يا أمةً تصنع الأقدارَ من دمها لا تيأسي إنَّ عبدَ الناصر القدرُ
حدث ذلك ربيع عام 1957 بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956
بحوالي نصف عام . وكان ذلك في مسرح كلية التربية ( دار المعلمين
العالية يومذاك ) في الوزيرية في بغداد . غُصَّ المسرح بالطلبة والمدعوين بعد الأعلان عن قصيدة لهذه المناسبة يلقيها الشاعر بدر شاكر السياب . وكان ذلك تحديا كبيرا وخطيرا لنظام نوري السعيد الذي راح يتشفى من خلال اذاعة بغداد الحكومية من عبد الناصر بالأسراف في اذاعة أغنية " أسمهان " التي تقول ( أنا اللي أستاهل كل اللي يجرا لي ) . وكان العراق يتفجر حقدا على نظامه ويتفصد دما ويتظاهر تضامنا مع الشقيقة مصر في العاصمة بغداد وباقي المدن ويقدم الضحايا من بنيه لشعب مصر ولنيل مصر الذي عرف القرابين والأضاحي منذ أقدم العصور . ولقد سقط احد طلبة هذه الكلية قتيلا برصاص الشرطة في تظاهرة انطلقت من الكلية تدين العدوان . والقتيل هو الشهيد " ناجي نعمة " من مدينة السماوة ( مركز محافظة المثنى اليوم ) .
ها هو الشاب الناحل الهزيل يرتقي منصة مسرح كلية التربية برفقة صديقه وداعيه الشاعر " صلاح نيازي " الذي كان هو الأخر يدرس الأدب العربي طالبا في هذه الكلية . كان الجمع الغفير ينتظر على أحر من الجمر ما سيقوله الشاعر المشرد والطريد - وهوخريج سابق في ذات الكلية - في ظروف سياسية بالغة الصعوبة والتعقيد حيث تكلف الكلمة فيها مستقبل المرء وحريته ومصدر رزقه وقد تكلفه رأسه .
ان الأحداث العظيمة تصنع حقا فنا عظيما وتصنع أدبا جليلا : -
بور سعيد
كان هذا هو العنوان - القنبلة المباشر لقصيدة بدر شاكر السياب التي كانت
أكبر من مفاجأة لطولها ونفسها الملحمي وبنائها المتين المحكم وتنوع أجوائها ووضوح مدلولاتها والتزامها الصريح . وقف الشاعر كي يقرأ :
يا حاصد النار من أشلاء قتلانا منك الضحايا وان كانوا ضحايانا
وفد جرى في هذا المقطع الأول من القصيدة مجرى الشاعر السوري بدوي الجبل في قصيدته الرائعة :
يا سامر الحي هل تعنيك شكوانا رق الحديد وما رقوا لبلوانا
وإذ أسترسل السياب في قصيدته عرج يخاطب ميناء بورت سعيد فقال :
يا مرفأ النور ما أرجعت وادعة من غير زاد ولا آويت قرصانا
ولا تلفظت من مرساك معتديا الا مدمى ذليل الهام خزيانا
جمعت من شط صور لمح أحرفها واخترت من بابل واحتزت مروانا
والنيل ساق العذارى من عرائسه للخصب في موكب الفادين قربانا
فلا ابتنى هرما بانٍ ولا لبست تيجانها في انتظار الروح موتانا
ولا تفجّر في ذي قار فتيتها ولا تنفست الصحراء قرآنا
وبعد هذا السرد التأريخي لخصائص مصر أيام الفراعنة وايمانهم بخلود الروح وبالبعث وقرابين العرائس والعذارى تقربا للألهة كي تدفع عن مصر طغيان نيلها وفيضاناته المدمرة , عرج على تأريخ بابل وكانت حاضرة الدنيا في زمانها جمالا وفتنة وبقوانينها وعمرانها وجناتها المعلقة وباقي مظاهر تطورها وترفها الباذخ . وأخيرا أصاب الشاعر اذ ربط هذا التأريخ القديم بالثورة الأسلامية وبدستورها القرآن الكريم وفتوحاتها الظافرة في العراق وفي مصر . بعد هذا السرد التأريخي , وهو لا شك ضروري كخلفية وتراث ومنصة للأنطلاق نحو الحاضر , يشعر الشاعر المرهف الناحل ذو الكفين المعروقتين والأوردة الناتئة كأوتار قيثارة السومريين قاطني جنوب العراق - والسياب كذلك من جنوب العراق - ... يشعر الشاعر بالأرهاق النفسي والجسدي وهو ان تكلم شعرا هز أركان المبنى وحرك الصخر الأصم وأنطق الجماد . أجل , وبعد أن يأخذ منه التعب مأخذه لا بد وأن يحاول التقاط أنفاسه المبهورة بتغيير شكل بناء قصيدته الشعري فينتقل الى الشعر الحر وهو فارس ميدانه دون منازع فيهوم ما شاء له التهويم مناجاة وتعبدا وطقوسا، ولا عالم الرؤى والأحلام
فلنسمع ما يقول :
من أيما رئة ؟ من أي قيثار ؟
تنهل أشعاري ؟
من غابة النار ؟
أم من عويل الصبايا بين أحجار ؟
منها تنز المياه السود واللبن المشوي كالقار
من أي أحداق طفل فيك تغتصب ؟
من أي خبز وماء فيك ما صلبوا ؟
من أيما شرفة من أيما دار ؟
تنهل أشعاري
كالثار كالنور في رايات ثوار
من مائك السهران أوتاري ؟
أم برجك الهاري
يبكي دما من جرح بحار ؟
أطفالك الموتى على المرفأ
يبكون في الريح الشمالية
والنور من مصباحه المطفأ
قد غار كالمدية
في صدري العاري .
أرأيت أجمل من هذا الهذيان المحموم والتهويم الساحر والمسحور معا الذي
يقطر أسى من شدة الأحساس بفجيعة العدوان وتدمير مدينة بورت سعيد ,
والخطاب كله موجه الى هذه المدينة الباسلة البطلة . انه يتوجه لصبايا مدينة الصمود ولأطفالها الأبرياء الضحايا وللميناء والريح والى فنار الميناء وتلكم لوحات مستمدة من أجواء البحر ومن خصائص مدن السواحل
واذ يستشعر الشاعر بعض الراحة ينتقل كرة أخرى لعمود الشعر العربي
ليصب فيه جام غضبه وثورة روحه التي ما هدأت يوما الا لتنتقل الى
ملكوتها الأعلى . يحن ثانية لأصوله الفنية وفيها ما فيها من التزام وضبط
وتسلسل يخضع للعقل وللمنطق . وما أحوج الغازي لأن يوضع في قفص الأتهام ليحاكمه التأريخ والقضاء في محكمة الزمن . أجل , ينتقل الشاعر
في المقطع الثالث الى قوافي وعروض ابن مدينته وعبقري اللغة الخليل بن
أحمد الفراهيدي البصري فيقول مخاطبا بورت سعيد :
هاويك أعلى من الطاغوت فانتصبي ما ذل غير الصفا للنار والخشبِ
حييت من قلعة شق الفضاء بها أس لها في صدورالفتية العربِ
الطين فيها دم منا وجندلها من عزمة والحديد الصلد من غضبِ
في كل أنقاض دار من صفاه يد جبارة تصفع العادين كالشهبِ
ان الحديد الذي صنت الحياة به غير الحديد الذي وافاك بالعطبِ
خُرسٌ نواقيسك الثكلى ودامية فيك الأناجيل والموتى بلا صُلُبِ
الى آخر هذا المقطع الذي يختتمه أجمل ختام اذ يخاطب الأمهات الثواكل :
واستنطق الأم ثكلى أين جيرتها من فتية لاصطياد العسكر اللجب
تفدي بما ستبيح الجند من دمها والنار,أعراض كل الخرد العرب
وهذا بالضبط شأن أمهاتنا الباسلات الغيورات يتقدمن الصفوف مندفعات صوب الموت حفاظا على بناتهن وصونا لأعراضهن . فدم الوالدة فداء عرض وليدتها . فما أعظم الحياة وما أشرف ناموسها.
ويتعب الشاعر المرهف الذي أضناه الشعر والتشرد والفصل من الوظيفة
والمطاردة والسعي اللاهث لضمان لقمة العيش . نعم انه يتعب وكيف لا يتعب هيكل عظمي يتردد خلاله نفس وتصطفق فيه روح جبارة متمردة لا قرار لها ولا من مستقر, تستشعر دنو أجلها فتغذ نحوه المسير العاصف اللاهب الدؤوب . اذن فليلتقط الشاعر المهموم أنفاسه ولا راحة للنفس البشرية المعذبة الا بالأسترخاء المؤقت والأنطلاق على السجية مع عالم الشعر الحر حيث لا حركة يليها سكون وحيث التملص من قيود ( فعولن فاعلن فعلن فعول ... ) وباقي عروض وبحور الفراهيدي . هنا في هذا العالم يستطيع الشاعر المجود أن يمدد رجليه ويديه الى أقصى ما يستطيع .
وهنا يأخذ فكر الشاعر مداه الأرحب . ولننظر في نتاج ساعة الراحة :
من أي عبء على روحي ومسمار
من أعين في صليب تحت أسواري
تأتيك أشعاري ؟
حمراء خضراء من جرح ومن غار
خضراء من راية حمراء من نار
خضراء كالماء في فردوسك الجاري
يا ليت أوتاري
خضراء حمراء من قلبي ومن ثاري
يا ليت أبواب قلبي منك تلتهب
ياليتها دون قفل ليتها خشب
أو خرب الجند قلبي , فهي تنتحب
في كل اعصار .
كم من دفين كل ماء القنال
في مده العاتي وفي جزره
يلقي على صدره
عبئا من الظلماء - كان القتال
من أجل أن يرتاح في قبره
ما كان الا من دموع الرجال
والنسوة الباكين في قعره
هذا الذي بين العبابين سال .
تختض في ليل الخليج الصدور
والشمس تحسو كل ماء الصدور
في عالم لم تمش فيه العصور
من ملتقى للماء بالماء
كالليل هذا الماء ند الحياة :
الموت والميلاد بوابتاه .
لقد فرض اللون الأخضر - النماء والخصب والأمل - نفسه على الشاعر في بدايات هذا المقطع الرابع ولكن أنى لشاعر معذب ثائر أن يتخلى عن ثورة عذابه وعن عذاب ثورته ؟ اذن فلا مناص من امتزاج الطيفين اللونيين المعبرين عن الأمل الحالم - الأخضر - وعن التمرد والثورة ولا ثورة دون سفك دماء وقرابين - اللون الأحمر - . مرة أخرى نتلمس عمق جغرافية الحدث في خيال وفي وجدان وفي تصورات الشاعر . فالمعركة أصلا حول قناة السويس . وللسويس خليج مشهور . وقناة السويس انما تربط ما بين ماءين : ماء البحر الأحمر وماء البحر الأبيض المتوسط . لذلك نرى الشاعر السياب - ابن البصرة المطلة على شط العرب وعلى الخليج - طافيا على عباب الخلجان وعلى زبد الأمواه ملمحا تارة ومشيرا تارات أخر : -
كم من دفين كل ماء القنال
في مده العاتي وفي جزره
ثم :
تختض في ليل الخليج الصدور
ثم :
في عالم لم تمش فيه العصور
من ملتقى للماء بالماء
كالليل هذا الماء ند الحياة
الموت والميلاد بوابتاه .
في المقطع الخامس والأخير يحافظ الشاعر على بحره لكنه يبدل القافية .
ومعروف عنه أنه ذواقة في أختيار القوافي , شأنه شأن المتنبيء . فبعد التطواف المتمهل في أعماق الـتأريخ والمياه , وهوتطواف لا يخلو من الحذر الواعي الواضح والنظم المنغم العقلي , يركب الشاعر شراعه المنفتح ضد الريح وضد أنواء البحر وعواصفه ويطلق مرة أخرى العنان لشاعريته ولخياله الذي هو مزيج خصب من تراثه العربي وثقافته الأنجليزية الحديثة التي درسها في كلية التربية . فلنسمعه يخاطب مدينة البطولات " بور سعيد " : -
غاض المغيرون عن واديك وانحسروا فالأرض تدمى بقتلاها وتزدهر
وأزدارك الموت لا ملسا ملامحه بيضا , كما تهلك الأنعام والشجر
حاشاك فالموت تورى فيك حدته طعم الدم الحي ما يرقى به البشر
أخفاه عنك التزام واشتباك يد في مثلها فهوحيث اجتازه البصر
حتى اذا ارتد واستبشعت صورته أدركت أي انتصار ذلك الظفر
أدركت أن الضحايا رد كاثرها فيك الأقل المضحي أنها كثر
من سدد النار في أيديك يوردها كيد المغيرين منه الظن والنظر
واحتاز في قلبه الأحقاب يزرعها في جانب منه واستبسالك الثمر
واستنفر الشرق حتى كاد ميته يسعى أهذا صلاح الدين أم عمرُ
هذا الذي حدثتنا عنه أنفسنا في كل دهياء نبلوها وننتظر
هذا الذي كلَّ عن سحق لبذرته بالخيل والذابلات الرومُ والتترُ
يا أمةً تصنع الأقدارَ من دمها لا تيأسي، إنَّ عبد الناصر القدرُ
الى أخر المقطع الختامي حيث اشتعلت القاعة تصفيقا خيل للحضور أنه سوف لن ينقطع .
لقد قرأ السياب البيت ( يا أمة تصنع الأقدار من دمها ... ) كما رويته وكنت حاضرا ذلك الأجتماع وسمعته كما سمعه سواي من الحاضرين ينهيه بالصورة التالية : ( لا تيأسي ان عبد الناصر القدر )
لكن عندما ظهر ديوان الشاعر " أنشودة المطر " آواخر عام 1960 غير السياب من هذا البيت فاستبدل اسم عبد الناصر باسم سيف الدولة !!! فأصبح عجز البيت ( لا تيأسي ان سيف الدولة القدر ) .
فهل كان السياب مختصما مع عبد الناصر يومذاك ؟ كلا . فلقد كان عام
1960 مصطفا مع " الجبهة القومية " التي كانت مع ناصر تقاتل ضد رئيس وزراء العراق عبد الكريم قاسم والقوى والأحزاب التي كانت تؤازره وتلتف حوله مصلحة أو دفاعا عن النفس . وكان السياب في ذات الوقت متعاونا أديبا وشاعرا مع جهات في لبنان هي الأشد عداوة للوحدة العربية ولرمزها جمال عبد الناصر . منها مؤسسة فرانكلين ومجلة شعر ومجلة حوار(1) .
وهكذا نجد البيت اياه مثبتا (2) كما ورد في طبعة 1960 لديوان " أنشودة
المطر " . فأقتضى التصحيح تقويما لتأريخ الرجل المضطرب والشديد
التذبذب والتقلب .
على أية حال , فقصيدة " بور سعيد " قصيدة عملاقة تتفرد بخصائص لا مثيل لها منها :
1- أنها تتكون من خمسة مقاطع , في ثلاثة منها نحا الشاعر منحى الشعر العربي التقليدي فحافظ على العمود والبحر والقافية مؤكدا بهذا على هويته
وعلى مكنته من هذا اللون من التقنية الشعرية . أما في المقطعين الآخرين
- وكانا بين بين - فقد نحا فيهما الشاعر المنحى الجديد وقتذاك من حيث
الشكل - قصيدة الشعر الحر أو قصيدة التفعيلة الواحدة .
2- بدل القوافي ثلاث مرات في مقاطع العمود الشعري التقليدي فأنتقل من
حرف النون المطلق الجميل الى حرف الباء المكسور ثم الى حرف الراء
المرفوع . ففي القافية الأولى شمم وأباء ورفعة بالأضافة الى الجمال الذي
يذكرنا برائعة جرير :
ان العيون التي في طرفها حور قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
وفي روي المقطع الثاني حسرة وأمارات انكسار تحت ثقل وطأة المأساة
وكثرة الضحايا . ثم انه لختام موفق أن تنتهي القصيدة بالراء المرفوعة
ثقة بالنصر وشموخا ما بعده من شموخ فضلا عن العزم والتصميم . فتذبذب اللسان بنطق حرف الراء يوحي بأشياء كثيرة أولها الأنفعال الشديد
المرافق لتنفيذ عمل هام بل وضروري لأدائه .
الغريب أن الأستاذ ناجي علوش (3) يعتقد أن هذه القصيدة قصيدة عادية .
ولست أرى أساسا لأعتقاده هذا , فالقصيدة كما قلت آنفا تتميز بأمور كثيرة
جعلتها القصيدة الجوهرة بين كل ما قيل ابان أو بعد معركة بورسعيد وغزو
قناة السويس . وكان الشاعر منسجما فيها مع نفسه أيما أنسجام . ويخيل لي
أن السياب دشن في هذه القصيدة التحول الجذري في حياته الفكرية والشعرية والسياسية , فأعلن براءته من التزامه الشيوعي السابق متجها
وبأقصى سرعة نحو اليمين . فتحوله المعروف بعد ثورة 14 تموز 1958
ما كان طفرة أو حدثا مفاجئا أبدا , بل كان التطور المنطقي لقراره ذاك ,
لكنه حصل بشكل درامي عنيف شرس وعدواني بسبب ما ناله من أذى
ومحاربات ثم الفصل من الوظيفة . وكانت مقالاته المعروفة " كنت
شيوعيا " حيث دأب على نشرها في صحف بغدادية يومية معروفة كالحرية والفجر الجديد وغيرها . لقد قرر أن يربط مصيره بالتيارات القومانية والعروبية والوحدوية . ولست أدرى أكان ذلك ايمانا منه بهذه الأتجاهات والتيارات والأيديولوجيات أم أن مصالحه الأبعد اقتضت ذلك !! للحق قد يقال أن الرجل قد سبق قفزة " بوريس يلتسين " بأكثر من ثلاثين عاما .
لقد قال قبله شعراء فحول (4) شعرا يمجدون به مدنا لمناسبات مماثلة
لأحداث بور سعيد لكنهم لم يصيبوا من الحظ ما أصاب السياب في قصيدته
هذه موضوعة البحث .
المصادر
1- ديوان بدر شاكر السياب . المجلد الثاني . الصفحة 77 .
دار العودة . بيروت 1974 .
2- ديوان بدر شاكر السياب . الصفحة 506 . دار العودة . بيروت
1971 .
3- ال
مصدر الثاني . الصفحة م.م . مقدمة بقلم " ناجي علوش " .
4- ديوان الجواهري . المجلد الثاني . دار العودة . الطبعة الثالثة .
بيروت . 1982 . قصيدة " سواستبول " في الصفحة 158 وقصيدة
ستالينغراد في الصفحة 168 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق