إن ما جرى في “صفقة جرود عرسال”، وبعدما ظهر ما ظهر من حقائق ووقائع صادمة وغير قانونية وهرطقية ومعظمها تم عرضه على شاشات التلفزيونات، يتبين أن الأمر مسرحي برمته وهو مجرد تمثيلية لا أكثر ولا أقل.
يسأل البعض من أصحاب الإيمان بالدولة وبالدستور وبالحق والعدل، يسأل أين هي الدولة من كل ما يجري.. وأين هم الحكام وأين هي المؤسسات؟
والجواب بسيط ومعروف لمن عنده بصر وبصيرة، وهو أنه في ظل الاحتلال لا وجود للدولة ولا دور لمؤسساتها ولا سلطة لحكامها..
ولبنان للأسف هو بلد محتل ودولته عاجزة ومكبلة ومصادر قرارها، وفي أحسن الأحوال مغلوب على أمرها.
عملياً فإن المحتل هو من يقرر في كل صغيرة وكبيرة، وهو من يُصدِّر الفرمانات وهو من يوزع الأدوار…
والدولة ومن فيها من كبيرهم حتى صغيرهم ينفذون أما راضين أو مرغمين لا فرق، ومن لا يخضع يتم إخراجه ووسائل الإخراج متنوعة وباتت معروفة للقاصي والداني.
في صفقة جرود عرسال شرِّعت أبواب السجون على مصراعيها وطعن القانون بخناجر مسمة وتم اخرج محكومين كبار وذلك غب املاءات المحتل.
وبالعودة إلى مجريات الصفقة “الفضيحة” فإن خاتمتها جاءت استنساخاً لخاتمة ملف حرب نهر البارد حيث يومها اختفى شاكر العبسي ومعه كل أركان حربه..
نعم انها عملية استنساخ وإن كان السيناريو هذه المرة تم إخراجه بأسلوب متجدد حيث أن المحتل بات أقوى ونفوذه أكبر وأوسع انتشاراً في حين أن من ينفذون أوامره لم يعد لهم حتى حق السؤال بعد أن ارتضوا بالشرط والضوابط التي أوصلتهم إلى حيث هم.
من هنا فإن العلة الأساس هي الاحتلال وما دمنا لا نعترف بها ونقر بواقعها فلن نتمكن من علاجها.
السؤال الحتمي والملح هو إلى متى سوف تستمر هرطقات الاستهزاء بعقول وذكاء اللبنانيين، وإلى متى يستمر تحكم الدويلة بالدولة؟
والجواب أيضاً هو نفسه..لا نهاية للحال الحالي المذري هذا بغير نهاية الاحتلال.
أما المهللين والمبجلين لبطولات وتضحيات وعبقرية حزب الله من ربع الحكام والمرجعيات الدينية والحزبية والسياسية، فهؤلاء جميعاً في مفهوم الدستور والقانون شركاء كاملين ومتكافلين ومتضامنين مع حزب الله ومع مرجعيته الإيرانية ومع النظام الأسدي في خطيئة استغباء اللبنانيين وفي تفكيك كل ما تبقى من هيكلية مؤسسات الدولة..
إنه وفي المفهوم الاستقلالي والدستوري والسيادي فإن “النصرة” وأقرانها كما حزب الله وداعش وكل إخوانهم وأخواتهم من المنظمات والجماعات المسماة أصولية وجهادية وإرهابية والتي تم تفقيسها في الحاضنات الإيرانية والسورية هي واحدة في مرجعيتها وأجندات أصحابها..
وبالتالي فإن مسرحية حرب جرود عرسال كانت بين مجموعات أصولية مصنفة إرهابية ونقطة على السطر.
يبقى إن فضيحة مسرحية حرب جرود عرسال تُسخًف وتعري صدق ووطنية وشعارات وحروب كل جماعات الممانعة، وكذلك تفضح ادوار ومهمات وإسخريوتية المهللين والنافخين في أبواق حزب الله من غالبية أطقم السياسيين التجار ومعهم غالبية حكامنا وأحزابنا والرعاة من الكتبة والفريسيين..
في الخلاصة لبنان بلد محتل ولا خلاص من هذا الإحتلال قبل الاعتراف بهذا الواقع الإحتلالي ومن ثم العمل الجدي على الوقوف بوجهه على كافة المستويات وبكل الوسائل المشروعة بهدف التخلص منه وإلا فالج لا تعالج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق