كنت منهمكا في قراءة كتاب حول أدب الرحلات لشمس الدين الكيلاني : صورة أوروبا عند العرب في العصر الوسيط .
" عندما أمطر ابن فضلان مترجمه بالأسئلة ، قال له هرجر : " أنتم العرب ترغبون معرفة أسباب كل شيء ، إن قلوبكم عبارة عن كيس كبير يطفح بالأسباب " . فيعلق ابن فضلان : ‹‹ يؤمن هؤلاء الشماليون بالخرافات ، ولا يلجئون إلى حسن الفهم أو العقل أو القانون››.
هؤلاء الشماليون الذين ينتقدهم الرحالة العربي ، ولا أقول يسخر منهم ، هم أسلاف الدانمركيين والنرويجيين والسويديين والروس والفنلنديين ، وكانوا لا يؤمنون إلا بالخرافة ، بينما يتعجب ابن فضلان ابن بغداد العباسية العظيمة والزاهية أنهم لا يلجئون إلى محاولة فهم الحوادث وإعمال العقل والتفكير والبحث في قوانين الطبيعة أو العمران التي هي اليوم أسس التقدم والتطور في أوروبا وأمريكا واليابان والصين ....بينما للأسف تمتلئ مجتمعاتنا اليوم بالخرافات ....
كان العرب في الماضي أصحاب عقول تفكر وتبحث بشهادة أحد أبناء الشمال ، ويرغبون في معرفة كل شيء ! أسباب كل شيء وإن تعلق بأمم وشعوب وأمم بعيدة عن بغداد ألاف الأميال!
إن المرء يتحسر حقا اليوم كما فعل ابن فضلان قبل ألف سنة ، " هناك في الحقيقة أناس جهلاء ، لا يعرفون شيئا عن اتساع العالم "
اتساع العالم الذي جهد ابن فضلان وغيره من الرحالة ـــــــــــ من العرب والمسلمين بجهود فردية أو بأوامر من الخلفاء ــــــــ في اكتشافه ودراسته وفهم أممه وشعوبه وحضاراته ، فقاموا برحلات برية وبحرية زاروا وعاينوا فيها جميع العالم القديم بمدنه وقراه وأنهاره وبحيراته وأدغاله وشعوبه المتحضرة أو البدائية....
ــــــــ الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق