شاكر فريد حسن يكتب عن درويش واليمن والقرار الأميركي والقدس

محمود درويش رمزاً للثقافة العربية ٢٠١٨
في ملتقى صياغة رؤى العمل الثقافي العربي في الدار البيضاء بالمغرب ، صادقت اللجنة الدائمة للثقافة العربية على اختيار الشاعر الفلسطيني الكبير الراحل محمود درويش ، رمزاً للثقافة العربية للعام ٢٠١٨ ، وهذا وسام شرف وفخر لفلسطين التي أنجبت هذا الشاعر الكوني ، الذي ملأ الدنيا وشغل الناس ، ومست أشعاره وقصائده شغاف قلوب الناس جميعاً ، بكل شرائحهم وثقافاتهم ، ونجح أن يكون شاعراً شعبياً ، وشاعراً طليعياً مهموماً بتوسيع أفق القصيدة وارهاف قدراتها التعبيرية والبنيوية ، عمقاً ونفاذاً ، واستطاع أن يرتقي بقضيته الى آفاق الهم الانساني الأكبر في الحق والعدل والحرية .
وغني عن القول ، محمود درويش صوت فريد واستثنائي مميز حمل نبضاً فلسطينياً وعربياً وقومياً وانسانياً، وتمتع بصور جمالية وتعبيرات لغوية تنم عن موهبة نادرة واستثنائية ، وقد أجاد النثر السلس الجميل بقدر ما أجاد الشعر .
ومحمود درويش اجتهد ايما اجتهاد على امتدادgurtyx تجربته الشعرية كي يصل بقصيدته الى مرحلة الشعرgryt tyy yyyvالصافي ، رغم ادراكه استحالة ذلك ، لكننا حين نقرأ دواوينه الشعرية ليس أمامنا الا أن نصدق انه موجود ، وانه شاعر المعنى بامتياز ، ويعطي النص الشعري قدرات جمالية وفنية فائقة .
محمود درويش شاعر عرف كيف يفك رموز وألغاز اللغة ، ويحرر أسرها وانتزاعها حرة صادقة ثائرة لا تستسلم لمغتصب أرض وكيان وهوية .
اننا اذ نثمن القرار العربي باختيار درويش رمزاً للثقافة للعام ٢٠٨١ ، وذلك عن جدارة فائقة واستحقاق بالغ ، فهو رمز للثقافة الانسانية والفلسطينية الوطنية والتقدمية الملتزمة والمقاومة ، وهو عصي على النسيان ، وسيبقى في العمق الوجداني الشعبي ، والتاريخ الثقافي الفلسطيني والأدبي العالمي .
**
اليمن بعد مصرع علي عبد الله الصالح والسيناريوهات المحتملة
ما من شك أن مصرع أو مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله الصالح على يد الحوثيين ، بعد قراره الأخير فك الارتباط وانهاء العلاقة معهم ، بغية فتح صفحة جديدة مع التحالف العربي الذي تتزعمه وتقوده السعودية ، سيكون له تداعيات سياسية وداخلية بالغة في اليمن .
لقد دعا صالح قبل أيام من مقتله في كلمة متلفزة الى " فتح صفحة جديدة " ، طالباً من قوات التحالف وقف الهجمات ورفع الحصار عن شمال اليمن ، ما أدى الى تسارع الأحداث وتصاعد حدة الاشتباكات بين مليشيات الحوثيين وأنصار عبدالله الصالح ، في العاصمة اليمنية ، صنعاء . ومن الواضح تماماً أن تصريحات صالح هي التي أدت الى خطفه ومقتله .
تشير الدلائل والمؤشرات كافة الى أن حزب المؤتمر الشعبي الذي كان يرأسه ويقوده علي عبد الله الصالح ، سينقسم الى قسمين ما بين مؤيد للحوثيين ومستقطب لآل سعود ، في حين أن بقية أطراف الحراك الجنوبي قد تلجأ الى بناء تحالفات جديدة وكيانات سياسية أكثر ابتعاداً عن القطب السعودي ، الأمر الذي سيؤدي الى زيادة نفوذ جماعة الاخوان المسلمين في السعودية التي تنضوي تحت " حزب الاصلاح " الذي برز بشكل جلي وواضح انحيازه بشكل تام لايران وتأييده للحوثيين .
وهنالك عشائر وقبائل يمنية كبيرة ستتلمس طريقها باتجاه أحد طرفي الصراع ، اما للحوثيين أو للسعوديين .
ويبدو للعيان أن معظم المحافظات اليمنية لم تهب ولم تنتفض ضد الحوثيين ، وذلك لأسباب متعددة ومختلفة منها السلاح والمال المتوفر بيد الحوثيين ، فضلاً عن انفراط عقد الجيش اليمني بفعل الضربات الكبيرة والقاسية التي تلقاها نتيجة ولاء قوات الحرس الجمهوري لعلي الصالح .
وأحد السيناريوهات المحتملة والمتوقعة في اليمن هو أن مقتل صالح سيقود ويدفع اليمنيين الى الوحدة في مواجهة الحوثيين والانتصار عليهم .
وثمة سيناريو آخر هو البدء بحوار سياسي شامل بين القبائل والعشائر اليمنية والحوثيين وأنصار علي عبد الله الصالح ، أو تدخل دولي لتوجيه ضربة عسكرية حتى لا تسقط اليمن رهينة بيد ايران .
ولكن من يقرأ الخريطة السياسية ويمعن النظر
في الأحداث والتطورات العاصفة المتلاحقة والمتسارعة في اليمن لا بد أن يصل الى استنتاج أن المخرج والحل للأزمة اليمنية لن يتأتى ولا يمر دون أزيز الرصاص ، ولذلك فمن المتوقع أن تهب وتنتفض القبائل والمحافظات اليمنية لمواجهة الحوثيين والتصدي لهم ومحاربتهم ، خصوصاً أن عملية مقتل علي عبد الله الصالح هي جريمة في العرف العشائري القبلي اليمني ، ولذلك يجب الثأر لها
**
القرار الامريكي وأبعاده وتداعياته
من المنتطر أن يعلن الرنيس الامريكي دونالد ترامب عن الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ، ونقل السفارة الامريكية من تل أبيب الى القدس .
ويأتي ذلك في اطار الاستراتيجية الامريكية الرامية الى فرض واقع التسوية طبقاً للرؤية الامريكية بشكلها وصيغتها النهائية كما جاء في صفقة القرن التي أعلن عنها ، لحسم أهم قضايا الحل النهائي في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني . وهذه الصفقة بخطوطها العريضة تستهدف تصفية حقوق الشعب الفلسطيني ووأد حق العودة .
ان اعلان ترامب عن القدس عاصمة لاسرائيل مسألة خطيرة ، لها أبعادها وتداعياتها الكبرى ، التي ستنجلي وتتضح خلال الفترة القادمة .
وهذه الخطوة من قبل الرئيس الامريكي تؤكد انحياز تام للدولة العبرية ، وتشكل ضربة قاسمة في صميم الرجعية العربية وأنظمة العار العربية التي تدور في الفلك الامريكي وتتساوق مع مشاريعها ومخططاتها التفتيتية .
ولا شك اننا أمام حل ديني توراتي للصراع الطويل ، لا يمت باي صلة للحل السياسي ، والأخطر اننا نقف أمام رئيس أمريكي غبي ، وادارة امريكية ينتمون للتيار الديني المتطرف المتحالف والمتناغم والمتساوق مع الصهيونية العالمية الذي يسيطر على تلابيب السياسة الأمريكية تجاه الشرق الاوسط .
الاعلان الامريكي الليلة سيحول القدس وساحات الاقصى والأرض الفلسطينية الى ساحات غضب شعبي عارم وجارف تحت اقدام الاحتلال والمحتلين ، وهو بمثابة قنبلة من العيار الثقيل يفجرها ترامب الرجل المريض ، والهدف واضح كالشمس تهويد القدس ومحيطها ، حتى أبو ديس التي تقترحها السعودية عاصمة للوطن الفلسطيني ، في اطار التسوية السياسية .
ان الرد على ترامب والادارة الامريكية هو بمقاطعة امريكا ، وفك الرباط " المقدس " معها ، وتجنيد الرأي العالمي ، وتوحيد الموقف الفلسطيني والعربي للتصدي الفاعل لخطوة ترامب الغبية ، التي بدورها تشعل المنطقة وتلهب الشعب وتؤلب الجماهير ، وتكرس الاحتلال ، لفرض الأمر الواقع على الشعب الفلسطيني ، ومصادرة حقوقه الشرعية الفلسطينية ، وتنفيذ المشروع الصهيوني ، الذي يتعدى حدود فلسطين التاريخية ، ومن شأن هذا الاعتراف ونقل السفارة الى القدس ، أن يدفع حكومة الاحتلال الى هدم المسجد الأقصى ، وبناء الهيكل اليهودي المزعوم على أنقاضه .
**
القدس خيمتنا 
في القدس لنا
حكايا وتاريخ
في القدس لنا
مساجد ومأذن
وكنائس تقرع
في القدس
أقصانا الحبيب
فيه صوت المؤذن
يصدح
في القدس أعمدة
الرخام
والأسوار
الباقية
في القدس
باب الأسباط
وباب المغاربة
وباب العامود
في القدس
رائحة الخبز
والكعك
ومناقيش الزعتر
وعبق البهارات
المنبعثة من
السوق القديم
حجارتها
وأزقتها
وأسوارها
وزخارف مساجدها
تشهد على كنعانيتها
وفلسطينيتها
عناة تناديها
وبعل يناجيها
لن يمحو تاريخها
العريق الماجد
ولن يغتالوا تراثها
فهي باقية وراسخة
في القلوب
كالجذور
فلن يجديهم
لا قرار
ولا اعتراف
انها خيمتنا
وجرحنا
وتاريخنا
من أيام يابوس
وعاصمتنا
الأبدية
**
وتريات فلسطينية 
أين أنتم يا حكام
العهر والنفاق
يا من ترتمون بأحضان
الغانيات
والمومسات
الفاتنات
يا ولاة الغرب
وبقايا الاستعمار
أين أنتم يا
شيوخ الفتن
والسلاطين
المشغولين في
فتاوى نقائض الوضوء
وجهاد النكاح
والحيض والنفاس
القدس تغتال
وتغتصب
وأنتم كأهل الكهف
نائمون
وفي غيكم
تائهون
تصغون من بعيد
لصرخات بكارتها
عار عليكم الارتهان
لامريكا
فهي الطاعون
والحية الرقطاء
وراعية الارهاب
كفاكم صمتاً
وعجزاً
وخسة
وكفاكم تآمراً !
انهض يا مظفر
من سريرك
وابصق في وجوههم
قم يا خليل حاوي
من ضريحك
وانتحر مجدداً
احتجاجاً على
صمتهم وتخاذلهم
أما أنت يا منتظر
الزيدي
لماذا لا تقذف حذاءك
بوجوه ملوك الخيانة
وأنطمة الخزي والعار ؟!
أصبحنا نخجل من
عروبتنا
ومن انتمائنا لكم
موتوا بغيظكم
فزهرة المدائن
تعرف كيف يكون
الخلاص
وكيف يكون التحدي
والتصدي للقرار
وتعرف كيف تنتصر
وكيف تعانق الشمس
وخيوط الفجر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق