وهممت على وجهي سائرا في الدروب؛ يعتلج في نفسي دوي يسابق الريح؛ لكن الريح تحبس الكلمات!.
اسقط في الصمت،أمضي صوب الحنين ليسألتي: ماذا قلت للمرآة في ليالي الارق، هل كنت جائعا للكلام؛ أم هربت منها دون ان تنبس ببنت شفة؟!.
شبت نار الشوق في اعماقي وأنا أتأمل وجه الأشجار الاصم كالجدران،
اتفرس في البجعات وهي تغفو في البحيرات؛ احدق في العصافير حيث اغلقت حناجرها، الأشجار عارية انتزع الخريف اوراقها بلا خجل.
لم يجد جديد،إذ لازلت انفق ايامي وأنا ألحظ تجاعيد الغربة على وجهي؛وكيف بغداد استوطنتني.
عابر سبيل امشي بلا ضوء؛ اسوح في شوارع سيدني صامتا ولكن بحزن لا يخلو من غصات. صمت يكتنف الطرقات كصمت القبور؛ الأبواب مغلقة والنوافذ مسدلت الستائر، تكسو وجهي ملامح الغريب، فشلت في فك طلاسم حكاية غريبة يلفها الغموض وتكتنفها الاسرار؛ فعندما اجد نفسي مضطرا للتفكير أو كتابة شيئا عن حبيبتي بغداد اصير مثل اعمى يحاول وصف الأشكال والألوان للآخرين!.
الآه مغروسة في صدري،اون ونت جريح وسط غابة؛ لقد غرست الغربة انيابها في صدري؛ لكنها فشلت في اقتلاع قلبي الذي ينبض بحب بغداد التي أينما أمضي أجدها أمامي.
بغداد اتعلمين انك انت من أومأت لي بالرحيل؛ فتعلمت ان اشكم الجرح بالجرح؛ غير ان لي فرحة ستبقى رهينة لقائك؛ فانني كلما فتشت اعماقي وجدتك شريانا في القلب.
ما اعرفه اني لازلت اتبع خطاك في درب العمر؛ كما يتبع الطفل أمه؛ ربما لانني محكوم بحكم حبك المؤبد.
ليل اهيم بارد؛كل شيء يتحرك امامي بدقة ساعة سويسرية إلا أنا!، ففي عقلي بلبل يحلق ولا يغرد، وقلبي كمدينة تحترق في الظلام.
اتسكع كضباب يتلاشى، اجلس في الحدائق، أتأمل نفسي لاجدها على قارعة الذكريات، ولأنه ليس بالذكريات وحدها يحيا المغترب، عكفت ان اكتب محنتي وادون حكايات الانا المنفي، افيض بحب بغداد طوفانا،
بغداد؛ ما عاد من طول انتظارك طائل؛ حاولت البحث عن بدائل؛ لكنني وجدتك في كل خطوة عتبة!.
من كتاب (بغداد عروس الشرق) للأب يوسف جزراوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق