حاملا صمتي.. جئت مقهى احتمالاتكم...
أبحث في الزّوايا المنحنيةِ عن دخانٍ لنار قد تكون
وقد لفظني ماضيَّ الذي جعلتموه يحتضر..
ورحتم لعفونةِ الألوان في تراكمات المرايا
ها إنّ الظهيرة تتثاءب على أبوابكم...
فكيف كان يا سادتي نومكم؟
والليالي تدفع غموضها إلى مساحات دخانكم
حيث تَحتَجِبُ قدرةُ الصّمتِ على اقترافِ عفويته..
لتصبح مدينتي زوايا تغوص بألوانها...
وخطوتي تتنفس غيبوبتي في مساحاتها..
لتهاجمني المساءات المتثاقلة
أنا المسكون بتنهيدات غرناطة..
أحس حياتي موجةً تحنو على رملي..
وحلمي خطوة شتّتَها الريح
ومدينتي جهةً جَهِلت أنفاسَنا المُتَصدّعة
ولليل مخالب...
يا ربيع الموت كن لي رئتَي
حتى لا يشيخَ الموت دوني..
ويتركَ لي وحدي ارتقابه...
تَدمُرُ تتمدّدُ عاريةً في شَفَقِ الصّحراء
وللغروب تمنح صامتةً أنفاس الموتى
تنسانا فيها أعمارنا الغابرة..
من مثلنا يتقن غرس الجراح فوق السّطوح؟
ونحن نمنح أعمارنا موتها لتختارَنا الطُّمَأنينة
نصرخ بالمدافن: اعشوشبي... نُهديك حالاتنا!
فالزّمن المرهَقُ يستثير سُباتَنا
لنصحو من طفولة كم رسمنا على رمالها قصورَنا الطّاهرة
وما أفلحت حشودُنا من الرّيح والمفاجآت أن توقظ الصّحراء...
استوطن العابرون أحلامنا
حطّمنا كلَّ التّماثيلِ ليغدو غبار الوجع تمثالا لنا
وشمس كندة طفولة عاجزة..
الملك الضّليل..
جعلها عشقه العبثي... ليغني لها..
ليصبح قربانها...
يتركها بالتياعها، تسقط من عليائها، تبحث عن ملوك..
والليل يمنحها تماثيل من سافروا لعيونها
ثم انتهوا لمداخل الريح الغريبة
غرقوا...
وللغرقى مفاتيح العدم!
هي الآن أكثر صمتا من ظلامٍ يغطّي الفجيعة
كم راودتها الرّيح عن عنوانها..
ولكم منحها الطّقس العابرُ وعده الغامض...
مضى وهو يسألها:
على أي جنبٍ تُرى يضطجِعُ الغروب؟!
وبأي لونٍ يرسم الموتُ عيونَ العاشقين..
سكتت طواحينُ الكلام الآن فارتقبوا هبوبَ العاصفة...
حاملا صمتي أجيء إلى لياليكم
وصدرُ الليل للملتاعِ طعمُ المقصلة...
كم شهقةً أحتاج كي أستردَّ صُوَري التي شتّتَها الرّيح؟
كم طعنةً يحتاج صدري كي يصابَ بقشعريرة؟
أيها الكنعانيُّ الذي كان قبل الليل وبعد الويل...
لأنك كنت ولم يكونوا...
أتدري في فضاء حلمك زرعوا كم لغمًا... أقّتوا كم قنبلة؟
وأنت توغِلُ في زمن التّصحّر
تهدي جنون الريح لغةَ خريفك الثّكلى
صَفَرَت بكل جهات الأرض سيرة من كانوا عظماء...
فلم تفلح في منح شعوبِكَ المهزومةِ مثقالَ غنيمة...
أو نجاةً من جريمة...
أيها الكنعانيُّ الذي ما عاد يذكُرُه الصّدى...
إلى متى ترسِلُكَ النّكَبات لتبحثَ عن حكاياتِكَ الضّائعة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق