زيارة دولة رئيس الوزراء حمد الله برفقة وفد رفيع المستوى من الحكومة الفلسطينية برام الله اليوم لقطاع غزه لتكملة مشروع إنهاء الانقسام الفلسطيني هي دون أدنى شك حدث كبير ومهم للشعب الفلسطيني وتاريخه وقضيته ومستقبله. زخامة الفرحة وغزارتها، التي راقبها الجميع بين أبناء شعبنا الفلسطيني خصوصاً في قطاع غزه، تظهر للمراقب مدى الالم والشقاء الذي تركه الانقسام في نفوس وقلوب أبناء شعبنا الفلسطيني.
نهاية مسار الاندثار الفلسطيني الذي بدأ قبل عشر سنوات بدأت قبل أسابيع تظهر للعيان والاسباب والدوافع التي دعت طرفي الانقسام، فتح وحماس، تحت الرعاية المصرية، الى العمل بجدية وبتسارع مثالي للوصول الى اتفاق، عديدة ومتشعبه ولها علاقه باصطفافات الإقليم وارهاصات هذه الاصطفافات على الوضع الفلسطيني الداخلي والدور الذي ستلعبه مستقبلاً بعض دول الإقليم الشرق الاوسطي المتجدد. الخوض الان بتحليل هذه الأسباب والدوافع ستبعدنا عن عنوان المقال وهدفه... لذا اكتفي بهذا التنويه الان لأعود اليه بمقال خاص وبتوسع يليق بالحدث وأهميته.
وعوده بِنَا الى العرس الفلسطيني والاحتفال ببداية إنهاء الانقسام والاصوات المباركة لهذه الخطوة ترينا وتظهر لنا مدى تعطش شعبنا الفلسطيني للوئام والوحده والهدوء لتركيز نظر الجميع على الخطر الأكبر على مصير قضيتنا ومستقبل شعبنا ومشروعه الوطني، التركيز على مقارعة الاحتلال لوطننا ونهبه لارضنا ومصادرنا الطبيعية. بعض الشباب من غزه كتبوا برمال غزه العزه: وحدتنا قوتنا... صدقتم يا وطنيون... الوحدة قوه، وان اردتم هي ألقوه الوحيدة التي بين أيدينا لمواجهة المشروع الكولونيالي الاسرائيلي بدعم عربي للإجهاض على قضيتنا المقدسة. أنتم أدركتم هذا الديالكتيك منذ الْيَوْمَ الاول للانقسام واستغرق ادراكه عند قيادة كل من حماس وفتح عشر سنوات.
في خضم هذا الحدث الكبير والفرحة التي تخيم علينا جميعاً لابد ان نقف ونفكر ببعض الأمور التي من شأنها ان تبطئ من مسار مشروع إنهاء الانقسام للوصول الى المصالحه الكامله وباسوأ الأحوال ممكن ان تُجهض عليه للاسف:
أولاً انا آصف الحالة التي نتواجد بها الان والتي أضاء لها، الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنيه بدعم من الفاضل يحي السنوار، الضوء الاخضر، بأنها مشروع وليس خطوة يتيمة وحيده.
الضوء الاخضر كان الخطوه الاولى بهذا المشروع بعد تلبية حماس لطلبات الرئيس عباس وزيارة دولة رئيس الوزراء الدكتور رامي حمد الله كانت الخطوة الثانية وإمامنا خطوات عديدة ومسار شائك علينا جميعاً متابعته ودعمه بكل ما اوتينا من قوه وصلابه لإنجاحه. في مسارات تحقيق هذا المشروع سوف نقع في مطبات عميقه ومحرجه وتتطلب من الجميع وخصوصاً من طرفي الانقسام، فتح وحماس، التحلي بالصبر والقلب المفتوح من اجل الوطن ومصلحته كم وتتطلب هذه المرحلة التي ممكن ان تدوم لأشهر ان ترافقه المعارضه الديمقراطيه الوطنيه بحرص وحس وطني وحدوي عالي لتخطي العقبات وعدم ترك طرفي الصراع لسجالاتهم التي ستدور حول مصالحهم الفؤية الضيقة. وعلى جماهير شعبنا أينما تواجدت، وخصوصاً جماهير حماس وفتح، ان ترفع وتيرة الضغط على طرفي الانقسام لإنهاء هذا المشروع بنجاح لنصل بالنهاية الى المصالحه الوطنيه الكاملة.
ثانياً لابد من التنويه على ان الانقسام الذي بدأ بالانقلاب كان مشروع بمراحل متعددة وصل من انقسام سياسي الى انقسام جغرافي واجتماعي عميق. تخطي هذه المراحل وهذا الوضع الذي كرسه الانقسام لابد الا ان يكون مشروع بخطوات جريئة ومدروسه لنتفادى الرجوع الى الوراء. مشروع الانقسام الذي باركه الاحتلال وغذته ودعمته بعض الأنظمة ألعربيه اخرج الكرة من الملعب الفلسطيني لسنوات. نحن الان نمسك الكرة بايدينا ونحملها سويا لننقلها الى الملعب الفلسطيني الداخلي. هذه الخطوة تزعج الاحتلال وتقلق بعض الأنظمة ألعربيه وتتعارض مع بعض المصالح الانانية لقسم من قيادات التنظيمين، حماس وفتح، التي استفادت من الانقسام. هذه الأطراف الثلاثه لن تقف مكتوفة الايدي وتراقب عن بعد نقلنا لكرتنا الوطنية الى ملعبنا الوطني لتحقيق المصالحة الوطنية الكاملة. هذه القوى الثلاثه ستعمل جاهدة وبكل ما تملك من قوة ونفوذ لتعطيل مشروع إنهاء الانقسام. هنا علينا جميعاً، فصائل وقوى وطنيه وجماهير صادقه ان نقف لهؤلاء بالمرصاد وندعم طرفي الانقسام ونحثهم، دون تعب ودون كلل، على السير قدماً بمشروع إنهاء الانقسام بما به من مصلحة وطنية عليا.
ثالثاً وأخيراً اذكر بان الانقسام كانت دوافعه سياسية احتكارية تسلطية بحته والمصالحه الوطنيه سياسية واجتماعية بامتياز.
إنهاء الانقسام هو خطوة سياسية فقط وبمراحل متعددة. الطريق الى المصالحه الوطنية الكاملة، بشقيها السياسي والاجتماعي طويل وشائك. عنوان الانقسام السياسي كانا فتح وحماس،لكنه لحق أيضاً بكل القوى الفلسطينية الاخرى التي لم تكن طرفاً وجرفها بتياره التجاذبي لهذا الطرف أو الى ذاك بشكل أو باخر واصاب المشروع الوطني الفلسطيني بكامله. إنهاء الانقسام هو خطوة مهمه وأساسية للمصالحة السياسية، هذه الخطوة تقوم بها قيادات التنظيمين، فتح وحماس، بالأساس لكن لجعلها ركيزه متينة لإعادة اللحمة للمشروع الوطني الفلسطيني لمواجهة تحديات المرحلة الخطيرة لابد ان تشارك جميع القوى الفلسطينية، من إسلامية ووطنيه، في مشروع المصالحة السياسية للوصول الى الهدف الوحيد الممكن به مواجهة التحديات الكبرى وهو حكومة وحدة وطنية لا تستثني احدا من أطراف الطيف السياسي الفلسطيني. فقط بهذه الخطوة يمكننا ان نعيد السفينة الوطنية الى مسارها الصحيح لتواجه الرياح التي ستعصف بها شمالا وجنوباً بالمستقبل القريب.
المصالحة الوطنية الكاملة لن تتحقق فقط بتحقيق شقها السياسي ولا حتى بتعيين حكومة وحدة وطنية كاملة.
كما ذكرت إعلاه، المصالحة الوطنيه لها شق سياسي وآخر اجتماعي، الانقسام رسخ البعد الاجتماعي وبنى جدران عاليه وحفر حفر واسعة وعميقه بين أبناء الشعب الواحد، وخصوصاً بين أبناء حماس وفتح. كلا التنظيمين غذا هذا الانقسام الاجتماعي باستمرار وعلى مدار العشر سنوات الماضيه وكلما ظهرت بوادر لإطفاء نار الحقد والكراهيه بين جماهير الطرفين راقبنا كيف كانت بعض قيادات التنظيمين التي تفتقد الى الحس الوطني بإعادة إشعال نار الفتنة الاجتماعية.
للوصول الى المصالحة الوطنيه الكاملة لا بد ان نهدم جدران البعد ونغلق حفر الكراهية والحقد والتحريض وهذه مسؤولية الجميع من قيادات أولى ووسيطة وقيادات موقعية بالأساس وهنا تظهر أهمية الجماهير الوطنية التي عليها ان تدفع باتجاه إغلاق ملف التحريض والكراهيه بالمصارحة والمصالحة والاعتذار ... الاعتراف بالخطأ فضيلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق