حِصانُ طَـروادَة/ محمود شباط

من يقرأ ما قيل أو كتب عن حصان طروادة يخال أن المتنبي استمد قصيدته حول إعلاء منزلة الرأي على منزلة الشجاعة مما أُشيعَ عن واقعة حصان طروادة التي يبدأها أبو الطيب بهذين البيتين :
الرأيُ قَـبل شَجاعةِ الشُجعانِ
هُو الأوَّلُ وهي المحلُّ الثّـاني
فَـإن هُما اجتمَعا لِـنفسٍ حُرَّةٍ
بَلغَتْ مِنَ العَلياءِ كُلَّ مَـكانِ
ولكن ما هي قصة حصان طروادة ؟ نعلم بأن كثيرين يعرفونها ولكن لا بأس بالتعريف بها لمن لا يعرفها.
يُحكى أن "باريس" ملك طروادة هامَ حُـبَّـاً بـ "هيلين" زوجة ملك أسبارطة، إحدى المدن-الدول اليونانية في حينه. خطف "باريس" محبوبته الجميلة واحتفظ بها في طروادة الحصينة، ما دفع باليونانيين إلى اتخاذ قرار يقضي بغزو طروادة بغرض استعادة الملكة "هيلين".
تقاتل الطرفان لمدة عشر سنوات دون نتيجة، إلى أن جاء دور الرأي، ذلك بعد أن أدرك كلا الفريقان أن هزيمة الآخر دونه خرط القتاد، فلا اليونانيون يستطيعون اختراق حصون طروادة، ولا الطرواديون بقادرين على المغامرة بالخروج من داخل أسوار مدينتهم لقتال اليونانيين الذين يفوقونهم عدة وعديدا. يومئذ قرر أحد القادة اليونانيين أن يضع خطة اقتحام غير مكلفة.
طلب القائد تجهيز حصان خشبي ضخم يتسع لـمئة جندي ووضعه أمام أسوار طروادة، ثم تظاهر اليونانيون بالانسحاب وركبوا سفنهم القريبة تاركين الحصان الخشبي بما فيه من جنود قرب سور مدينة العدو.
حين شاهد الطرواديون اليونانيين ينسحبون ، فتحوا بوابات المدينة وهرعوا صوب الحصان الغريب الشكل مبهورون بضخامة حجمه وشرعوا يجرُّونه إلى داخل المدينة، رغم تحذيرات أحد كهنتهم بأن وراء ترك الحصان خدعة ومكيدة.
وبينما كان الطرواديون يحتفلون بنصرهم مساء ذلك اليوم، أفلح أحد الأسرى اليونانيين بالتسلل نحو الحصان وفتح كوة مموهة خرج منها المقاتلون المائة الذين أرسلوا بإشارةٍ متفق عليها إلى القوة اليونانية الرئيسية الموجودة على السفن. عاد الجيش اليوناني واقتحم طروادة بسهولة، وكذلك حقق أهدافه وانتصر بسهولة بفضل حكمة وسداد رأي ذلك القائد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق