( نظمتُ هذه القصيدة ردًّا على بيت شعر على لسان فتاة ، وهو :
( أريُدكَ واقعا لا بيتَ شعرٍ تُرَدِّدُهُ الرجالُ على النساءِ )
أنشر هذه القصيدة مرة أخرى مع إضافة بعض الأبيات الجديدة لها
أنا وطنُ المَحَبَّةِ والإخاءِ ونبراسُ الكرامةِ والإباءِ
وإنِّي واقعٌ كالفجرِ سحرًا وَحُلمُ الغيدِ عنوانُ الرَّجَاءِ
وإنِّي شاعرُ الشُّعرَاءِ أبقى وشعري قد سَبى كلَّ النساءِ
وشعري الدرُّ والذّهبُ المُصَفّى مدَ ى الأزمانِ يسطعُ بالضياءِ
نساءُ الكونِ تعشقُنِي ولكن أنا للمجدِ أرنُو والعَلاءِ
أسيرُ لغايةٍ مُثلى وغيري يسيرُ بجهلِهِ نحوِ الوَراءِ
أنا ربُّ المثالثِ والمَثاني وَربُّ الشعرِ في هذا الفضاءِ
ملأتُ الكونَ ألحانا وشعرًا وَرَدَّدَتِ البلادُ صدَى غنائي
فدا الأوطانِ قد أرخَصتُ روحي سأبقى ، للمَدَى ، رمزَ الفداءِ
أنا أحلى مِنَ الشعراءِ شكلاً وأنداهُمْ إلى بيدٍ ظِمَاءِ
وأصْدَقُهُمْ وأثبتُهُمْ جنانًا وأشجَعُهُمْ بساحاتِ اللقاءِ
وَفُقتُ هنا أنا الأقرانَ عزمًا وفكرًا ثاقبًا وبلا مِرَاءِ
وَصيتي قد تضوَّعَ مثلَ عطر ٍ ونجمي في سُموٍّ .. في السَّناءِ
وَمُذ صغري أخوضُ نضالَ شعبي وَغيري كانَ يقبعُ في الخباءِ
وغيري كانَ فسَّادًا عميلاً وَمَأفونًا أحَط َّ مِنَ الحذاءِ
وأضحى اليومَ مقدامًا جسُورًا يُناضلُ بالكلامِ وَبالهُرَاءِ
صحافتنا لأوباش ٍ رُعَاع ٍ مسارحُ للمَخازي والبَلاءِ
وترفضُ نشرَ إبداع ٍ لِحُرٍّ وللتخبيص ِ تبقى ... للهَبَاءِ
وكم قردٍ لقد جعلُوهُ ظبيًا رذيلُ القومِ أنقى الأنقياءِ
وكم مَسخ ٍ وَبَوَّاق ٍ لئيمٍ غدا بالزيفِ أوفى الأوفياءِ
وأضحَى الشَّهمُ منبوذًا كئيبًا ويحيا في انطواءٍ وانزوَاءِ
ويقضي الليلَ في ألمٍ وَحُزنٍ لِرَبِّ العرشِ يبقى في دُعَاءِ
عسَى أن تتبدَّلَ الأحوالُ يومًا وَتُفرجَ بعدَ ضيق ٍ وابتلاءِ
عسَى أن تُرفعَ الأرزاءُ عنهُ يزولُ الشرُّ ينعمُ بالصَّفاءِ
أنا وَجَعُ الحروفِ وَحَشْرَجَتهَا وَأنَّةُ عاشق ٍ وبلا عَزَاءِ
أغنِّي رغمَ آهاتي وَحُزني وفنَّي قد تجلّى في ازدِهَاءِ
وَرُومَانسِيَّتي تسمُو ائتِلاقًا وَبينَ الوردِ أرتعُ والظباءِ
سأبقى في ثغورِ الزَّهرِ شهدًا ونارًا في ميادين البَلاءِ
سأبقى في أنينِ الوجدِ حُلمًا ولوعةَ َ لاجىءٍ تحتَ العَراءِ
أبَدِّدُ كلَّ همٍّ جاءِ صوبي وأنضُو كلَّ أشباحِ الشَّقاءِ
أصولُ كصَولةَ الرّئبالِ تيهًا وكم ندٍّ توارَى .. في اختباءِ
وكم وَغدٍ مآبقُهُ توارَتْ وعنهُ قد نضَا زيفُ الطلاءِ
سأرجعُ كلَّ حقٍّ ضاعَ هدرًا ويمضي كلُّ تاريخ العَناءِ
أرى الشُّرفاءِ في صَفّي جميعًا ويمشي الكلُّ تيهًا في لوائي
تكأكأتِ الخطوبُ مُخَضْرَماتٍ كصوتِ الرَّعدِ تدوي في الخلاءِ
أقودُ الريحَ استبقُ المنايا كأنِّي ، في يدي ، أمر القضاءِ
أنا للهِ في نهجي وَدربي وتاريخي ترَصَّعَ بالثناءِ
أخوصُ النارَ لا أخشَى الرَّزايا لأجلِ الحقِّ .. من أجلِ البقاءِ
أنا أرضُ الأغاني وَهْيَ تنمُو وَتُزهرُ بلسمًا روحَ الشِّفاءِ
ملائكةٌ تصلّي لي بحُبٍّ وتغمُرُني بمعسُولِ الدُّعَاءِ
وتنسجُ لي ثيابًا من ضياءٍ وأحلامًا بألحانِ الشّذاءِ
وَإنَّ اللهَ باركني لأنّي أسيرُ على طريقِ الأولياءِ
وَإنَّ اللهَ هَيَّأ لي مكانًا مع الأبرار في خُلدِ السَّمَاءِ
أنا رمزُ الكرامةِ والمعالي وربُّ الجودِ جُدْتُ بلا مِرَاءِ
لأنِّي لستُ فسَّادًا حقيرًا هنا لا .. لم أوَظّفْ في انتقاءِ
وغيري باعَ شعبًا بل إلهًا وإني في صراطِ الأنبياءِ
وغيري كان مأجورًا عميلاً ويرتعُ في الدَّسائسِ والدَّهَاءِ
يعيشُ العمرَ مأفونا خسيسًا ببيعِ ِ النفسِ أحط ُّ منَ الإمَاءِ
أرى البؤسَاءَ قد رقدُوا طويلا كأهلِ الكهفِ ناموا في ارتخاءِ
وما هَبُّوا لردع الظلمِ جهرًا وعاشوا في خنوع ٍ وانحناءِ
وإنّي ثائرٌ وأصُولُ دومًا لتحقيقِ العدالةِ والرَّجاءِ
لأخذِ الحقَّ من طغمٍ لئامٍ أزيل الغشَّ مع كلِّ افتراءِ
لينعمَ كلُّ محزُونٍ كلُومٍ ويرتعَ في الغنائمِ والرَّخاءِ
لترجعَ دولةُ الفقراءِ تسمُو وحقٌّ للغلابى في الثراءِ
ويعلو الحقُّ.. لا يُعلى عليهِ زمانُ الظلمِ آنَ إلى انتِهاءِ
وللأرزاءِ بدءٌ وانقضاءٌ مصيرُ الظلمِ حتمًا إلى جلاءِ
وما نيلُ المطامِح ِ في سُبَاتٍ تُرَاقُ لأجلِهَا أذكى دِماءِ
"وللأوطانِ في دمِ كلِّ حُرٍّ" عُهودٌ للكفاح ِ وللوَفاءِ
وتحقيقُ العدالةِ ذاكَ دأبي وَمُذ صغري دأبتُ على الإباءِ
ثقافتنا تهاوَتْ في حَضِيض ٍ وأضحَى التَّيسُ يمرحُ في انتِشاءِ
وَنُقّادٌ كشَسْع ِ النعلِ عندي عمالتهُمْ تفوحُ بلا انقضَاءِ
وَدُونَ الصِّفرِ نحوًا أو عُرُوضًا قدِ احتلُّوا المنابرَ في احتفاءِ
وهُمْ لمزابلِ التاريخِ حتمًا وكانوا للمخازي والوَبَاءِ
وكم مَسْخ ٍ وَشُعرور ٍ قمِيىءٍ مثالٌ للدَّناءَةِ والغباءِ
لقد جَعَلوُهُ مقدامًا جَسُورًا بفضلِ عمالةٍ ... يا للهُرَاءِ
"هَبَنَّقةٌ" هُنا صارَ ابنَ سينا يُهَروِلُ في المَحافلِ في ازدِهاءِ
وَظّنَّ بأنَّهُ الفذّ المُفدَّى إلى الحكماءِ ينظرُ في ازدراءِ
وَ"عُرْقُوبٌ " يُشاطرُهُ جنونًا وَخزيًا في مواخيرِ الرّياءِ
وَ"مادِرُ" صارَ جَوَّادًا كريمًا تبَجَّحَ بالعطاءِ وبالسَّخاءِ
هُنا الصِّنديدُ مَنسيٌّ وَحيدٌ غدَا الرِّعديدُ يرقصُ في هَناءِ
وكم من أبلهٍ قد أكرَمُوهُ تُقامُ لهُ احتفالاتُ ارتقاءِ
لقد أضحى العضَاريطُ السَّكارى لهُم كلُّ الحفاوةِ والوَلاءِ
وأضحَى الإفكُ بينَ الناسِ يسري وكم من فاقدٍ شرش الحَياءِ
حُثالاتٌ غدَتْ قاداتِ شعبٍ ويتبعُهَا جموعُ الأغبياءِ
وهذا عصرُ لُكع ٍ وابنِ لُكع ٍ وصوتُ الحقِّ فيهِ في انطفاءِ
سوى صوتي تحدَّى الظلمَ جهرًا يُجلجلُ في الصباح ِ وفي المساءِ
وإنِّي شاعرُ الشعراءِ أبقى وَرُغمَ الغُبْنِ أسمُو للسَّماءِ
وإني للورُودِ وللمَعالي وغيري قد تمرَّغَ في الخرَاءِ
حياتي قد بذلتُ لأجلِ شعبي وغيري في العمالةِ والعوَاءِ
جنانُ الخلدِ منزليَ المُفدَّى وسحرُ الكونُ يَسْمُو في ندائي
واسمي في المَجّرَّةِ باتَ يزهُو تكلّلني الشُّموسُ وبالضياءِ
....................................
*1 -هبنّقة أحمق العرب وكان يضرب به المثل قديما في الحمق والغباء .
*2 عرقوب رجل عرف بوعوده الكاذبة ، ويقال وعد عرقوب.
*3 - ابن سينا الطبيب الشهير صاحب كتاب القانون في الطب الذي كان يدرَّس بحذافيره في معظم كليات وجامعات الطب في أوروبا قبل أكثر من 90 سنة .
*4 - مادر رجل من بني هلال كان موصوفا ومشهورا ببخلهِ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق