اربع مقالات لشاكر فريد حسن

وانتصر العراق ..!!
وأخيراً انتصر الدم الطاهر الذكي لشهداء عراق المأمون والرشيد الأحرار على كل وسائل الارهاب  المتطررة ، عسكرياً واعلامياً ، وعلى الارث الظلامي التكفيري السلفي الحاقد ، ووهج النيران التي أوقدها وأشعلها أعداء الوطن العراقي في صدور وأجساد وأكباد الشعب العراقي ، وذلك باعلان بيان النصر النهائي وتحرير الأرض العراقية كاملة من كل الأشرار والحاقدين وعصابات داعش وقوى التكفير ومليشيات الارهاب والتطرف الديني ، وكل ذلك تحقق بتكاتف وتعاضد كل أطياف الشعب العراقي ، وجميع القوى والتشكيلات السياسية العراقية .

لقد عاش العراق خلال العقدين الأخيرين أوضاعاً صعبة وقاسية للغاية ، وعانى كثيراً من الفتن الطائفية والمذهبية ، والعبث بمقدراته ، وايقاف مسيرة التقدم والتطور ، وغياب الأمن والاستقرار الاقتصادي والسلم الاهلي الاجتماعي . وقد عملت القوى الاستعمارية والامبريالية تساندها وتدعمها القوى الرجعية العربية على تفكيك وحدة العراق ودفعه للهاوية والتقسيم والتجزئة ، واشعال الفتن والحروب الداخلية والأهلية فيه ، وذلك بغية اضعافه والسيطرة على ثرواته ونهب خيراته .

الشعب العراقي بكل مكوناته واطيافه وشرائحه وقواه السياسية والمدنية ، مطالب في هذه المرحلة  الانتقالية التجديدية بعد النصر ، بوقفة ومكاشفة مع الذات ، وتقييم النتائج واستخلاص العبر ، وتجاوز كل مخلفات الماضي وجراحاته ، والتركيز على مكتسبات الحاضر ، والعمل بصدق واخلاص من أجل بناء عراق مدني ديمقراطي حضاري ، ولأجل مستقبل زاهر وباسم للأجيال العراقية الغارقة في الاحباط والقنوط واليأس والفقر المدقع والبطالة المتفشية ، هذه الأجيال يجب أن ترى ثمار الانتصار والديمقراطية والحريات المدنية والحقوق الأساسية بأم عينيها ، وفقاً لخطة شاملة ومدروسة من واجب الحكومة العراقية المقبلة أن تعمل على بنائها ووضع أسسها في اطار رؤية شمولية واضحة ومنصفة لكل أبناء الشعب العراقي الذي دفع ثمناً غالياً من اجل اطلاع فجر النصر ، ولا يزال صامداً صابراً ومحتسباً ، فضلاً عن تصفية كل مظاهر وأشكال الفساد السياسي والمالي ، الذي يجتاح ويغزو أروقة المؤسسة العراقية السياسية الحاكمة ، حتى يكون العراق آمناً ومستقراً ، يسكنه الجميع بمحبة ووئام وسلام .
**
"وعد ترامب " المشؤوم .. الأصداء وردود الفعل !
سيبقى " وعد ترامب " المشؤوم يلقي بظلاله على الوضع السياسي ، ويطفو على سطح الأحداث لما له من أبعاد على المدى البعيد ، وانعكاسات على مجمل مستقبل المنطقة والقضية الفلسطينية .
والواقع أن الأدارة الامريكية لم تتوقع كل هذا الصدى وردود الفعل العالمية الغاضبة والمنددة بالقرار الأحمق للرئيس الامريكي ترامب بنقل السفارة من تل أبيب الى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ، ناسفاً بذلك عملية السلام والتسوية السياسية وسد الطريق أمام حل الدولتين ، وأثبت بما لا يدع للشك الانحياز الامريكي الواضح للكيان الاسرائيلي .
كذلك فقد أجهض بيديه ما يعرف ب " صفقة القرن " قبل ولادتها ، ولا يجب أن يعيدنا للحديث عنها ، فهي صفقة لتصفية ووأد الحق الفلسطيني الشرعي .
لقد أشعل " وعد ترامب " الجماهير ، وفجر الغضب الشعبي الساطع ، وأثار ردود فعل واسعة ليس في فلسطين وحدها ، بل في العالم بأكمله ، عربياً ودولياً ، وتجلى ذلك في موجة الاحتجاجات المنددة بالقرار الامريكي والمستنكرة للوعد الترامبي ، التي شهدتها العديد من المدن والعواصم والدول العربية والاسلامية والعالمية . ولعل العالم لم يشهد منذ فترة طويلة هذا القدر من الأصداء وردود الغعل وتظاهرات احتجاجية في كل أنحاء العالم ، وسارع المسؤولون الامريكيون الى تخفيف وطأة التوتر وتنفيس الغضب بتصريحاتهم ان نقل السفارة الامريكية لن يكون الا بعد عامين من الآن .
لقد تلقت الادارة الامريكية صفعة قوية ومدوية من حلفائها التاريخيين كفرنسا وبريطانيا والمانيا برفضهم الوعد الامريكي ، وأكدوا جميعاً على حق الفلسطينيين في القدس عاصمة لهم .
والرد الأقوى جاء من فنزويلا ، حيث قام رئيس وزراء استراليا بطبع صورة دونالد ترامب على ممسحة الأحذية وأشهرها في مؤتمر صحفي .
وفي حقيقة الأمر أن القرار الامريكي المجحف ليس وليد الساعة أو ابن يومه كما يقولون ، وانما هو قرار اتخذ قبل ٢٢ عاماً ويتكرر في كل الحملات الانتخابية الامريكي لارضاء اللوبي الصهيوني الامريكي والحصول على تأيديهم وكسب ثقته ، ولكن الرؤساء السابقين لم ينفذوا ذلك والاقدام على هذه الخطوة تفادياً للعواقب ، حتى جاء ترامب الأحمق وأعلن عن ذلك براً بوعده الذي قطعه في جولة الانتخابات الأخيرة في امريكا .
والسؤال هو : هل قرار ترامب قادر على اعادة القضية الفلسطينية الى الواجهة وصدارة الأحداث ؟؟ وهل يعيد العرب الى قبلتهم الأولى ؟
وهل الدول الاورويية قادرة على المبادرة الى عقد مؤتمر دولي وايجاد حل عادل للقضية والاعتراف بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني والدولة المستقلة ، ولعب دور أكثر فاعلية بدلاً من الولايات المتحدة !!  أم أن كل هذا هو زوبعة في فنجان ؟!
ما من شك ان امريكا بخطوتها فتحت باباً جديداً لجهنم في المنطقة ، وزادت الاضطرابات فيها ، وقوضت دورها التاريخي كراعي لعملية السلام ، وأدت الى توتر العلاقات مع حلفائها العرب الذين تعول عليهم لمساعدتهم في الوقوف بوجه الخطر الايراني وحزب الله ، وجعلت السلطة  الفلسطينية الى التفكير بجدية اعادة النظر في اتفاق اوسلو الذي لم يؤدي الى الحل النهائي المنشود وفشل فشلاً ذريعاً ، واخفق في تحقيق الحلم الفلسطيني ، والعودة الى طريق المقاومة الشعبية  .
**
الفيتو الأمريكي 
ليس جديداً أو مفاجئاً استخدام امريكا لحق الفيتو الذي يخولها الوقوف ضد اتخاذ القرارات الدولية ، واليوم استخدمت هذا الحق في مجلس الأمن ضد مشروع قرار بشأن اعلان ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل ، ونقل السفارة الأمريكية اليها .
وبلا شك أن ذلك يثبت نوايا الولايات المتحدة التآمرية ، وانحيازها بالكامل للاحتلال والعدوان الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني ، ويعتبر استهتاراً بالمجتمع الدولي ، واستفزازاً للعالم بأسره ، الذي رفض " وعد ترامب " .
لقد صدق المندوب الروسي في جلسة مجلس الأمن ، الذي قال : " أن كل الخطوات الأحادية تصعد حدة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي " واعلن عن استعداد روسيا لعب دور الوسيط النزيه العادل في تسوية الصراع بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي ، على أساس انشاء دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية .
ومن المثير للاستهجان والاستغراب أنه في هذا الوقت بالذات ، الذي أعلن فيه الرئيس الامريكي قراره بخصوص القدس ، ويحتفل فيه الكيان الصهيوني وزعيمه بنيامين نتنياهو بالقرار الامريكي المجحف الأرعن والغبي اعتبار القدس عاصمة لاسرائيل يخرج عدد من المسؤولين في الأقطار العربية بتصريحات عن التطبيع مع اسرائيل .
لا نطلب من الدول فتح جبهات حرب وقتال ضد الاحتلال الاسرائيلي ، وانما اجراءات عقوبية ضد اسرائيل وامريكا ، بدلاً من التطبيع والسعي لاقامة العلاقات معها ، والعمل على دعم  قضية الشعب الفلسطيني ، والدفاع عن القدس العربية ، وهي أهم قضية في الوقت الحاضر ، وأقل شيء هو طرد السفراء من بلادهم واغلاق السفارات ، لارغام امريكا واسرائيل الانصياع للقرارات والمواثيق الدولية ، ووقف الجرائم المتواصلة منذ سبعة عقود دون توقف ضد جماهير الشعب الفلسطيني .
اننا ندرك جيداً خطوة امريكا الاستفزازية في مجلس الأمن ، التي بلا ريب ستزيد عزلتها دولياً .
لا يكفي ادانة القرار الامريكي والعربدة الامريكية واستنكار الفيتو ، فلا مناص من اجراءات وخطوات عملية وواقعية لاجبار امريكا التراجع عن " وعد ترامب " ، ووقف خروقاتها هي واسرائيل للقانون الدولي ، وادارة ظهرها للمجتمع الدولي والانساني .
**
خواطر فكر 
في الماضي البعيد كنا نبحث عن دواوين الشعر لنشتريها ونقرأها ، رغم ضيق اليد والحال ، ولكن  في زماننا أصبح الشاعر يصدر ديوانه ويطبعه من جيبه الخاص ، وعلى حساب قوت عياله ، ويهديه الى الأصدقاء والمعارف ومن له اهتمام بالشعر والأدب ، ويبقي بعض النسخ في حقيبته الخاصة لعل وعسى يلتقي بأحد يعرفه ويهديه نسخة من الديوان ، وفي نهاية المطاف لا أحد يقرأ الديوان سوى قلة قليلة لا تذكر ممن تربطه علاقة قوية معه ، أو نتيجة الحاحه بالسؤال اذا كان قد قرأ قصائد الديوان ، واذا اعجبته ..!
هذا هو واقع الحال للأسف الشديد ، فالشعر غدا سلعة وبضاعة كاسدة وموضوعاً بلا قراء .
               ..........................
المعنى الحقيقي للثقافة يتلاشى بفعل وجود متغيرات متلاحقة من قبيل اتساع ثقافتي الاستهلاك المتعولمة والتطرف الديني .
           ...............................
غالبية النخب المثقفة العربية خارج أوطانها ، وغير مرحب بهم في بلدانهم ، ويعيشون في بحبوحة من الحرية في البلد المضيف ويفتقدونها في الوطن الأم .
         ................................
لا يوجد أي دور للمثقفين العرب في أيامنا بقيادة الاحتجاجات العربية واشعال الانتفاضات الجماهيرية ، فقد تراجعوا كثيراً ، وتم ترويض الكثير منهم ، بالمال النفطي الخليجي .
والمثقف هو من يرى قبل غيره وعي الانسان البسيط للحصول على الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص .
        ...............................
ليس أمام العرب اليوم من خيار سوى اعتبار السلفية الوهابية خطراً يتهدد وجودهم ، والوصول بالمواجهة معها الى مرحلة صراع لا تقبل فيه أي مهادنة تحت أي مسمى ..!!
   ...................................
" القاهرة تكتب وبيروت تنشر وبغداد تقرأ " هكذا كان العرب يلخصون واقع الكتاب والثقافة ، ولا يزال هذا القول المأثور ينسحب على العاصمة اللبنانية بيروت لوحدها ، التي ما زالت تطبع ، فالفاهرة مشغولة في مواجهة الارهاب والتطرف ، وبغداد عاشت في العقود الأخيرة على وقع التفجيرات ، وتصارع جاهدة للبقاء عاصمة القراء ، رغم تراجع وانحسار القراءة لدى الشعب العراقي كغيره من الشعوب العربية .
**

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق