنْ أهلي 
أتراجعُ كالموجةِ للحُجرةِ مُرتدّاً مَدّاً جَزْرا  
في رأسي فأسٌ لَمّاعٌ طمّاعٌ مسنونُ   
فأراها جَسَداً يطفو مُزرّقا  
أقرأُ فاتحةَ الموتى برّاً ـ بَحْرا
الموجةُ مأوى مَنْ ماتوا غرقى 
لا شارةَ لا شاهدَ إثباتِ التعريفِ 
الأفُقُ الأسوَدُ سدٌّ عالٍ مسدودُ   
أنفاقٌ سودُ 
خطُّ الرجعةِ مأزومٌ ملغومٌ مقفولُ 
مختومٌ بالشمعِ الناريِّ المصهورِ 
النارُ تؤجّجُ نيراناً أضرى 
تحرقُ فيها أَمَةٌ ثوباً ثكلى
يصرخُ مَنْ فيها كانا : 
النارُ النارُ التنورُ الأحطابُ !
راحتْ كانتْ أوّلَ مَنْ راحا 
فتجَرَعتُ السُمَّ الفاتِكَ طَعْماً مُخضَرّاً لونا 
غيّرتُ أصولَ قواعدِ أمزجتي وطِباعي
إسوَدّتْ مِرآتي وتراءتْ فيها ما أخشى من رؤيا :
سيفٌ مَسقيٌّ محميٌّ مُحمَرٌّ قطميرُ
يتهددُني أنَّ الموتَ حثيثاً يدنو  
أقربُ من حَبْلٍ يتدلّى شَزْرا ...
لا أخشى موتا
أخشى فِقدانيَ آثارا 
حَفَرَتها بالأنمُلِ رَبّاتٌ غابتْ عنّي في داري 
تركتني أسقيها دَمْعاً مُنهلاّ مُخضلاّ 
يفتحُ بابَ الشُرفةِ للظلِّ الماشي غيثا ...
أدمنتُ الظُلمةَ في داري أُفشيها أسراري
أدنو منها بجناحٍ مُضطَرِبٍ مَعْطوبِ 
أستنشِقُ كافورَ سراديبِ الأكفانِ  
جَسَداً يبلى مُنحَلاّ .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق