عقدٌ مُظلم من الانقسام الفلسطينى مر بتاريخ شعبنا وتجربة ملؤها المأسى والآلالم والجراح تجرع مرارتها شعبنا الفلسطينى واكتوا بنارها حتى كاد يفقد الامل فى الحياة، اليوم يُبعث الأمل من جديد فى كل مكان فى الوطن وخاصة فى غزة فى كل شوارعها وأزقة مخيماتها ترى الأمل فى وجوه الناس وليس أدل على ذلك من حجم الحشودات التى خرجت بعفوية لاستقبال وفد حكومة الوفاق أو حكومة الانقاذ سمها ما شئت لكن الشعب يسميها حكومة الأمل؛ الأمل فى الغد الذى نمضى فيه نحو المستقبل موحدين متفاهمين فلسطينيين أولاً وقبل وفوق أى انتماء آخر، والأفضل لنا جميعا اليوم أن نكون فلسطينيين أولا وأخيراً لأننا اليوم أمام فرصة تاريخية قد لا تتكرر لإعادة صياغة مفاهيم إدارة الخلاف والاختلاف فيما بيننا؛ وضرورة وضع الخطوط الحمراء للاختلاف التى تمنع تطوره لخلاف؛ وللخلاف حتى لا يصبح نزاع، وكل ذلك مرهون ببناء المؤسسة التى تحتكم إلى القانون والذى هو أقدس مقدسات أى مؤسسة ناجحة، إن بناء المؤسسة التى تحتكم إلى القانون هى كلمة السر فى نجاح أى مشروع؛ وهى بالأساس النواة الصلبة لأى دولة أو كيان سياسى ناجح قابل للحياة، فدولة المؤسسات والقانون هى الدولة الناجحة والباقية والصحيحة فلا جماعات أكبر من المؤسسة ولا أحد فوق القانون .
كلمة السر فى عدم تكرار تجربة الانقسام أن نتحول جميعاً نحو البناء المؤسسى المستند للقانون على صعيد التنظيمات وصولاً إلى أعلى مؤسسات السلطة والدولة مستقبلاً، وكذلك المقاومة والنضال علينا مأسسته بطريقة أو بأخرى ضمن توافق وطنى يراعى خصوصية حالتنا الفلسطينية التى يفرضها علينا الاحتلال، وذلك من خلال إعادة صياغة المشروع الوطنى الفلسطينى طبقاً لمفاهيم ثقافية جديدة وبآليات متجددة تدعم بقاء الوجود الديمغرافى الفلسطينى على أرض فلسطين التاريخية بشكل فاعل وترسخه، كذلك فإنه مطلوب منا كفلسطينيين أن نعيد صياغة نظامنا السياسى طبقاً لمفاهيم حضارية دولية وديمقراطية وعلينا أن نتذكر أن الجانب الأهم فى صراعنا مع اسرائيل هو فى قدرتنا على خلق النموذج الحضارى لكياننا السياسى، وفى ظل الظروف السياسية المتردية المحيطة بقضيتنا فالمطلوب منا الآن إدارة الصراع ولكن بصياغة نموذج وطنى حضارى بمقومات حضارية نموذجية فعلية على الأرض، نموذج يتسع للكل الفلسطينى بكافة أطيافه، وأولوياتنا اليوم يجب أن تكون إعادة صياغة مشروعنا الوطنى الحضارى الذى يرتب فيه البيت الفلسطينى على أسس قوية ومنطقية وحداثية لتثبيت الوجود الفلسطينى على هذه الأرض ولنقصر الطريق للوصول إلى اليوم الذى تكون فيه تسوية عادلة لقضيتنا الفلسطينية .
اليوم ... الأمل كبير بحجم الألم الذى اعتصر القلوب وبحجم الصبر الذى تجرعت مرارته النفوس على مدار عقد من الانقسام البغيض، وهو أمل يعكس حجم الثقة التى يعطيها الشعب لقيادته وفصائله ولمصر بقيادتها التاريخية الحكيمة؛ علينا أن نستفيد من تجربتنا وأن ننطلق موحدين لاستكمال مسيرة النضال والاستقلال والحرية تحت علم فلسطين الذى لا ظل أفضل لنا من ظله جنبا إلى جنب شعباً وقيادة وفصائل وحكومة معا نحو الهدف الوطنى الأسمى لاكمال مشروعنا الوطنى الفلسطينى الذى ضحى من أجله خيرة أبناء شعبنا بأرواحهم شهداء على مذبح الحرية وأسرى راحت عقود من أعمارهم فداء له .
كل الشكر لشعبنا الفلسطينى الصابر المضحى ولقيادتنا الفلسطينية الحكيمة ولكل فصائل العمل الوطنى بكل أطيافها، وكل الشكر والتقدير للشقيقة مصر العظيمة رئاسة وحكومة وشعب .. وليسقط الانقسام للأبد وعاشت فلسطين حرة موحده .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق