فيروز ذياب ابو شتيه اغبارية تكتب بنبض القلب وحبر القصيدة
هي معلمة سابقة للغة الانجليزية وممرضة في مستشفى شننايدر للاطفال حالياً ، ومثقفة عميقة ، وقارئة مثابرة ، ورغم انشغالاتها لم تترك هذه الهواية المحببة لها ولن تتخلى عنها ، ومعجبة بكتابات واعمال محمد مهدي الجواهري ومحمود درويش واحمد حسين واحلام مستغانمي واحمد مراد ، ومتأثرة كغيرها بشاعر المرأة نزار قباني .
وهي انسانة مرهفة وبشوشة لا تفارق الابتسامة محياها ، تهوى الحرف ، وتعشق الكلمة ، وشغوفة بالكتابة الابداعية ، رغم انها تعتقد وترى ان الكتابة هي انتحار في ايامنا هذه لندرة القراء والمهتمين بالثقافة ..!
دخلت فيروز مملكة الشعر حين كانت على مقاعد الدراسة الابتدائية ، ولكنها لم تنشر كتاباتها لانها تشعر بانها حينئذ ستعلق مشاعرها على الحبال امام الجميع ، وتصر ان لا تطلق على نفسها شاعرة او ناثرة ، وانما نافثة لافكارها واحاسيسها ونبضات قلبها وكل ما تشعر فيه في دواخلها ، فالشعر في نظرها بحر واسع ، ولقب شاعر مسؤولية كبرى ولم يستحقه الا القلبل ممن يكتبون ويدبجون قصائدهم ، وغايتها من الكتابة ليس الشهرة الزائفة ولا التزاحم على المنصات والركوض خلف الكاميرات فالشعر بالنسبة لها حباة وملجأ في كل الاوقات للتنفيس عما يختلج في صدرها وما يؤرقها ، وهي بطبيعتها بشوشة ومبتسمة ، ولا تطهر الا بوجه واحد مبتسماً وباشاً ، ولكن في الوقت نفسه فلكل واحد سراديبه الداخلية التي تلد الضوء احياناعلى شكل كلمات كما تقول .
انها ابنة " مصمص " بلد الادب والثقافة والوعي المتنور المسيس ، وابنة زلفة سابقاً ، المعلمة والممرضة والموهبة الادبية المتدفقة شعراً وحباً وأملاً ودفئاً انسانياً وتبضاً ، فيروز ذياب ابو شتيه اغبارية ، التي جاءت الى الحياة في الثامن من تشرين الأول العام ١٩٨٦ونهضت من. ربى وثرى قرية زلفة من قرى طلعة عارة ، البلدة الهادئة الوادعة الساكنة في مرج ابن عامر ، حيث الهواء والنسيم العليل والطبيعة الخلابة واشجار اللوز التي تحيطها من كل جانب .
امها مدرسة للغة العربية اسقتها اللغة مع حليبها بكأس من عروبة ، ووالدها رجل مكافح وعصامي ورجل اعمال ناجح لا تفارقه الابتسامة ايضاً ، انهت دراستها الابتدائية في مدرسة قريتها ثم انتقلت الى مدرسة خديجة الثانوية للبنات في ام الفحم التي تخرجت منها ، وكانت رئيساً لمجلس الطالبات ، والقت كلمة الخريجات في احتفال الوداع والتخريج ، بعد ذلك التحقت بكلية القاسمي في باقة الغربية ودرست موضوع اللغة الانجليزية ، وبعد تخرجها من الكلية عملت لمدة عامين في مدارس الجنوب بالنقب ، ثم جالت كل مدارس وادي عارة كمعلمة بديلة ، وبعدها بدأت رحلة تحقيق الحلم بأن تصبح ممرضة فالتحقت بكلية التمريض التابعة لمستشفى هليل يافه في الخضيرة ، ودرست لمدة سنتين ونصف ونجحت بتفوق ، وتعمل الأن في قسم العناية المركزة والمكثفة وقسم الخدج في مستشفى شنايدر بيتح تكفا .
وكانت فيروز حصلت في العام الماضي على جائزة افضل معلمة للغة الانجليزية ، وكمعلمة متميزة في وحدة النهوض بالشبيبة هيلة ، وكتبت آنذاك على صفحتها الفيسبوكية تقول :
" ان هذا الانجاز الذي كان حلماً وبالاصرار والعمل تجسد على الارض واقعاً ، وما زال ينمو ويكبر كشجرة ارز تتوقف للمس السماء يتبلور بصورته البهية باختياري كمعلمة متميزة في وحدة النهوض بالشبيبة هيله ، حيث أن الارادة الذاتية والتصميم والتركيز على الهدف لا بد أن يلد نجاحاً ، وفقني الله واياكم ، وقدماً نحو التفوق والتميز وتحقيق الاحلام التي تبدأ فقط بخطوة وابتسامة ردعاء .
وتنهي قائلة : " زملائي تحية لكم وشكر من القلب لكل من ترك بصمة ايجابية قي حياتي لكل دعم وسند لكل روح ملؤها العطاء ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .. !!
انكبت فيروز منذ صغرها على القراءة والمطالعة والكتابة ، وكانت اول تجربة كتابية لها وهي في الصف الخامس الابتدائي ، وهي خاطرة جميلة لا تزال تختزنها في داكرتها التي لا تنسى شيئاً ، وهي بعنوان " معلمي " ، تقول فيها :
" قالت لي أمي وأنا طفلة معلمك كبير ليس له ما في الدنيا مثيل ، في عقله ماله نظير واما قلبه فملجأ أمين وانفاسه مسك وعبير . باختصار قالت هو بطل من ابطال الأساطير ليس له في الدنيا مثيل .
وتضيف : " سئمت الانتظار وقضيت الليل ادعو الواحد القهار أن تمضي ايامي على عجل ، فكلما نظرت الى عقارب الساعة اثارت بنفسي الضجر لانها بطيئة ، وانا اريد ان أرى الكبير الكبير الذي ليس له في الدنيا مثيل .
حلمت به كثيراً ورأيته مراراً ، يحولني من صغيرة الى كبيرة ، بين يوم وليلة ، يزرع دربي سنابل أمل يسقي روحي بحب العمل ، ينير ليلي بألوان قوس قزح ، يمحو حزني فأغفو في مرح .
كيف لا فأمي قالت ان معلمي كبير كبير وليس له في الدنيا مثيل .
واخيراً جاء اليوم والتقيت معلمي ، ولم يمض عام حتى خاب أملي حين رأيته كالبركان يثور يقذف باتجاهنا حمم تجرح الشعور .
عاتبت أمي في سري وقلت نعم معلمي كبير كبير ، ولكن له في الدنيا الف الف مثيل ..!
فيروز ذياب أبو شتيه اغبارية تكتب الخاطرة والقصيدة ، وهي تكتب لتنقذ حياتها من الانتحار ، وستبقى تكتب لانها لا تتقن ، ولا تعشق شيئاً آخر ، الى ان تشرق الشمس حارة كالاحتراق ، ولا شيء يجعلها برداً وسلاماً سوى الفيروز في عينيها .
وكانت فيروز عرضت كتاباتها ونصوصها على المرحوم الشاعر احمد حسين ، وابدى اعجابه فيها وقال لها ان كتاباتك افضل بكثير ممن يكتب وينشر لادعياء الشعر والأدب ، وكان رحمه الله نادراً ما تعجبه كتابات شعرية محلية ، وعرف عنه صرامته ولم يكن يجامل احداً على حساب القصيدة .
فيروز ذياب تحلق في الاقاصي لتأثيث عوالم بعيدة ، تبحث عن ممرات دلالية صورية وسجعبة بلاغية روحية لعالمها الابداعي اللامحدود ، حالمة بولادة جديدة في رحم نصها ، الذي يغدو مرتعشاً في يدها زئبقياً شفيف المرايا الى حد الكسر والجرح في الروح .
تقول فيروز في احد مقطوعاتها النصية الجميلة التي تطرب القلب وتمس الوجدان :
سليل كوثر الفردوس يا بردى
يا ولياً بمحراب الأنهر انفردا
كم ناهل لدنك تخاله معتكفاً
كناسك دون الصلاة قد سجدا
حري بكل طهر الأرض رافده
افرأيتم نهراً بالنجيع قد رفدا
تخصب منه النمير فوا عجبا
كأنما المرجان في قاعه رفدا
يا أبا الأنهر جمعاء لا تهن
فما وقب ليل الا وفجره ولدا
تتنوع الكتابات الفيروزية في موضوعاتها وموتيفاتها ومضامينها ، ولوحاتها الشعرية متنوعة ، فمن كل قطر أغنية ، وقد غنت للحب ، وناجت الحبيب ، وكتبت عن الحنين والطبيعة والبحر والوطن والجمال والمرأة ، وهي ترى في الحب كلمة شاملة لمشاعر واحاسيس واحلام وردية ، لكنه في ارض الواقع بات ضئيلاً ونادراً ، وهنالك من يحب بعطاء وسخاء ، وثمة من يزينون خواتم خناجرهم تحت مسمى " الحب " ولذلك تستهويها كلمة " المحبة " لانها اشمل ، وتضم كتاباتها الحسية كلا الطرفين (الحب والمحبة) ، وفي قلبها مكان يتسع العالم كله .
فيروز ذياب أبو شتيه اغبارية تتصف بحس شاعري دافئ ، وعقل متوثب ، وروح متوقدة ، وذكاء خارق ، وذاكرة حية لا تنسى .
تشربت القيم والفضائل ، ونقاء الكلمة وجمال الروح مع حليب امها ، وادركت في جيل مبكر معنى الحرية ، وعرفت حدودها وخطوطها الحمراء ، وتسلحت بوعي ثقافي وحس ادبي وفكر تنوري اشراقي ، وهي صوت صارخ ومجلجل في البرية دفاعاً عن الحق ورسالة الحياة وحق التعبير عن الرأي والموقف الاجتماعي .
ما يميز الكنابة الفيروزية جذوة الاحساس ودفء المشاعر ، وحرارة العاطفة ، وهي متمكنة من اللغة ولديها ثراء لغوي وبياني ، وبارعة في انتقاء واختيار الكلمات التي تشي بروحها الدافئة ، وتملك موهبة وطاقة ابداعية وزخم شعوري ، وخواطرها الوجدانية الشعرية والنثرية تجيء تعبيراً صادقاً وعفوياً، وفيها افكار واحاسيس وتطلعات ، خصوصاً بعد ان انصهرت في واقع الناس ، وعاشت قضايا المجتمع ، ولذلك جاءت نصوصها من صميم المعاناة والمكابدة الذاتية ، وحقيقة الموت والحياة ، وتميل الى الرومانسية والرومنطيقية ، وتنبض بالحياة ، وتجسد الاحساس العميق بجمال الطبيعة ، وجماليات الدفء الانساني .
انها لوحات فيروزية زاخرة بالاضاءات الفياضة واللمسات الحيوية والايحاءات العميقة والخيال الرحب ، فلنصغي لها وهي تقول :
احب الناس من ناء ودان
واسعد بالجمال وبالحنان
وابدو بالبشاشة لا ارائي
بوجه ظل محدود الاماني
فالمح ها هنا شخصا سعيدا
واخر ان انياب الزمان
احب الناس من قلبي وربي
لذا فالحقد مجهول المكان
فان كانت حياتي في صراع
فليس يفت في عضدي زماني
سبيلي ان اسير بلا توان
وابقى في سجال العنفوان
فيا ظمئان هاك الماء صبا
شرابا سائغا مليء الدنان
فقد وافيت قلبا مطمئنا
يناجي الله في ارقى معاني
فيروز ذياب تنقلنا عبر خطوط لوحاتها الشعرية وخواطرها النثرية الى أجواء يثار فيها العقل بالنشوة الطافحة ، ويجمح الخيال الى ماء وراء المتناهي ، وفي الاذن وقع كمثل سمفونية غامضة الحركات ، تختلط فيها الحركة المعنوية بالحركة اللفظية .
ان محاولات وتجارب فيروز ، التي تمكنت من الاطلاع على الكثير منها ، بلغت نضجاً وتكاملاً تجليا في مضمونها وبنائها الفني ، والسؤال المطروح ؛ هل تطلق فيروز ذياب ابوشتيه اغبارية سراح قصائدها وخواطرها من " الزنزانة "الى الفضاء الواسع والعالم الافتراضي ..؟؟!!
**
جهينة الخطيب باحثة وناقدة بنكهة رب الخروب
كم اشعر بالسعادة والنشوة حين أقرأ للباحثة والناقدة الشفاعمرية جهينة الخطيب ، فهي مثقفة مزدانة بالعمق والصدق والغنى اللفظي الكلامي ، لمساتها ومجساتها تدب وتغوص في رحم النص الابداعي ، ولا تدع شيئاً الا وتفصله ربما تجد فيه خفياً عن الانظار او درة بلاغية اندست بين السطور .
ومنذ سنوات خلت ظهرت جهينة وبزغ نجمها في المشهد الثقافي والساحة النقدية ، فهي باحثة وناقدة مشغلها النقدي لم يتباطأ او يتوقف ، كلماتها بلون الورد والزهر ، ونقدها بنكهة رب الخروب ، انها كالشجرة المثمرة التي تعطي بلا حدود ، ولطالما حيرتنا بعذوبة وانسيابية كتاباتها ، وادهشتنا بارائها ومواقفها النقدية .
جهينة الخطيب المهتمة بالبحث والدراسة والنقد ، نهر عمادها حبرها ، ومصادرها وابحاثها انسانية منتفضة ، اما منتهاها فاللامتناهي ، وهي تبدع في الطيران على قمرها النقدي ، مغردة بفم القصيدة والقصة والرواية والخاطرة جاعلة لكلماتها طعم النهضة الثقاية والبحث الادبي والنقد الاكاديمي الموضوعي الجميل ، الذي تأسس على ايدي عمالقة الفكر والادب الذين يشتغلون في الكتابة البحثية والنقدية العربية .
جهينة الخطيب متجددة كأنها تخرج من طور تقدي وبحثي الى طور آخر ، تخرج من السؤال او الدهشة الى ادهاش الذات والقارئ المتابع بمنجز نقدي طالما افتقدناه في مشهدنا وحياتنا الثقافية والأدبية ، وان كانت لم تحظ بما تستحقه من تقويم لتجربتها النقدية وتقديم وتقريظ يليق بهذا الوجه النقدي الراهن ، الجديد نسبياً في فضاءاتنا ، هذا الوجه الذي اثبت تألقه وحضوره واشعاعه النقدي على الساحة ، رغم النعيي والزعيق والصراخ غير المفهوم ، وكأننا نعيش في شيزوفرينا .
لا يخفى على احد ان النقد الادبي هو موهبة وعبقرية والهام والمام بالنظريات المنهجية والتسلح بفكر تحرر واع ، وتعمق في النصوص والبحث عن الدرر والجواهر الكامنة فيها اضافة الى الهفوات والعثرات التي وقع فيها صاحب النص .
جهينة الخطيب كاحلام مستغانمي ونوال السعداوي تعتبر من دون اعلان واعلام ان " الدكترة " هي الاساثناء ، وان الكتابة هي الاصل والقاعدة بالنسبة للنساء العربيات اللواتي حرمنا بقوة " الريجيم الثقافي ، من حق القراءة والكتابة والتعبير الجزل البليغ ، وكان ردها على القهر الثقافي في اسلوبين، الذي يحاصر الانثى في اسلوبين ، اسلوب البحث العلمي النقدي من خلال التركيز على الرواية الفلسطينية واعلامها النسوية ، وقوة الحضور من خلال المحاضرات التي تقدمها كمحاضرة للغة العربية في كلية سخنين .
عناوين جهينة الخطيب تدلنا وترشدنا الى مفاتيح افكارها وتوجهاتها ، وتدلنا على مدى رغبتها كناقدة في التأسيس لفكر ووعي نقدي لا يساوم على الحقيقة ، فهي ناقدة بامتياز بشهادة البعض ، ناقدة واقعية ملتزمة بالصدق النقدي الكتابي ، مغامرة خارج الرسمي التقليدي ، فتكتب لاجل الاقتناع الذاتي ، وهي منذ بداياتها التفاكرية البحثية تقدم سجلاً للثقافة النقدية الفلسطينية والعربية الراهنة المعاصرة ، قوامه نقد كل ما يشوه جمالية الابداع بكل الوانه وتجلياته ، ورقيت بمنجزاتها البحثية واعمالها النقدية ، التي ان دلت على شيء فتدل على شفافية المرأة وسطوع تجربتها الادبية .
شاركت جهينة الخطيب في الكثير من المؤتمرات والندوات والحلقات الثقافية في كل من تونس والاردن والهند وفلسطين ومصر وغير ذلك .
ففي تونس شاركت جهينة في مؤتمر النص والترجمة ، وكان موضوع بحثها " الشعر بين امانة الترجمة وجمال الخيانة ، ترجمة الشعر العبري الى اللغة العربية انموذجاً.
وفي الاردن شاركت في مؤتمر النقد الخامس عشر بجامعة اليرموك ، وكان عنوان بحثها " تأثير العبرية على العبرية العامية المحكية .
اما في الهند فشاركت بمؤتمرين ، وكان موضوع بحثها " ادب الاطفال في فلسطين - دراسة
تأسيسية ، بينت من خلالها مراحل تطور الادب الفلسطيني في المناطق المحتلة من خلال مؤسستين معروفتين هما مكتبة كل شيء لصاحبها صالح عباسي وبراعم الزيتون في حيفا .
كذلك كان لجهينة خطيب مشاركة فاعلة في يوم الثقافة الوطنية بفلسطين ، حيث تحدثت عن الرواية الفلسطينية ، نشأتها واعلامها ، مؤكدة ان الثقافة هي جسر من جسور مقاومة الاحتلال وتعزير الهوية الفلسطينية ، وهي ترى ان الرواية الفلسطينية المعاصرة الراهنة اقتربت من الذاتية ونقد الذات وتيار الوعي والخروج عن التقليد العام في طرح الموضوعات بحيث لم يعد للبطل المثالي وانما البطل الحائر ، ولم تعد البلاغة سحينة البلاغة للغوية .
جهينة الخطيب ربطت النقد بالعلم ومعاييره ، وشغلت مكاناً شاغراً في مسار الدراسة والبحث والنقد الادبي ، بمواكبة ومتابعة النصوص الروائية خاصة ، ليس ترفاً فكرياً او شروداً من اعباء الحياة ، بل بحثا عن وسائل انجع في التفكير والعمل .
والنقد عند جهينة ، عدا عن كونه رسالة انسانية ، وانما هو احساس وتفاعل وانسجام مع احداث وتطورات النص الابداعي ، وما يشفع لها ان نقدها لا يحتاج الى ترجمان يفسره او يفهمه ، وتتجلى موهبتها وميولها البحثية والنقدية ، في كتابها البحثي "تطور الرواية العربية في فلسطين ٤٨ ، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، ثوهو دراسة تأسيسية شاملة لمسيرة الرواية الفلسطينية وتطورها لدى الروائيين الفلسطينيين في الداخل ، وتتوقف عند الاتجاهات الفنية للتجربة الروائية وتقنياتها ومضامينها المتنوعة المختلفة .
وتوضح جهينة الخطيب ان الادب الفلسطيني في ادب الداخل يحتل موقعاً خاصاًً ومتميزاً باعتباره جزءاً من الادب الفلسطيني ككل رغم ان مبدعيه يقيمون في الدولة العبرية ، ورغم محاولات عزلهم عن محيطهم الثقافي ، مؤكدة ان التطور الحقيقي للرواية العربية الفلسطينية في حدود عام٤٨ يكمن في بنيتها السردية ، كيث كان الادب في البداية يلهث وراء الافكار ، وتغير تدريجياً ، فتنوعت الصيغ السردية لتشمل السرد الذاتي وتعدد الاصوات والاسترجاع وما الى ذلك .
وتشير جهينة الخطيب في كتابها الى تميز الروايات الفلسطينية بهيمنة تفكرة التشبث بالوطن والارض والهوية والتمزق والعلاقات العربية اليهودية في الداخل .
وهي تتفق مع الكثير من دارسي الرواية الفلسطينية على ان اول رواية فلسطينية هي " الوارث " للكاتب خليل بيدس العام ١٩٤٥، وهذا الكتاب البحثي هو عنوان اظروحتها للدكتوراة في جامعة اليرموك، وهو يشكل اضافة نقدية وبحثية ، واضاءة على روياتنا الفلسطينية في الداخل .
جهينة الخطيب باحثة وناقدة فلسطينية ، شيمها الصدف اللؤلؤي ، يرفعها الجمال الصوري من بين رمل وبحر ، الى جرح الكلام ، وارقاه النقد الادبي في عمقه واكاديميته وموضوعيته .
انها جواد بحري غريق ، عشق احلام جيل ثقافي ما زال يتوالى رحيقاً الى رحيق ، كأن قمقمها الابداعي لا ينفذ .
جهينة الخطيب صنعت نفسها وعالمها البحثي النقدي في آن ، على غير منوال ، لكانها من الريح ، تحمل قلباً وروحاً واحساساً ورهافة ، وهي تزهو كالرييع في نقدها وبحثها زهواً مديداً لعله في البحار تلقى جديداً من ضوء او نور .
جهينة الخطيب زهرة في بساتين الثقافة النقدية ، يفوح عطرها وعبيرها وشذاها في سماء الادب ،
انها انسانة مثقفة وواعية نهلن من ينابيع الفكر والتراث النقدي والمرجعيات الادبية ، كما انها ناقدة قديرة لها حضورها الساطع بروحها واصالتها واناقتها وحروفها الذهبية ، وتعابيرها المسبوكة بشكل واضح وجميل ، ونلمح بين اخواتها نقداً صريحاً وقرميداً يلم النجوم وياسر النفوس .
التحايا لجهينة الخطيب مع التمنيات لها بحياة عريضة هانئة ومعطاءة ، والمزيد من الاصدارات البحثية التي تفتقر لها مكتبتنا الفلسطينية والعربية .
كم اشعر بالسعادة والنشوة حين أقرأ للباحثة والناقدة الشفاعمرية جهينة الخطيب ، فهي مثقفة مزدانة بالعمق والصدق والغنى اللفظي الكلامي ، لمساتها ومجساتها تدب وتغوص في رحم النص الابداعي ، ولا تدع شيئاً الا وتفصله ربما تجد فيه خفياً عن الانظار او درة بلاغية اندست بين السطور .
ومنذ سنوات خلت ظهرت جهينة وبزغ نجمها في المشهد الثقافي والساحة النقدية ، فهي باحثة وناقدة مشغلها النقدي لم يتباطأ او يتوقف ، كلماتها بلون الورد والزهر ، ونقدها بنكهة رب الخروب ، انها كالشجرة المثمرة التي تعطي بلا حدود ، ولطالما حيرتنا بعذوبة وانسيابية كتاباتها ، وادهشتنا بارائها ومواقفها النقدية .
جهينة الخطيب المهتمة بالبحث والدراسة والنقد ، نهر عمادها حبرها ، ومصادرها وابحاثها انسانية منتفضة ، اما منتهاها فاللامتناهي ، وهي تبدع في الطيران على قمرها النقدي ، مغردة بفم القصيدة والقصة والرواية والخاطرة جاعلة لكلماتها طعم النهضة الثقاية والبحث الادبي والنقد الاكاديمي الموضوعي الجميل ، الذي تأسس على ايدي عمالقة الفكر والادب الذين يشتغلون في الكتابة البحثية والنقدية العربية .
جهينة الخطيب متجددة كأنها تخرج من طور تقدي وبحثي الى طور آخر ، تخرج من السؤال او الدهشة الى ادهاش الذات والقارئ المتابع بمنجز نقدي طالما افتقدناه في مشهدنا وحياتنا الثقافية والأدبية ، وان كانت لم تحظ بما تستحقه من تقويم لتجربتها النقدية وتقديم وتقريظ يليق بهذا الوجه النقدي الراهن ، الجديد نسبياً في فضاءاتنا ، هذا الوجه الذي اثبت تألقه وحضوره واشعاعه النقدي على الساحة ، رغم النعيي والزعيق والصراخ غير المفهوم ، وكأننا نعيش في شيزوفرينا .
لا يخفى على احد ان النقد الادبي هو موهبة وعبقرية والهام والمام بالنظريات المنهجية والتسلح بفكر تحرر واع ، وتعمق في النصوص والبحث عن الدرر والجواهر الكامنة فيها اضافة الى الهفوات والعثرات التي وقع فيها صاحب النص .
جهينة الخطيب كاحلام مستغانمي ونوال السعداوي تعتبر من دون اعلان واعلام ان " الدكترة " هي الاساثناء ، وان الكتابة هي الاصل والقاعدة بالنسبة للنساء العربيات اللواتي حرمنا بقوة " الريجيم الثقافي ، من حق القراءة والكتابة والتعبير الجزل البليغ ، وكان ردها على القهر الثقافي في اسلوبين، الذي يحاصر الانثى في اسلوبين ، اسلوب البحث العلمي النقدي من خلال التركيز على الرواية الفلسطينية واعلامها النسوية ، وقوة الحضور من خلال المحاضرات التي تقدمها كمحاضرة للغة العربية في كلية سخنين .
عناوين جهينة الخطيب تدلنا وترشدنا الى مفاتيح افكارها وتوجهاتها ، وتدلنا على مدى رغبتها كناقدة في التأسيس لفكر ووعي نقدي لا يساوم على الحقيقة ، فهي ناقدة بامتياز بشهادة البعض ، ناقدة واقعية ملتزمة بالصدق النقدي الكتابي ، مغامرة خارج الرسمي التقليدي ، فتكتب لاجل الاقتناع الذاتي ، وهي منذ بداياتها التفاكرية البحثية تقدم سجلاً للثقافة النقدية الفلسطينية والعربية الراهنة المعاصرة ، قوامه نقد كل ما يشوه جمالية الابداع بكل الوانه وتجلياته ، ورقيت بمنجزاتها البحثية واعمالها النقدية ، التي ان دلت على شيء فتدل على شفافية المرأة وسطوع تجربتها الادبية .
شاركت جهينة الخطيب في الكثير من المؤتمرات والندوات والحلقات الثقافية في كل من تونس والاردن والهند وفلسطين ومصر وغير ذلك .
ففي تونس شاركت جهينة في مؤتمر النص والترجمة ، وكان موضوع بحثها " الشعر بين امانة الترجمة وجمال الخيانة ، ترجمة الشعر العبري الى اللغة العربية انموذجاً.
وفي الاردن شاركت في مؤتمر النقد الخامس عشر بجامعة اليرموك ، وكان عنوان بحثها " تأثير العبرية على العبرية العامية المحكية .
اما في الهند فشاركت بمؤتمرين ، وكان موضوع بحثها " ادب الاطفال في فلسطين - دراسة
تأسيسية ، بينت من خلالها مراحل تطور الادب الفلسطيني في المناطق المحتلة من خلال مؤسستين معروفتين هما مكتبة كل شيء لصاحبها صالح عباسي وبراعم الزيتون في حيفا .
كذلك كان لجهينة خطيب مشاركة فاعلة في يوم الثقافة الوطنية بفلسطين ، حيث تحدثت عن الرواية الفلسطينية ، نشأتها واعلامها ، مؤكدة ان الثقافة هي جسر من جسور مقاومة الاحتلال وتعزير الهوية الفلسطينية ، وهي ترى ان الرواية الفلسطينية المعاصرة الراهنة اقتربت من الذاتية ونقد الذات وتيار الوعي والخروج عن التقليد العام في طرح الموضوعات بحيث لم يعد للبطل المثالي وانما البطل الحائر ، ولم تعد البلاغة سحينة البلاغة للغوية .
جهينة الخطيب ربطت النقد بالعلم ومعاييره ، وشغلت مكاناً شاغراً في مسار الدراسة والبحث والنقد الادبي ، بمواكبة ومتابعة النصوص الروائية خاصة ، ليس ترفاً فكرياً او شروداً من اعباء الحياة ، بل بحثا عن وسائل انجع في التفكير والعمل .
والنقد عند جهينة ، عدا عن كونه رسالة انسانية ، وانما هو احساس وتفاعل وانسجام مع احداث وتطورات النص الابداعي ، وما يشفع لها ان نقدها لا يحتاج الى ترجمان يفسره او يفهمه ، وتتجلى موهبتها وميولها البحثية والنقدية ، في كتابها البحثي "تطور الرواية العربية في فلسطين ٤٨ ، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، ثوهو دراسة تأسيسية شاملة لمسيرة الرواية الفلسطينية وتطورها لدى الروائيين الفلسطينيين في الداخل ، وتتوقف عند الاتجاهات الفنية للتجربة الروائية وتقنياتها ومضامينها المتنوعة المختلفة .
وتوضح جهينة الخطيب ان الادب الفلسطيني في ادب الداخل يحتل موقعاً خاصاًً ومتميزاً باعتباره جزءاً من الادب الفلسطيني ككل رغم ان مبدعيه يقيمون في الدولة العبرية ، ورغم محاولات عزلهم عن محيطهم الثقافي ، مؤكدة ان التطور الحقيقي للرواية العربية الفلسطينية في حدود عام٤٨ يكمن في بنيتها السردية ، كيث كان الادب في البداية يلهث وراء الافكار ، وتغير تدريجياً ، فتنوعت الصيغ السردية لتشمل السرد الذاتي وتعدد الاصوات والاسترجاع وما الى ذلك .
وتشير جهينة الخطيب في كتابها الى تميز الروايات الفلسطينية بهيمنة تفكرة التشبث بالوطن والارض والهوية والتمزق والعلاقات العربية اليهودية في الداخل .
وهي تتفق مع الكثير من دارسي الرواية الفلسطينية على ان اول رواية فلسطينية هي " الوارث " للكاتب خليل بيدس العام ١٩٤٥، وهذا الكتاب البحثي هو عنوان اظروحتها للدكتوراة في جامعة اليرموك، وهو يشكل اضافة نقدية وبحثية ، واضاءة على روياتنا الفلسطينية في الداخل .
جهينة الخطيب باحثة وناقدة فلسطينية ، شيمها الصدف اللؤلؤي ، يرفعها الجمال الصوري من بين رمل وبحر ، الى جرح الكلام ، وارقاه النقد الادبي في عمقه واكاديميته وموضوعيته .
انها جواد بحري غريق ، عشق احلام جيل ثقافي ما زال يتوالى رحيقاً الى رحيق ، كأن قمقمها الابداعي لا ينفذ .
جهينة الخطيب صنعت نفسها وعالمها البحثي النقدي في آن ، على غير منوال ، لكانها من الريح ، تحمل قلباً وروحاً واحساساً ورهافة ، وهي تزهو كالرييع في نقدها وبحثها زهواً مديداً لعله في البحار تلقى جديداً من ضوء او نور .
جهينة الخطيب زهرة في بساتين الثقافة النقدية ، يفوح عطرها وعبيرها وشذاها في سماء الادب ،
انها انسانة مثقفة وواعية نهلن من ينابيع الفكر والتراث النقدي والمرجعيات الادبية ، كما انها ناقدة قديرة لها حضورها الساطع بروحها واصالتها واناقتها وحروفها الذهبية ، وتعابيرها المسبوكة بشكل واضح وجميل ، ونلمح بين اخواتها نقداً صريحاً وقرميداً يلم النجوم وياسر النفوس .
التحايا لجهينة الخطيب مع التمنيات لها بحياة عريضة هانئة ومعطاءة ، والمزيد من الاصدارات البحثية التي تفتقر لها مكتبتنا الفلسطينية والعربية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق